في غرفة الولادة ..

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : الدكتور حسان المالح | المصدر : hayatnafs.com

    مما لا شك فيه أن الولادة حدث كبير هام ورائع .. وهو يرتبط بجملة من العادات والتقاليد والسلوكيات.. وكل ذلك يختلف باختلاف البيئة والمجتمع والزمن ..
وترتبط الولادة بالفرح والبهجة والفخر والاعتزاز بالنفس .. كما ترتبط بالقلق والمخاوف المتعددة .. ومنها مخاوف الموت واحتمالاته بالنسبة للأم أو المولود ..
ويمكن للمرأة أن تضع حملها وأن تتولى عملية الولادة بنفسها ودون مساعدة .. كما هو معروف في بعض البيئات الريفية والبدوية في بلادنا .. حيث يتطلب ذلك سحب الجنين من الرحم وقطع الحبل السري وربطه ومن ثم تنظيف المولود وتغطيته .. ويمكن أن يتم ذلك بيسر وسهولة .. كما يمكن أن تحدث مضاعفات وتعقيدات طبية متنوعة .
والمرأة الخبيرة بعملية التوليد والتي تسمى القابلة تعلمت من خلال التجربة والملاحظة والخبرة القيام بعملية التوليد في منزل المرأة الحامل عادة .. ولا يزال ذلك واسع الانتشار في مجتمعاتنا ..
ومع تطور الحياة والعلوم الطبية أصبحت الولادة هذه الأيام تجرى في مركز طبي أو في المشفى وتحت رعاية طبية اختصاصية كاملة ..
وتدل الدراسات الطبية والتوجيهات الصحية أن مشاركة الرجل لزوجته في عملية الولادة مفيدة جداً .. وذلك من خلال دخوله غرفة الولادة وبقائه بجانب زوجته يطمئنها ويشجعها ويساندها ..
ويشارك الزوج زوجته في جلسات إرشادية وتدريبية منذ الأشهر الأولى للحمل حيث تعرض تفاصيل تشريحية وجسمية ونفسية حول الحمل والولادة من خلال برنامج خاص لرعاية الأم الحامل وبإشراف متخصصين .. وهذه الدورات تساعد الأم الحامل وزوجها على تفهم هذه المرحلة الخاصة والتعامل معها بشكل ناجح .. ويجري مثلاً تدريب الحامل على أخذ النفس بشهقات متواصلة خفيفة ثم القيام بشد عضلات البطن والظهر مما يساعد على تخفيف الألم وعلى دفع الجنين عبر عنق الرحم مما يسهل خروجه ..
والحقيقة أن الألم مرتبط بالولادة .. وتختلف شدته ودرجته وفقاً لشخصية المرأة وثقافتها وحالتها النفسية .. ووفقاً لتجاربها السابقة ..ومعظم النساء يحتملن ألم الولادة دون مشكلات .. وبعضهن يحتجن إلى دواء مسكن أو مهدئ ..أو إلى التخدير الجزئي ..
ومشاركة الزوج لزوجته في غرفة الولادة من خلال وجوده معها ، له فوائد عديدة للزوجة وللزوج من النواحي العاطفية والنفسية والجسدية .. وهذه المشاركة حديثة نسبياً في ثقافتنا وعاداتنا .. وبعض الرجال يعتبرها تجربة رائعة ونادرة تبقى آثارها وذكرياتها الإيجابية سنوات طويلة ..   
                                                           
وبعض الرجال لا يحتمل الدخول إلى غرفة الولادة وينزعج ويخاف مما يتصور أنه سيحدث أثناء الولادة مثل الصراخ والآلام والدم والأجهزة الطبية وغير ذلك .. ويبقى خارج الغرفة . وبعضهم يهرب من المشاركة تماماً ولا يحضر إلى المشفى أبداً .. وبعضهم يطلب من زوجته أن تذهب برفقة أهلها كي تلد وتحضر له المولود فيما بعد .. وكأن المرأة هي المسؤولة وحدها عن الحمل والولادة ..
وربما يؤدي ابتعاد الزوج عن زوجته في مرحلة الولادة إلى مشاعر سلبية وغضب وإحباط وقلق واكتئاب وغير ذلك من آثار بعيدة على العلاقة الزوجية .. فالمرأة تشعر أن زوجها تركها وابتعد عنها في وقت حرج وصعب ..
ولا بد من التأكيد على أن الحمل هو مسؤولية مشتركة بين المرأة والرجل .. وكذلك الولادة .. وتحتاج المرأة إلى دعم زوجها ووجوده معها أثناء الولادة مما يخفف من قلقها ومخاوفها .. ولا سيما في الولادة الأولى .. وإذا تعذر وجود الزوج بجانبها يمكن للأم أو للأخت أو لغيرهما أن تقوم بهذا الدور الإيجابي ..
ومن المطلوب عموماً تشجيع الرجل وتدريبه وتثقيفه من النواحي الطبية والتشريحية والنفسية حول عملية الحمل والولادة .. مما يخفف من قلقه ومخاوفه حول مشاركته لزوجته أثناء الولادة ، ويساعده على القيام بدور إيجابي تجاهها وتجاه مولوده ..
وتبقى لحظات الولادة أو دقائقها سراً جميلاً من أسرار الحياة البشرية .. وهي تستحق أن يشارك فيها الرجل زوجته لحظات اكتمالها وأفراحها في السلامة  وفي استقبال المولود الجديد ...
تم النشر في 10 /11 /2003