التفكير النقدي في الحياة اليومية
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
الدكتور تيسير حسون
| المصدر :
hayatnafs.com
يعرف معظم الناس في هذه الأيام أن الجسم يحتاج إلى رياضة و تمرين بهدف المحافظة عليه ، لكنهم يفترضون أن التفكير لا يحتاج إلى أي مجهود و بالتالي إلى أي تمرين0 فالمرء، كما يعتقدون، يفكر كما يتنفس0 لكننا جميعاً نشاهد من حولنا أمثلة عن التفكير المترهل و الكسول و الانفعالي و حتى انعدام التفكير0 أحياناً يبرر الناس كسل تفكيرهم بأن يخبروك باعتزاز أنهم "منفتحو الذهن"0 حسن أن يكون المرء منفتح الذهن و لكن ليس إلى حد الإنفلاش0
التفكير النقدي هو القدرة و الاستعداد لتقييم المزاعم و القيام بمحاكمات موضوعية على أساس أسباب حسنة الإسناد0 إنه القدرة على البحث عن عيوب في المحاججات و مقاومة المزاعم التي ليس لها برهان داعم0 فالتفكير النقدي إذا ليس مجرد تفكير سلبي0 إنه أيضاً يرعى القدرة على الخلق و البناء- على توليد تفسيرات ممكنة للنتائج و التفكير في التضمينات و تطبيق المعرفة الجديدة على مجال واسع من المشكلات الاجتماعية و الشخصية0 و لا يمكننا فصل التفكير النقدي عن التفكير الخلاّق ، لأنه فقط عندما تطرح السؤال "ما هو" تستطيع أن تبدأ التخيل عما يمكن " أن يكون"0
لنأخذ مثالاً عما أقصد0 الكثير من الناس عندما يواجهون عقبة لتوقعاتهم يضيّقون أفقهم بدل أن يوسّعوه0 فمثلاً ثمة شخص يدعى أحمد كان كل حلمه في الحياة أن يصبح طبيباً بيطرياً، فقد كان شغفه بالحيوانات أسطورياً : ففي عمر 3 سنوات لم يكن يسمح لأي كان أن يقتل نملة بوجوده0 لكن أحمد لم يُقبَل في كلية البيطرة التي أرادها، فكان ردّ فعله الهلع و اليأس قائلاً : " لقد دُمرت حياتي برمتها" في البداية لم يفكر أحمد بشكل نقدي فجزأ احتمالاته إلى اثنين فقط: أن يكون طبيباً بيطرياً أو لا يكون شيئاً0 و لكن بتفحص هذا الافتراض و لدى التفكير بشكل خلاق حول كافة المهن الممكنة التي يمكن أن يستثمر فيها شغفه بالحيوان ، أدرك بأن خياراته لا تحد: فقد يكون مالكاً لمحل بيع للحيوانات المنزلية و قد يكون مدرباً للحيوانات أو مصصماً لحدائق الحيوان أو أيكولوجياً أو مصوراً للحياة البرية إلخ00
هل التفكير النقدي صعب؟ إنه ليس كذلك حالما تتوفر لك الحيوية الروحية العالية و بضعة مهارات0 يرى الباحثون أن الناس لا يستخدمون مثل هذه المهارات حتى بلوغهم منتصف العشرينات من العمر أو بعد أن يكونوا قد قضوا عدة سنوات في التعليم العالي- هذا إذا استخدموها0 لكن ذلك لا يعني أن الناس لا يستطيعون التفكير بشكل نقدي، فحتى الأطفال الصغار غالباً ما يقومون بذلك0 ثمة تلميذ في الصف الرابع أجاب عندما أُخبر بأن قدماء اليونان كانوا مهداً للديمقراطية : " و لكن ماذا عن النساء و العبيد؟الذين لا يحق لهم التصويت و ليس لديهم حقوق؟ هل كانت اليونان ديمقراطية بالنسبة إليهم؟ هذا مثال لتفكير انتقادي0 و هو كذلك تفكير خلاق ، فحين تُخضع الافتراض الأساسي ، و هو أن اليونان كانت ديمقراطية لكل شخص ، تستطيع أن تبدأ بتخيل التفسيرات الأخرى للحضارة اليونانية القديمة0
لكننا نوافق الأعداد المتزايدة من المربين و المثقفين و الاختصاصيين النفسيين الذين يعتقدون بأن نظام التعليم في بلدنا، و بالمناسبة في بلدان أخرى كثيرة ، غير كفؤ لأنه لا يشجع على التفكير بشكل نقدي و خلاق0 يقول هؤلاء النقاد أنه في الغالب الأعم أن كلا من المعلمين و الطلاب ينظرون إلى العقل كسلة لتخزين "الإجابات الصحيحة" أو كإسفنجه "لامتصاص المعرفة" 0 بيد أن العقل ليس سلة و لا هو اسفنجة0 فالتذكر و التفكير و الفهم جميعها عمليات فعالة و هي تحتاج إلى المحاكمة و الاختيار و التبصر في البرهان0لسوء الحظ ، إن الأطفال الذين يتحدون الرأي السائد في البيت أو في المدرسة ينعتون غالباً "بالمتمردين"0 و كنتيجة ، كما يقول هؤلاء النقاد ، فإن الكثير من طلاب المدارس الثانوية أو طلاب الجامعة لا يستطيعون صياغة محاججة منطقية أو يدركون الحقيقة في الإعلانات و الدعايات التي تلعب على العواطف0 و هم لا يعرفون كيف يتوصلون إلى حلول متخيلة لمشكلاتهم0 باختصار، لا يستطيعون استخدام رؤوسهم0
يتضمن التفكير النقدي مجموعة من المهارات التي يمكن تطبيقها على أي موضوع تدرسه أو مشكلة تواجهها0 لكن لذلك صلة بعلم النفس لأسباب ثلاثة: الأول ، هو أن ميدان علم النفس يتضمن دراسة التفكير و حل المشكلات و الإبداع و الفضولية و المكونات الأخرى لهذه العملية، و بالتالي فإنه بطبيعته يرعى التفكير النقدي و الخلاق0 في إحدى الدراسات تحسن طلاب علم النفس بشكل جوهري في قدرتهم على المحاكمة في حوادث الحياة اليومية، في حين لم يظهر طلاب الكيمياء أي تحسن0 الثاني، يولّد ميدان علم النفس الكثير من النتائج المتنافسة حول موضوعات ذات علاقة مباشرة بالأمور الشخصية و الاجتماعية ، و يحتاج الناس إلى القدرة على تقييم هذه النتائج و تضميناتها0 الثالث ، لقد خلقت شهية العامة للمعلومات النفسية سوقاً ضخماً ، و هذا ما دعاه ر0 د0 روزن " اللغو النفسي
psychobabble
" و هو علم مزيف و دجل مغطى بقشرة من اللغة النفسية0 فالتفكير النقدي يمكنه أن يساعدك على فصل علم النفس عن اللغو النفسي0
جزئياً ، إن تعلم التفكير بشكل نقدي يعني إتباع القواعد التالية للمنطق0 بيد أن هناك أيضاً مزيداً من المرشدات العامة الأخرى0 و سنأتي هنا على ذكر ثمانية قواعد أساسية :
1.
اطرح أسئلة و كن على استعداد للاندهاش
: ما هو نوع الأسئلة
الذي أكثر ما يجعل الوالدين ساخطين من أولادهما الصغار؟ " لمَ السماء زرقاء؟ " لماذا لا تقع الطائرة؟ " " لمَ لا تمتلك البقرة أجنحة؟ " 0 لسوء الحظ يميل الأطفال مع نموهم إلى التوقف عن طرح أسئلة " لماذا؟ "
إن الآلية المحفزة على التفكير الخلاق هي الاستعداد للفضولية و الدهشة و التساؤل0 فالسؤال " ما المشكلة أو الخطأ هنا؟ و / أو لماذا الأمر على هذا النحو ؟ و كيف حدث أن صار على هذا النحو؟ يقود إلى التعرف على المشكلات و التحديات " 0 بعض المهن تعلم المتدربين على التفكير بهذه الطريقة0 إذ يُعلَّم المهندسون الصناعيون على التجول في الشركة و التساؤل عن أي أمر، حتى الإجراءات التي اتّبعت لسنوات عديدة تتعرض لامتحان السؤال0 لكن مهناً أخرى تفضل أن تقدم للمتدربين " حكمة جاهزة متلقاة " و تمنع النقد0
2.
حدد المشكلة
: بعد أن تثير السؤال ، فإن الخطوة التالية هي تحديد المسائل أو المشكلات بتعابير واضحة و ملموسة0 " ما الذي يجعل الناس سعداء؟ سؤال ظريف في أحلام منتصف الليل ، لكنه لن يؤدي إلى أجوبة ما لم تحدد ما تعنيه من مفهوم " السعادة "0 عرّف أحد علماء النفس " الزواج السعيد " بأنه الزواج الذي دام عشر سنوات و أثمر عن طفلين " فهل توافق على هذا التعريف؟
إن الصياغة غير الملائمة للسؤال يمكن أن تفضي إلى أجوبة مضللة أو ناقصة0 فعلى سبيل المثال ، يفترض السؤال " هل يمكن للحيوانات أن تتعلم اللغة ؟ " أن " اللغة " قدرة أو موهبة " ينطبق عليها مبدأ الكل أو لاشيء ، الأمر الذي يتيح فقط إجابتين ممكنتين هما نعم أو لا0 لكن وضع السؤال بشكل آخر مثل - " أي مناحي من اللغة يمكن لبعض الحيوانات أن تكتسبها؟ " – يأخذ بالاعتبار حقيقة أن اللغة تتطلب قدرات كثيرة مختلفة ، كما أنه يقرّ بأن ثمة تباينات بين الأنواع و يفتح مجالاً من الأجوبة المحتملة0
3.
تفحص الدليل
: هل سمعت شخصاً ما في ذروة مناقشة يصرخ " أنا أعرف فقط إنها الحقيقة ، مهما يكن ما تقول " أو " هذا رأيي و لن يغيره شيء " أو " إذا لم تفهم موقفي ، فلن أتمكن من توضيحه "0 إن قبول النتيجة بلا برهان أو التوقع من الآخرين أن يفعلوا ذلك هو علامة أكيدة على التفكير غير النقدي ( أو على انعدام التفكير كلياً ) ؛ إنه ينطوي على أن كل الآراء متساوية ، و في الواقع هي ليست كذلك0 المفكر بشكل نقدي يسأل :" ما الدليل الذي يؤيد أو يدحض هذه المحاججة و نقيضها؟ ما مدى الاعتمادية على هذا الدليل؟ و إذا لم يكن هناك إمكانية لتحري الاعتمادية على الدليل، فإن المفكر نقدياً يُعمل فكره فيما إذا كان مصدر هذا الدليل ذو اعتمادية في السابق0
لقد جرى قبول بعض الاعتقادات الشعبية على نطاق واسع على أساس دليل ضعيف أو حتى دون دليل البتة 0 فمثلاً ، يعتقد بعض الناس بأنه لأمر صحي من الناحية الجسدية و النفسية أن " ينفّسوا " عن غضبهم بأول شخص أو حيوان أو قطعة أثاث تقع في طريقهم0 في الواقع ، إن سنوات من البحث في مجالات مختلفة تقترح بأن التعبير عن الغضب أمر مفيد أحياناً و لكنه غالباً ليس كذلك0 إنه غالباً ما يجعل الغاضب أكثر غضباً ، كما تجعل الهدف الذي ينصب عليه الغضب يرد بشكل غاضب و يخفض من تقدير الشخص لذاته و يشجع العدوانية0 و رغم ذلك يستمر الاعتقاد بأن التعبير عن الغضب صحي دوماً رغم انعدام الدليل الذي يؤيد ذلك0
4.
تحليل الافتراضات و التحيزات
: يقيم الذين يفكرون بشكل نقدي الافتراضات و التحيزات حول كيفية سير
الأمور
إنهم يسألون كيف تؤثر هذه الافتراضات و التحيزات على المزاعم و الاستنتاجات و ذلك في الكتب التي يقرؤونها و في الخطب السياسية التي يسمعونها و في برامج الأخبار التي يشاهدونها و الإعلانات التي تنهال على رؤوسهم يومياً0هاكم مثالاً : يعلن منتج لمسكن ألم أن المشافي تفضل منتجه على باقي المنتجات جميعاً0 الافتراض الطبيعي – أي الافتراض الذي يريد المنتج منك أن تتبناه – هو أن هذا المنتج أفضل من جميع المنتجات الأخرى0 و لكن في الحقيقة تفضل المشافي هذا المنتج لأنها حصلت عل حسم أكبر عليه من المنتجات المنافسة الأخرى0
المفكرون بشكل نقدي أيضاً على دراية بافتراضاتهم الخاصة و هم على استعداد لمساءلتها0 مثلاً : الكثير من الناس متحيزون لصالح الطريقة التي يتبناها والديهم في تدبير الأمور0 فهم عندما يواجهون مشكلات صعبة ، سيصلون إلى حلول مألوفة قائلين : " لقد أُنشئنا على الاعتقاد بأن الطريقة الفضلى لفرض الانضباط على الأطفال هو في ضربهم "0 لكن التفكير النقدي يطلب منا أن نتفحص تحيزاتنا عندما يناقضها الدليل0
كل منا يحمل طبعاً الكثير من الافتراضات عن كيفية سير الأمور : هل لدى الناس إرادة حرة أم أنهم مقيدون بالبيولوجيا و التنشئة؟ هل برامج الحكومية أفضل من برامج القطاع الخاص لحل مشكلة الفقر أم العكس هو الصحيح؟ إذا لم نوضح افتراضاتنا ، فإن قدرتنا على تفسير الدليل بشكل موضوعي يمكن أن تختل إلى حد خطير0
5.
تجنب التفكير و الاستنتاج الانفعاليين
: " إذا كنت أشعر على هذا النحو ، فإنه ينبغي أن يكون صحيحاً "0 ثمة مكان للعاطفة في التفكير النقدي0 فمن دونها ، يمكن أن يقود المنطق و المحاكمة إلى قرارات و أعمال مضللة و مدمرة0 في الحقيقة ، فإن معظم المجرمين القساة في التاريخ كانوا لامعين و حادي الذكاء
0 و لكن عندما يحل التفكير العاطفي محل التفكير الواضح فإن النتائج تكون خطيرة على نحو مماثل، فالاضطهادات و الحروب كانت نتيجة لمشاعر الكره0
لأن مشاعرنا تبدو لنا شديدة الصحة ، فمن الصعب أن نفهم أن الناس الآخرين الذين يعارضوننا في الرأي لديهم مشاعر بنفس القوة0 بيد أنهم يمتلكون مثل هذه المشاعر، الأمر الذي يعني أن المشاعر ليست ، لوحدها ، مرشداً يُعوَّل عليه للوصول إلى الحقيقة0
6.
لا تفرط في التبسيط
: المفكر بشكل نقدي يبحث عما وراء الظاهر الواضح و يقاوم التعميمات السهلة0 فمثلاً عندما تطرح عليك الحياة وضعاً بائساً
، فهل يتعين عليك أن تُنكر مشكلاتك ( كل شيء على ما يرام ، لنذهب و نلعب الورق أو لنشاهد فيلماً في السينما ) أم تواجهها بشكل صِدامي ؟ كلا الجوابين مفرطين في التبسيط0 تجدر الإشارة إلى أن الإنكار يمكن أن يمنع الناس من حل مشكلاتهم، و لكنه في أحيان أخرى يعينهم على تخطي الظروف المؤلمة التي لا يمكن تغييرها0
غالباً ما تسمع أحدهم في مناقشة يخوضها ، يعمم من نثرة صغيرة من البرهان إلى العالم بأسره0 مثلاً ، يكره أحد أصدقائك المدرسة فيأخذ الأمر صفة التعميم و هو أن كل من يذهب إلى المدرسة يكرهها0 إن التعميمات الآتية من أحاديث النوادر هي مصدر التنميط أيضاً0 فإذا صادفت رجلاً جشعاً في دمشق مثلاً ، سيعني أن كل من في دمشق جشعون0 فالذي يفكر بشكل نقدي يريد من البرهان أكثر من مجرد قصة أو قصتين قبل أن يصل إلى تعميمات0ينطبق الأمر ذاته على تفكير المرء بحياته الخاصة0 فمثلاً يلجأ العديد من الناس إلى التعميم من حادث سلبي إلى نموذج كامل من الهزيمة ، فيخلقون عالماً لا حد له من البؤس0 " قدمت امتحاناً سيئاً الآن ، لذلك لن أتمكن من اجتياز الجامعة و الحصول على عمل أو تكوين أسرة أو أي شيء "0
7.
فكر بتفسيرات أخرى
: المفكر بشكل نقدي و خلاق يصوغ فرضيات تقدم تفسيرات معقولة للخصائص و السلوك و الحوادث0 و الهدف النهائي هو إيجاد تفسير يأخذ في الحساب معظم الأدلة أو البراهين بأقل الإفتراضات0 لكن المفكر النقدي لا يوصد الباب أمام التفسيرات البديلة بسرعة0 فهو ينشئ ما أمكن من تفسيرات للدليل قبل أن يرسو على أكثرها رجحاناً0
8.
تحمل اللايقين
: أخيراً ، إن تعلم التفكير النقدي يقدم لنا أحد أصعب الدروس في الحياة : و هو كيف نعيش مع اللايقين0 كما ذكرنا ، من المهم أن نتفحص الدليل قبل استخلاص النتائج . أحياناً بالكاد يسمح لنا الدليل باستخلاص نتائج مؤقتة. وأحياناً يبدو الدليل كافيا تماماً لأن يسمح لنا بنتائج متينة وقوية .... إلى أن يأتي دليل جديد ويرمي بمعتقداتنا إلى الفوضى و التشوش . على المفكرين بشكل نقدي أن يتقبلوا حالة اللايقينية هذه . فهم لا يخشون القول : " لا أعرف " أو " لست واثقاً " . فهذا الإقرار ليس تملصاً و مراوغة بل حثاً لسؤال خلاق إضافي .
إن الرغبة في اليقينية غالباً ما تترك الناس في حالة من عدم الارتياح عندما يتوجهون إلى الخبراء من أجل الحصول على " اﻟ " جواب ، ولا يقدمه هؤلاء لهم . قد يقول المريض للطبيب مطالباً " ماذا تعني بقولك إنها مسألة مثيرة للجدل ؟ أخبرني فقط ما هو الجواب ! " يعرف المفكرون النقديون بأنه كلما كان السؤال أهم ، كلما كان احتمال أن يكون له جواب وحيد بسيط أقل . إن الحاجة لقبول مقدار معين من اللايقين لا يعني أنه ينبغي علينا أن نعيش بدون اعتقادات وقناعات . يقول روجيريو : " إن حقيقة أن معرفة اليوم قد تُتجاوز أو على الأقل تُعدل غداً ، قد تقودنا إلى نوع من الشكوكية التي ترفض أن تعتنق أية فكرة " . سيكون ذلك حماقة لأنه بالمعنى العملي ، من المحال أن نبني حياة على وجهة النظر تلك . إضافة إلى ذلك ، ليس اعتناق فكرة ما هو الذي يسبب المشكلات – بل هو رفض إرخاء ذلك الاعتناق عندما يفرض المنطق السليم أن نفعل ذلك . يكفي أن نصوغ القناعات بحرص وأن نحملها بسهولة ومرونة ، وأن نكون مستعدين لإعادة التفكير بها عندما يستدعيها دليل جديد إلى السؤال.