النظافة من الإيمان

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : عاشقة الوطن | المصدر : www.arabna.info

من العبارات المحفوظة التي تتردد كثيراً على الألسنة عبارة "النظافة من الإيمان" وتشتمل هذه العبارة على إشارة مهمة تتمثل في جعل النظافة جزءاً لا يتجزأ من الإيمان، الأمر الذي يجعلها ذات أهمية بالغة في سلوك الإنسان، لأنها بذلك لم تعد مجرد أمر مرغوب فيه أو متعارف عليه، وإنما صارت بالإضافة إلى ذلك قضية إيمانية تتصل بالعقيدة المتأصلة في النفوس.
وهذه العبارة المشار إليها تستند في واقع الأمر على أسس دينية راسخة، والنبي صلى الله عليه وسلم يجعل إزالة الأذى عن الطريق عنصراً من عناصر الإيمان في قوله: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق".
وتأكيداً لذلك نجد الدين يأمرنا بالنظافة قبل الدخول في الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة، ويحرص على أن نأخذ زينتنا عند الذهاب إلى المسجد، وهذا أمر يتطلب النظافة، حتى لا يؤذي أحداً غيره في المسجد برائحة كريهة أو ملابس غير نظيفة، فيكون بذلك سبباً في تنفيرالناس من الذهاب إلى المساجد.
وإذا كان الأمر كذلك في أمور الدين فمن باب أولى ينبغي أن ينعكس ذلك على سلوكنا اليومي في الحياة. ومن هنا فإن من الضروري تعويد أبنائنا وبناتنا في سن مبكرة على النظافة وعلى عدم إلقاء أي مخلفات في الشارع، أو في فناء المدرسة، أو في مكان العمل، أو في أي مكان آخر من شأنه أن يسئ إلى المجتمع وإلى أفراده بأي شكل من الأشكال. والتعود من الصغر على ذلك يجعل النظافة سلوكاً حياتياً لهم، فمن شب على شيء شاب عليه كما هو معروف، وبذلك تصبح العادة طبيعة ثابتة تجعل السلوك يصدر عن المرء دون تكلف.
والنظافة بوصفهاعنصراً من عناصر الإيمان لا تقتصر على الجوانب المادية وحدها، فكما تكون النظافة في الأمور المادية تكون أيضاً في الأمور المعنوية وفي الأخلاق. وهذا يعني أن النظافة ليست أمراً ظاهرياً فحسب، وإنما هي مرتبطة أشد الارتباط بالجانب الأخلاقي للإنسان. فالإنسان الذي لا يكذب يوصف بأنه نظيف اللسان، والذي لا يفحش في القول ولا يغتاب غيره يوصف بأنه عف اللسان. والذي لا يختلس من مال غيره أو من المال العام يوصف بأنه نظيف اليد، والإنسان الذي يتفق ظاهره مع باطنه يوصف بأنه نقي السريرة بعيد عن النفاق، إنه إذن صاحب صفحة نظيفة .
ومن هنا يتضح أن قيمة النظافة من القيم الحياتية الشاملة، والتي بدونها لا يمكن أن نصف إنساناً أو مجتمعاً بأنه متحضر. فالحضارة ليست مجرد كلمة تقال أو مصطلح نتجمل به في الحديث، وإنما هي سلوك راق له أثره على المستوى الفردي والاجتماعي. وكل منا في موقعه مسؤول عن تحقيق هذا السلوك الحضاري حتى يتيسر للناس أن يتمتعوا ببيئة نظيفة مادياً ومعنوياً، ويسعدوا بحياتهم في مجتمع نظيف، ويشاركوابفاعلية في تقدم وازدهار وطنهم في جميع المجالات.