شعر : د. عبدالرحمن صالح العشماوي

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : د. عبدالرحمن صالح العشماوي | المصدر : www.binbaz.org.sa

شعر : د. عبدالرحمن صالح العشماوي
للشعر بعدك أن يظل حزينا *** ولنبض قلبي أن يذوب حنينا
ولكل قافية خبأت حروفها *** أن تفتح الباب الذي يشجينا
ولصوت حادي الشعر بعدك أن يرى *** منا لاوفاء لأنه يحدونا
يا وارثاً للأنبياء ،و إنما *** ورثت الهدى والعلم والتمكينا
ورث العقيدة وهي أعظم ثروة *** وأعز مال مورث يعنينا
يا راحلاً عنا كأنك لم تكن *** فينا تحدثنا بما ينجينا
لما نعاك إليّ صوت محدثي *** أحسست أن الشك صار يقينا
ورأيت أثبت ما أمامي دائراً *** وسمعت أصوات الشك صار يقينا
وشعرت أن الحزن صار يحيط بي *** من كل ناحية ، وصرت رهينا
هل يدرك الناعي حقيقة من نعى *** وبأي سهم من الفؤاد رمينا ؟
وبأي فاجعة أصيبت أمتي *** وبأي أصناف البلاء بلينا ؟
يا أيها الناعي جرحت قلوبنا *** وأثرت فيها لوعة وأنينا
مات ابن باز ، يا لها من أحرف *** وهاجة بلهيبهن صُلينا
مات ابن باز ، هل علمت بما حوت *** هذي الحروف وما تحرك فينا ؟!
يا أيها الناعي رويدك ، إن من *** تنعي ، أب بحنانه يسقينا
أو لم يكن نوراً يضيء عقولنا *** وإلى الهداية والتقى يدعونا ؟؟
أتراك لم تعلم بأن وفاته *** رُزء وأن وداعه يشقينا ؟!
أنسيت أن وفاة عالم أمة *** حدّث بأسهم بؤسه يرمينا ؟
يا خادم الحرمين شكراً صادقاً *** فلقد رأينا كل ما يرضينا
أسرجت خيلاً للوفاء كريمة *** ما زال لحن صهيلها يغرينا
شيعت عالمنا الجليل وإنما *** شيعت عقلاً راجحاً ورزينا
شيعت في يوم الفضيلة والتقى *** شيخاً بنى للمكرمات حصونا
لما تقدمت الجموع مودعاً *** رفع التلاحم والوفاء جبينا
ورسمت للأجيال أجمل صورة *** ستظل من أمجادنا تدنينا
كرمت فيها العلم ، علم شريعة *** تمحو الضلال وترشد الغاوينا
فلتشهد الدنيا حقيقة ما جرى *** إن الحقائق تهزم التخمينا
لكأنني بوفاة شيخ شيوخنا *** صارت مثالاً للوفاء مبينا
خرجت جموع المسلمين فلا تسل *** عن مشهد جعل الشمال يمينا
في مسجد الله الحرام ، وهل رأت *** عين مكانا مثله مأمونا
لما تلاقى المسلمون هناك في *** أزكى وأطهر بقعة باكينا
وتزاحمت أفواجهم وكأنهم *** يردون حوضاً منه يستسقونا
شهدت بقاع الأرض صورة أمة *** لا ترتضي غير الشريعة دينا
هو ديننا نبع الفضائل ترتوي *** منه القلوب وماؤه يشفينا
وبه يغرد طائر الأمن الذي *** من كل بغي مكابر يحمينا
وبه نخوض محيط كل رزية *** فهو السفين لمن يريد سفينا
يا شيخنا ودعتنا ، وقلوبنا *** تهدي إليك من الوفاء فنونا
ودعت دنيانا بحسمك بعدما *** ودعتها بالقلب منك سنينا
وزهدت فيها وهي ذات تبرج *** جعلت محب دلالها مفتونا
عزيت فيك ولاة أمر بلادنا *** ورجالها وبناتها وبنينا
عزيت فيك العلم والعلماء قد *** منحوك حباً في القلوب ثمينا
عزيت فيك المسلمين جميعهم *** فقدوا بفقدك مرشداً ومعينا
يا رب لطفك صار فيض جراحنا *** نهراً من الدمع الغزير سخينا
إنا برغم الحزن نحزم أمرنا *** بك يا عظيم الشأن يا هادينا
إنا إليك لراجعون ، وإننا *** بقضاء عدلك في العباد رضينا
إن مات عالمنا فإنا لم نزل *** فيما تعوضنا به راجينا
سلمت بلاد الخير من آلامها *** ورعى المهيمن خطها الميمونا