بصمة الشاعر محمود مغربي المرأة استعارة كلية بقلم الاديب المغربى / عمر علوى ناسنا .

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : محمود مغربى | المصدر : belahaudood.org

بصمة الشاعر محمود مغربي المرأة استعارة كلية بقلم الاديب المغربى / عمر علوى ناسنا .


بصمة الشاعر محمود مغربي



المرأة استعارة كلية
بقلم الاديب المغربى / عمر علوى ناسنا

………….

وأنا أطالع كثيرا من قصائد الشاعر المميز محمود مغربي وقفت على ملاحظة تكاد تنتظم قصائده التي وقفت عليها هنا ، وهي لا تؤوب أساسا إليه وحده ولكنها تأخذ عنده نكهة خاصة.وسأحاول هنا أن استسلم لسحرها الخاص من خلال هذا النص.

النص:
إلى ذات الوجه المستدير

وجهك المستدير
كَعبّاد شمسٍ
يُحدّثُ عشب البراءة
عن الأمنيات اللّواتى تَقاعسنَ
فى رحلةِ التوق
عن غُربة الياسمين ،
وعن سوسنات تقافزنَ فى الجوع العاطفىّ
وهيأنَ لى
أيكةً جامحهْ .
وجهكِ المستديرْ
كعباد شمس
يُعانقُ فى رعشةِ الصبح وجهى
يَهزُّ نعاس نوافذىَ المغلقة
يَأخُذنى
حيثُ نخلكِ
نَخْلُكِ
ها هو يرقصُ
ملتحفاً
بالخجلِ القروىّ .
عيناك
ترفلُ فى غبشى
وتهزُّ غطيط عصافيرى
تُسكن كل أنوثة هذا العالم فى عينيهَا
وبعينيهَا تُبارزنى !
أستحلفُ رقّة هدُبيها
أن تُمطرنى شعراً
تمنحنى ثوباً
فضفاضاً
مغزولاً بخيوط الفجرْ .
أوقفُ زمن الكون
وأمرّغُ عينىّ
فى سُمرة عينيها
فى خُصل حقيقة كوثرها ..
صَوتكِ
يخرجُ مخضوضراً
كالحدائقِ
كالظلَّ
يستقطبُ المتعبين
ويُهدى لسرب الفراشات ما تشتهيه
يُعيدُ لهذى النوارس
تغريدة الموج
نبض السويعات
إطلالةً للفنار المشوقْ

أومن دائما بوجود استعارة كلية تنتظم شعر كل شاعر والمقصود بالكلية هنا انزياح عام تصب فيه سائر انزياحات الشاعر سواء اتصلت بذلك اتصالا مباشرا أو ضمنيا كليا أو جزئيا. ولعلها أي تلك الإستعارة الكلية هي ما يحقق وحدة التجربة الشعرية وييسر للناقد الوصول إلى الرؤية الشعرية التي يشتغل عليها الشاعر كرهان مركزي في تجربته بل قل في حياته ، لأنه لايجوز الفصل بين الشعر والحياة عند الذي يدركون عمق الشعر ويعيشونه في تفاصيلهم اليومية.
المرأة استعارة كلية في شعر محمود مغربي ، وقبل أن يساء فهم هذه الملاحظة أشير إلى أننا لم نتحدث يوما عن امرأة واحدة، وأن هذا لايطعن في عمق أي تجربة شعرية، ولا بأس هنا من أن اشير مثلا إلى أن المرأة أعمق في شعر نالظم حكمت منها مثلا في شعر نزار قباني حيث امرأة لم تتشكل كصورة كلية رغم الأحكام المتسرعة التي سيقت بهذا الصدد.
المرأة هنا في شعر محمود مغربي ليست مقصودة لذاتها كموضوع بل هي نفسها شكل شعري أو لنقل إنها مفردة أساسية في تشكيل رؤية ورهان النص، تماما كما يمكن أن نلاحظ ذلك على استثماره لمعجم الطبيعة.
المرأة هنا تقود للشاعر وهذه وظيفتها الأساسية ، إنها لاتحيل على نفسها ولاتتشكل لتظهر تفاصيلها هي بل تتشكل وتتمازج لتحبل بصورة الشاعر.لكأنها ذريعة جمالية لنقرأ في صقالها صورة الشاعر وأفكاره.
ولنفحص ذلك فيما سأسميه مقدمات ومصب دلالي ويمكن التمثيل لذلك كما يلي:
المقدمات الذرائعية جماليا المصب الدلالي صورة الشاعر

وجهك المستدير


كَعبّاد شمسٍ
يُحدّثُ عشب البراءة
عن الأمنيات اللّواتى تَقاعسنَ
فى رحلةِ التوق
عن غُربة الياسمين ،
وعن سوسنات تقافزنَ فى الجوع العاطفىّ
…………
وجهكِ المستديرْ
كعباد شمس
………..عيناك
ترفلُ فى غبشى
وهيأنَ لى
أيكةً جامحهْ .

يُعانقُ فى رعشةِ الصبح وجهى
يَهزُّ نعاس نوافذىَ المغلقة
يَأخُذنى
حيثُ نخلكِ
…..

وتهزُّ غطيط عصافيرى

….
وبعينيهَا تُبارزنى !
أستحلفُ رقّة هدُبيها
أن تُمطرنى شعراً
تمنحنى ثوباً
فضفاضاً
مغزولاً بخيوط الفجرْ .
أوقفُ زمن الكون
وأمرّغُ عينىّ
فى سُمرة عينيها

مقارنة الخانتين تحيل دائما على أن الشاعر يشتغل على صورة المرأة لبناء صورته وهو استثمار ذكي. على أن هذه الصورة تتغذى على معجم يأخذ من بيئة الشاعر ومن تفاصيل ملاحظاته التي تمتح من معايشته لليومي . لكأني به يرسم لنا دائما صورة امرأة تسكنها تفاصيل الريف امرأة أصيلة لكأنها الأرض.

على أن هذا النص طافح بإيروسية لا مجال للخوض فيه هنا تكشفها تفاصيل الأفعال الموظفة.
أن تقرأ الشاعر من خلال صورة مركزية ومن خلال أيقونة جمالية موحدة تلك بصمة شاعرنا الجميل محمود مغربي.