عرض الأرض

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : bat man 2000 | المصدر : forum.roro44.com


قد يظن المرء أنه بعد قرون من استكشاف الأجسام السماوية التي نستطيع رؤيتها بعد مغيب الشمس، سيكوّن البشر فكرةً واضحة عن هوية جيراننا الذين يستعمرون المجرّات، وما إذا كانوا يضمرون لنا الشر.
لكن هذا غير صحيح. بما أن معظم المقاريب يستطلع السماوات في الضوء المرئي، يستحيل رؤية المشاهد الواسعة من الكون بالعين المجرّدة. يقول إدوارد رايت، بروفيسور في علم الفلك في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس: {ذلك أشبه بخارطة كبيرة}. قد تصوّر الخارطة العالم بأسره، {لكنني لا أستطيع اكتشاف موقع المنتزهات الوطنية عليها. فإن كنت أملك أطلس ذا رؤية أكثر تفصيلاً، سأتمكن حينئذ من التخطيط لعطلتي}.
لذلك يأمل رايت وزملاؤه بإعداد أطلس أفضل بفضل مقراب WISE (مستكشف الحقول الواسعة في الأشعة تحت الحمراء Wide-field Infrared Survey Explorer) الفضائي. ستصوّر هذه المركبة الفضائية السماء برمّتها خلال الليل في ظل الأشعة تحت الحمراء. يُذكَر أن تكلفتها بلغت 320 مليون دولار أميركي وقد أُطلقت من قاعدة فاندنبيرغ للقوات الجوية في وسط كاليفورنيا. بالتزامن، ستلتقط صوراً لمئات آلاف الأجسام التي كنّا نجهلها سابقاً والتي تبدو أكثر برودةً وظلمةً من أن تضيء سماءنا خلال الليل.
تتوارى هذه الأجسام في الفضاء منذ ملايين السنين، وتتضمن على الأرجح عشرات آلاف الكويكبات بين المريخ والمشتري والتي قد يشكّل بعضها على الأرجح خطراً محتملاً على الأرض، عشرات النجوم الخافتة التي تُعرَف بالأقزام البنية أو على الأرجح كوكباً عملاقاً ما وراء بلوتو. من جهتهم، يقول العلماء إن مقراب WISE قد يغيّر صورة نظامنا الشمسي المألوفة.
في هذا الإطار، يوضح بيتر أيزنهاردت: {نستخدم WISE لاستكشاف السماء بطريقة لم تكن ممكنة سابقاً. سيغيّر هذا المقراب صورة الكواكب المجاورة للشمس، وسيتيح للعلماء دارسة استكشافات جديدة لعقود}. يُشار إلى أن أيزنهاردت عالم مهمّات فضائية في مركز Jet Propulsion Lab في لا كانيادا فلينتريدج، إحدى ضواحي لوس أنجليس الشمالية حيث تتم إدارة المهمة.
تلك ليست المرة الأولى التي يفكّر فيها أحدهم في استطلاع السماء في أطوال موجية غير نطاق الضوء المرئي الضيّق. تبحث المقاريب الراديوية، مثل مقراب أريسيبو في بويرتو ريكو، في عمق الفضاء عن الموجات الإذاعية الراديوية الطويلة التي تصدرها مجرّات كثيرة. أمّا المقاريب الأخرى فتحاول التقاط أشعة غاما الخطيرة وذات الموجات القصيرة والتي تطلقها النجوم المتفجّرة. لكن من الأسهل بكثير دراسة بعض الأمور بواسطة الأشعة تحت الحمراء، كعملية تشكّل النجوم من كرات الغاز بين النجوم. سبق مقراب WISE {القمر الصناعي الفلكي الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء} Infrared Astronomical Satellite والذي أطلقته وكالة الفضاء الأميركية (الناسا) في العام 1983. استطلع هذا القمر السماء برمتها بواسطة الأشعة تحت الحمراء، الأمر الذي زاد عدد الأجسام الفلكية المسجّلة بنسبة 70%. كذلك رصد 350 جسماً جديداً، بما في ذلك مذنبات وانبعاثات غير مرئية إنما دافئة للغبار الكوني في اتّجاهات الفضاء كافة تقريباً.
عبر استخدام 62 بيكسلاً فقط لقياس دقّة الصور الفضائية، بدا ذلك القمر الصناعي مصباحاً خافتاً مقارنةً بـWISE. فكل جهاز من أجهزة الكشف الأربعة المزوّد بها WISE سيستكشف الفضاء بواسطة مليون بيكسل، جاعلاً جملة الآلات التي تحملها المركبة أكثر حساسيةً بآلاف الأضعاف.
مركبة تبريد
يبلغ ارتفاع مدار مقراب WISE نحو 530 كيلومتراً فوق سطح الأرض. تلك المركبة البالغ طولها 2.74 متر عبارة عن مقراب بقطر 40 سنتيمتراً محفوظ داخل مركبة تبريد تحتوي على الهيدروجين المجمّد. صُممت هذه المركبة الجليدية العائمة للحفاظ على برودة الأجهزة على حرارة -265 درجة مئوية لكي لا تتأثر أجهزة الكشف الأربعة عن طريق الخطأ بسخونة الأنظمة الإلكترونية الخاصة بالمقراب.
تشكّل النجوم الخافتة التي تُعرَف بالأقزام البنية الفئة الأولى من الأجسام التي ستخرج من مخبئها. لا تتمتع هذه النجوم بكامل الحجم الضروري للحفاظ على تفاعل الاندماج النووي الذي يدفع بنجوم مثل شمسنا إلى الاشتعال بعد تشكلّها من كرة غازية منهارة. فضلاً عن ذلك، لا تلمع الأقزام البنية إلا في ظل الأشعة تحت الحمراء. وحرارتها، التي تتراوح من -201 درجة مئوية إلى 704 درجات مئوية، ناجمة عن السخونة التي يولّدها انهيارها بفعل الجاذبية. وفقاً لأيزنهاردت، يعتقد علماء كثر بوجود عدد كبير من الأقزام البنية في كل بقعة في الفضاء بقدر النجوم العادية. وعلى بعد 25 سنة ضوئية من الشمس، ينتشر نحو 100 نجم معروف، ستة منها فقط أقزام بنية، ما يشير إلى احتمال وجود 90 قزماً بنياً إضافياً أو ما يقارب ذلك بانتظار أن يُكتشَف.
من المرجّح أن يكشف WISE الستار عمّا يقدّر بـ100 ألف كويكب جديد في داخل نظامنا الشمسي وذلك في التراكمات الصخرية بين المريخ والمشتري. تتضمّن مئات آلاف الكويكبات التي نعرفها اليوم بشكل أساسي الأجسام التي يعكس سطحها الضوء. بحسب رايت، تتمثّل الطريقة التقليدية لقياس كويكب في موازاة حجمه بمدى لمعانه. لكن بعض الأجسام لا يعكس الضوء بشكل جيّد كما الأخرى، بغض النظر عن الحجم. لذلك بما أن WISE سيكشف عن الفوراق في درجات الحرارة، سيشكّل أداةً أفضل لقياس الحجم، على حدّ قول أيزنهاردت.
ذلك لا يعني أن WISE سيكتشف {كويكباً مرعباً} يهدد الأرض، وإنما سيساعد العلماء على تحديد حجم أي كويكب معاد، مطلقاً تحذيراً مسبقاً بشأن الكويكبات التي قد تكون سلاح الانقراض المقبل، كذلك الذي يُشتبه في أنه أباد الديناصورات.
كذلك يعتقد أيزنهاردت وأعضاء آخرون في فريق مهمة WISE باحتمال وجود كوكب جديد على هوامش نظامنا الشمسي. تجول آلاف الأجسام الجليدية في حزام كويبر، بما فيها بلوتو، الكوكب التاسع سابقاً في مجموعتنا الشمسية بعد أن خسر مركزه حين ارتأى الاتّحاد الفلكي الدولي منذ بضع سنوات بأنه أصغر من أن يُعتبر كوكباً.
أمّا خارج هذا الحزام، فنجد سحابة أورط، موطن الكثير من المذنّبات التي تجول عبثياً في نظامنا الشمسي الداخلي. بحسب أيزنهاردت: {نعرف بأن ثمة أجساماً كثيرة في الفضاء، ومن المحتمل أن نجد كوكباً أكبر من المشتري}.