ح 247 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى . فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ . وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ , ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ , فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ , فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى , فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ الْحُلَيْفَةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ . فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلنَّاسِ : مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى , فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ . وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ , ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلْيُهْدِ , فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْياً فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ . فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ . وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ , ثُمَّ خَبَّ ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ السَّبْعِ , وَمَشَى أَرْبَعَةً , وَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَأَتَى الصَّفَا ، فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ , ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ , وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ . وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ , ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ , وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ النَّاسِ . فيه مسائل : 1= قوله : " تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " ليس المقصود أنه تمتّع بالعُمرة إلى الحج ؛ لأنه جاء في الحديث – وفي غيره – ما يُوضّح المقصود . روى الإمام مسلم من طريق موسى بن نافع قال : قدمت مكة متمتعا بِعمرة قبل التروية بأربعة أيام ، فقال الناس : تصير حجتك الآن مكية ، فدخلت على عطاء بن أبي رباح فاستفتيته ، فقال عطاء : حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أنه حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ساق الهدي معه ، وقد أهَلُّوا بالحج مُفْردا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحِلّوا مِن إحرامكم فطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة وقصِّروا وأقيموا حَلالاً حتى إذا كان يوم التروية فأهِلّوا بالحج ، واجعلوا التي قدمتم بها متعة . قالوا : كيف نجعلها متعة وقد سَمَّيْنَا الحج ؟ قال : افعلوا ما آمركم به ، فإني لولا أني سُقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم به ، ولكن لا يحل مِنِّي حَرام حتى يبلغ الهدي محله ، ففعلوا . وسيأتي في الحديث – حديث حفصة – الذي بعد هذا الحديث تأكيد هذا الأمر . قال ابن عبد البر : ولا يصح عندي أن يكون متمتعًا إلاَّ تمتع قِران ؛ لأنه لا خلاف بين العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَحِلّ من عمرته حين أمَر أصحابه أن يَحِلّوا ويَفسخوا حَجهم في عمرة ، فإنه أقام مُحْرِمًا من أجل هَديِه إلى محل الهدي يوم ينحر ، وهذا حُكم القَارِن لا حُكم المتمتع . اهـ . وقال : يحتمل من قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقول من قال إفراد الحج ، أي : أمَرَ بِه وأجازه ، وجاز أن يُضاف ذلك إليه . اهـ . قَالَ الْقَاضِي : قَوْله : " تَمَتَّعَ " هُوَ مَحْمُول عَلَى التَّمَتُّع اللُّغَوِيّ وَهُوَ الْقِرَان آخِرًا ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ أَوَّلاً بِالْحَجِّ مُفْرِدًا ، ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَصَارَ قَارِنًا فِي آخِر أَمْره . نقله النووي . ثم قال : وَالْقَارِن هُوَ مُتَمَتِّع مِنْ حَيْثُ اللُّغَة ، وَمِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ؛ لأَنَّهُ تَرَفُّه بِاتِّحَادِ الْمِيقَات وَالإِحْرَام وَالْفِعْل . وقال ابن القيم : المعلوم من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يحل بعمرة في حجته ، وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم ذلك . اهـ . وقال ابن حجر : وحديث ابن عمر المذكور ناطق بأنه صلى الله عليه وسلم كان قارِنا ، فإنه مع قوله فيه : " تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم " وَصَف فِعل القِران ، حيث قال : "بدأ فأهَلّ بالعمرة ثم أهل بالحج " : وهذا مِن صُور القِران ، وغايته أنه سَمَّاه تَمَتُّعًا ؛ لأن الإحرام عنده بالعمرة في أشهر الحج كيف كان يسمى تمتعا . اهـ . 2= قوله : " فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ " مشروعية سياق الهدي ، وقد كان مجموع هَديه صلى الله عليه وسلم إلى البيت مائة من الإبل ، نَحَر منها عليه الصلاة والسلام ثلاثا وستّين ، وتولّى عليّ رضي الله عنه نحر ما بقي . قال القاضي عياض : وَالظَّاهِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ الْبُدْن الَّتِي جَاءَتْ مَعَهُ مِنْ الْمَدِينَة ، وَكَانَتْ ثَلاثًا وَسِتِّينَ ، كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ . اهـ . وسيأتي مزيد بحث في " باب الهدي " . 3= ذو الْحُلَيْفَة : هو ميقات أهل المدينة ، وهو أبعد المواقيت عن مكة . ويُسمّى : آبار عليّ . وهو مكان مُبارك . ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فِي بَطْنِ الْوَادِي ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ . رواه البخاري ومسلم . وفي حديث عمر رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ : أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي ، فَقَالَ : صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ . رواه البخاري . قال ابن رجب : ووادي العقيق مُتَّصِل بذي الحليفة . 4= قوله : " وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ , ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ " قال النووي : هُوَ مَحْمُول عَلَى التَّلْبِيَة فِي أَثْنَاء الإِحْرَام ، وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ أَحْرَمَ فِي أَوَّل أَمْره بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ، لأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى مُخَالَفَة الأَحَادِيث السَّابِقَة . تقدم قول ابن حجر : وهذا مِن صُور القِران ، وغايته أنه سَمَّاه تَمَتُّعًا ؛ لأن الإحرام عنده بالعمرة في أشهر الحج كيف كان يُسمى تمتعا . اهـ . 5= الراجح في حجته عليه الصلاة والسلام أنه كان قارنًا . ويدلّ عليه هذا الحديث وحديث حفصة الآتي بعده ، وحديث جابر ، وغيرها من الأحاديث الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنًا ، وهذا ما رجحه ابن عبد البر وابن قدامة والنووي والقرطبي وغيرهم . 6= إرشاده عليه الصلاة والسلام أمته إلى الأفضل ، وامتناعه من فِعله لِكونه ساق الهدي ، وسيأتي هذا في حديث حفصة رضي الله عنها . وقد قال عليه الصلاة والسلام : لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت ، مَا سُقْت الْهَدْيَ ، وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً . قال ابن قدامة : قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالانْتِقَالِ إلَى الْمُتْعَةِ عَنْ الإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ ، وَلا يَأْمُرُهُمْ إلاَّ بِالانْتِقَالِ إلَى الأَفْضَلِ ، فَإِنَّهُ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَنْقُلَهُمْ مِنْ الأَفْضَلِ إلَى الأَدْنَى ، وَهُوَ الدَّاعِي إلَى الْخَيْرِ ، الْهَادِي إلَى الْفَضْلِ ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِتَأَسُّفِهِ عَلَى فَوَاتِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ ، وَأَنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلَى انْتِقَالِهِ وَحِلِّهِ ، لِسَوْقِهِ الْهَدْيَ ، وَهَذَا ظَاهِرُ الدَّلالَةِ . اهـ . 7= شفقته صلى الله عليه وسلم بأمته ، ورأفته بأصحابه ، ومراعاة أحوال الناس ، فإنه عليه الصلاة والسلام قال لِعليّ رضي الله عنه لَمَّا قَدِم من اليمن : " بِمَ أَهْلَلْتَ فَإِنَّ مَعَنَا أَهْلَكَ" . 8= التيسر على الناس فيما لهم فيه سَعة ، وليس فتح الباب على مصراعيه بِحُجّة توسعة النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ، ولا بِحُجّة " افعل ولا حرج " ؛ لأن كل توسعة على الناس تحتاج إلى ضوابط وإلى فهم العلماء . 9= وجوب الهدي على المتمتِّع بالشروط السابقة . 10= فطاف واستلم ، الواو لا تقتضي الترتيب ؛ لأن الاستلام يكون قبل الطواف ، إلاّ أن يُراد بدأ بالطواف ثم استلم ، وهذا يمكن حمله على بعض الأشواط ، والأول أقوى . 11= واستلم الركن : تقدّم في شرح الأحاديث السابقة أن الركن يُطلَق على الحجر الأسود ، وهو المقصود هنا . 12= ثلاثة أطواف ، بمعنى : ثلاثة أشواط . 13= خبّ : سبق بأنها بمعنى الرَّمَل ، وكان ذلك في حجة الوداع ، ومكة بلد إسلام ، وكان عليه الصلاة والسلام آمن ما كان . 14= ركع حين قضى طوافه ، أي : صلّى ، وهو من باب إطلاق الجزء وإرادة الْكُلّ ، ومثله : سَجَد سجدتين . 15= أين يُصلِّي ركعتي الطواف ؟ إن تيسّر خَلْف مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وإلاّ صلى في الحرم . قال ابن عبد البر : وأجمعوا أيضا على أن الطائف يصلي الركعتين حيث شاء من المسجد ، وحيث أمكنه ، وأنه إن لم يُصَلّ عند المقام أو خلف المقام فلا شيء عليه . اهـ . 16= حُكم ركعتي الطواف : اخْتُلِف في حكم ركعتي الطواف . قال ابن عبد البر : واختلفوا فيمن نسي ركعتي الطواف حتى خرج من الحرم أو رجع إلى بلاده ؟ فقال مالك : إن لم يركعهما حتى يرجع إلى بلده فعليه هَدي . وقال الثوري : يركعهما حيث شاء ما لم يخرج من الحرم . وقال الشافعي وأبو حنيفة : يركعهما حيث ما ذَكَر مِن حِلّ أو حَرَم . وحجة مالك في إيجاب الدم في ذلك قول ابن عباس : مَن نَسي مِن نُسكه شيئا فليهرق دمًا . وركعتا الطواف من النسك . اهـ . وقال ابن قدامة : وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ . اهـ . وقال النووي : ركعتا الطواف سنة على الأصح عندنا ، وبه قال مالك وأحمد وداود ، وقال أبو حنيفة : واجبتان . اهـ . وكنت سألت شيخنا الشيخ عبد الكريم الخضير – وفقه الله – عن حُكم ركعتي الطواف ، فقال : حُكمهما حُكم الطواف ؛ لأنهما تَبَع للطواف ، فإن كان الطواف واجبا ، فهُما واجبتان ، وإن كان مسنونا ، فهما مسنونتان . 17= قوله : " فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ " أي : سبعة أشواط ، وفيه دليل على صِحّة تسمية السعي طواف . 18= ", ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ " دليل على بقاءه صلى الله عليه وسلم في حرامه ، وهذا دالّ على أن نُسكه صلى الله عليه وسلم هو القِرَان . ومعنى " قضى حجَّه " : أي يوم العيد بالرمي والحلق والنحر والطواف . 19= قوله : وأفاض " فيه مشروعية تسمية طواف الحج بـ " الإفاضة " ، وهو معنى قول ابن عمر رضي الله عنهما : " أفاض يوم النحر " . 20= وفي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام طاف طواف الإفاضة بعد أن تحلل من إحرامه ، وفي حديث عائشة رضي الله عنها قَالَتْ : طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ . رواه البخاري ومسلم . 21= فيه دليل على أن التمتّع أفضل الأنساك ، لكون النبي صلى الله عليه وسلم أمَر أصحابه به ، ودلّهم عليه . وسبق قول ابن قدامة : قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالانْتِقَالِ إلَى الْمُتْعَةِ عَنْ الإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ ، وَلا يَأْمُرُهُمْ إلاَّ بِالانْتِقَالِ إلَى الأَفْضَلِ ، فَإِنَّهُ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَنْقُلَهُمْ مِنْ الأَفْضَلِ إلَى الأَدْنَى ، وَهُوَ الدَّاعِي إلَى الْخَيْرِ ، الْهَادِي إلَى الْفَضْلِ . اهـ . قال الإمام أحمد : لا يُشك أن رسول الله كان قارِنا ، والتمتع أحب إليّ . 22= " حتى قضى حجّه " : أي : فَعَل ما يُجيز له التحلل ، فقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه تحلّل بعد الرمي والْحَلْق ، وتطيّب ، حيث طيّبته عائشة رضي الله عنها قبل أ ن يطوف ، وفي حديث الباب : " وأفاض فَطاف بالبيت " . وفيه ردّ على من قال : يتحلل الحاج بِمجرّد الرمي يوم العيد . فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحلل يوم الحديبية من إحرامه إلاّ بعد أن حَلَق رأسه ، ففي خبر يوم الحديبية : " وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ " رواه البخاري . وقال عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه : مَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ ثُمَّ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَنَحَرَ هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَهُ فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ إِلاَّ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ . رواه الإمام مالك في الموطأ . وذَكَر ابن عبد البر في الاستذكار مذاهب العلماء في ذلك ، واختلافهم في جواز الطيب بعد التحلل الأول . وذَكَر القول الرابع : يَحلّ له كل شيء إلاَّ النساء خاصة . قال : وهو قول الشافعي وسائر العلماء القائلين بجواز الطيب عند الإحرام وقبل الطواف بالبيت على حديث عائشة . اهـ . 23= " يوم النحر " هذا بالنسبة للحجاج ، وهو يوم العيد . وقد سماه الله " يوم الحج الأكبر " . 24= حجة الوداع كانت سنة 10 من الهجرة . 25= مَن أهدَى وساق الهدي فَعَل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيأتي في حديث حفصة رضي الله عنها بيان ذلك . 26= أعمال القَارِن والمفرِد واحدة ، وتُميّز بينهما النية ، والقَارِن يجمع بين الحج والعمرة ، والمفرِد يُفرِد الحج وحده . 27= إذا سعى المفرد والقَارِن قبل الحج أجزأه عن سعي الحج ؛ لأنه لا يجب عليه إلاّ سعي واحد ، ويُشترط للسعي أن يسبقه طواف . فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان قرِنًا ، وطاف وسَعى وبقي على إحرامه . وفي حديث جابر : فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ . رواه مسلم . وأما المتمتّع فيلزمه سَعْيان : سَعي للعمرة ، وسَعي للحج . 28= متى يصوم المتمتِّع الذي لا يجد هديا ؟ الجمهور : يصوم ثلاثة أيام في الحج ما بين أن يُهِلّ بالحج إلى يوم عرفة . والسنة أن يُفطر يوم عرفة ، ويحرم صوم يوم العيد . والله أعلم .