الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه مجموعة من المسائل المتعلقة بالتعجيل في الحج، نسأل الله تعالى أن ينفع بها كاتبها وقارئها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. المسألة الأولى : تعجيل الإحرام بالحج أو العمرة قبل الميقات المكاني. الميقات المكاني للحج والعمرة هو ذلك المكان الذي لا يجوز لمريد الحج والعمرة تجاوزه متجهاً إلى مكة دون إحرام. والمواقيت المكانية للحج والعمرة خمسة هي: ذو الحليفة(1)، والجحفة(2)، ويلملم(3)، وقرن المنازل(4)، وذات عرق(5). أما تعجيل الإحرام بالحج أو العمرة قبل هذه الأماكن فقد أجمع أهل العلم من الصحابة والتابعين على جوازه. يقول ابن المنذر: " أجمعوا على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم"(6). ويقول ابن قدامة: " لا خلاف في أن من أحرم قبل الميقات يصير محرماً، وتثبت في حقه أحكام الإحرام"(7) ولم يظهر خلاف في ذلك إلا بعد ظهور مذهب أهل الظاهر، فإنهم تفردوا بالقول بعدم الجواز. يقول ابن حزم: "وللحج والعمرة مواضع تسمى المواقيت، واحدها ميقات، لا يحل لأحد أن يحرم بالحج أو العمرة قبلها"(8). وقول أهل الظاهر هذا خالفوا به من سبقهم من الصحابة والتابعين، الذين هم أعلم بشرع الله – عز وجل – ممن جاء بعدهم، يقول النووي: "أجمع من يُعْتد به من السلف والخلف من الصحابة فمن بعدهم على أنه يجوز الإحرام من الميقات ومما فوقه، وحكى العبدري(9) وغيره عن داود(10) أنه قال: لا يجوز الإحرام مما فوق الميقات، وأنه لو أحرم مما قبله لم يصح إحرامه، ويلزمه أن يرجع ويحرم من الميقات، وهذا الذي قاله مردود عليه بإجماع من قبله"(11). ومما يدل على جواز الإحرام بالحج والعمرة قبل الميقات ما روي عن عدد من الصحابة أنهم أحرموا قبل الميقات، منهم عمران بن الحصين(12)، فقد أحرم من البصرة، وأحرم ابن عمر من بيت المقدس، وأحرم ابن مسعود من التلحين، وأحرم ابن عباس من الشام، ومن التابعين أحرم سعيد بن جبير من الكوفة(13). يقول ابن عبد البر: "والذين أحرموا قبل الميقات من الصحابة والتابعين كثير"(14). واعترض ابن حزم على الاستدلال بهذه الآثار فقال: "إن عمر بن الخطاب قد عاب على عمران إحرامه من البصرة، وعاب عثمان بن عفان على عبد الله بن عامر(15) إحرامه من خرسان، فعمر وعثمان – رضي الله عنهما – لا يعيبان عملاً صالحاً ولا مباحاً، وإنما يعيبان ما لا يجوز عندهما، وأما بقية الآثار عن الصحابة والتابعين فليس هناك ما يدل على أنهم مروا على الميقات، ومن لم يمر على الميقات فليحرم من حيث شاء"(16). ويمكن أن يُجاب عن هذا الاعتراض: بأن عمر وعثمان – رضي الله عنهما – لم يأمرا من أحرم قبل الميقات بإعادة الإحرام أو بشيء من الجزاء، فدل ذلك على أنهما يريان كراهة ذلك لا عدم جوازه. وأما قول ابن حزم: "وبقية الآثار ليس فيها ما يدل على أنهم مروا على الميقات..."، فيُجاب عنه بأن الأصل أنهم مروا على الميقات، إذ إن هذه المواقيت قد جُعِلت على طريق القادم إلى مكة، وكذلك فليس في هذه الآثار ما يدل على أنهم سلكوا طريقاً غير تلك الطرق المعتادة التي تمر على المواقيت. والله أعلم. وبعد أن أجمع أهل العلم من الصحابة والتابعين، وغيرهم من أهل العلم (غير أهل الظاهر) على جواز الإحرام بالحج والعمرة قبل المواقيت المكانية، اختلفوا في هل الأفضل الإحرام من الميقات أم الإحرام قبله؟ على قولين: القول الأول: الإحرام من الميقات أفضل، ومن أحرم قبله صح إحرامه مع الكراهة. روي ذلك عن عمر وعثمان رضي الله عنهما (17)، وبه قال الحسن، وعطاء، وإسحاق (18) وهو مذهب المالكية(19)، والحنابلة(20)، وقول في مذهب الشافعية(21). القول الثاني: الإحرام قبل الميقات المكاني جائز بدون كراهة، بل هو الأفضل. وهو مذهب الحنفية، وعن أبي حنيفة أنه إنما يكون الإحرام قبل الميقات أفضل إذا كان يملك نفسه أن لا يقع في محظور(22). استدل أصحاب القول الأول بالسنة والأثر والمعقول. فمن السنة: 1 – أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه – رضي الله عنهم – إنما أحرموا من الميقات، ولا يفعلون إلا الأفضل، ولو كان الإحرام قبل الميقات أفضل لما تواطأ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك الأفضل واختيار الأدنى، وهم أهل التقوى والفضل، وهم أفضل الخلق بعد الأنبياء، ولهم من الحرص على الفضائل والدرجات ما لهم(23). 2 – ما رواه أبو أيوب – رضي الله عنه – قال: قال صلى الله عليه وسلم: "ليستمتع أحدكم بحله ما استطاع فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه"(24). ومن الأثر: 1 – ما روي أن عمران بن الحصين – رضي الله عنه – أحرم من مصره، فبلغ ذلك عمر – رضي الله عنه -، فغضب وقال: "يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم من مصره"(25). 2 – ما روي أن عبد الله بن عامر – رضي الله عنه – أحرم من خراسان، فلما قدم على عثمان لامه فيما صنع وكرهه له(26)، قال البخاري: "كره عثمان أن يُحرم من خراسان وكرمان"(27). ومن المعقول: أن الإحرام قبل الميقات فيه تعرض لفعل محظورات الإحرام، وفيه مشقة على النفس، فكُرِه كالوصال في الصوم، قال عطاء: "انظروا هذه المواقيت التي وقتت لكم فخذوا برخصة الله فيها، فإنه عسى أن يصيب أحدكم ذنباً في إحرامه، فيكون أعظم لوزره، فإن الذنب في الإحرام أعظم من ذلك"(28). واستدل أصحاب القول الثاني بالسنة والأثر والمعقول: فمن السنة: ما روته أم سلمة – رضي الله عنها – أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أهلَّ بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» أو «وجبت له الجنة» شك عبد الله(29) أيتهما قال(30)، وفي رواية لابن ماجة: «من أهل بعمرة من بيت المقدس غُفر له»(31). ووجه الدلالة: أن في هذا الحديث دلالة على أفضلية الإحرام قبل الميقات. اعتُرض على الاستدلال بهذا الحديث: بأنه حديث ضعيف لا يثبت، يقول ابن حجر: "قال البخاري في تاريخه: لا يثبت، ذكره في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن يحنس، وقال: حديثه في الإحرام من بيت المقدس لا يثبت"(32). وقال المنذري(33): "اختُلِف في سنده ومتنه اختلافاً كثيراً"(34)، وقال ابن القيم: "قال غير واحد من الحفاظ إسناده ليس بالقوي"(35). ويقول ابن قدامة: "أما حديث الإحرام من بيت المقدس ففيه ضعف يرويه ابن أبي فديك ومحمد بن إسحاق وفيهما مقال، ويحتمل اختصاص هذا ببيت المقدس دون غيره للجمع بين الصلاتين في المسجدين بإحرام واحد"(36). ومن الأثر: ما روي عن بعض الصحابة منهم علي، وابن مسعود، وعمر – رضي الله عنهم – وغيرهم في تفسير قوله تعالى: "وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ" (البقرة: من الآية196)، قالوا: إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك(37). واعتُرض على الاستدلال بهذا الأثر: بأن معنى قول الصحابة: "إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك" أي تنشئ لهما سفراً من بلدك، وليس أن تحرم بهما من أهلك، وبذلك فسره سفيان الثوري والإمام أحمد، ولا يصح أن يفسر بنفس الإحرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما أحرموا بهما من بيوتهم، وقد أمرهم الله بإتمام الحج والعمرة، فلو حُمِل قولهم على ذلك لكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تاركين لأمر الله، ثم إن هؤلاء الصحابة القائلين بذلك ما كانوا يحرمون إلا من الميقات، أفتراهم يرون ذلك ليس بإتمام للحج والعمرة ويفعلونه؟ هذا لا ينبغي أن يتوهمه أحد، ولذلك أنكر عمر على عمران إحرامه من مصره، وكره أن يتسامع الناس بذلك مخافة أن يؤخذ به، أفتراه كره إتمام العمرة واشتد عليه أن يأخذ الناس بالأفضل! هذا لا يجوز، فيتعين حمل قولهم في ذلك على ما حمله عليه ا لأئمة. والله أعلم(38). ومن المعقول: أن الإحرام قبل الميقات أفضل، لأن المشقة فيه أكثر والتعظيم فيه أوفر(39). ويمكن أن يُعترض: بأن إرادة المشقة لذاتها في العبادة ليست من مقاصد الشارع، وأن من كمال التعظيم الإتيان بالعبادة كما أرادها الشارع، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم لو علم أن في الإحرام قبل الميقات زيادة تعظيم لله لفعله إذ هو أكثر الخلق خشيةً وتعظيماً لله. والله أعلم. والذي يترجح لي في ذلك: هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة وأن الأفضل الإحرام من الميقات، وذلك لقوة ما استدل به أصحاب هذا القول، ولو لم يكن ثمة دليل على ذلك إلا فعله صلى الله عليه وسلم لكفى به دليلاً، لأنه عليه الصلاة والسلام ما كان يفعل إلا الأفضل، وقد دلت النصوص على أنه ما كان يحرم إلا من الميقات، ومن ذلك ما رواه ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: "ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد" يعني مسجد ذي الحليفة(40). وأما أدلة أصحاب القول الثاني فقد سبق بيان ما اعتُرض به عليها من اعتراضات تضعف الاستدلال بها. والله أعلم. المسألة الثانية: تعجيل الدفع من مزدلفة أجمع أهل العلم على مشروعية مبيت الحاج بالمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة، والوقوف بها بعد طلوع الفجر من يوم النحر، وأن ذلك من أنساك الحج(41). أما هديه صلى الله عليه وسلم في ذلك، فصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أفاض من عرفة بعد غروب الشمس متوجهاً إلى المزدلفة، فبات بها تلك الليلة – ليلة العاشر من ذي الحجة – حتى طلع الفجر، فقام فصلى الفجر، ثم وقف عند المشعر الحرام حتى أسفر جداً، وبعد الإسفار، وقبيل طلوع الشمس دفع من المزدلفة متوجهاً إلى منى، ومما يدل على ذلك، قول جابر – رضي الله عنه – في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: "فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ولم يُسبِّح بينهما شيئاً، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء، حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه، وكبره، وهلله، ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس"(42). أما هديه صلى الله عليه وسلم في الدفع من المزدلفة فقد ثبت أن دفعه منها كان بعد الإسفار وقُبيل طلوع الشمس، كما في حديث جابر السابق، وحديث ابن عباس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض قبل طلوع الشمس»(43)، وقد رخص صلى الله عليه وسلم للضعفة كالنساء، ومن في حكمهن في تعجيل الدفع من المزدلفة ليلاً، يدل على ذلك: 1 – ما روته أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت: «نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تدفع قبل حطمة الناس(44) وكانت امرأة بطيئة، فأذن لها، فدفعت قبل حطمة الناس»(45). 2 – ما رواه عبد الله مولى أسماء(46) «أن أسماء – رضي الله عنها – نزلت ليلة جمع عند دار المزدلفة، فقامت تصلي، فصلت ساعة، ثم قالت: يا بُني هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلت ساعةً، ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم. قالت: فارتحلوا، فارتحلنا ومضينا حتى رمت جمرة العقبة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها يا هنتاه(47)، ما أرانا إلا قد غلسنا، قالت: يا بُني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظُّعن(48)»(49). 3 – حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: «أنا ممن قدَّم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة أهله»(50). 4 – أن ابن عمر – رضي الله عنهما – كان يقدم ضعفة أهله ويقول: «أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم»(51). لهذه النصوص اتفق أهل العلم على جواز تعجيل الدفع من المزدلفة بليل للضعفة كالنساء ومن في حكمهن. واختلفوا في الوقت الذي يصح لهم فيه التعجيل، وفي شمول الرخصة في التعجيل لغيرهم. ويمكن إيضاح آراء أهل العلم في ذلك من خلال الأقوال التالية: القول الأول: يجوز لجميع الحجاج من الضعفة وغيرهم تعجيل الدفع من المزدلفة في أي وقت من الليل سواء في أوله أو وسطه أو آخره، وهو مذهب المالكية(52)، وقول في مذهب الشافعية(53)، ورواية عن الإمام أحمد(54). ومستند المالكية من أصحاب هذا القول: أن المبيت بالمزدلفة واجب، لكنه يجزئ عندهم لأداء هذا الواجب النزول بها، فيرون أن من نزل بالمزدلفة في أي وقت من الليل أنه قد أتى بواجب المبيت، وعليه فيجوز للحاج الدفع منها بعد ذلك في أي وقت من الليل(55). أما قول الشافعية وما روي عن الإمام أحمد فمستنده: أن المبيت بمزدلفة في حق كل الحجيج من الضعفة، وغيرهم سنة لا يجب شيء على تاركه، وعليه فيجوز عندهم ترك المبيت، أو التعجل في الدفع من المزدلفة في أي وقت من الليل(56). القول الثاني: يحوز للضعفة كالنساء ومن في حكمهن تعجيل الدفع من المزدلفة في أي وقت من الليل، أما غيرهم فلا يجوز لهم الدفع إلا بعد طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، وهو مذهب الحنفية(57). ومستند هذا القول: أن الواجب بالمزدلفة هو الوقوف بعد طلوع الفجر، أما المبيت فهو سنة عندهم، فقالوا يجوز للضعفة كالنساء ومن في حكمهن تعجيل الدفع من المزدلفة في أي جزء من الليل؛ لأن المبيت سنة، أما تركهم للواجب وهو الوقوف بعد الفجر فلأن الرسول صلى الله عليه وسلم رخص لهم في تركه، كما يدل على ذلك أحاديث عائشة، وأسماء، وابن عباس، وابن عمر – رضي الله عنهم – السابق ذكرها، أما غيرهم فلا يجوز لهم تعجيل الدفع من المزدلفة قبل الفجر، لأن الوقوف بعد الفجر بالمزدلفة واجب في حقهم، فلا يجوز تركه والتعجُل بالدفع قبل الفجر. فمن تعجَّل من هؤلاء بالدفع من المزدلفة قبل الفجر، وترك الوقوف بها بعد الفجر فقد ترك واجباً، ويلزمه دم لتركه إياه(58). القول الثالث: لا يجوز لأحد من الحجاج سواء كانوا من الضعفة أو من غيرهم تعجيل الدفع من المزدلفة قبل منتصف الليل، ومن فعل ذلك ولم يعد قبل طلوع الشمس لزمه دم، أما بعد منتصف الليل فيجوز الدفع للجميع، وهو أصح القولين في مذهب الشافعية(59)، ومذهب الحنابلة(60). ومستند هذا القول: أن المبيت بالمزدلفة واجب يلزم جميع الحجاج الإتيان به سواء في ذلك الضعفة وغيرهم، غير أنه يجوز للحاج تعجيل الدفع بعد منتصف الليل، ويستوي في ذلك الضعفة وغيرهم، لورود الرخصة في ذلك، كما في حديث عائشة، وأسماء، وابن عباس، وابن عمر – رضي الله عنهم-(61). والذي يترجح لي في ذلك: أن مبيت الحاج بالمزدلفة متصل به الوقوف بها بعد الفجر إلى الإسفار وقُبيل طلوع الشمس، واجب من واجبات الحج، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات بها ووقف في ذلك الوقت، وقد قال: «خذوا عني مناسككم»(62)، وترخيصه للضعفة بالدفع من المزدلفة قبل وقت الدفع، يدل على وجوب هذا المبيت والوقوف؛ لأن الرخصة لا تكون إلا في ترك واجب، وفي ذلك رد على من قال: إن المبيت سنة، كما أن فيه رداً على من قال: إن المبيت والوقوف ركن من أركان الحج، إذا لو كان ركناً لما رخص النبي صلى الله عليه وسلم لأحد في الدفع قبل دفعه صلى الله عليه وسلم، كما لم يأذن في الدفع من عرفة قبل الوقت الذي دفع فيه صلى الله عليه وسلم. فإذا ثبت أن المبيت بالمزدلفة والوقوف بها واجب من واجبات الحج؛ فإن وقت هذا الواجب يبدأ بوصول الحاج إلى المزدلفة بعد الإفاضة من عرفة، وينتهي بعد الإسفار وقُبيل طلوع الشمس، لفعله صلى الله عليه وسلم، وعليه فيجب على الحاج الإتيان بهذا الواجب في وقته الذي وقته صلى الله عليه وسلم بفعله، فمن ترك هذا الواجب، أو انصرف منه قبل انتهاء وقته بالإسفار وقُبيل طلوع الشمس وجب عليه فدية لتركه الواجب أو لعدم إتمامه، ويستثنى من ذلك الضعفة كالنساء ومن في حكمهن كالمريض، والمسن، والطفل، ومن هو تابع لهؤلاء كمحرم المرأة والقائم على شؤونهم كالخادم، والسائق، فيجوز لهم تعجيل الدفع من المزدلفة بعد غياب القمر، ولا شيء عليهم، ومعلوم أن غياب القمر في تلك الليلة يكون مع بداية الثلث الأخير من الليل(63). يدل على الترخيص لهؤلاء في التعجيل تلك الأحاديث الواردة في رخصة التعجيل، التي سبق ذكرها، أما تحديد وقت جواز التعجيل بغياب القمر فيدل عليه حديث أسماء؛ لأنها إنما كررت السؤال عن مغيب القمر لأنه الوقت الذي أذن النبي صلى الله عليه وسلم فيه للضعفة بالدفع من المزدلفة، ولذلك لما أُخبرت بغياب القمر، قالت: ارتحلوا، ويؤيد ذلك ما رواه ابن جريج(64) عن عطاء: «أن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: بعث بي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسحر من جمع في ثقل النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: أبلغك أن ابن عباس قال: بعث بي بليل طويل؟ قال: لا، إلا كذلك»(65). والسائل هو ابن جريج والمجيب هو عطاء، ووقت السحر يكون في الثلث الأخير من الليل، أما من حد جواز التعجيل بنصف الليل فليس له مستند على ذلك، يقول ابن القيم: "والذي دلت عليه السنة إنما هو التعجيل بعد غيبوبة القمر لا نصف الليل، وليس لمن حده بنصف الليل دليل"(66). والله أعلم. المسألة الثالثة: تعجيل رمي جمرة العقبة يوم النحر ثبت في صفة حجه صلى الله عليه وسلم أنه دفع من المزدلفة بعد الإسفار وقبيل طلوع الشمس من يوم النحر متوجهاً إلى منى، فقصد جمرة العقبة فرماها بسبع حصيات، وكان رميه لها بعد طلوع الشمس من ذلك اليوم(67)، وقد أجمع أهل العلم على أن الوقت المستحب لرمي هذه الجمرة هو من لدن طلوع الشمس من يوم النحر حتى الزوال(68). أما تعجيل رميها قبل ذلك فاتفق أهل العلم على عدم جوازه قبل منتصف ليلة يوم النحر. واختلفوا في جوازه فيما بعد منتصف الليل إلى طلوع الشمس على ثلاثة أقوال: القول الأول: لا يجوز تعجيل رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس من يوم النحر. وبه قال مجاهد، والثوري، والنخعي (69)، وهو مذهب الظاهرية(70) . القول الثاني: يجوز رمي جمرة العقبة من بعد طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، أما قبل ذلك فلا يجوز، وبه قال إسحاق، وابن المنذر(71)، وهو مذهب الحنفية(72)، والمالكية(73)، ورواية عن الإمام أحمد(74). القول الثالث: يجوز رمي جمرة العقبة من بعد منتصف ليلة يوم النحر ولا يجوز قبل ذلك. وبه قال عطاء وابن أبي ليلى، وعكرمة بن خالد(75)(76)، وهو مذهب الشافعية(77)، والحنابلة(78). استدل أصحاب القول الأول على عدم جواز الرمي قبل طلوع الشمس بالسنة الفعلية والقولية: فالفعلية: أنه صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس، وقال: «لتأخذوا عني مناسككم»(79). والقولية: ما رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قدّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أُغيلمة بني عبد المطلب حُمُرات فجعل يُلطِخ أفخاذنا ويقول: «أبَني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس»(80). ووجه الدلالة: أن هذا فعله صلى الله عليه وسلم الذي بين لنا به أول وقت رمي هذه الجمرة وأنه من بعد طلوع الشمس، وهذا قوله الذي ينهى فيه عن رميها قبل طلوع الشمس؛ فدل ذلك على عدم جواز تعجيل الرمي قبل طلوع ا لشمس. واستدل أصحاب القول الثاني على جواز الرمي بعد طلوع الفجر بالسنة كذلك وهي: 1 – أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم ضعفة أهله من المزدلفة بليل وقال: «لا ترموا جمرة العقبة حتى تكونوا مصبحين»(81). ووجه الدلالة: أنه نهاهم عن الرمي قبل الصبح(82). وقال أصحاب هذا القول: يمكن الجمع بين قوله: «لا ترموا حتى تكونوا مصبحين». وقوله في الرواية الأخرى: «حتى تطلع الشمس» بأن في الرواية الأولى بياناً لوقت الجواز، وأنه من بعد طلوع الفجر، وقوله في الرواية الثانية بيان لوقت الفضيلة والاستحباب؛ فيجوز بعد طلوع الفجر، والأفضل والمستحب أن يكون بعد طلوع الشمس(83). ويمكن الاعتراض على الاستدلال بهذه الرواية: بأن في إسنادها فضيل بن سليمان النميري(84)، وهو ضعيف عند أهل الحديث(85)، ثم على فرض صحتها فإنما تدل على جواز الرمي بعد الفجر لمن جاز لهم الدفع من المزدلفة بليل، فلا يصح الاستدلال بها على عموم الجواز. 2 – حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: «بعثني النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله وأمرني أن أرمي الجمرة بعد الفجر»(86). ووجه الدلالة: أن الحديث يدل ذلك على جواز رمي جمرة العقبة بعد ا لفجر، وعدم جوازه قبل ذلك. ويمكن الاعتراض على الاستدلال بهذا الحديث: بأنه على فرض صحته، فإنما يدل على جواز الرمي بعد الفجر لمن جاز له الدفع من المزدلفة بليل، فلا يصح الاستدلال به على عموم الجواز. واستدل أصحاب القول الثالث على جواز الرمي من بعد منتصف الليل بالسنة والمعقول: فمن السنة: 1 – حديث أسماء – رضي الله عنها -، والذي يرويه مولاها عبد الله، وفيه قوله: «ومضينا حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها»(87). ووجه الدلالة: أن رميها لجمرة العقبة كان قبل أدائها لصلاة الصبح، فيحتمل أنها رمت قبل طلوع الفجر، ويحتمل أنها رمت بعد ذلك. ويمكن الاعتراض على الاستدلال بهذا الحديث: بأن ما دل عليه من جواز رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس خاص بمن رُخِّص لهم بالدفع من مزدلفة بليل، فلا يصح الاستدلال به على جواز ذلك لغيرهم، يدل على ذلك قول أسماء – رضي الله عنها – في آخر الحديث: «يا بُني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للظُعّن». 2 – ما روته عائشة – رضي الله عنها – قالت: «أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة، قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها»(88). ووجه الدلالة: أن هذا الحديث صريح على جواز رمي جمرة العقبة قبل الفجر. ويمكن الاعتراض على الاستدلال بهذا الحديث: بأنه حديث ضعيف أنكره الإمام أحمد وغيره وهو مضطرب سنداً ومتناً كما بين ذلك ابن التركماني(89) وابن القيم والألباني(90)، وعليه فلا يصح الاستدلال به على جواز رمي جمرة العقبة قبل الفجر لا للنساء والضعفة ولا لغيرهم من باب أولى. ومن المعقول من وجهين: الوجه الأول: أن ما بعد منتصف الليل وقت للدفع من المزدلفة، فكان وقتاً للرمي كما بد طلوع الشمس(91). ويمكن أن يتعرض: بأن جواز الدفع من المزدلفة بعد منتصف الليل مسألة مختلف فيها، وتبين لنا عدم جوازه، وإنما الجائز في ذلك هو دفع الضعفة كالنساء ومن في حكمهن بعد غياب القمر، لا بعد منتصف الليل. الوجه الثاني: أن ما بعد منتصف الليل من توابع النهار المستقبل، فوجب أن يكون حكمه في الرمي حكم النهار المستقبل، وعليه فالرمي بعد منتصف الليل مجزئ كالرمي بعد الفجر. ويمكن أن يعترض: بأن ما بعد منتصف الليل لو كان من توابع النهار المستقبل لأخذ أحكام النهار المستقبل في كل شيء، وللزم على هذا القول أن يكون مبدأ الإمساك في الصيام من بعد منتصف الليل، وذلك لا يقول به أحد. والذي يترجح لي في ذلك: هو أن الضعفة كالنساء وغيرهن ممن جاز لهم تعجيل الدفع من المزدلفة بليل قد رُخِص لهم في تعجيل رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس ما لم يرخص لغيرهم، وبيان ذلك: أن قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس «لا ترموا جمرة العقبة قبل طلوع الشمس»، وفعله صلى الله عليه وسلم للرمي بعد طلوع الشمس، فيه دلالة على أن وقت رمي جمرة العقبة يبدأ من بعد طلوع الشمس من يوم النحر، وأنه لا يجوز تعجيل رميها قبل طلوع الشمس، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ويستثنى من عموم ذلك النهي الضعفة من النساء وغيرهن ممن رُخِّص لهم في تعجيل الدفع من المزدلفة، فيجوز لهم تعجيل رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس لورود الترخيص لهم في ذلك كما في حديث أسماء «أنها رمت جمرة العقبة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، وقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رخص للظعن»، ولما روي عن ابن عمر – رضي الله عنهما - «أنه كان يُقدم ضعفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله عز وجل ما بدا لهم، ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام، وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر – رضي الله عنهما – يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم». أما رمي هؤلاء قبل طلوع الفجر فحديث ابن عباس – رضي الله عنهما -: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه وثقله من صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد، وأن لا يرموا الجمرة مصبحين» يقتضي منعه، وحديث عائشة: «أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر» يقتضي جوازه. أما حديث أسماء «أنها رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها»، فلا دلالة فيه على أن رميها كان قبل طلوع الفجر، لاحتمال أنها رمت بعد الفجر ثم صلت الصبح بعد ذلك في منزلها. فيبقى النظر بين حديث عائشة، وحديث ابن عباس من أجل الجمع بينهما أو ترجيح أحدهما على الآخر. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى الجمع بينهما على افتراض صحتهما فقالوا: " لرمي جمرة العقبة في حق الضعفة من النساء، ومن في حكمهن وقتان، وقت فضيلة، ووقت جواز، فيحمل حديث ابن عباس على وقت الفضيلة، وحديث عائشة على وقت الجواز"(92). المسألة الرابعة: تعجيل رمي الجمار في أيام التشريق سبق وأن أشرنا إلى أن الجمار تُرمى في أربعة أيام: يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة التي تلي يوم النحر، وبينا أن الرمي يوم النحر يختلف عنه في أيام التشريق ففي يوم النحر ترمى جمرة واحدة فقط، وهي جمرة العقبة، ويكون رميها من بعد طلوع الشمس يوم النحر، أما الرمي في أيام التشريق فيكون للجمار الثلاث الأولى (الصغرى)، الثانية (الوسطى)، الثالثة (الكبرى) أو جمرة العقبة. أما وقت الرمي في أيام التشريق فيبدأ بعد زوال الشمس من كل يوم، لما رواه جابر – رضي الله عنه – في حديثه الطويل في صفة حجه صلى الله عليه وسلم وفيه قوله: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي جمرة العقبة ضحى يوم النحر، ورمى بعد ذلك بعد الزوال»(93). ولما روته عائشة – رضي الله عنها – قالت: «أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم دفع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس»(94)، ولما رواه ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: «كنا نتحين إذا زالت الشمس رمينا»(95). أما تعجيل رمي الجمار في أيام التشريق قبل الزوال فاختلف فيه أهل العلم على ثلاثة أقوال: القول الأول: لا يجوز تعجيل رمي شيء من الجمار في أيام التشريق قبل الزوال، ومن عجَّل رمي شيء منها وجب عليه إعادة الرمي بعد الزوال. وهو قول جمهور أهل العلم، فهو مذهب الحنفية(96)، والمالكية(97)، والشافعية(98)، والحنابلة(99). القول الثاني: يجوز تعجيل الرمي قبل الزوال في جميع أيام التشريق فمن حجّل شيئاً من الرمي قبل الزوال أجزأه ذلك، ولا شيء عليه. وهو مروى عن أبي جعفر محمد بن علي(100)(101)، وهو رواية عن أبي حنيفة – رحمه الله-(102). القول الثالث: لا يجوز تعجيل الرمي قبل الزوال في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق، ويجوز التعجيل في اليوم الثالث إن بقي الحاج إلى اليوم الثالث ولم يتعجل في يومين. وهو قول طاووس، وعكرمة، وإسحاق(103)، ورواية عن أبي حنيفة(104). وعن الإمام أحمد(105)، أن من أراد التعجُّل في يومين جاز له تعجيل الرمي قبل الزوال في اليوم الثاني من أيام التشريق(106). استدل أصحاب القول الأول على عدم صحة الرمي قبل الزوال بالأحاديث السابقة عن جابر، وعائشة، وابن عمر – رضي الله عنهم-، والتي تدل على أن وقت الرمي في أيام التشريق يكون بعد الزوال. واستدل أصحاب القول الثاني على جواز تعجيل رمي الجمار في أيام التشريق قبل الزوال: بالقياس على صحة الرمي قبل الزوال في يوم النحر، فقالوا ما قبل الزوال وقت للرمي في يوم النحر، فكذلك يكون وقتاً للرمي في أيام التشريق؛ لأن الكل أيام نحر(107). ويمكن أن يُعترض: بأن وقت الرمي في أيام التشريق منصوص على أول وقته كما في أدلة أصحاب القول الأول، فلا وجه للقياس، وكما أن الرمي في يوم النحر يختلف عن الرمي في أيام التشريق في عدد الجمار التي تُرمى، فهو يختلف عنه في وقت الرمي. واستدل أصحاب القول الثالث على جواز تعجيل الرمي قبل الزوال في ثالث أيام التشريق لمن لم يتعجل في يومين بالأثر والمعقول: فمن الأثر: ما روي عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: "إذا انتفخ النهار من آخر أيام التشريق جاز الرمي"(108). ووجه الدلالة: أن معنى قوله: "إذا انتفخ النهار" أي ارتفع، وارتفاع النهار يكون قبل الزوال، والظاهر أن ابن عباس قال ذلك سماعاً من النبي صلى الله عليه وسلم، فصار اليوم الأخير من أيام التشريق مخصوصاً من حديث جابر، ويُحْمل فعله صلى الله عليه وسلم على الاستحباب(109). ويمكن أن يُعترض على الاستدلال بهذا الأثر: بأنه أثر ضعيف لأن في سنده طلحة بن عمرو المكي(110)، وهو ضعيف، ضعفه البيهقي(111)، وقال عنه ابن حجر: "طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي متروك"(112). ومن المعقول: أن للحاج النفر في اليوم الثاني وترك الرمي في اليوم الثالث، فإذا جاز له ترك الرمي فلأن يجوز له تعجيل الرمي قبل الزوال من باب أولى (113). ويمكن أن يعترض: بأن الدخول في العبادة وإن كانت اختيارية مُلزم للتقيد بأحكامها، فمن بقي في منى لرمي الجمار في اليوم الثالث وجب عليه مراعاة أحكام الشارع في الرمي، فكما أنه لا يجوز له رمي بعض الجمار وترك البعض، فليس له كذلك فعل هذه العبادة قبل وقتها. واستدل من رخص في تعجيل الرمي في اليوم الثاني قبل الزوال لمن أراد التعجل في يومين: بأن المُتعجِّل محتاج إلى أن يرمي قبل الزوال، لأنه ربما يلحقه بعض الحرج من تأخير الرمي إلى ما بعد الزوال، بأن لا يصل إلى مكة إلا ليلاً، فهو محتاج إلى الرمي قبل الزوال ليصل إلى مكة نهاراً؛ ليرى موضع نزوله، فيرخص له لأجل ذلك(114). ويمكن أن يُعترض: بأن هذا الجرح لو كان معتبراً لاعتبره الشارع ورخص في الرمي قبل الزوال، كما اعتبر الحرج الذي يلحق الضعفة، فأجاز لهم تعجيل الدفع من المزدلفة، وتعجيل رمي جمرة العقبة يوم النحر. والذي يترجح لي في ذلك: هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من عدم جواز تعجيل رمي شيء من الجمار في أيام التشريق قبل الزوال، وذلك لما يلي: 1 – استناد هذا القول على الأدلة الصحيحة الصريحة من السنة، كحديث جابر، وحديث عائشة، وحديث ابن عمر – رضي الله عنهم -، والتي سبق ذكرها في أدلة أصحاب هذا القول. 2 – أن القول بالجواز لا مستند له البتة، بل هو مخالف للسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما تمسك به أصحاب هذا القول من الأثر ومن المعقول، فقد سبق أن اعتُرض عليه بما لا يدع مجالاً للتمسك به. 3 – أنه لو كانت هناك رخصة لأحد في الرمي قبل الزوال لرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء والضعفة كما رخص لهم في تعجيل الدفع من المزدلفة ليلاً، وفي تعجيل رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس، فلما لم يُنقل إلينا أنه رخص لأحد في الرمي قبل الزوال، دل ذلك على عدم الجواز. والله أعلم.
______________ (1) ذو الحليفة: ميقات من توجه من جهة المدينة النبوية، وذو الحليفة بضم الحاء وفتح ا للام، قرية على طريق القادم من المدينة إلى مكة تبعد عن المسجد النبوي ثلاثة عشر كيلومتراً، وتبعد عن مكة ثمانية وعشرين وأربع مئة كيلومتراً. معجم البلدان لياقوت الحموي 2/339، تيسير العلام للبسام 2/79. (2) الجحفة: ميقات من توجه من جهة الشام ومصر والمغرب، والجحفة بضم الجيم وسكون الحاء، كانت قريةً كبيرة، وهي الآن خراب، ويحرم الناس من رابغ، وهي مدينة بقرب الجحفة تبعد عن مكة ستة وثمانين كيلو متراً. انظر معجم البلدان 2/129، تيسير العلام 2/79. (3) يلملم: ميقات من توجه من اليمن، ويلملم بفتح الياء، ويقال ألملم موضع على الطريق الساحلي يبعد عن مكة اثنين وتسعين كيلومتراً. معجم البلدان 5/504، تيسير العلام 2/80. (4) قرن المنازل: ميقات من توجه من نجد، وقرن ا لمنازل بفتح القاف وسكون الراء، ويسمى قرن الثعالب، وهذا الميقات اشتهر اسمه الآن بالسيل الكبير، ويبعد عن مكة بمقدار ثمانية وسبعين كيلومتراً. معجم البلدان 4/377-378، تيسير العلام 2/81، 82. (5) ذات عرق: ميقات من توجه من العراق وخرا سان، وذات عرق بكسر العين وسكون الراء موضع يبعد عن مكة مئة كيلومتراً. انظر معجم البلدان 4/121، تيسير العلام 2/82. (6) الإجماع ص29. (7) المغني 5/65. (8) المحلى 7/69، 70. (9) هو: أبو عامر محمد بن سعدون بن مرجي بن سعدون القرشي العبدري الظاهري، كان من بحور العلم قال السلفي: هو من أعيان علماء الإسلام بمدينة السلام، متصرف في فنون من العلم أدباً ونحواً، ومعرفة بالأنساب، كان داو ودي المذهب قرشي النسب. توفي سنة 524هـ. انظر سير أعلام النبلاء 19/579-583، تذكرة الحفاظ 4/1272-1275، شذرات الذهب 6/116. (10) هو: أبو سليمان داود بن علي بن خلف، إمام أهل الظاهر، إمام حافظ مجتهد، كان متعصباً لمذهب الشافعي ثم صار ظاهرياً. من مؤلفاته: الكافي في مقالة المطلبي، وإبطال القياس، والمعرفة. توفي سنة 270هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 13/97-108، طبقات المفسرين للداوودي 1/171-174، الفتح المبين 1/165-169. (11) المجموع 7/200. (12) هو: عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي الكعبي. أسلم عام خيبر، وغزا مع الرسول صلى الله عليه وسلم الغزوات، بعثه عمر بن الخطاب إلى البصرة ليفقه أهلها، وكان من فضلاء الصحابة وفقهائهم. توفي بالبصرة سنة 52هـ. انظر: الاستيعاب 3/284، 285، أسد الغابة 4/269-270، الإصابة 4/584-586. (13) مصنف ابن أبي شيبة 4/193-195، مختصر اختلاف العلماء 2/62، السنن الكبرى 5/31. (14) الاستذكار 11/80. (15) هو: عبد الله بن عامر بن كُرَيْز بن ربيعة القرشي ابن خال عثمان بن عفان، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان جواداً شجاعاً حليماً، كثير المناقب، استعمله عثمان على البصرة سنة 29، وولاه أيضاً بلاد فارس، فافتتح خرسان كلها، وأطراف فارس، وسجستان وكرمان، وفي ولايته قتل كسرى، فأحرم ابن عامر من خرسان بعمرة وحجة شكراً لله – عز وجل – على ما فتح عليه، توفي بالمدينة سنة 57هـ وقيل: 58هـ. انظر: الاستيعاب 3/64-66، أسد الغابة 3/289-290، تهذيب التهذيب 5/242، 243. (16) المحلى 7/87. (17) مصنف ابن أبي شيبة 4/196، صحيح البخاري، كتاب الحج، باب قوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) 1/481، الاستذكار 11/80. (18) المغني 5/66، المجموع 6/202. (19) المعونة 1/515، الاستذكار 11/80، الفواكه الدواني 1/363، مواهب الجليل 3/18. (20) المحرر 1/234، الكافي لابن قدامة 1/233، المبدع 3/112، الإنصاف 3/430. (21) فتح العزيز 7/93، المجموع 7/200. (22) مختصر اختلاف العلماء 2/60، بدائع الصنائع 2/164، تبيين الحقائق 2/7. (23) المعونة 1/515، فتح العزيز 7/93، المغني 5/67. (24) رواه البيهقي في سننه وقال: إسناده ضعيف، واصل ابن السائب منكر الحديث. السنن الكبرى 5/30-31، وضعفه الألباني كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/249. (25) مصنف ابن أبي شيبة 4/196. (26) المصدر السابق. (27) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب قوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) 1/481. (28) المغني 5/67. (29) هو: عبد الله بن عبد الرحمن بن يحنس. قال ابن حجر: حجازي روى عن دينار بن عبد الله القراظ، ويحيى بن أبي سفيان الأخنسي. وعنه ابن جريج الدار وردي، وابن أبي فديك، وذكره ابن حبان في الثقات، روى له مسلم حديثاً واحداً في فضل المدينة، وأبو داود آخر في فضل الإحرام من بيت المقدس، كذا قال عن أحمد بن صالح عن ابن أبي فديك عبد الله بن عبد الرحمن بن يحنس، ورواه البخاري في تاريخه عن أبي يعلى محمد بن الصلت عن ابن أبي فديك عن محمد بن عبد الرحمن بن يحنس، أورده في ترجمة محمد، وقال لا يتابع على حديثه. انظر: تهذيب التهذيب 5/263، 264، الثقات 7/44. (30) رواه أبو داود في سننه، كتاب المناسك، باب المواقيت 2/355-356، حديث رقم 1741، والإمام أحمد في مسنده 7/424، حديث رقم 26017، والبيهقي في سننه 5/30. (31) سنن ابن ماجة، كتاب المناسك، باب من أهل بعمرة من بيت المقدس 2/999، حديث رقم 3001. (32) التلخيص الحبير 2/230. (33) هو: عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة المنذري، المحدث، الحافظ، مشارك في الفقه، والقراءات، واللغة والتاريخ. من مؤلفاته: الترغيب والترهيب، ومختصر صحيح مسلم، ومختصر سنن أبي داود. توفي سنة 656. انظر: سير أعلام النبلاء 23/319-324، طبقات الشافعية الكبرى 8/259-277، شذرات الذهب 7/479، 480. (34) مختصر سنن أبي داود 2/285. (35) تهذيب السنن 2/284. والحديث ضعّفه الألباني كما في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة 1/378، حديث رقم 211. (36) المغني 5/68. (37) انظر جامع البيان 2/207، الدر المنثور للسيوطي 1/376، ورواه البيهقي عن علي رضي الله عنه – كما في السنن الكبرى 5/30. ورواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي كما في المستدرك 2/303، حديث رقم 3090. (38) المغني 5/68. (39) الهداية 1/147. (40) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب ميقات أهل المدينة، ولا يهلون قبل ذي الحليفة 1/476، حديث رقم 1541، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحليفة 3/843، حديث رقم 1186. (41) بداية المجتهد 1/405، المجموع 8/134، هداية السالك لابن جماعة 3/1047. (42) أخرجه مسلم في صحيحه. (43) رواه الترمذي في سننه، وقال حديث حسن صحيح، كتاب الحج، باب ما جاء في الإفاضة من جمع قبل طلوع الشمس 3/222، حديث رقم 896. (44) أي قبل أن يزدحموا ويحطم بعضهم بعضاً. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 1/403 (45) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب من قدَّم ضعفه أهله بليل 1/514، حديث رقم 1681، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن... 2/939، حديث رقم 1290. (46) هو: أبو عمر عبد الله بن كيسان التيمي، مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنهما – روى عن عائشة، وابن عمر. قال أبو داود: ثبت. وقال الحاكم: من أجلة التابعين. وذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر: ثقة من الثالثة. انظر: الثقات 5/35، تهذيب التهذيب 5/328، 329، تقريب التهذيب ص 319، ترجمة رقم 3557. (47) يا هنتاه: أي يا هذه. وهو بفتح الهاء وإسكان النون وفتحها، وإسكانها أشهر، وتضم الهاء الآخرة وتسكن. النهاية في غريب الحديث 5/279، 280، شرح النووي لصحيح مسلم 9/57. (48) "الظُعْن" بضم الظاء والعين، وبإسكان العين كذلك: النساء، والواحدة ظعينة، وأصل الظعينة الهودك الذي تكون فيه المرأة على البعير، فسُمّيت المرأة به مجازاً، واشتهر هذا المجاز في تغلب وخفيت الحقيقة. انظر شرح النووي لصحيح مسلم 9/57-58. (49) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن...، 2/940، حديث رقم 1291. (50) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل 1/513، حديث رقم 1678، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من المزدلفة...، 2/941، حديث رقم 1293. (51) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل 1/513، حديث رقم 1676، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب تقديم الضعفة من النساء وغيرهن من المزدلفة...، 2/941، حديث رقم 1295. (52) التفريع 1/342، الاستذكار 13/37، الذخيرة 3/263. (53) المهذب 1/303، روضة الطالبين 2/379، المجموع 8/134. (54) المبدع 3/236، الإنصاف 4/32. (55) الاستذكار 13/37. (56) المهذب 1/303، المبدع 3/237. (57) المبسوط 4/63، بدائع الصنائع 2/136، تبيين الحقائق 2/29، حاشية رد المحتار 3/529. (58) المصادر السابقة. (59) الأم 2/329، الحاوي 4/177، المهذب 2/303، المجموع 8/134. (60) المحرر 1/244، المغني 5/285، الإنصاف 4/32، كشاف القناع 2/496. (61) الأم 2/329، الحاوي 4/177، المهذب 2/303، المجموع 8/134، المحرر 1/244، المغني 5/285، الإنصاف 4/32، كشاف القناع 2/496. (62) أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه . (63) فتح الباري 3/581. (64) هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أحد فقهاء الحجاز وقرائهم، وأحد المحدّثين الحفاظ الثقات، أول من دون العلم بمكة. توفي سنة 150هـ. انظر: تاريخ بغداد 10/400، سير أعلام النبلاء 6/325-336، تهذيب التهذيب 6/352-355. (65) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب تقديم الضعفة من النساء وغيرهن من المزدلفة إلى منى أواخر الليالي قبل زحمة الناس 2/941، حديث رقم 1294. (66) زاد المعاد 3/252. (67) ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها حديث جابر – رضي الله عنه – في صفة حجه صلى الله عليه وسلم وقد سبق تخريجه ص 249. (68) الاستذكار 13/59، الحاوي 4/184، بداية المجتهد 1/407، نيل الأوطار 5/79. (69) مختصر اختلاف العلماء 2/154، بدائع الصنائع 2/137، المغني 5/295. (70) المحلى 7/135. (71) الإقناع لابن المنذر 1/222، المغني 5/295. (72) المبسوط 4/21، بدائع الصنائع 2/137، حاشية رد المحتار 3/534. (73) التفريع 1/343، البيان والتحصيل 4/51، بداية المجتهد 1/407. (74) المبدع 3/241، الإنصاف 4/37. (75) هو: عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي، تابعي ثقة وثقه البخاري، وابن معين، وأبو زرعة، والنسائي، وابن حبان. انظر: الطبقات الكبرى 6/26، الثقات لابن حبان 5/321، تهذيب التهذيب 7/223، 224. (76) المغني 5/295، المجموع 8/180. (77) الأم 2/330، المجموع 8/180، مغني المحتاج 1/504. (78) المغني 5/295، المبدع 3/241، الإنصاف 4/37، كشاف القناع 2/50. (79) رميه صلى الله عليه وسلم لجمرة العقبة بعد طلوع الشمس ثابت من عدة أحاديث منها حديث جابر – رضي الله عنه – في صفة حجه صلى الله عليه وسلم لجمرة العقبة، وقد سبق تخريجه. أما قوله صلى الله عليه وسلم: «لتأخذوا عني مناسككم» فسبق تخريجه. (80) رواه أبو داود في سننه بهذا اللفظ، كتاب المناسك، باب التعجيل من جمع 2/480، حديث رقم 1940، رواه الترمذي في سننه، كتاب المناسب، باب تقديم الضعفة من جمع بليل 3/240، حديث رقم 893 وقال: حديث حسن صحيح. ورواه النسائي في سننه، كتاب الحج، باب النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع ا لشمس 5/270، حديث رقم 3064، ورواه ابن ماجة في سننه، كتاب الحج، باب من تقدم من جمع إلى منى لرمي الجمار 2/1007، حديث رقم 3025. والحديث حسنه ابن حجر كما في الفتح 3/617، وصححه الألباني كما في الإرواء 4/276. (81) الحديث استدل به الأحناف بهذا اللفظ كم في بدائع الصنائع 1/137، وإنما رواه البيهقي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه وثقله من صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد، وأن لا يرموا الجمرة إلا مصبحين، السنن الكبرى 5/132. (82) بدائع الصنائع 2/137. (83) بدائع الصنائع 2/137، المبسوط 4/21. (84) هو: فضيل بن سليمان النميري البصري. قال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال ابن معين: ليس بثقة. وقال أبو زرعة: ليِّن. ذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر: صدوق له خطأ كثير. توفي سنة 185هـ وقيل 186هـ. انظر: الثقات 7/316، ميزان الاعتدال 5/438، 439، تهذيب التهذيب 8/254، تقريب التهذيب ص 447، ترجمة رقم 5427. (85) انظر الكاشف 2/124، ترجمة رقم 4484. (86) ذكره ابن عبد البر في الاستذكار 13/62، فقال: ومن حديث ابن أبي ذئب، قال حدثني سعيد، عن ابن عباس، قال: «بعثني النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله، وأمرني أن أرمي الجمرة مع الفجر»، وبعد النظر في سند هذا الحديث، تبين لي أن قول ابن أبي ذئب: «حدثني سعيد» مُصحَّف، والصحيح «حدثني شعبة»، فإن هذا الحديث قد رواه ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس، والحديث بهذا اللفظ لم أجده في شيء مما اطلعت عليه من كتب السنة، وإنما رواه الإمام أحمد بلفظ قريب من هذا ونصه: عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر فرموا الجمرة مع الفجر». المسند 1/686، حديث رقم 2938. (87) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن...، 2/940، حديث رقم 1291. (88) رواه أبو داود في سننه كتاب المناسك، باب التعجيل من جمع 2/481، حديث رقم 1942، ورواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي. المستدرك 5/133، وقال الزيلعي: "رواه البيهقي في سننه، وقال صحيح لا غبار عليه". نصب الراية 3/73. وهو كذلك في سنن البيهقي 5/133، ولكن ليس فيه قوله: "صحيح لا غبار عليه". (89) هو: علي بن عثمان بن إبراهيم المارديني علاء الدين الشهير بابن التركماني، أحد الأئمة الأعلام، برع في الحديث، والتفسير، والفقه، والتاريخ. له مصنفات كثيرة منها: بهجة الأعاريب بما في القرآن من الغريب، والمنتخب في الحديث، والجوهر النقي في التعليق على سنن البيهقي. توفي سنة 750. انظر: الجواهر المضيئة 2/581، تاج التراجم ص 211، الفوائد البهية ص123. (90) الجوهر النقي 5/132، زاد المعاد 2/249، إرواء الغليل 4/277-279. (91) المغني 5/295. (92) أضواء البيان 5/29، 280. (93) أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه. (94) رواه أبو داود في سننه، كتاب المناسك، باب رمي الجمار 2/497، حديث رقم 1973، ورواه البيهقي في سننه 5/37، ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، المستدرك 1/651، حديث رقم 1756. وقال الألباني: "صحيح إلا قول (حين صلى الظهر) فهو منكر". صحيح سنن أبي داود 1/371، حديث رقم 17306. (95) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب رمي الجمار 1/530، حديث رقم 1746. (96) المبسوط 4/68، بدائع الصنائع 2/173، حاشية رد المحتار 3/543. (97) التفريع 1/344، 345، المعونة 1/586، الاستذكار 13/214، الكافي ص146. (98) الإقناع لابن المنذر 1/222، الحاوي 4/194، المجموع 8/239، مغني المحتاج 1/506. (99) المغني 5/328، الإنصاف 4/45، كشاف القناع 2/508. (100) هو: أبو جعفر محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب ولد زين العابدين بن علي، كان إماماً مجتهداً، عدّه النسائي وغيره في فقهاء التابعين بالمدينة، ويقول الذهبي: كان أحد من جمع بين العلم والعمل السؤدد والشرف والثقة والرزانة، وكان أهلاً للخلافة، وأحد الأئمة الاثني عشر الذين تبجلهم الشيعة الإمامية، وتقول بعظمتهم، وبمعرفتهم بجميع الدين. توفي سنة 114هـ، وقيل بعد ذلك. انظر: سير أعلام النبلاء 4/401-409، تهذيب التهذيب 9/303، 304، طبقات المفسرين للداوودي 2/200، 201. (101) بداية المجتهد 1/406، الاستذكار 13/214. (102) بدائع الصنائع 2/137، تبيين الحقائق 2/34. (103) المغني 5/328. (104) مختصر اختلاف العلماء 2/156، فتح القدير 497. (105) الفروع 3/518، الإنصاف 4/45. (106) المبسوط 4/68، بدائع الصنائع 2/137، الإنصاف 4/25. (107) بدائع الصنائع 2/137، 138. (108) رواه البيهقي في السنن الكبرى 5/152. (109) بدائع الصنائع 2/138، فتح القدير 2/499. (110) هو: طلحة بن عمرو الحضرمي المكي صاحب عطاء، ضعفه ابن معين وغيره، وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث، وقال البخاري، وابن المديني: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: ضعيف. توفي سنة 152هـ. انظر: ميزان الاعتدال 3/466-468، تهذيب التهذيب 5/22، 23. (111) السنن الكبرى 5/152. (112) تقريب التهذيب ص283، ترجمة رقم 3030. (113) المبسوط 4/68، بدائع الصنائع 2/138. (114) المبسوط 4/68.