الأعين الساهرة في البقاع الطاهرة

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان | المصدر : saaid.net

بسم الله الرحمن الرحيم


لقد أكرم الله هذه البلاد المباركة بخدمة الحرمين الشريفين، وخدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزائرين، وهي والله نعمة كبرى، ولكنها مسؤولية عظمى، سنسأل عن شكرها والقيام بحقها، ويطيب لي أن أوجه هذه الرسائل المختصرة إلى المرابطين في تلك المشاعر المقدسة، والعاملين في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وحفظ أمنهم، وحماية مصالحهم، وتوفير الراحة لهم، وأخص منهم رجال الأمن، والدفاع المدني، والهلال الأحمر السعودي، والكشافة، والعاملين في الحقل الطبي، والمراقبين المكلفين برعاية مصالح الحجاج على اختلاف جهاتهم:

الرسالة الأولى: أهمية استشعار حرمة المكان والزمان والحال:
أيها المرابطون الفضلاء: لقد جمع الله لكم في هذا المكان المبارك والموسم العظيم بين ثلاث فضائل لا تجتمع لأحد غيركم إلا من كان معكم، فأنتم في خير بقاع الأرض، في مكة المكرمة والمدينة المنورة، الذين تشد لهما الرحال، وهما خير بقاع الأرض، وهما مهبط الوحي، ومهد النبوة، ومنطلق الرسالة، وإليهما يأرز الإسلام إلى قيام الساعة، وهما محط أنظار المسلمين ومهوى أفئدتهم، ومكة هي قبلتهم أحياء وأمواتاً، وفيهما تضاعف الحسنات وترفع الدرجات، وتكفر السيئات، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه" رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني، وأصله في الصحيحين. ولعظم حرمة مكة جعل الله تعالى فيها بيته العتيق، الذي هو أول بيت وضع للناس في الأرض، كما قال ربنا سبحانه: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين. فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً}، فكل من دخل الحرم المكي كان آمناً، لأنه في جوار الله تعالى، ولو كان طيراً أو حيواناً أو شجراً، فلا ينفر صيده، ولا يعضد شجره، ولا يختلى خلاه ـ أي لا يحش حشيشه ـ، ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن أراد فيه ظلماً أو عدواناً فإنه متوعد بالعذاب الأليم، بمجرد إرادته لذلك وإن لم يفعل، كما قال ربنا عز وجل: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} وصح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "لو أنَّ رجلاً همّ فيه بإلحاد وهو بِعَدَن أَبيَن لأذاقه الله عز وجل عذابا أليما" أخرجه أحمد وابن أبي شيبة والحاكم.
وكما من الله عليكم بأن جعلكم في أفضل البقاع، فقد أكرمكم بأفضل الأزمان، فأنتم في عشر ذي الحجة، التي أقسم الله بها تعظيماً لشأنها، وتنبيهاً على فضلها، فقال: {والفجر وليال عشر والشفع والوتر} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني الأيام العشر- قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري. فالعمل الصالح في هذه الأيام المباركة ـ ومنه ما تقومون به من خدمة لضيوف الرحمن ـ أحب إلى الله، وأحظى لديه من العمل فيما سواها من أيام العام، بل إن العمل الصالح فيها وإن كان مفضولاً في الأصل أعظم أجراً من العمل الصالح في غيرها من الأيام وإن كان فاضلاً، ولا أدل على ذلك من كون العمل الصالح فيها أعظم أجراً وأحب إلى الله من الجهاد في سبيل الله، الذي هو ذروة سنام الإسلام، وهو من أفضل الأعمال، فالعمل في هذه العشر أفضل من أنواع الجهاد كلها إلا النوع الذي استثناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء".
وبالإضافة لفضيلة المكان والزمان فقد من الله عليكم بفضيلة الحال، وهي الاشتغال بخدمة حجاج بيت الله الحرام، والسهر على راحتهم وحمايتهم، فأنتم شركاؤهم في الأجر، وأعوانهم على الخير والبر، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. وإذا كان الدال على الخير كفاعله، فكيف بالمعين عليه، المسهل لأسبابه. فهنيئاً لكم هذه الخيرات والبركات، ومبارك عليكم هذه الفضائل والحسنات، إن أنتم صدقتم مع الله، وأريتموه من أنفسكم خيراً، وأديتم الواجب وأحسنتم العمل.
طوبى لكم وأنتم تسهرون لخدمة ضيوف الرحمن, وطوبى لكم وأنتم تتعبون لرعايتهم والعناية بهم، وطوبى لكم وأنتم تحمونهم من المخاطر وتدفعون عنهم الأضرار, طوبى لكم وأنتم تسعفون مريضاً، وتحملون عاجزاً، وترشدون ضالاً، وتعلمون جاهلاً، وتنبهون غافلاً، وتعينون محتاجاً، تتعبون لأجل إسعادهم، وتسهرون من أجل راحتهم، وإني لأرجو الله تعالى أن تشملكم هذه البشرى التي بشرنا بها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، حيث يقول: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله" أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
وإن خدمتكم هذه إن أحسنتم النية، واحتسبتم الأجر، وأتقنتم العمل، أعظم أجراً، وأحب إلى الله، وأزكى لديه من قيام الليل وصيام النهار وقراءة القرآن، لأن هذه الشعائر التعبدية يقتصر نفعها عليكم، بخلاف خدمتكم لضيوف الرحمن فإن نفعها ليس قاصراً عليكم بل يتعدى إلى غيركم، فهي فرصة لمضاعفة الحسنات، والمسابقة إلى الخيرات، وبخاصة في هذا المكان المعظم، والزمان المفضل: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون}.

الرسالة الثانية: لا تتخلوا عن مكانتكم:
ها هي قوافل الحجيج تتوافد على مكة في كل عام، وكم تركت خلفها من أناس يتحرقون شوقاً إلى بيت الله العتيق، ولكن حالت بينهم وبينه الحوائل، فأما الوافدون فلا يمكن لأحد أن يصف فرحتهم وقد تحقق حلمهم، ولربما كانوا ينتظرون هذه الفرصة ويعدون لها من سنوات كثيرة، ولأجلها حرموا أنفسهم وأهليهم الكثير حتى يصلوا إلى البيت العتيق، ويتمكنوا من أداء هذه الركن العظيم، فما إن وطئت أقدامهم هذه الأرض حتى ترى دموعهم قد سالت على وجناتهم، وقلوبهم تكاد تطير فرحاً، غير مصدقين أنهم في أفضل البقاع، وخير الأماكن على الإطلاق، وهم إنما ينظرون لكم أيها العاملون على خدمتهم بأنكم أحفاد الصحابة والتابعين، وأهل الحرم وحراسه، وأنتم محل القدوة لهم، فمكانتكم في نفوسهم عالية، ومنزلتكم في قلوبهم جليلة، وظنهم فيكم كبير، وتقديرهم لكم كثير، ويتوقعون منكم الفرح الشديد بقدومهم، وينتظرون منكم الترحيب بهم والخدمة لهم، وهم لا يكادون يتصورون أن يقع منكم إساءة إليهم، أو جناية عليهم، أو سوء خلق في التعامل معهم!! ومع اختلاف اللغات واللهجات، وتنوع الثقافات والعادات، وكثرة التعب والجهد، وقلة ذات اليد، وضعف العلم والوعي، فقد يصدر من بعضهم تصرفات غير لائقة، أو ممارسات غير مستحسنة، أو جهل فاضح، أو تجاوز للتنظيمات، فينبغي التماس العذر لهم، وإحسان الظن بهم، وأن نوطن أنفسنا على تحمل جهلهم وأخطائهم، وأن نحرص على التخلق بأخلاق الصالحين: من الصبر والحلم، والرفق واللين، والله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر}، فإذا كانت الفظاظة وغلظ القلب تؤدي إلى انفضاض الناس عن أفضل الخلق وأكملهم، وأعظمهم منة عليهم، فكيف بمن سواه وهم دونه بمراحل كثيرة، وليس لهم من مقومات القبول ووجوب السمع والطاعة ما جعله الله لرسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، ويبين صلى الله عليه وسلم أهمية الرفق وأنه مفتاح لكل خير، ومن حرمه فقد حرم الخير كله، فيقول: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" ويقول: "من يحرم الرفق يحرم الخير كله" رواهما مسلم وغيره، وروى البخاري ومسلم عنه أنه قال: "إن الله يحب الرفق في الأمر كله"، وفي رواية لمسلم: "إن الله رفيق يُحب الرفق، ويُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف، وما لا يُعطي على ما سواه"، وإنما تظهر الحاجة للأخلاق في مثل تلك المواقف والأحوال، أما في حال الرخاء فالكل يقدر على أن يكون حليماً رفيقاً، ولو تصنعاً وتكلفاً، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: "تقوى الله وحسن الخلق"، أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
ومما يدلك على عظم مكانة حسن الخلق، وأنه من أجل العبادات وأعظم القربات، وأحب الأعمال إلى الله قوله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم"، وفي رواية لأحمد "درجة الصوام القوام"حديث صحيح روا أحمد وأبو داود والحاكم.
فالخلق الحسن، إذا صاحبته النية الصالحة يبلغ بصاحبه من الأجر ورفعة المنزلة درجة الصائم الذي لا يفطر، والقائم الذي لا يفتر، فكيف إذا وقع هذا العمل المبارك في أفضل البقاع وأفضل الأزمان، فإن لصاحبه من الأجور والخيرات ما لا يحصيه إلا الله، فياله من فضل كبير، وعطاء وفير، ينال بعمل يسير. والموفق من وفقه الله، والمحروم من حرمه الله.
وبين صلى الله عليه وسلم أن أثقل ما يوضع في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن الخلق، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله يبغض الفاحش البذيء" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
فالله الله بحسن الخلق، والهشاشة والبشاشة، والصبر والحلم، والإحسان والعفو، والرفق واللين، فإنك إن فعلت هذا محتسباً شملتك دعوة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم، فارفق به" رواه مسلم.

الرسالة الثالثة: الأجر على قدر المشقة:
إن طبيعة عمل رجال الأمن يكتنفها الكثير من المخاطر، ومع كثرة الحجاج وتزاحمهم، واختلاف لغاتهم وثقافاتهم وأمزجتهم وعاداتهم صار الحج مرشحاً لكثير من الحوادث والأخطار التي تعرض الحجاج والمشتغلين بخدمتهم لهذه الحوادث والأخطار – أسأل الله السلامة للجميع – فتذكر أخي الحبيب أن الأجر على قدر المشقة، وأن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً، والرسول عليه الصلاة والسلام لما عد الشهداء ذكر منهم الحريق والغريق ومن يموت بالهدم، فقال عليه الصلاة والسلام: "الغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد"، أخرجه أبو داود وصححه الألباني.

الرسالة الرابعة: لتكن أحرص الناس على الخير:
لقد كانت قريش في جاهليتها، وبالرغم من كفرها تحتفي بالحجاج حفاوة كبيرة، وتفتخر بخدمتهم وإكرامهم، وإطعامهم وسقيهم، والدفاع عنهم وحفظ أمنهم، وأنت ترى أيها الأخ المبارك أن الدول كلها تسعى وتجهد لخدمة السياح والزوار، وتوفير الراحة لهم، وهم يفعلون ذلك لأجل الدنيا والسمعة الحسنة، ومع أناس لم يأتوا لعبادة وأداء نسك وإنما جاءوا لمجرد السياحة والمتعة، فكيف بمن يريد ما عند الله في الآخرة، فلا يكن أولئك أحسن حالاً منك، وأنت تستقبل وفود الرحمن، الذين تجشموا الصعاب، وتحملوا المشاق، وجاءوا من كل فج عميق، طاعة لله وامتثالاً لأمره، فهنيئاً لك أن كنت ممن خصهم الله بخدمة ضيوفه، ورعاية حجاج بيته الحرام، فتذكر هذه النعمة، وقدر هذه المسؤولية والأمانة، وسابق إلى الخيرات، وإن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل، وإذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة، ولمثل هذا فليعمل العاملون، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولئن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا في مسجد المدينة، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضىً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له، ثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل" رواه الطبراني وابن أبي الدنيا وحسنه الألباني.
فأحب الناس إلى الله أنفعهم لعباده، إما بعلمه، أو جاهه، أو ماله، أو بدنه وخدمته، أو نصرته ومواساته، أو دعائه ومشاعره، أونصحه وإخلاصه، أو عطفه ورحمته.
وأحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على المسلم، أو كشف كربته، أو قضاء دينه، أو إشباع جوعته. وسعيك في قضاء حاجة أخيك، ولو لم تستغرق منك سوى دقائق معدودات، وسواء قضيت على يديك أم لا، المهم أنك بذلت جهدك، هذا السعي منك أفضل من اعتكافك شهرًا كاملاً في المسجد النبوي، الذي تشد إليه الرحال، وتضاعف فيه الصلاة بألف صلاة. وإذا قضيت حاجته وأثبتها له، ثبت الله قدمك يوم تزل الأقدام. وإذا كففت غضبك ستر الله عورتك، وإذا كظمت غيظك مع قدرتك على إمضائه، ملأ الله قلبك رضى يوم القيامة. فيا سبحان الله! كل هذه الفضائل في حسن الخلق، ومع ذلك يحرمه كثير من الخلق، إما جهلاً بفضله، وإما تهاونًا بشأنه، واشتغالاً بالذي هو أدنى عن الذي هو خير، وإنه والله لا يحرم هذا الخير إلا محروم، ولا يتهاون به إلا خاسر مغبون.
وعن جابر بن سمرة قال كنت في مجلس فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأبي: سمرة، جالس أمامي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء وإن أحسن الناس إسلامًا أحسنهم خلقًا" رواه أحمد والطبراني وحسنه ابن حجر والألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه. فأحب الناس إلى الله، وأكمل المؤمنين إيمانًا، وأحسنهم إسلامًا، ليس أكثرهم صلاة وصيامًا وحجًا وذكرًا، بل هو أحسنهم خلقًا، وأكثرهم إحسانًا وبرًا.
وهذا ليس غضًا من شأن نوافل العبادات من صلاة وصيام وحج وذكر، ولكن هذه الأعمال الصالحة إذا كانت بالمحل الذي لا يخفى من الدين، وهي من أحب الأعمال إلى رب العالمين، فإن حسن الخلق إذا صاحبته النية الصالحة، أعظم منها أجرًا، وأزكى عملاً، وأحب إلى الله.
ثم إن من حسن الخلق ما هو واجب محتم يأثم تاركه، وذلك كالعدل، وكف الأذى، وأداء الحقوق الواجبة، وهذه النوافل مستحبة مرغب فيها، والفرض أهم من النفل، وأعظم في الأجر، ولأهميته وعظيم أثره جعله الله فرضًا.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا لاغتنام فضيلة الزمان والمكان والحال، وأن يجعلنا من السابقين المقربين، ويستعملنا في طاعته وخدمة دينه ونفع عباده، وأن يجعل أعمالنا كلها صالحة، ولوجهه خالصة، وأن يوفق حجاج بيته الحرام لإتمام حجهم على أكمل وجه وأحسنه، وأن يسبغ عليهم نعمة الأمن والعافية، ويردهم إلى أهليهم سالمين غانمين، ويجزي كل من أعانهم وأسهم في خدمتهم خير ما يجزي به عباده الصالحين، والحمد لله رب العالمين.