أخي الحاج:
من المناسب أن نلفت نظرك إلى الأمراض الأكثر انتشاراً في موسم الحج، والتي قد تواجهها - لا قدَّر الله -، ثم كيفية التعامل معها، والانتباه من أسبابها، مع العلم أن هذه الأمراض يجمعها عامل مشترك ألا وهو شدة الازدحام:
1- الإنهاك الحراري: ويحدث نتيجة نقص الماء والملح في الجسم، أو نقص أحدهما نتيجة للإجهاد الشديد، ويصاحبه عادة إحساس بالإرهاق، والعطش، والغثيان، وارتفاع في درجة الحرارة، وتشنج في عضلات البطن والرجل، وعلاجه يكون بإعطاء محلول ملحي على فترات، مع تدليك العضلة المتشنجة برفق، ونقل المصاب إلى مكان مظلل، وتبريد جسمه برشه بالماء.
2- ضربات الشمس: وأكثر الحجاج إصابة بها هم سكان المناطق الباردة، وكبار السن، ومرضى السكري، والفشل الكلوي، والإسهال، وأعراضها: إغماء، وتشنجات نتيجة ارتفاع درجة حرارة الجسم، وعلاجها يكون بالمحافظة على تنفس المصاب؛ لأنه عادة يكون فاقداً للوعي، مع عدم إعطائه أي سوائل عن طريق الفم لمنع وصولها إلى الرئتين، وينبغي نقله إلى أقرب مركز لعلاج ضربات الشمس.
3- الحروق الجلدية الشمسية: وتحدث نتيجة تعرض الجلد لأشعة الشمس المباشرة لفترة طويلة، وتبدأ بالاحمرار، يتلوها ظهور فقاقيع مائية، يصاحبها ألم شديد، وعلاجها يتم بنقل المصاب إلى مكان مظلل، مع استخدام المكمدات الباردة، ووضع مرهم للحروق مثل: سلفات الفضة، وتغطيتها بشاش طبي معقم جاف.
4- النزلات المعوية: تحدث نتيجة تناول الأطعمة الملوثة عن طريق الفم، وعدم نظافة الأطعمة، وأعراضها: حدوث قيء، أو إسهال، أو قيء وإسهال معاً مصحوبة بالألم في البطن، أما علاجها فهو: الإكثار من شرب السوائل والعصائر، واستخدام محلول معالجة الجفاف بإذابته في ماء معقم وشربه، وفى حالة استمرار الإسهال وشدته يمكن تناول كبسولتين من عقار "الإيموديوم"، وهو كفيل بمنع الإسهال في الحال إن شاء الله، إضافة إلى ذلك يجب غسل اليدين بالماء والصابون بعد استعمال الحمام لمنع انتقال العدوى، ومراجعة المركز الصحي عند استمرار الإسهال لأكثر من 24 ساعة، أو عند حدوث إسهال مصاحب بمخاط أو دم عند حدوث حمى.
5- حالات الإغماء وخاصة عند مرضى السكري: إذ يحدث أحياناً أن يصاب الحاج بالإغماء، وخاصة إذا كان مريضاً بالسكري، ويجب هنا التفريق بين الإغماء نتيجة لزيادة نسبة السكر في الدم، والإغماء نتيجة للنقص الشديد في مستوى السكر، ففي الحالة الثانية يعاني المريض من تشنجات، ورعشات بالجسم تكون واضحة مصحوبة بعرق غزير، ويمكن هنا ترطيب حلق المريض بمصدر سريع للسكر مثل عسل النحل قبل إعطائه جلوكوز عن طريق الوريد، وإذا كان المريض في حالة إدراك يجب عليه تناول ما يعادل 15 مجم من المواد النشوية سريعة الامتصاص مثل: نصف كوب من عصير الفاكهة، أو كوب من الحليب، أو 5 قطع من الحلوى (السكاكر)، أما إذا كان الإغماء نتيجة لارتفاع السكر بالدم فيجب معالجته بحرص، مع سرعة نقله إلى أقرب مركز صحي.
6- الرشح والزكام: وسببهما حمات راشحة (فيروسات) متنوعة، والوقاية ممكنة عن طريق تجنب التبدل الحراري المفاجئ، والابتعاد عن مواجهة التكييف والتبريد المباشر، وتجنب العطاس والسعال في مواجهه الآخرين، وإلقاء المناديل وإتلافها في أماكن خاصة، والابتعاد ما أمكن عن لمس المصابين بالمرض، مع استشارة الطبيب للعلاج.
7- التهاب الطرق التنفسية العليا: سواء كان الالتهاب صحياً أو جرثومياً فإن أسبابه مشابهة لما سبق ذكره، غير أن الوقاية يجب أن تطبق بصرامة أكبر، وفي حالات دقيقة قد تحصل بعض الإصابات بمرض يدعى "ذات الرئة"، وتكون هنا الإصابة أبلغ خطورة، وتتطلب علاجاً صارماً.
8- داء السماط: ويحصل نتيجة التعرق الشديد، والاحتكاك المستمر لثنيات الجلد؛ مما يحدث انسلاخ واحمرار الجلد خاصة عند البدينين ولا سيما بين الفخذين، وتحت الإبطين، وتحت الثديين عند النساء، وتكون الوقاية بتخفيف حالة التعرق والاحتكاك بتجنب المشي طويلاً وقت الحر ما أمكن، وكذا لبس السراويل الداخلية الطويلة لمنع الاحتكاك - خارج أوقات الإحرام -، إضافة إلى استعمال المياه الباردة لغسيل المنطقة المعرضة للاحتكاك، واستعمال بعض الوصفات والمراهم الطبية.
9- تشقق القدمين: ويظهر نتيجة المشي المستمر بالأحذية الكاشفة للأعقاب - الصنادل -، والتعرض للأتربة والغبار؛ مما يؤدي إلى جفاف الطبقة المتقرنة من الجلد والتي عادة ما يحدث بعدها التشقق، والوقاية منه بغسل القدمين وتجفيفهما جيداً، ولبس الجوارب - خارج أوقات الإحرام - مما يخفف تعرض القدمين للأتربة والأغبرة، والضغط بجميع أجزاء باطن القدم على الأرض، مع استعمال مراهم مرّطبة.
10- الآلام والقولنجات الكلوية: نتيجة فقدان السوائل، والحر الشديد؛ يتعرض البعض لحدوث القولنجات الكلوية، وآلام الخاصرتين، والحصى الكلوية، أو ذلك لزيادة ترسب الأملاح، والتبلورات بالطرق البولية نتيجة زيادة كثافة البول لا سيما عند من لديهم استعداد لذلك، ولتجنب هذه الآلام ينصح الحاج بشرب السوائل بكمية كبيرة لا تقل عن 3 - 4 لترات يومياً، ويتجنب التعرض للتعرق الغزير، والحر الشديد قدر الإمكان، ويحاول مراجعة الطبيب عند ظهور الأعراض، وكذا اتباع الإرشادات الطبية لمن لديه سبب مهيأ لحدوث الحصيات الكلوية.
ومن النصائح الطبية العامة التي يجب على الحاج أخذها بعين الاعتبار:
1- اتباع الإرشادات الصحية لاسيما من جهة النظافة العامة والخاصة.
2- تناول الأطعمة والسوائل والمشروبات والألبان النظيفة والمعقمة.
3- تجنب التعرض للحر وأشعة الشمس المباشر، واستعمال المظلات، والاتقاء بأماكن الظل؛ مع محاولة التلازم بين التكييف والتبريد بشكل مناسب، وبدون تعرض لتيار المكيف المباشر.
4- تبليل الجسم والرأس والأطراف بالماء البارد بين الفينة والأخرى.
5- استشارة الطبيب، ومراجعة المراكز الطبية القريبة بمجرد الشعور بأي إنهاك أو إعياء، أو أعراض مرضية لأخذ التدابير العلاجية والوقائية في مرحلة المرض المبكرة.
6- الانتباه والإسراع بنقل المريض لأقرب مركز صحي أو مستشفى خاصة بحالة ضربة الشمس، مع وضعه في جو بارد، واستعمال كمادات باردة.
[1].
[1] تم استفادة مادة هذه المقالة من مقالين: 1- إرشادات طبية للحاج د. خالد موسى، 2- مقالة بعنوان "صحتك في الحج" د. شاهر بن ظافر الشهري.