خَمسُ نصائح في خَمس دقائق الأمراض المزمنة وإيقاف الدواء [IMG][IMG][/IMG][/IMG] د. إياس نهاد الموسى - (1) اعرف أرقامك الحيوية : المقصود بالأرقام الحيوية هي : ما هو ضغط الدم لديك ؟ ما هو مستوى السكر لديك ؟ ما هو مستوى الكولسترول لديك ؟ معرفة هذه الأرقام ضروري للجميع لان اكتشاف أمراض الضغط والسكري والكولسترول مبكرا يؤدي إلى علاجها ومنع مضاعفاتها . (2) حاول تغيير أسلوب حياتك قليلا وبالتدريج . من أهم أسباب فشل الناس في تغيير نمط حياتهم أنهم يقومون بتغيير جذري فوري بين ليلة وضحاها . مثلاً قد يقوم شخص باتباع حمية قاسية جداً منذ اليوم الأول بينما يكون بالأمس يأكل مما هب ودب , يؤدي ذلك إلى التوقف وعدم القدرة على الاستمرار في الحمية القاسية جداً . و يقوم بعض الأشخاص بممارسة رياضة عنيفة ( مثل الركض لمدة ساعة كاملة متواصلة ) في عطلة نهاية الأسبوع بعد فترة كسل وعدم ممارسة للرياضة لعدة أشهر , ويؤدي ذلك إلى آلام شديدة في المفاصل وتعب عام وأحيانا يكون سبباً في حدوث جلطة للقلب من جراء الجهد العضلي الشديد الذي لم يعتاد الجسم عليه , لذلك فإن النصيحة هي التخفيف من كمية الأكل قليلاً والتخفيف من نوعية الأكل الضارة قليلاً وبالتدريج , فأحيانا يكون من الكافي أن يأكل الإنسان 10-20% اقل من المعتاد لمدة أسابيع ثم يقوم بتخفيف ذلك أكثر إن استطاع , وزيادة النشاط الجسدي يتبع نفس هذه القاعدة بان يحاول الإنسان المشي زيادة عن المعتاد خلال النهار ( مثلاً صعود طابق أو اثنين على الدرج بدلاً من استخدام المصعد , إيقاف السيارة 100م بعيداً من المكان المقصود والمشي إليه وهكذا). وحين يعتاد الإنسان على ذلك فانه يبدأ بعيش أسلوب حياة أكثر صحية دون أن يشعر بذلك . (3) تحر الحقيقة في ما تسمع من إشاعات طبية الكثير من الناس يتطوعون بمعلومات غير دقيقة وقد تكون خاطئة تماماً , وكثير من الناس حين يسمعون ذلك يصدقونه والانكى من ذلك يطبقون هذه المقولات الخاطئة في حياتهم , وهذا سلوك خطر يؤدي إلى مشاكل صحية قد تكون خطيرة , فعلى الإنسان أن يتحرى الصدق والدقة في ما يقول وفي ما يسمع وفي ما يصدق . (4) تذكر أن سؤال المجرب ليس أفضل من سؤال الحكيم ! الحكيم أو الطبيب أو الخبير هو الأقدر على جواب السؤال والمجرّب لا يستطيع إجابة السؤال إلا بقدر تجربته الشخصية الخاصة المحدودة التي قد تختلف عن تجارب الآخرين ولذلك لا تصلح لان تعمم على غيره والاستماع إلى تجارب المجربين بدل من نصائح الخبراء قد يقود إلى ما لايحمد عقباه . (5) تذكر أن أدوية الكولسترول والضغط آمنة ومفيدة وتؤدي إلى إنقاذ أرواح الناس وتحمي من جلطات القلب والدماغ إن من أفضل الاكتشافات العلمية في القرن الماضي هو اكتشاف أن من أهم ما يؤدي إلى وفاة الإنسان هو انسداد شرايينه , وان من أهم ما يمكن عمله لمنع هذه الانسدادات أن يقوم المريض بأخذ أدوية لعلاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني ولتخفيف مستوى الكولسترول في الدم . ويكاد كل الناس يعتقدون اعتقاداً خاطئاً أن أدوية الكولسترول ضارة بالكبد , فهذه العبارة تتردد كثيراً كلما كان الحوار يدور حول هذه الأدوية , والحقيقة العلمية المثبتة بدراسات كبيرة حول مئات الآلاف من الناس المرضى تقول أن هذه الأدوية آمنة وفعالة ومفيدة بشكل كبير جداً , واحتمالات المضاعفات منها تكون شبه معدومة لأنها نادرة الحدوث جدا جداً , ومثال على ذلك أن احتمال أن يصاب من يأخذ الأسبرين بنزيف في المعدة أكثر من احتمال أن يصاب من يأخذ دواء الكولسترول بضرر في الكبد . ارتفاع الضغط, ارتفاع الكولسترول أمراض مزمنة اي امراض دائمة تحتاج علاجاً مدى الحياة، عادةً لا تشفى هذه الامراض بل يسيطر على تطورها بالدواء وتحتاج الى اشراف طبي دائم لتعديل الدواء او زيادة بعضه او ايقاف بعضه. يكاد يكون هذا المشهد يومياً في عيادات كثيرة في العالم. - دخل الحاج (مهاوش)- طبعاً اسمه ليس مهاوش في باقي انحاء العالم. - إلى العيادة متذمراً من الانتظار الطويل. - يا دكتور : لقد انتظرت لمدة نصف ساعة في الخارج. أسف يا حاج (مهاوش) ولكنك حضرت من دون موعد ولذلك كان علينا أن نفرغ من المرضى الذين حضروا بموعد، قل لي لو سمحت،ما الذي حصل بالضبط؟ عندما زرتك قبل سنتين قلت إنني مصاب بارتفاع الضغط، ووصفت لي دواءً لمدة شهر، وأخذت الدواء وبعد شهر كان ضغطي طبيعياً تماماً (120/80) وشكرت الله، وقلت انك طبيب ممتاز. ثم شعرت أن الحالة عادت تدريجياً إلى السوء خلال الأشهر الماضية، حيث عاودتني نفس الأعراض السابقة هل حصل بالرغم من استمرارك على نفس الدواء؟ أي دواء؟ الدواء الذي وصفته لك قبل سنتين!. الدواء انتهى بعد شهر من أخذه، لقد كان في العلبة ثلاثون حبة فقط، ولم يقل لي احد أن أخذه مرة أخرى. و لكن،يا حاج (مهاوش) لقد كان لديك موعد للحضور بعد شهر لنتحدث عن ذلك. ولكني شعرت أن ضغط الدم قد زال كلياً وعاد إلى طبيعته، فقلت لنفسي لماذا أراجع الطبيب مادام الضغط طبيعياً. إذن أوقفت الدواء؟؟ وهل تريدني أن اخذ دواء للضغط رغم أن ضغطي هو 120/80. يا حاج (مهاوش) ما الذي أدى إلى أن يعود ضغطك إلى المستوى الطبيعي؟ سبحان الله!، وطبعاً الدواء ساهم في شفائي من الضغط ولكن يبدو أن دواءك غير جيد لان الضغط عاد ثانية. يا حاج (مهاوش) سأشرح لك ببساطة بعض الامور:. الضغط مرض مزمن لا يزول. يحتاج الضغط إلى دواء دائم يؤخذ كل يوم إلى ما شاء الله، حين يصبح ضغط الدم طبيعياً بفعل اخذ دواء الضغط،يكون هذا امراً ممتازاً حيث ان الضغط يكون قد استجاب للدواء ويلزم بعد ذلك الاستمرار على اخذ الدواء بانتظام لكي يبقى الضغط طبيعياً. ان تخوّف بعض الناس من نزول الضغط كثيراً إذا كانوا يأخذون الدواء رغم أن الضغط طبيعي هو أمر غير مبرر لان الدواء هو الذي يبقي الضغط طبيعياً. في حالة إيقاف الدواء، يعود الضغط إلى الارتفاع خلال أيام قليلة، أو في حالات نادرة خلال أسابيع إلى مستواه قبل الدواء. يمكن للمريض ان يعدّل جرعات الدواء بعد استشارة طبية اذا كان هناك هبوط شديد في الضغط يستدعي تقليل الجرعة او اذا كان الضغط لا يزال مرتفعاً مما يستدعي زيادة الجرعة او اضافة دواء آخر. ما ينطبق على ضغط الدم ينطبق على بقية الامراض المزمنة كالسكري وتصلب الشرايين وهبوط القلب وارتفاع الكولسترول. هناك حالات نادرة يمكن السيطرة فيها على بعض هذه الامراض المزمنة بدون دواء اي ان المريض يكون على دواء معين ثم قد لا يحتاجه بعد اجراء تعديلات على نظام حياته، مثل الحمية وتخفيف الوزن وتخفيف الملح وفي هذه الحالات يمكن للطبيب ان يوقف بعض الادوية المزمنة، ولكن هذا امر يحتاج الى اشراف طبي مباشر ومكثف ولا يمكن للمريض ان يخاطر بصحته ويقوم بايقاف الدواء دون استشارة الطبيب. هذه نصيحة بسيطة قد تبدو للوهلة الاولى من لزوم مالايلزم ولكن ما يدفعني الى الكتابة عنها واحياناً تكرار الكتابة عنها هو انها تحصل بشكل شائع يثير الاستغراب ويكاد الجميع يوافق على ان الاستمرار بالعلاج دائماً هو امر منطقي ومسلّم به ولكن الكثير يمارسون عكس ذلك ويقنعون انفسهم ان المرض قد زال، وهو في الحقيقة لم يزل، بل تمّت السيطرة عليه، وسرعان ما يعود الى سابق عهده او اسوأ اذا تم ايقاف الدواء. استشاري امراض القلب والشرايين التداخلية