تركيا "الاردوجانية" في طريقها لارتداء الحجاب دون قيود

الناقل : elmasry | المصدر : www.moheet.com

السماح للتركيات بارتداء الحجاب


أنقرة: عادت قضية الحجاب في تركيا إلى الواجهة مجددا، بعد تعميم لرئيس المجلس الأعلى للتعليم العالي، يوسف أوزجان، دعا فيه أساتذة الجامعات الى عدم طرد أي طالبة محجبة، والاكتفاء بكتابة محضر حول الموضوع وإحالته لرئاسة الجامعة وعبرها الى مجلس التعليم العالي.

واعتبر كثيرون هذا التعميم اشارة مهمة من قبل رئيس المجلس الأعلى للتعليم المدعوم من الحكومة لحل مشكلة الحجاب بشكل غير مباشر ونهائي.

ولكن أوزجان عاد ليقول إن رسالته الى جامعة اسطنبول حول طرد طالبة بسبب مظهرها، فُسرت خطأً في وسائل الإعلام والاوساط السياسية، مؤكداً أن رسالته لا علاقة لها بالسماح بارتداء الحجاب في الجامعات.

وأوضح أن رسالته جاءت رداً على رسالة استفسارية أرسلتها الجامعة، بعدما طرد أستاذ طالبة ترتدي قبعة ذات شكل غريب تغطي بها حجابها.

ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية عن أوزجان قوله: أن رسالته طالبت جامعة اسطنبول المعنية بالقضية حصراً، بعدم طرد أي طالب لأي سبب كان، والاكتفاء بتحرير ضبط حول مخالفته القوانين، من أجل اتخاذ الاجراءات القانونية بحقه.

وأكد أوزجان أن رسالته ليست قراراً وأنها لم تُعمّم، لافتاً الى أن الحجاب مسألة سياسية لا يعود الى مجلس التعليم العالي تسويتها. وعليه، يبقى قانون حظر الحجاب نافذاً في تركيا، واذا تمكنت طالبات جامعة اسطنبول من حضور المحاضرات مرتديات حجاباً، بناءً على هذه الرسالة، فإن ذلك لن يعطيهن حق دخول الامتحانات بالحجاب، ناهيك عن توجيه انذار لهن بسبب مخالفة قوانين اللباس وقواعد الجامعة.

في نفس السياق، أعلن رئيس اتحاد الاساتذة الجامعيين تحسين يشيل دره أن الاساتذة يتعرّضون لضغوط نفسية من رئاسة مجلس التعليم العالي، للتغاضي عن تطبيق قانون منع ارتداء الحجاب. وقال إن أي استاذ يطبّق القانون، يُحرم من حقوق كثيرة في الترقية أو الاعارة الى الخارج أو المنح الدراسية العليا.

وطالب بعدم استغلال هذه القضية، وتسويتها بعيداً من الحرم الجامعي، مؤكداً ان الغالبية مع إلغاء قانون الحظر، لكنهم لا يستطيعون مخالفة القانون أو تجاهله، وأن "الساسة يتاجرون بالامر ويريدون من الاساتذة خوض المعركة مع الطلاب، نيابة عنهم".

وأضاف: "كانت الحكومات السابقة تمارس ضغوطاً على الاساتذة المتدينين والطالبات المحجبات، والحكومة الحالية تقوم بالأمر ذاته، لكن على الفريق الآخر".

وكان رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوحان، أعلن في أكثر من مناسبة عن رغبة حكومته لحل مشكلة الحجاب في تركيا، داعيا أحزاب المعارضة لإثبات نواياها ورغبتها الصادقة في هذا الموضوع الذي قال إنه جزء من حرية التعليم بالنسبة للفتيات.

ومنذ وصولها إلى السلطة عام ،2002 كانت قضية الحجاب في أولويات برنامج الحكومة، نظراً لما تشكله من حساسيات في الأوساط الشعبية، وخصوصاً ذات التوجه الإسلامي

وكانت قضية الحجاب أيضاً في أساس بعض التحديات التي واجهت حزب العدالة والتنمية نفسه وهددت وجوده، وكان بسببها على مشارف الحظر من جانب المحكمة الدستورية التركية . وكانت ذروة ما ذهب إليه حزب العدالة والتنمية في فبراير/ شباط ،2008 عندما اتفق مع حزب الحركة القومية في البرلمان على تعديل مواد في الدستور بشكل يتيح ارتداء الحجاب، ونال 411 صوتاً من أصل 550 نائباً، ومع ذلك أبطلته المحكمة الدستورية بحجة أنه ينتهك العلمانية .

ولكن اليوم بعد نجاح الإصلاحات في استفتاء 12 سبتمبر/ أيلول، وتوسيع مجالات الديمقراطية والحريات، تعزز التفاؤل في إمكانية حل قضية الحجاب، والسماح لمن يرتدينه بمواصلة دراستهن الجامعية .

فحكومة أردوجان معروفة بنهجها الإسلامي الذي يقول عنه كثيرون إنه سيحظى بتأييد الشارع الشعبي، طالما أن الشعب التركي محافظ وتقليدي في طبعه العام، ولا يهمه إلا مصالحه وهمومه اليومية التي فهمها أردوجان جيدا ونجح في معالجة الكثير منها خلال السنوات الماضية.

من جهته، أعلن زعيم حزب الشعب الجمهوري "العلماني" تأييده المبدئي لأي مساع تهدف لإلغاء الحظر المفروض على الحجاب، على أن يستمر الحظر في المدارس الإعدادية والثانوية وكذلك في مؤسـسات ومرافق الدولة الرسمية.

وهذا ما أكده حزب الحركة القومية، الذي قال إنه مستعد لدعم أي مشروع قانوني ينهي المشكلة، شريطة أن يتم الاتفاق عليه مسبقا بين حزب الشعب الجمهوري وحزب العدالة والتنمية الحاكم.

ولكن أردوجان رد قائلا: إن الحظر على الحجاب يجب أن يرفع أيضا في المؤسسات الرسمية.

ولفتت الأوساط السياسية الانتباه الى حجاب السيدة خير النساء جول، زوجة رئيس الجمهورية عبد الله جول والسيدة أمينة أردوجان زوجة رئيس الوزراء، وقالت إن الأولى في القصر الجمهوري والثانية في رئاسة الحكومة وهما معا في قمة الهرم الرسمي للدولة التركية.

وحسبما ذكرت صحيفة "القبس" الكويتية، يتوقع كثيرون أن تنتهي أزمة الحجاب خلال مدة قصيرة، ويقولون إن الحكومة ستستنفر كل امكاناتها لتحقيق ذلك مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة بداية يونيو/حزيران المقبل.

في الأثناء، تتهرب الأحزاب الأخرى من اتخاذ أي موقف معارض أو استفزازي في محاولة منها لكسب رضى الشارع الشعبي الذي يبدو أنه متفق تماما حول ضرورة إلغاء الحظر على الحجاب في الجامعات، على أن يبقى الحظر، وعلى الأقل بالنسبة للكثير من المواطنين، ساري المفعول في مؤسـسات ومرافق الدولة الرسمية.

إذ يعرف الجميع أن الحكومة لن تكتفي بإلغاء الحظر في الجامعات بل انها ستستمر في مساعيها لإلغاء الحظر وبشكل يشمل المؤسـسات والمرافق كافة، وهو ما أشار إليه اردوجان عندما قال إن هذه المؤسـسات والمرافق ملك للشعب التركي ومن حقه أن يعمل أو يتواجد فيها كما يشاء وبكل حرية.