دروس في القواعد, ماذا تريد؟

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : عادل البعيني | المصدر : www.arabicstory.net

 
الجامد والمتصرّف في الأفعال
 

أكثرية الأفعال ثلاثية التصرف ولها ثلاث صيغ هي: الماضي والمضارع والأمر: كتبَ، يكتبُ، اُكتبْ. فهي أفعال تامّة التصرّف.
و الفعل المتصرف: هو فعلٌ يدلُّ على حدث مقترن بزمان، لا يشبه الحرف في الجمود، وبالتالي لا يلزم طريقة واحدة. ويقبل التحوّل من صورة إلى صورة لأداء المعنى. ومن المتصرف ما لا يأتي منه إلاّ صيغتا الماضي والمضارع فقط، كأفعال الاستمرار الناقصة. نحو: مازال، ما يزالُ، ما فتئَ ما يفتأُ، ما برحَ ما يبرحُ، ما انفكَّ ما ينفكُّ. وكأفعال المقاربة: كاد، يكادُ، أوشكَ، يوشكُ. وهذه أفعال ناقصة التصرّفِ. والتصريف في الأفعال نوعان:
أولا: يتصرف المضارع من الماضي كما يلي:
1= يزاد على الفعل الماضي (شرب) مثلاً أحد أحرف المضارعة، للمتكلم الواحد الهمزة( اشربُ) لجماعة المتكلمين النون( نشربُ) للغائب الياء( يشربُ) و التاء للغائبة وجماعة المخاطَبين (تشربُ ، تشربون) .
وعليه يصرف الرباعي والخماسي والسداسي وفق الأمثلة التالية:
(دحرجَ) أدحرجُ، ندحرجُ، يُدحرجُ تدحرجُ، تدحرجون.
(انطلقَ): أنطلقُ ، ننطلقُ، ينطلق، تنطلقُ.. يلاحظ حذف همزة وصل الماضي.
(تشاركَ): أتشاركُ، نتشاركُ، يتشاركُ، تتشارك.." ويلاحظ هنا ثبات التاء الزائدة في أوّل الفعل الماضي.
ثانيا: يتم تصريف الأمر من المضارع وفق ما يلي:
1= جزم الفعل المضارع بحسب القاعدة: لم يشربُ، لم يسعَ، لم ينتصروا، لم
يتشاركا، لم تستسلمي.
2= حذف حرف المضارعة.
3= إعادة ما كان قد حذف في الفعل المضارع عند تصريفه من الماضي فتصبح الأفعال على التوالي: اِشربْ، اِسعَ، انتصروا، تشاركا، استسلمي".
أمّا الفعل الجامدُ هو فعلٌ شابه الحرف، من حيثُ أداؤهُ معنىً مجرّدًا عن الزمان والحدث المعروفين في الأفعال، فلزم طريقة واحدة في التعبير، لأنّه لا يقبل التحول من صورة إلى صورة، بل يلزم صورة واحدة لا يقبل غيرها.
فالفعل الجامد إذن لا يتعلّق بالزمان، ولا يدلّ على حدث، لهذا أشبه الحرف في جموده، والتزامه صيغة
ثابتة. ولهذا لم يحتج إلى التصرف، حيث أنّ معناه لا يختلف مع تبدّل الأزمنة، فهو كالاسم المشبه بالفعل، الذي لا يتأثر بالعوامل ويلزم آخره طريقة واحدة لا يذهب لغيرها، ومنه نقول بأن الجمود في الفعل كالبناء في الاسم، بسبب الشبه بالحرف.
وهو إمّا أن يلازمَ صيغة الماضي : ليس، عسى، مادامَ، كرب، بئسَ، نعمَ، حبّذا، والأفعال الدالة على الشروع، وصيغتي التعجّب.
أو يلازم صيغة الأمر نحو: هَبْ بمعنى احسِبْ. تعلّمْ بمعنى (اعلمْ) هاتِ، تعالَ، هلمّ....
ومنه ما يلازم المضارع فلا ماضٍ له وهو قليل، مثل: يَهْيَطُ نحو:" ما فتئ الرجل يهيَطُ هيطاً" أي يضجُّ ويصيح، وهناك من يقول أن الهياط تعني الإقبال، والمياط تعني الإدبار.
وهناك من يُلحق بالأفعال الجامدة غير ما ذكرنا مثل ( قلََّ ) ( كثر) (طال) ،(شدّ) (قصر) بصيغة الماضي الذي يفيد النفي فيتلوه الفاعل موصوفا، نحو:" قلّ تلميذٌ مجتهدٌ يفشل في حياته"
وإذا اتصلت بها ( ما ) الزائدة، هناك من يبطل عملها وتعرب كافّة ومكفوفة، وحينئذ لا يتلوه إلاّ فعل، ولا يحتاج فاعلاً، كونه أخذ معنى النفي المطلق نحو:"قلّما ارتَحْتُ لنمّام، وقلّما أحترمُه" وهناك من يراها أفعالا متصرّفة وأنّّ( ما) مصدرية وفاعلها المصدر المؤوّل من (ما والفعل) ففي قولنا:"شدّ ما تعجبني الكلمة في موضعها" يكون التقدير:" شدّ إعجابي الكلمة في موضعها.
ويشارك "قلّما" في عدم التصرّف:"طالما، كثر ما، قصُر ما، وشدّ ما" وتكون "ما" زائدة كافّة لهم عن العمل، لا فاعل لهنّ، ولا يليهن سوى الفعل.
نماذج معربة:
(قلّ تلميذٌ مجتهدٌ يفشل في حياته. قلّما يغضبُ أخوك ، ما فتئ الرجل يهيَطُ هيطاً)
قلَّ: فعل ماض مبني على الفتح.
تلميذٌ: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
مجتهدٌ: صفة مرفوعة.
يفشلُ: فعل مضارع مرفوع. فاعله مستتر جوازا تقديره "هو" والجملة في محل رفع صفة.
قلّما: قلَّ فعل ماض مبني على الفتحة.
ما: مصدرية والمصدر المؤوّل في محل رفع فاعل. ويمكن إعرابها: كافّة ومكفوفة. وكفى الله شر النحويين.
ما فتئ: فعل ماض ناقص.
الرجلُ : اسمها مرفوع.
يهيطُ: فعل مضارع جامد مرفوع. والفاعل مستتر فيه جوازا (هو) والجملة في محل نصب خبر ما فتئ.
هيطا: مفعول مطلق لتأكيد الفعل منصوب. ( شاهده مجيء المضارع فعلا جامدًا)


محبتي ومودتي

كن بلسما إن صار غيرك أرقما
وحلاوة إن صــار غـــيرك علقما
= أفعالُ المدحِ والذمِّ
هي أفعال لإنشاء المدح أو الذمّ، فجملُها إنشائية غير طلبيّة. لا خبريّة، وجملتها مكوّنة من فعل، وفاعل، ومخصوص بالمدح أو الذم.
أفعال المدح هي : نعمَ ، حبَّ، حبّذا. وأفعال الذم هـي: بئسَ، ساءَ، لا حبّذا.
أمّا صيغة المدح كقولنا " نعمَ التلميذُ المجتهدُ " فالمخصوص بالمدحِ هو المجتهد.
وفي قولنا: بئس الرجلُ المدمنُ. فالمخصوص بالذم هو " المدمنُ".
أحكام حبَّ وحبّذا و لا حبّذا
" حبَّذا ، حبَّ " فعلان لإنشاء المدح. ففي قولنا " حبّذا سعيدٌ ".
"حبّذا: مركبة من "حبَّ" فعل ماض جامد مبني على الفتح. و" ذا " اسم إشارة مبني على السكون واقع في محل رفع فاعل له. سعيدٌ: مخصوص بالمدح مبتدأ مؤخر مرفوع. وجملة (حبّذا) واقعة في محل رفع خبر له.
ولا يتقدّم المخصوص بالمدح على الجملة، ولا التمييزُ فلا يُقال:" سعيدٌ حبّذا طالبا" ولا " طالبًا حبّذا سعيدٌ". ويجوزُ تقديم التمييز على المخصوص بالمدح نحو قولنا:" حبّذا طالبًا سعيدٌ".
تلتزم " ذا " في حبّذا الإفراد والتذكير في جَميع أحوالها، كقولنا:" حبّذا جبلُ صنينُ " وقولنا :" حبّذا فتياتُ الحيِّ " أو " حبّذا صديقاي سعيدٌ وسامرٌ". أو قولنا " حبّذا هندٌ وأرضٌ بِها هندُ " .
تدخل " لا " النافية على " حبّذا " فيصبحُ الفعل لإنشاء الذمِّ، ولا يتغيَّرُ الإعراب، بل يبقى كما سبق. وتكون الجملة كما بئسَ أو ساءَ. كقولنا: "لا حبّذا التلميذُ الكسولُ". وتعربُ "لا" نافية لا محل لها من الإعراب.
أمّا "حبَّ " فالمخصوص بالمدحِ هو الفاعل نحو:" حبَّ سعيدٌ طالبًا ". وقدْ يُجَرُّ الفاعل بحرفِ جرٍّ زائد فيكون كقولنا :" حبَّ بهِ طالبًا ". وقول الشاعر:
فقلْتُ اقتلوها عنكمُ بِمزاجِها وحَبَّ بِها مقتولةً حينَ تُقتَلُ
أحكام " نعمَ وبئسَ وساءَ "
نعمَ: فعل لإنشاء المدح. بئسَ و ساءَ: فعلان لإنشاء الذمّ.
إنّ لِهذه الأفعالِ شيئينِ ضروريينِ: الفاعل، والمخصوص بالمدح أو الذم. نحو:
نِعْمَ الطالبُ سعيدٌ. بئسَ الطالبُ الكسولُ. فالطالب في المثالينِ: فاعل.
و "سعيدٌ" هو المخصوص بالمدح مبتدأ مؤخر مرفوع والجملة من فعل المدح وفاعله في محل رفع خبر.
و" الكسول" هو المخصوص بالذمّ مبتدأ مؤخر مرفوع والجملة من فعل الذمّ وفاعله في محل رفع خبر.
أحكام الفاعل في هذه الأفعال
أولاً: الفاعل اسمٌ ظاهرٌ معرَّفٌ بأل الجنسيّة التي تشمل الجنس كلّه حقيقةً: نِعْمَ الطّالبُ سعيدٌ. بئسَ الرجلُ الْمُقامرُ. ساءَ الطالبُ الكسولُ. والغرض من جعل الفاعل مسبوقًا بأل الجنسية:
1- منها ما هو الإحاطة والشمول بالمدح والذمّ للجنسِ كله. ففي قولنا: نَعْمَ الطالبُ سعيدٌ. فالمدح يقع على جنسِ الطلاّبِ كلّهم على سبيل الشمول.
2- منها ما هو للمبالغة في إثبات المدح والذمّ بحيث يشمل الجنس كله أيضًا.
ثانيًا: الفاعل اسمٌ ظاهرٌ مضاف إلى ما أقترن بأل الجنسية: بئسَ شرابُ الناسِ الخمرُ. "نعمَ شاعرُ الحكمةِ زهيرٌ. ساءَ رفيقُ السّوءِ المدمنُ".
ثالثًا: الفاعل اسمٌ ظاهرٌ مضافٌ إلى مضافٍ إلى ما اقترن بأل الجنسية نحو:" نعمَ شاعرُ شعراءِ العذريين جميلٌ". " بئسَ رفيقُ قرينِ السّوءِ النّمامُ". أو قول الشاعر:
فنعْمَ ابنُ أختِ القومِ غيْرَ مكذَّبٍ زهيْرٌ، حسامٌ مفردٌ من حمائِلِ
رابعًا: الفاعلُ ضميرٌ مستترٌ مفسّرٌ بنكرةٍ منصوبةٍ على التمييزِ، متأخرةٍ وجوبًا عن الفعلِ، متقدّمةٍ على المخصوصِ بالمدحِ أوِ الذمِّ. مع شرط المطابقةِ لهما إفرادًا وتثنيةً وجمعًا وتذكيرا وتأنيثا. نحو:"نعمَ طالبًا سعيدٌ، نعمَ طالبينِ سعيدٌ وسامرٌ، نعمَ طلاّبًا سعيدٌ وسامرٌ و أسعدُ، نعمَ طالبةً فاطمةُ.
والتمييز هنا محوّل عن فاعل ففي قولنا:" نعم طابًا سعيدٌ" يمكن القول: "نعم الطالبُ سعيدٌ" ومنه قول الشاعر:
نعمَ امرأيْنِ حاتَمٌ وكعبٌ كلاهِما غيثٌ وسيفٌ عَضَبْ
وقد تكون النكرة كلمة ( ما ) وهي اسم نكرة بمعنى شيء واقعة في محل نصب على التمييز. سواء تلاها اسم نحو ( نعمّا التقوى ) أي نعمَ شيئًا التقوى. ومنه قوله تعالى: { إنْ تُبدوا الصدقاتِ فنعمَّا هي} أو تلاها جملة نحو :{ نِعِمّا يعظُكمْ به}.
وإذا كان الفاعلُ مؤنّثا جاز أن تلحقَ فعل المدح أوِ الذمِّ تاء التأنيث الساكنة سواء أكان ظاهرًا نحو:" نعمَتِ الشاعرةُ الخنساءُ " أو مستترًا مميزًا بنكرة نحو:" نعمتْ شاعرةً الخنساءُ". وجاز أيضَا ألاّ تلحقَه تاءُ التأنيث، بسببِ تأنيث التمييز المفسّر نحو:" نعمَ شاعرةً الخنساءُ "

أحكام المخصوص بالمدح والذمِّ

أولاً: يجب أن يكون المخصوص بالمدحِ أو الذمِّ معرفةً، أو نكرةً مفيدةً، نحو:" نعمَ الأديبةُ أديبةٌ مبدعةٌ" " فلا يقالُ :" نعمَ المرأةُ أمٌّ " لزوالِ الفائدةِ.
ثانيًا: أن يكون مرفوعًا، وله إعرابان:
1- إمّا مبتدأ مؤخّر، وتكون جملة المدح والذمِّ قبله خبرًا مقدّمًا، وهو الأفضل نحو:"نِعمَ الفارسُ عنترةُ" : ويكون عنترةُ: مبتدأ مؤخر مرفوع، وجملة ( نعم الفارسُ) في محل رفع خبر مقدّم.
2- أو خبرٌ لمبتدأ محذوف وجوبًا لا يجوز ذكرُه. "نعمَ الفارسُ عنترةُ"، فيكون الفارس: فاعل مرفوع، و عنترةُ: خبر لمبتدأ محذوف تقديره ( هو ).
ثالثًا: قد يحذفُ المخصوص بالمدح إذا دلَّ عليه دليلٌ ومنه قوله تعالى:{والأرضُ فرشناها، فنعمَ الماهدون} على تقدير :" نعم الْماهدون نحن ". وقول الشاعر:
نعمَ الفتى فَجَعَتْ بِهِ إخوانَهُ يومَ البَقيعِ حوادثُ الأيّامِ
أي: نعمَ الفتى فتىً فَجَعَت حوادثُ الأيَامِ إخوانَهُ به يومَ البقيعِ.
رابعًا: قدْ يجانسُ المخصوص الفاعلَ، نحوَ:" نعمَ النجاحُ نجاحُ سعيدٍ ". فإنْ جاء ليس من جنسهِ، فهو في المجازِ محذوفٌ، كقولِهِ تعالى:" ساءَ مثلاً القومُ الذين كذّبوا بآياتنا". والتقدير: " ساءَ مثلاً مثلُ القومِ ".

أحكام التمييز في أفعال المدح والذمِّ
أولاً: أن يأتي بعد الفعلِ، نحو:" نعم طالبًا سعيدٌ . فلا يقال:" طالبًا نِعْمَ سعيدٌ" .
ثانيًا:" أن يطابقَ المخصوصَ إفرادًا وتثنيةً وجمعًا وتذكيرًا وتأنيثًا، كقولنا:" نِعْمَ طالبًا سعيدٌ ، نعمَ طالبينِ سعيدٌ وسامرٌ، نعمَ طلاّبًا أولادي، نعمَ طالبةً زينبُ، نِعْمَتْ طالبتينِ هندٌ وسعادُ، نعمَتْ طالباتٍ بناتُ أخي الخ...
ثالثًا: أن يقبل أل الجنسية، كونه محوّلاً عن فاعلٍ: "نعمَ طالبًا سعيدٌ " أصلُه " نعمَ الطالبُ سعيدٌ".
رابعًا: لا يمكنُ حذفُهُ لأنّ الفاعل في هذه الحالة، يكون ضميرًا مستترًا مفسّرًا به، ويعود عليه.
ملاحظة: كل فعل قابل للتعجّب مما استوفى شروط التعجب التي سترد لاحقا، يمكن نقله إلى الباب الخامس ( فعُلَ يفعُل) إذا أريد منه المدح أو الذم، ففي قولنا ( فَهِمَ الطفلُ) فإذا أردنا مدح زيادة فهمه نقول: (فهُمَ الطفلُ) على سبيل التعجب والمدح معًا.


نماذج معربة:حبّذا سعيدٌ، حبَّ سعيدٌ طالبًا، لا حبّذا التلميذُ الكسولُ، نعمتْ شاعرةً الخنساءُ، نِعمَ الطالبُ سعيدٌ
حبّذا: حبّ فعل ماض جامد لإنشاء المدح مبني على الفتح، ذا:اسم إشارة مبني واقع في محل رفع فاعل حبّ.
سعيدٌ: مخصوص بالمدح مبتدأ مؤخّر مرفوع والجملة قبله في محل رفع خبر.
حبّ: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. سعيدٌ: فاعل مرفوع وهو مخصوص بالمدح هنا. طالبًا: تمييز منصوب.
لا حبذا: فعل ماض جامد إنشاء الذم. ذا اسم إشارة مبني واقع في محل رفع فاعل.
التلميذُ: بدل من اسم الإشارة مرفوع.
الكسولُ: مخصوص بالذم مبتدأ مؤخر مرفوع والجملة قبله خبر مقدم.
شاعرةً: تمييز منصوب. الخنساء : مخصوص بالمدح مبتدأ مؤخر مرفوع، والجملة قبله خبر مقدم.
نعم : فعل ماض لإنشاء المدح, الطالب: فاعل نعم مرفوع. سعيدٌ: مخصوص بالمدح مرفوع مبتدأ مرفوع والجملة قبله خبر مقدم

محبتي ومودتي
.