المصارف الخاصة ومسؤوليتها في حلّ مشكلاتها

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : عبد اللطيف عباس شعبان | المصدر : www.damascorp.com


المصارف الخاصة ومسؤوليتها في حلّ مشكلاتها

لا جدال أن الكثير من المشاكل اعترضت ومازالت تعترض عمل المؤسسات الرسمية الاقتصادية (بما في ذلك المؤسسات المصرفية)، فكثيراً ما ظهرت معاناة في حلّ بعض المشاكل وقصورات في حلّ بعضها الآخر، وتم إعلان الفشل في إمكانية حل مشاكل العديد منها، ما انعكس سلباً على النمو الاقتصادي وأسس ودفع باتجاه اتخاذ القرار الرسمي بفتح الباب على مصراعيه للمؤسسات الاقتصادية الخاصة، أملاً بدورها المنشود في حل الكثير من المعضلات الاقتصادية، وتحقيق المزيد من الحراك الاقتصادي، وتسريع عجلة النمو، وعمد أصحاب القرار الرسمي لأن تكون المصارف الخاصة في مقدمة الداخلين من دفتي الباب، تحت عنوان “الإصلاحات المالية مدخل أساس للإصلاح الاقتصادي”، وبدأت المصارف الخاصة تتدفق تباعاً، وكل الأمل يحدو أصحابها والمساهمون، بها بتحقيق المزيد من الأرباح على غرار المليارات التي تحققها بعض المصارف العامة، وكما أعلنت بعض المصارف العامة عن المليارات من الأرباح فقد أعلنت بعض المصارف الخاصة عن تحقيقها لمئات الملايين، وما زالت تعمل وتطمح للمزيد، والتي لم تربح إلا القليل، تكثّف أعمالها  بما يحقق آمالها.
أغلب الجهات الرسمية وجميع الخاصة وبعض الجهات الشعبية اعتقدوا أن المؤسسات الخاصة هي المنقذ، وإذا الكثير منها تطلّب الإنقاذ، وحمّل الجهات العامة المسؤولية الكبرى في عدم حلّ مشاكلها فأصحاب المصارف الخاصة يرون أن لديهم الكثير من المشكلات التي تستوجب الحل ومنها مشكلة العمالة المؤهلة، بحجة أن العناصر المدربة على العمل المصرفي محدودة وغير كافية، وأيضاً يرى بعض كبار المصرفيين أن هنالك صعوبات ومشاكل تعترض العمل المصرفي والمطلوب من البنك المركزي حل لها، ومن أمثلة تلك الصعوبات ودائع البنوك الكبيرة المتراكمة بالليرة السورية، علماً أنه يعترف بأن حاكم مصرف سورية المركزي يبذل جهوداً مشكورة في حل أغلب المشاكل التي تعترض العمل.
إذا كانت المؤسسات الخاصة ومنها المصارف تتجاهل الدور  المتوجب عليها في حل مشكلاتها الخاصة، وتلقي باللوم على الجهات الرسمية.. فهل غاب عن ذاكرة إدارتها المثل الذي يقول: “من يريد أن يعمل جمّالاً عليه أن يعلّي باب داره”، ولكن يبدو أنها تذكرت وحصرت مفهومه بالمبنى وعملت لتأمين مقراتها في مبان لائقة وفي مراكز حساسة، وأعطتها لمسة ديكور منحتها جمالاً مميزاً قياساً بأغلب مباني المصارف العامة، وغاب عنها أنه عليها إعلاء باب الدار في أكثر من اتجاه وبذل الجهود لتحقيق المتطلبات الأخرى، إذا كان ذلك فيما يتعلق بمسؤوليتها في إعداد وتدريب وتأهيل عملة محلية، خاصة وأن ما تصرفه اليوم على تدريب العمالة المحلية ستوفره غداً لأن هذه العمالة ستكون مستعدة للعمل براتب ينقص (50٪ على الأقل) عن رواتب العمالة الوافدة، وغاب عن إدارتها أنها هي المعنية في استثمار الأموال المتراكمة لديها بما يضمن سداد العوائد الخاصة بالمودعين ويحقق ريعية تؤمن نفقاتها، وتحقق ربحية صافية خاصة بها تضمن استمرارية عملها، فلماذا لا تعمل إدارات هذه المصارف على إحداث قسم إنتاجي في كل مصرف يتولى استثمار جزء من الإيداعات في مؤسسات إنتاجية وخدمية، والمصرف الذي لا يستطيع أن يستثمر جزءاً من أمواله في مؤسسات إنتاجية رابحة عليه ألا يلوم المقترضين الآخرين منه في حال خسارتهم وعجزهم عن تسديد أقساطهم، فأين المصارف العاملة في سورية من الاستثمارات المتعددة الجوانب، وهل الاستثمارات مرغوبة فقط من الأموال القادمة من البنوك العالمية، ومرهوبة من الأموال المودعة في البنوك المحلية، فهل من اختلاف في التسهيلات أم هناك اختلاف وخلاف في ميادين أخرى، والملفت للانتباه أنه رغم شكوى المصارف الخاصةمن وجود مشكلات تؤرقها وترى وجوب حلها، وتشكو من تراكم الإيداعات، مازال الإقبال على العمل المصرفي في سورية قائماً، فبنوك جديدة تدخل وفروع جديدة تُحدث، فما السر في ذلك؟ وأليس من حق المراقب أن يتساءل لماذا تستقبل المصارف إيداعات إن لم تكن قادرة على استثمارها؟ ولماذا يجد المودع كل السهولة عند الإيداع وهو نفسه أو أخيه يجد كل الصعوبة عند الاقتراض، وتعاون الجهات الرسمية والخاصة واجب ولكل دوره.

عبد اللطيف عباس شعبان/
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية