September 15th, 2010
منذ أن خطت سورية أولى خطواتها نحو تأسيس السوق التأمينية، كان هناك إجماع على أنها سوق واعدة وقادرة على التطور والنمو بسرعة كبيرة، بل ذهب الكثير من الخبراء الاقتصاديين والمختصين بالتأمين إلى أنها ستكون خلال السنوات القليلة القادمة من الأسواق المنافسة والتي ستحقق حضوراً لافتاً في بورصة التأمين بمختلف أشكالها وأنواعها . ومع ارتسام معالم هذه السوق وتبلورها وتسارع دوران العجلة التأمينية وتزايد حدة المنافسة بين الشركات العاملة على ابتكار المزيد من البرامج والخطط التي ترفع من نسب النمو و العائدية الاقتصادية، باتت الثقافة التأمينية أكثر اقتراباً من جميع الشرائح الاجتماعية، وخاصة الفقيرة منها . وبولادة اتحاد شركات التأمين السورية، كما يقول أصحاب الشأن، أخذت السوق التأمينية تنحو أكثر فأكثر نحو الانضباط وفتح مجالات وبرامج تأمينية جديدة لا يمكن تقييمها أو النظر إليها إلا من باب النجاح والتقدم، خاصة وأن أرقامها المتصاعدة تشكل دلائل على إزاحتها للكثير من الحواجز واقترابها من المجتمع واندماجها في فعاليات الاقتصاد الوطني . فهل يدخل تطور ونمو السوق التأمينية إلى الساحة الاقتصادية من باب الحقيقة، أم أنها كغيرها من التجارب التي تدخل من باب السراب وتخرج من ثقوب الوهم، وعندها تغور الأرقام في سراديب العجز الاقتصادي ؟. إحصائيات تستحق الاهتمام
بلغ عدد فروع شركات التأمين السورية، بما فيها السورية للتأمين 88 فرعاً، وعدد المكاتب بلغ 10 مكاتب موزعة على جميع المحافظات السورية... كما بلغ عدد مراكز التأمين الموحدة على الحدود /18/ مركزاً وبلغ عدد مراكز التأمين الموحد في مديريات النقل /16/ مركزاً ووصل عدد العاملين في قطاع التأمين السوري : (1050):عدد العاملين في المؤسسة العامة السورية للتأمين (حكومية). (1349) : عدد العاملين في الشركات الخاصة وعددها 13 شركة. (152): عدد العاملين في مراكز التأمين الموحد في مديريات النقل في المحافظات. (63) :عدد العاملين في مراكز التأمين الموحد في المراكز الحدودية. (38) :عدد العاملين في إدارة الاتحاد السوري لشركات التأمين. إجابات ناضحة بالتفاؤل هذا السؤال إلى جانب تساؤلات أخرى كانت محاور أساسية في لقائنا مع الأستاذ سامر العش، الأمين العام لاتحاد شركات التأمين السورية، والذي كانت إجاباته عن واقع ومستقبل السوق التأمينية في سورية ناضحة بالتفاؤل، حيث بددت كلماته المخاوف وأزاحت بوضوحها وقرائنها الرقمية كافة الهواجس التي تحكم وتقيد الآمال الواعدة في هذه السوق الناشئة. وبدأ العش حديثه عن السوق التأمينية بالحديث عن تأسيس "الاتحاد السوري لشركات التأمين" بموجب القانون 43/ عام 2005، والذي بدأ العمل رسمياً بتأسيس أولى شركاته عام 2007، أما أعضاء الاتحاد فهم شركات التأمين و إعادة التأمين المرخص لها والمسموح لها العمل في سورية، وعددها /13/ شركة، إلى جانب الاتحاد العربي لإعادة التأمين والشركة السورية للتأمين . وأشار العش إلى تنامي السوق التأمينية فالأقساط الربعية (الربع الأول والثاني ) حققت قفزات نوعية، والشركات بشكل عام حققت نمواً كبيراً تركز الأعلى في مجال السيارات، وهناك اتجاه نحو التأمينات الشخصية وهي مؤشر على فعالية شركات التأمين (صحي وحياة ). وحول حجم أقساط التأمين في السوق السورية، أكد العش أنه خلال ثلاث سنوات، كان هناك تطور ونمو في أقساطه لمرتين ونصف، وحالياً تشهد تطوراً كبيراً فيه، فقد نمت خلال الربع الثاني من عام 2010 بمعدل نمو بلغ 81.16 وبزيادة قدرها حوالي 2.8 مليار ليرة سورية مقارنة مع الربع الثاني من عام 2009، حيث وصلت أقساط التأمين في الربع الثاني من عام 2010 إلى 6.247 مليارات ليرة مقابل 3.448 مليارات ليرة في الربع الثاني من عام 2009. أما أقساط النصف الأول من عام 2010، فقد وصلت إلى 9.765 مليارات ليرة مقابل 6.564 مليارات ليرة خلال النصف الأول من عام 2009، وبنسبة نمو بلغت 48.78٪، ومن بين أسباب هذا النمو والارتفاع الكبير في أقساط التأمين هو التأمين الصحي للعاملين في الدولة الذي انطلق في 1/4/2010 وبلغت أقساط ما نفذ منه حتى الآن 2.631 مليار ليرة. وبيّن العش أن المؤشر التأميني يتضاعف وحجم الأقساط يزداد كل ثلاث سنوات مشبهاً انطلاقة سوق التأمين الناشئة بحركة الإقلاع في الطيران التي تكون شبه عامودية، ثم تعود للاستقرار، وهذا ما يحدث في سوق التأمين، بحيث تصبح بعد عشر سنوات نسب النمو 20 % إلى 25 % و بعد ذلك تعود للاستقرار 8% إلى 12% بشكل عام . وقال العش: ( نحن نطمح إلى وصول حجم الأقساط لمليار دولار أي 50مليار ليرة سورية، وذلك ليس ببعيد التحقيق خلال السنوات القليلة في السوق السورية، فهي سوق واعدة على الرغم من أن شركات التأمين إلى الآن تتحكم بـ25 % من السوق و75% منها مازالت حرة . صعوبات مختلفة وأوضح العش أن تطور أساليب التسويق والمنافسة التأمينية من حيث الخدمة والسعر، جعل حالة التنافس بين الشركات تتجه نحو أنواع ومجالات مختلفة، حيث تطرح الشركات برامج جديدة للتأمين مثل برامج التأمين الصغير بأقساط بسيطة( 500 ل.س بالسنة) وهذه الحالة التنافسية تحفز الشركات لإطلاق البرامج الجديدة. أما بالنسبة للصعوبات التي تواجهها السوق التأمينية، فقد لخصها العش بقلة الموارد البشرية وغياب الكوادر المؤهلة وانتقالها الدائم بين الشركات، هذا عدا عما تشهده السوق أحياناً من حالات تكسير الأسعار تحت عنوان المنافسة حيث لا يتلاءم السعر مع التسويق وهو غالباً ما يكون أخفض من المعدل . ولفت إلى التنسيق التام بين اتحاد شركات التأمين السورية وهيئة الإشراف على التأمين من أجل الحفاظ على النظام والانضباط داخل السوق وتجاوز كافة الحالات التي من الممكن أن تؤثر على السوق، وخاصة ما يتعلق بالخلافات الناتجة عن التنافس بين شركات التأمين التي تسعى للحصول على حصتها من السوق، حيث تتجاوب هذه الشركات بشكل جيد ومن جهة أخرى عدم التقيد والالتزام يعني فرض العقوبات. وتقوم هيئة الإشراف على التأمين والاتحاد بالاطلاع على المشكلات ومن الممكن دعوة مدراء الشركات لمعرفة حيثيات المشكلات ومناقشتها لمعالجتها والوصول إلى حلول، كما توجد هناك لجنة لحل الخلافات والحوادث المعلقة، وهي نادرة. وأعلن العش أنه خلال الأيام القليلة القادمة، سيطلق الاتحاد موقعه الالكتروني وهو أول خدمة الكترونية في سورية ستؤمن الربط بين شركات التأمين في السوق السورية عن طريق الاتحاد، بما يخص التعويضات للأضرار المادية الناجمة عن الحوادث وتدوين عنوان واضح على عقود التأمين الإلزامي، كما سيؤمّن المؤمّنين من التأمين الإلزامي مباشرة عن طريق الانترنت . كما سيكون هناك قاعدة البيانات /بنك معلومات / عن السيارات المؤمنة إلزامياً / بحيث تستطيع الشركات الحصول على المعلومات بما يخص جميع الأخطار، وبذلك تنهي قاعدة البيانات حالات التحايل على شركات التأمين والتسجيل فيها أكثر من مرة أو انتقال الزبائن من شركة إلى أخرى دون وجود رابط بين الشركات وتحقيق التواصل بينها. وأضاف لقد كون الاتحاد قاعدة بيانات لا يستهان بها، وهي تضم معلومات عن المركبات السورية، كما أضاف خدمة للمواطن تخص الاستعلام عن المركبة / والاتحاد هو الوحيد الذي يقوم بهذه الخدمة . تحفظ دون إجابة لم نتوقع أن يكون هناك تحفظ على سؤالنا عن أسباب عدم مشاركة شركات التأمين في التأمين الصحي الذي تم حصره بالمؤسسة العامة السورية للتأمين، حيث طلب منا العش تجاوز هذا السؤال، دون أن يقدم الأسباب الواجبة لذلك. أما حول سؤالنا عن عدم إنشاء مكاتب تابعة للاتحاد للكشف عن البضائع في المرافئ، فقد أكد العش أن الاتحاد لم يستلم إدارة التأمين البحري وأنه ليست لديه صلاحية فيه، فالاتحاد يدير التأمين الإلزامي للسيارات ولكن ذلك لا يعني عدم الدخول مستقبلاً . الثقافة التأمينية وأشار العش إلى وجود خطة بما يخص التوعية التأمينية وتأمين هذه الثقافة للعموم التي كلما زاد انتشارها بين شرائح المجتمع كلما زادت الأقساط بشكل عام، حيث هناك نمو في الأقساط من 14 إلى 35 % عام 2006-2010 وفي عام 2010 100% ومتوسط النمو 81% في الربع الثاني، وهذا يثبت أن نشاط السوق التأمينية بسورية موجب مقارنة مع بعض البلدان العربية ذات النشاط التأميني السالب. وقال العش: (نحن في سورية كنظام تأميني يشتغل على ضبط التأمينات الإلزامية، من أفضل الأنظمة المعمول بها مقارنة بدول الجوار، وذلك من ناحية حجم الأقساط التي استقرت في الدول المجاورة بنمو أقساط من 8% إلى 12%، ولدينا الوقت لصالح سوق التأمين السورية، حتى نصل إلى هذه النسب العالية والمستقرة، والدليل أن الشركات تزداد وهناك إقبال للاستثمار في السوق التأمينية). المظلة التأمينية رغم الإصرار على أن الاتحاد هو المظلة التي تجمع شركات التأمين، ويؤمن الحماية والدعم والمساندة لكافة شركات التأمين، وبما يتماشى مع أحكام المرسوم التشريعي/43/، إلا أن بقاء 75% من السوق التأمينية خارج إدارته بعد أكثر من ثلاث سنوات على انطلاقته، يحمل الكثير من المؤشرات السلبية التي تعكر بصراحة حالة التفاؤل التي تعيشها السوق التأمينية في سورية . ورغم الدعم اللامحدود من الجهات المعنية، وخاصة وزارة المالية للقطاع التأميني، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أيضا وصول هذه السوق إلى بر الأمان.فهل ستحمل الأيام القادمة المزيد من النجاح المتمثل بزيادة حجم الأقساط التأمينية وابتكار المزيد من البرامج الجديدة، وهذا ما نتمناه، أم ستكون هناك حقيقة موجعة تفاجئ الجميع، ويستيقظ من انعكاساتها النائم في عسل النجاح والتفوق؟.