بعض ما كان عليه أهل الجاهلية ونذكر قبل ذلك شيئا من أمور الجاهلية ، وما كانت عليه قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال قتادة : ذُكر لنا : أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون . كلهم على الهدى ، وعلى شريعة من الحق . ثم اختلفوا بعد ذلك . فبعث الله نوحًا عليه السلام . وكان أول رسول إلى أهل الأرض . قال ابن عباس : في قوله تعالى : كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً من الآية 213 من سورة البقرة . قال : على الإسلام كلهم . وكان أول ما كادهم به الشيطان : هو تعظيم الصالحين ، وذكر اللهُ ذلك في كتابه في قوله : وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا آية 23 من سورة نوح . قال ابن عباس : كان هؤلاء قومًا صالحين . فلما ماتوا في شهر : جزع عليهم أقاربهم ، فصوروا صورهم . - ص 73 - وفي غير حديثه : " قال أصحابهم : لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة" قال : فكان الرجل يأتي أخاه وابن عمه فيعظمه ، حتى ذهب ذلك القرن . ثم جاء قرن آخر ، فعظموهم أشد من الأول . ثم جاء القرن الثالث ، فقالوا : ما عظم أولونا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم عند الله ، فعبدوهم . فلما بعث الله إليهم نوحًا - وغرق من غرق - أهبط الماء هذه الأصنام من أرض إلى أرض ، حتى قذفها إلى أرض جدة . فلما نضب الماء بقيت على الشط ، فسفت الريح عليها التراب ، حتى وارتها .
- ص 73 -