11- عندما يتحدّث الله تعالى عن نفسه
الناقل :
SunSet
| الكاتب الأصلى :
عامر أبو سميّة
| المصدر :
www.allahway.com
بعد أن بَيَّنَّا أيّها الضّيف الكريم أنَّ وراء هذا الكون خالِقًا عظيم القدرة ، وأنَّه هو الذي خلقَنا وخلقَ كلَّ شيء في هذا الوجود ، وأنَّ القرآن كلام الله ، سنحاول الآن التَّعرُّف على بعض صفات هذا الخالق من خلال ما ذكَره سبحانه عن نفسه في القرآن الكريم .
يقول
تعالى : { قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ 1 الله الصَّمَدُ 2 لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ 3 وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ 4 } (112- الإخلاص 1-4) .
ففي هذه السُّورة القصيرة ، يعلنُ تعالى باختصار مُدهش ووضوح تامّ أنَّه
إلهٌ واحد لا شريك له ، وأنَّه لا والد ولا زوجة ولا ولَد له ، وأنَّه ليس له شبيهٌ أو مثيلٌ في الوجود قَطّ .
يقول تعالى في آية
أخرى : { فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 11 } (42- الشّورى 11)
.
ويُشدّد اللّهجةَ في آيات أخرى على من يَنسب له ولدًا ،
فيقول تعالى : { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا 88 لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا 89 تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا 90 أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا 91 وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا 92 إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا 93 لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا 94 وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا 95 } (19- مريم 88-95)
بالله عليك أيّها الضّيف الكريم ، هل قرأْتَ أو سمعْتَ في حياتك نصّا
بِمثل هذه البلاغة وبِمثل هذا التّعبير ؟!
هل تريدُ فعلاً أدلَّة أخرى على أنَّ القرآن
يستحيلُ أن يكون من تأليف بَشَر ؟!
ويقول تعالى في آية عظيمة تُسمَّى
آية الكرسي : { الله لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ 255 } (2- البقرة 255)
.
فالله سبحانه واحد، حيٌّ لا يموت ، لا ينام ولا يغفل عن خلْقه أبدًا ، يَملك ما في السَّماوات وما في الأرض وكلّ ما في الوجود ، ويعلمُ ماضي كلّ شيء وحاضره ومستقبله . وبالرَّغم من عِظَم هذا الكون واتّساعه الهائل ، فإنَّ الله تعالى لا يُثقِلُه حفْظُ ذلك كلّه ومراقبته أدنى شيء ، ولا يغيب عن علمه أيّ شيء ، مهما كان صغيرًا .
ويقول
تعالى : { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ 59 وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 60 } (6- الأنعام 59-60)
.
لا تستغربْ أيّها الضّيف الكريم ! إنَّ عِلْم الله أحاط فعلاً بكلّ شيء . حتَّى ورقة الشَّجرة ، تسقط في أيّ لحظة من الزَّمن ، وفي أيّ بقعة من الأرض ،
لا يمكن أن تغيب عن علم الله سبحانه وتعالى .
فهل يُعقَل بعد هذا أن نَظُنَّ أنَّ الله يمكنُ أن ينسَى خلْقَه فلا يُرسل إليهم المطر ، أو يغفلَ عن مراقبة الكون فتحدث الزَّلازل والحروب بدون علمه ؟!
لا ، غير معقول !
يقول
تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ 17 } (23- المؤمنون 17)
.
فالله سُبحانه
مُتَّصِفٌ إذًا بكلّ صفات الكمال، ومُنَّزَّه عن كلّ النَّقائص ، فلا يتعب ولا ينام ولا يأكل ولا يشرب ، وليس له عينان ويدان ورجلان ،
ولا يُمكن أبدًا لعُقولنا الصَّغيرة أن تتخيَّل صورته .
ولكنَّنا نستطيع أن نُدركَ شيئًا عن جلاله وجماله ، عندما نقرأ
قولَه
تعالى : { الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ الله الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 35 } (24- النّور 35) .
أخوكم عامر أبو سميّة
موقع الطريق إلى الله