لقد تكلمنا في الأسبوع الماضي عن الخوف وقلنا: هو من أجل العبادات القلبية وأعلاها وأشرفها، كما هو أحد أركان العبادة ونفس هذه الصفات تنطبق على الرجاء علما أنه لا يجوز صرفه إلا لله وحده لا شريك له، وقبل أن نخوض في صلب الموضوع أو أن نقوم بتعريف الرجاء من جهة اللغة والاصطلاح والشرع. فالرجاء لغة: من مادة (ر ج و) التي تدل على الأمل الذي هو نقيض اليأس ويمكن أن يكون الرجاء بمعنى الخوف وذلك ظاهر في قوله: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ (سورة نوح آية: 13). وشرعا أو اصطلاحا: الاستبشار بجود وفضل الرب تبارك وتعالى والارتياح لمطالعة كرمه سبحانه. وقد وجدت في كتب أهل العلم أكثر من خمس معاني للرجاء وكلها متقاربة وخوفا من الإطالة نقتصر بتعريف الذي ذكرناه. وقد وردت في النصوص الشرعية سواء كانت من الكتاب أو السنة النبوية ما يشير إلى ما في الرجاء من فضل وميزة، ونشير في هذا إلى بعض منها على سبيل المثال لا الحصر، فنقول قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ (سورة الكهف آية: 110) هذه الآية الكريمة تشير إلى الرجاء المتضمن للذل والخضوع وأنه لا يكون إلا لله، وصرفه إلى غير الله شرك محض سواء كان أكبر أو أصغر بحسب ما يقوم بقلب الراجي. وقد لا يفرق بعض المسلمين بين الرغبة والرجاء ولكن ابن القيم رحمة الله عليه في مدارج السالكين ذكر الفرق بين الرغبة والرجاء وقال: إن الرجاء طمع والرغبة طلب وبناء عليه فهي ثمرة الرجاء، كما ذكر ابن القيم الفرق بين الرجاء والتمني، فالتمني يكون مع الكسل، ولا يسلك صاحبه طريق الجد والاجتهاد، بينما الرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل، أخي العزيز، إن العبادات الواجبة التي أوجبها الله على عباده لا تخلو من فوائد يستفيد منها العبد تقرب قلبه من الله عز وجل وفوائد الرجاء منها: 1- إظهار العبودية والحاجة إلى ما يرجوه من ربه وأنه لا يستغني عن فضله وإحسانه طرفة عين. 2- إنه سبحانه يحب من عباده أن يؤملوه ويرجوه ويسألوه من فضله لأنه سبحانه الملك الحق الجواد. لا تسألنَّ بُنَيَّ آدم حاجةً وَسَلِ الذي أبوابُه لا تحجبُ اللهُ يغضبُ إن تركتَ سؤالَهُ وبُنَيَّ آدم حين يُسْأل يغضبُ 3- إن الرجاء حاد يحدو به في مسيره إلى الله ويطيب له المسير ويحثه عليه ويبعثه على ملازمته. 4- إن الرجاء يجلب محبة العبد لله، فإنه كلما اشتد رجاؤه وحصل له ما يرجوه ازداد حبا لله تعالى وشكرا له. 5- إنه يجلب الشكر الذي هو خلاصة العبودية وذلك أنه إذا حصل له ما يرجوه كان أدعى لشكر الله. 6- إنه يوجب المزيد من معرفة الله وأسمائه ومعانيها فإن الراجي متعلق بأسماء الله الحسنى متعبد بها داع إليها. 7- إن الرجاء يستلزم الخوف والخوف يستلزم الرجاء، قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ﴾ (سورة الجاثية آية: 14). 8- إن العبد إذا تعلق قلبه برجاء ربه فأعطاه ما رجاه: كان ذلك ألطف موقعا وأحلى عند العبد، وأبلغ في حصول ما لم يرجه. 9- إن الله سبحانه وتعالى يريد من عبده تكميل مراتب عبوديته من الذل والانكسار. 10- إن في الرجاء من الانتظار والتوقع لفضل الله ما يوجب تعلق القلب بذكره. أخي الكريم إن الرجاء والخوف متلازمان، فكل خائف راج، وكل راج خائف قال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ (سورة الأعراف آية: 99) وقال أيضاً : ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ (سورة الإسراء آية: 57). أيها القارئ الكريم: أمعن نظرك في هذه الآيات وتدبر فيها عسى الله أن يرزقنا ما فيها من توجيهات وإرشادات.
لقد تكلمنا في الأسبوع الماضي عن الخوف وقلنا: هو من أجل العبادات القلبية وأعلاها وأشرفها، كما هو أحد أركان العبادة ونفس هذه الصفات تنطبق على الرجاء علما أنه لا يجوز صرفه إلا لله وحده لا شريك له، وقبل أن نخوض في صلب الموضوع أو أن نقوم بتعريف الرجاء من جهة اللغة والاصطلاح والشرع.
فالرجاء لغة: من مادة (ر ج و) التي تدل على الأمل الذي هو نقيض اليأس ويمكن أن يكون الرجاء بمعنى الخوف وذلك ظاهر في قوله: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾ (سورة نوح آية: 13). وشرعا أو اصطلاحا: الاستبشار بجود وفضل الرب تبارك وتعالى والارتياح لمطالعة كرمه سبحانه.
وقد وجدت في كتب أهل العلم أكثر من خمس معاني للرجاء وكلها متقاربة وخوفا من الإطالة نقتصر بتعريف الذي ذكرناه. وقد وردت في النصوص الشرعية سواء كانت من الكتاب أو السنة النبوية ما يشير إلى ما في الرجاء من فضل وميزة، ونشير في هذا إلى بعض منها على سبيل المثال لا الحصر، فنقول قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ (سورة الكهف آية: 110) هذه الآية الكريمة تشير إلى الرجاء المتضمن للذل والخضوع وأنه لا يكون إلا لله، وصرفه إلى غير الله شرك محض سواء كان أكبر أو أصغر بحسب ما يقوم بقلب الراجي. وقد لا يفرق بعض المسلمين بين الرغبة والرجاء ولكن ابن القيم رحمة الله عليه في مدارج السالكين ذكر الفرق بين الرغبة والرجاء وقال: إن الرجاء طمع والرغبة طلب وبناء عليه فهي ثمرة الرجاء، كما ذكر ابن القيم الفرق بين الرجاء والتمني، فالتمني يكون مع الكسل، ولا يسلك صاحبه طريق الجد والاجتهاد، بينما الرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل، أخي العزيز، إن العبادات الواجبة التي أوجبها الله على عباده لا تخلو من فوائد يستفيد منها العبد تقرب قلبه من الله عز وجل وفوائد الرجاء منها:
1- إظهار العبودية والحاجة إلى ما يرجوه من ربه وأنه لا يستغني عن فضله وإحسانه طرفة عين. 2- إنه سبحانه يحب من عباده أن يؤملوه ويرجوه ويسألوه من فضله لأنه سبحانه الملك الحق الجواد.
لا تسألنَّ بُنَيَّ آدم حاجةً
وَسَلِ الذي أبوابُه لا تحجبُ
اللهُ يغضبُ إن تركتَ سؤالَهُ
وبُنَيَّ آدم حين يُسْأل يغضبُ
3- إن الرجاء حاد يحدو به في مسيره إلى الله ويطيب له المسير ويحثه عليه ويبعثه على ملازمته. 4- إن الرجاء يجلب محبة العبد لله، فإنه كلما اشتد رجاؤه وحصل له ما يرجوه ازداد حبا لله تعالى وشكرا له. 5- إنه يجلب الشكر الذي هو خلاصة العبودية وذلك أنه إذا حصل له ما يرجوه كان أدعى لشكر الله. 6- إنه يوجب المزيد من معرفة الله وأسمائه ومعانيها فإن الراجي متعلق بأسماء الله الحسنى متعبد بها داع إليها. 7- إن الرجاء يستلزم الخوف والخوف يستلزم الرجاء، قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ﴾ (سورة الجاثية آية: 14). 8- إن العبد إذا تعلق قلبه برجاء ربه فأعطاه ما رجاه: كان ذلك ألطف موقعا وأحلى عند العبد، وأبلغ في حصول ما لم يرجه. 9- إن الله سبحانه وتعالى يريد من عبده تكميل مراتب عبوديته من الذل والانكسار. 10- إن في الرجاء من الانتظار والتوقع لفضل الله ما يوجب تعلق القلب بذكره.
أخي الكريم إن الرجاء والخوف متلازمان، فكل خائف راج، وكل راج خائف قال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ (سورة الأعراف آية: 99) وقال أيضاً : ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ (سورة الإسراء آية: 57).
أيها القارئ الكريم: أمعن نظرك في هذه الآيات وتدبر فيها عسى الله أن يرزقنا ما فيها من توجيهات وإرشادات.