الباب الأول: الغيبة والنميمة الفصل الأول: الغيبة وفيه تسعة مباحث المبحث الأول تعريـف الغيبـة قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (وقد اختلف العلماء في حد الغيبة. فقال الراغب: هي أن يذكر الإنسان عيب غيره من غير محوج إلى ذكر ذلك). وقال الغزالي: (حد الغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه). وقال ابن الأثير في النهاية: (الغيبة أن تذكر الإنسان في غيبته بسوء وإن كان فيه). وقال النووي في كتابه الأذكار تبعًا للغزالي: (الغيبة ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خَلقه، أو خُلقه، أو ماله، أو ولده، أو زوجه، أو خادمه، أو ثوبه، أو حركته، أو طلاقته، أو عبوسته، أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته باللفظ أو بالإشارة والرمز). قال ابن التين: (الغيبة ذكر المرء بما يكره بظهر الغيب). وقال الإمام النووي رحمه الله: (ومن ذلك قول كثير من الفقهاء في التصانيف: قال بعض من يدعي العلم، أو بعض من ينسب إلى الصلاح... ممن يفهم السامع المراد به). ومنه قولهم عند ذكره: (الله يعافينا، الله يتوب علينا، نسأل الله السلامة... فكل ذلك من الغيبة). والغيبة لا تختص باللسان فحيثُ ما أفهمتَ الغير ما يكرهه المغتاب ولو بالتعريض، أو الفعل، أو الإشارة، أو الغمز، أو اللمز، أو الكتابة، وكذا سائر ما يتوصل به إلى المقصود كأن يمشي مشيه، فهو غيبة، بل هو أعظم من الغيبة؛ لأنه أعظم وأبلغ في التصوير والتفهيم. المبحث الثاني الفرق بين الغيبة والنميمة قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (واختُلِفَ في الغيبة والنميمة هل هما متغايرتان أو متحدتان؟ والراجح التغاير وأن بينهما عمومًا وخصوصًا وجيهًا. وذلك لأن النميمة نقل حال شخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه سواء كان بعلمه أم بغير علمه. والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه، فامتازت النميمة بقصد الإفساد ولا يشترط ذلك في الغيبة. وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه واشتركا فيما عدا ذلك. ومن العلماء من يشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائبًا والله أعلم. المبحث الثالث حكم الغيبة لا شك ولا ريب أن الغيبة محرمة بإجماع المسلمين، وقد تظاهر على تحريمها الدلائل الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة. المبحث الرابع الترهيب من وقوع في الغيبة قال الله تعالى: ﴿ لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴾. وقال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ﴾. وقال سبحانه: ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ﴾. وقال عز وجل: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾. وقال سبحانه: ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾. والغيبة آفة خطيرة من آفات اللسان، ولقد عرفها النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ) أتدرون ما الغيبة؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته (. وعن أبي حذيفة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ) قلت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: حسبك من صفية كذا وكذا – تعني قصيرة – فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته (. قالت: وحكيت له إنسانًا فقال: ) ما أحب أني حكيت إنسانًا وأن لي كذا وكذا (. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ) لّمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم، وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويعقون في أعراضهم (. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ) المسلم أخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام: عرضه، وماله، ودمه، التقوى هاهنا، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم (. لمتابعة المزيد حمل الملف المرفق...
الباب الأول: الغيبة والنميمة
الفصل الأول: الغيبة وفيه تسعة مباحث
المبحث الأول
تعريـف الغيبـة
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (وقد اختلف العلماء في حد الغيبة. فقال الراغب: هي أن يذكر الإنسان عيب غيره من غير محوج إلى ذكر ذلك). وقال الغزالي: (حد الغيبة أن تذكر أخاك بما يكرهه لو بلغه). وقال ابن الأثير في النهاية: (الغيبة أن تذكر الإنسان في غيبته بسوء وإن كان فيه). وقال النووي في كتابه الأذكار تبعًا للغزالي: (الغيبة ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خَلقه، أو خُلقه، أو ماله، أو ولده، أو زوجه، أو خادمه، أو ثوبه، أو حركته، أو طلاقته، أو عبوسته، أو غير ذلك مما يتعلق به، سواء ذكرته باللفظ أو بالإشارة والرمز). قال ابن التين: (الغيبة ذكر المرء بما يكره بظهر الغيب). وقال الإمام النووي رحمه الله: (ومن ذلك قول كثير من الفقهاء في التصانيف: قال بعض من يدعي العلم، أو بعض من ينسب إلى الصلاح... ممن يفهم السامع المراد به). ومنه قولهم عند ذكره: (الله يعافينا، الله يتوب علينا، نسأل الله السلامة... فكل ذلك من الغيبة). والغيبة لا تختص باللسان فحيثُ ما أفهمتَ الغير ما يكرهه المغتاب ولو بالتعريض، أو الفعل، أو الإشارة، أو الغمز، أو اللمز، أو الكتابة، وكذا سائر ما يتوصل به إلى المقصود كأن يمشي مشيه، فهو غيبة، بل هو أعظم من الغيبة؛ لأنه أعظم وأبلغ في التصوير والتفهيم.
المبحث الثاني
الفرق بين الغيبة والنميمة
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: (واختُلِفَ في الغيبة والنميمة هل هما متغايرتان أو متحدتان؟ والراجح التغاير وأن بينهما عمومًا وخصوصًا وجيهًا. وذلك لأن النميمة نقل حال شخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه سواء كان بعلمه أم بغير علمه. والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه، فامتازت النميمة بقصد الإفساد ولا يشترط ذلك في الغيبة. وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه واشتركا فيما عدا ذلك. ومن العلماء من يشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائبًا والله أعلم.
المبحث الثالث
حكم الغيبة
لا شك ولا ريب أن الغيبة محرمة بإجماع المسلمين، وقد تظاهر على تحريمها الدلائل الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
المبحث الرابع
الترهيب من وقوع في الغيبة
قال الله تعالى: ﴿ لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴾. وقال سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ﴾. وقال سبحانه: ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ﴾. وقال عز وجل: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾. وقال سبحانه: ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾.
والغيبة آفة خطيرة من آفات اللسان، ولقد عرفها النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ) أتدرون ما الغيبة؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته (. وعن أبي حذيفة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ) قلت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: حسبك من صفية كذا وكذا – تعني قصيرة – فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته (. قالت: وحكيت له إنسانًا فقال: ) ما أحب أني حكيت إنسانًا وأن لي كذا وكذا (. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ) لّمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم، وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويعقون في أعراضهم (. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ) المسلم أخو المسلم لا يخونه، ولا يكذبه، ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام: عرضه، وماله، ودمه، التقوى هاهنا، بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم (.
لمتابعة المزيد حمل الملف المرفق...