الذين التقاهم الأهرام المسائي في جولته في تلك المستشفيات أجمعواعلي أن البقاء علي أسرة تلك المستشفيات يقودهم إلي الموت, وليس العلاج. وما بين ملاحظاتنا.. وأقوال المرضي تجد تلك المستشفيات تغرق في مستنقعات المخالفات الصارخة بداية من الإهمال في التعامل مع المرضي مرورا بالمعاملة غير الآدمية للمرضي وأسرهم وانتهاء بأن العلاج مقصور علي حملة كروت التوصية واتصالات الوساطة.من قريب تجد مستشفيات دمياط, بلا أطباء,وإن وجدوا لاتزيد مدة بقائهم بها علي الساعة11 صباحا بعدها يتحول المرضي من شباك المستشفي العام إلي أبواب العيادات الخاصة. أما من يتمسك بالبقاء في المستشفيات الحكومية فإنه يظل في سريره ينتظر شبح الوفاة بكبسولات الإهمال, وحقن الفوضي وجراحات التقصير المتعمد! علي خلفية الصورة... تتزايد شكوي المرضي... ويتراوح الاتهام بين مديري المستشفيات.. والأطباء... ومتابعة الوزارة... ولكن.. يبقي الموقف علي ما هو عليه... آلام وأوجاع المرضي تتزايد.. والمستشفيات تئن, ويبقي المتهم مجهولا في ذلك المشهد القريب من مستشفيات دمياط. معاناة المرضي في بداية المشهد يحكي يوسف محمد الأسمر ـ من قرية الشعراء بدمياط ـ حكايته مع مستشفي الأعصر العام بدمياط قائلا: ذات يوم تعرضت لحادث كسر ساقي, وعندما توجهت للمستشفي قاموا بعمل جبيرة, وتم وضعي في الاستقبال وقاموا بعمل تحاليل دم وقرروا إجراء عملية ومكثت5 أيام, انتظر العملية دون جدوي, وتم فك الجبيرة لإجراء العملية, ورموني نصف ساعة أمام غرفة العمليات لكن الدكتور المنوط به إجراء العملية رفض القيام بذلك بحجة امتلاء ساقي بالمياه, وطالبني بشفط المياه أولا.وأضاف أن بعض الزائرين للمستشفي يقومون بشرب المخدرات في الطرقات أمام غرف المرضي, وعدم وجود أمن بالمستشفي, وقال لي أحد الأطباء الذي يدعي ر.ج أستاذ جراحة العظام أنت مفيش حتة سليمة في جسمك أنت عايز تترمي في صندوق زبالة.. مما اضطرني للجوء إلي عيادة خاصة رغم ظروفي الصعبة...وقال يحيي عماشة ـ أحد المتضررين من الاهمال الطبي بمستشفي دمياط التخصصي ـ إن المكان المخصص لنقل الدم غير آدمي, ولا أحد من الأطباء يعتني به علي الإطلاق مطالبا وزير الصحة بزيارة المستشفي ليشاهد بنفسه حجم المخالفات الجسيمة التي يرتكبها الأطباء وإدارة المستشفي في حق المرضي. وخلال جولتنا بالمستشفي وجدنا أحد المرضي الذي ينتظر وصول الطبيب للكشف عليه, حيث يشكو علي عمران ـ عامل بناء ـ من السكر والضغط, ويقول بحسرة انني أتعب كثيرا وأذوق المر في الحصول علي الدواء, حيث دخلت أكثر من مرة في غيبوبة سكر بسبب تأخر العلاج بالمستشفي. رحمة الأطباء وفي إحدي الطرقات المؤدية إلي العيادات الخارجية ارتفعت الصرخات والدعوات من المرضي بأن يرحمهم الأطباء سواء بالكشف عليهم أو بإعطائهم روشتة علاج, وهذا ما أكده محمد الوكيل, حيث يقول أنه يعاني الأمرين عند دخوله المستشفي, ولايجد من يغيثه من عذاب الألم. قابلنا محسن مصطفي ـ موظف ـ ويقول ان الطبيب قام بتشخيص حالته علي اساس أنها قرحة في المعدة لكن أقاربه فوجئوا بتدهور حالته حين تعرض لقيء دموي, فتوجهوا به إلي عيادة خاصة, وأفادهم الطبيب بأن حالته تحتاج إلي عملية جراحية لانقاذ حياته من الموت.ويشكو محمد سعد ـ أحد المرضي ـ من الإهمال, وعدم النظافة داخل الغرف والطرقات موضحا أن المستشفي يستعين بأطفال صغار السن للقيام بعمليات النظافة داخل المستشفي. وتقول أمنية أحمد انها تعاني من التهاب المخ والأعصاب, وتم تجهيزها أكثر من مرة لغرفة العمليات إلا أنه في كل مرة يفيدها الأطباء بأن الأجهزة معطلة, وتحتاج إلي صيانة, وهم في انتظار المسئول أو المختص عن هذه الأجهزة, وهي لا تدري ماذا تفعل وحالتها تزداد سوءا! توقف العمل وقال الدكتور محمد إسماعيل الدعدع ـ عضو مجلس الشعب السابق ـ إن مستشفي دمياط العام تم تنفيذ المرحلة الأولي منه بما يسع150 سريرا دون أي مبان للخدمات, وتم اسناد المرحلة الثانية لشركة وادي النيل منذ عام2003 بتكلفة65 مليون جنيه, والذي يضم مبني الخدمات والعيادات الخارجية والاستقبال والطوارئ والغسيل الكلوي والعلاج الطبيعي إلا أن العمل توقف منذ أكثر من5 سنوات, وأصبح المستشفي يعمل من خلال المبني الوحيد بما يؤدي إلي عدم استطاعته استقبال حالات الطوارئ. أضاف العيادات الخارجية تم نقلها إلي مبني تبرع به أحد المواطنين, وأقسام الغسيل تم نقلها لمستشفي دمياط التخصصي, وبذلك أصبح مستشفي دمياط العام موزعا بين أكثر من مكان. تهالك البنية الأساسية وحول مستشفي دمياط التخصصي قال كان هذا المستشفي يعمل من قبل تحت مسمي المؤسسة العلاجية بدمياط, وبعد أن تم تحويله لمستشفي عام اتضح أن البنية الاساسية له متهالكة, وبحاجة إلي إحلال, وتجديد شامل, ولم يتم توافر التمويل المطلوب من ميزانية وزارة الصحة مما دعا المحافظة إلي البدء في تطويره من خلال مشروع التنسيق الحضاري, وحتي الآن مازال المستشفي يعمل بنصف طاقته في ضوء البطء الشديد بأعمال التطوير والخدمة الصحية في مدينة دمياط, تأثرت كثيرا بسبب هذه المشكلات. وتطرق النائب لمشكلات مستشفي فارسكور المركزي قائلا: للاسف رغم أعمال التطوير التي تمت في المستشفي, فإنها تمت بصورة عشوائية, وأصبح المستشفي في حال سيئ, وباتت نصف مبانيه مطلوب إزالتها فورا للحفاظ علي صحة المرضي, بما يتفق مع احتياجات المنطقة, والتخصصات المطلوبة, كما أن مبني الطوارئ لم يتم تجهيزه بما يؤدي إلي رفع مستوي الخدمة بالمستشفي بالإضافة إلي بعض المشكلات الإدارية داخل المستشفي التي تؤثر بالسلب علي مستوي الخدمة المقدمة. مخالفات صارخة وتوسع نطاق المشكلات الصحية بدمياط ليصل إلي المركز الطبي بمدينة الزرقا الذي كشف الدكتور الدعدع مخالفاته قائلا أن المركز تم تطويره لإصلاح الخدمة الطبية به لكنه, ورغم المصروفات الهائلة التي صرفت عليه فإن معظم أطباء الرعاية الصحية الأساسية الذين تم تدريبهم علي هذا النظام تركوا العمل بالرعاية الصحية وانتقلوا للعمل بالطب العلاجي. أضاف تسبب عدم ربط المشروع بالتأمين الصحي أو عمل صندوق لتوفير الخدمة, كما هو متفق عليه دوليا إلي التأثير سلبيا علي المشروع, وأدي إلي عدم الاستفادة مما تم انفاقه في عملية التطوير. مدمنون ونشالون من جانبه قال أكرم البنا ـ رئيس المجلس الشعبي المحلي لمدينة السرو بمحافظة دمياط ـ إن المستشفيات العامة في المحافظة ضعيفة في تقديم الخدمات نظرا إلي أن معظم الأطباء العاملين بها منتدبون من خارج المحافظة, وأن مستشفي السرو مثال صارخ علي ذلك, حيث أنه مكون من خمسة أدوار, وفي الأوقات المتأخرة من الليل عندما يقرر المواطن الذهاب إلي المستشفي لا يجد أي طبيب حتي في الاستقبال بالإضافة إلي عدم وجود وحدات أمنية.أضاف أبواب المستشفي مفتوحة علي مصراعيها, ويقوم بعض الشباب بالتسلل إليه لتناول المواد المخدرة في الأماكن التي يخيم عليها الظلام والأدلة علي ذلك كثيرة بالإضافة إلي أن الأطباء يعملون في النهار فقط. عدم توافر الأجهزة قال علي الزعتري ـ عضو مجلس محلي مدينة فارسكور ـ إن مستشفي فارسكور المركزي لا يوجد به اخصائيون أو استشاريون والاطباء يعملون من التاسعة صباحا حتي الثانية بعد الظهر مثلهم مثل الموظف الإداري, ويتركون المرضي في الطرقات دون الكشف عليهم, وأضاف أنه لا توجد وحدات أشعة, وجميع الأجهزة معطلة, وأجهزة العناية المركزة ليس لها وجود بالمستشفي. وقال صبري الحسيني ـ رئيس المجلس الشعبي المحلي بشرباص بدمياط ـ إن مستشفي شرباص التكاملي أصبح مستشفي طب أسرة, ويوجد به طبيب استقبال لقطع التذاكر للمرضي, وآخر معين, وأي مريض يذهب إليه تدون له روشتة لعلاج الكحة فقط, وكان هذا المستشفي عبارة عن غرفة عمليات حديثة وجهاز أشعة, وبالجهود الذاتية قمنا بتجهيز معمل تحاليل, وأن الغرفة المجهزة للعمليات ليس بها أي معدات لخدمة المرضي. أما مستشفي فارسكور المركزي فقال: إنه من المفترض أن يستقبل كل المرضي وإجراء العمليات لكن لا يوجد به أطباء بعد الحادية عشرة صباحا, وإذا وجد الطبيب فلابد من واسطة لإجراء الكشف والإجراءات اللازمة, وأن الحالات الحرجة يتم نقلها لمستشفي دمياط التخصصي بمنطقة الأعصر ناهيك عن الإهمال بالمستشفي. أضاف أن مستشفي فارسكور صدر له قرار إزالة لأنه مبني منذ65 عاما ومهدد بالسقوط, وبالرغم من ذلك لايزال يستقبل الحالات المرضية. إهدار المال العام في غضون ذلك قال الدكتور جمال الزيني ـ عضو لجنة الصحة بمجلس الشعب ـ إن المحافظة شهدت نهضة حضارية بصورة كبيرة, وأن موقع دمياط ككل فريد من نوعه لما فيها من مناطق صناعية مميزة دون تطوير في الخدمة الصحية بسبب العبء الكبير علي المحافظة, وأن مستشفيات المحافظة الخدمية بها ضعيفة جدا, وبعض التخصصات غير موجودة, ويتم الاعتماد علي مستشفيات الأزهر بها. أضاف أن الإهمال انتشر في مستشفيات فارسكور المركزي ودمياط العام ودمياط التخصصي, فمستشفي فارسكور بها انهيار إنشائي وآيل للسقوط, وأن الدكتور حاتم الجبلي قام بزيارته زيارة مفاجئة للإحلال والتجديد, وليس الترميم والصيانة نتيجة حدوث إهدار مال عام به في ترميمه عام1997 وهذا المستشفي يخدم مراكز, ومدن فارسكور, وأن الوزير وعد بإزالته, ولم يتم حتي الآن أي شيء, وهذا يؤثر علي الخدمة الصحية لعدم وجود إمكانيات, ويتم الاعتماد علي المهارات الفردية للأطباء دون إمكانات. أما مستشفي دمياط العام فيقع وسط المحافظة, ويقدم الخدمة علي مستوي دمياط وحدثت له عملية إحلال وتجديد شملت نصف مساحته, وبعد ذلك تم هدمه كلية والنصف الثاني تتم صيانته لكنه لا يفي بالخدمات الطبية لعدم وجود عيادة طبية بالمستشفي, وتم وضع اثاثات بملايين الجنيهات منذ أكثر من5 سنوات, ولم يتم استكماله والمظلوم هم المرضي والأطباء. مستشفي غير آدمي وحول مستشفي دمياط التخصصي قال الزيني إنه كان مؤسسة علاجية بنظام خاص, وأن النظام المجاني له أغلبية الأسرة في المستشفي, ومنذ أيام الدكتور إسماعيل سلام وزير الصحة السابق انبهر به لأنه كانت تجري به عمليات القلب المفتوح أما الآن فأصبح عبارة عن خرابة, ولا تتم صيانته علي الإطلاق وتسلمته شركة المقاولون العرب, وتدخل المحافظ بدعم المستشفي بــ20 مليون جنيه للتجديد منذ3 سنوات وتمت الصيانة بالدور الرابع, وتوقف العمل أكثر من سنتين رغم تحوله إلي مستشفي عام لا يعمل بربع طاقته بسبب عمليات الصيانة به, وكانت به14 غرفة للعمليات, وأصبح به غرفتان فقط, ولا توجد به دورات مياه مما كان له كبير أثر علي تدني الخدمة الصحية, وأداء الأطباء وحق المريض في العلاج. وكشف الزيني عن وفاة بعض المرضي داخل المستشفي لنقص الامكانات. وحول مستشفي الطوارئ بدمياط قال إن به50 سريرا, وتم بناؤه, ولم يتم تجهيزه حتي الآن منذ سنتين والخدمة به لا تسر عدوا ولا حبيبا وغير متلائمة مع وضع دمياط الحالي مما يؤثر علي الاستثمار, ولابد من زيادة موازنة وزارة الصحة وتجهيز المستشفيات بطريقة ملائمة. واقترح إنشاء صندوق لرعاية المرضي تتبناه الجهات المعنية بالمشاركة مع وزارة الصحة مع توافر إدارة جيدة لإدارة المنظومة الصحية بدمياط وإدارة المستشفيات الصحية وقال الضحية هو المريض. ونفي وجود رقابة علي دفاتر الحضور والإنصراف لمستشفيات دمياط, وكل شيء يقع علي عاتق وزير الصحة وتساءل ما دور مديريات الصحة بالمحافظة في ظل هذه المخالفات الجسيمة داعيا الوزير لزيارة دمياط ليشاهد المخالفات علي الطبيعة, وقال ان معظم المرضي يلجأون لمستشفيات المنصورة والقاهرة خوفا من الموت بمستشفيات دمياط. سرقات بقسم الكلي وأثناء جولتنا بمستشفي دمياط التخصصي كشف إبراهيم شوقي زين الدين ـ موظف بالمستشفي ـ وجود مخالفات كبيرة بالمستندات تتم داخل المستشفي تحت سمع وبصر المسئولين, وتتمثل هذه المخالفات في سرقة4500 مرشح خاص بقسم الكلي الصناعي تقدر بنحو350 ألف جنيه وضبط2000 خط خاص بالكلي الصناعية و800 إبرة زيادة في مخزن الكلي بالإضافة إلي سرقة النفايات الخطرة من المستشفي, وعدم إتباع شروط حرقها لبيعها, وإعادة تصنيعها مرة أخري ثم طرحها في السوق من جديد وسرقة عدد20 جركنا ممتلئة بالسنون والسرنجات والخراطيم مع عاملي النظافة, وبيعها من قبل المسئولين بالمستشفي, وسرقة تذاكر زيارة المرضي بحدود1000 جنيه يوميا بالإضافة إلي وجود مخالفات جسيمة بشركة النظافة بالمستشفي وشركة الأمن, وضبط كميات كبيرة من الأدوية المنتهية الصالحية علي سلالم المستشفي وكراتين من السرنجات.