هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكنيتها أم سلمة. كان أبوها يعرف بزاد الراكب لجوده وكرمه. تزوجها أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أسلما معاً وهاجرا إلى الحبشة وولدت له ابنه سلمة هناك، ثم عادا إلى مكة، وتعرضت لمحنة شديدة حينما عزمت على الهجرة إلى المدينة مع زوجها وابنها سلمة، فقد منعها أهلها من الهجرة مع زوجها وغضب عند ذلك أهل زوجها فتجاذبوا ابنها سلمة حتى خلعوا يده وأخذوه منها فحيل بينها وبين ابنها وزوجها وبقيت في مكة قرابة السنة على هذه الحال حتى رق لها أهلها وتركوها تلحق بزوجها مع ابنها إلى المدينة. وهناك أنجبت درة وعمر وزينب، وأصيب زوجها في غزوة أحد وبرأ جرحه ثم انتكأ مرة أخرى فتوفي رضي الله عنه في الثامن من جمادى الآخرة سنة أربع للهجرة، وبعد انقضاء عدتها خطبها أبو بكر وعمر فردتهما ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة غيرى وإني امرأة مصبية (أي ذات صبيان) وليس أحد من أوليائي شاهد. فقال صلى الله عليه وسلم: أما قولك: إني امرأة غيرى فسأدعو الله فيذهب غيرتك وأما قولك إني امرأة مصبية، فَستُكْفَيْنَ صبيانك وأما قولك: ليس أحد من أوليائي شاهد، فليس أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك. فقالت لابنها عمر: قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجه وذلك في شوال سنة أربع ودخل بها صلى الله عليه وسلم في حجرة السيدة زينب بنت خزيمة بعد موتها، وكان صداقها فراش حشوه ليف، وقدر وصحفة ومجشة. وكانت امرأة جليلة ذات رأي وعقل وكمال وجمال صحبها صلى الله عليه وسلم هي وصيفة بنت حيي في بعض أسفاره، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هودج صفية وهو يظن أنه هودج أم سلمة وكان ذلك اليوم يوم أم سلمة فجعل يحدث صفية فغارت أم سلمة ثم علم أنها صفية فجاء إلى أم سلمة وقد أخذتها غيرة شديدة فقالت له: تتحدث مع ابنة اليهودي في يومي وأنت رسول الله، ثم ندمت على قولها، وقالت: يا رسول استغفر لي فإنما حملني على هذا الغيرة. دخل صلى الله عليه وسلم على عائشة ذات يوم، فقالت أين كنت منذ اليوم؟ قال: كنت عند أم سلمة، فقالت: أما تشبع من أم سلمة؟ فتبسم صلى الله عليه وسلم. وكان لها يوم الحديبية رأي صائب يدل على وفور عقلها فعندما عقد الصلح مع مشركي مكة كان كثير من المسلمين غير راضين عن بعض شروطه، فلما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحلل تأخروا في الاستجابة فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل على أم سلمة وذكر لها الأمر فقالت: يا نبي الله اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك. فقام صلى الله عليه وسلم ونحر وحلق فقام أصحابه ينحرون ويحلقون. وفي بيتها نزل قوله تعالى: (( إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً )) فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال: هؤلاء أهل بيتي، فقالت: يا رسول الله أنا من أهل البيت؟ قال: بلى إن شاء الله. أرسلت إلى السيدة عائشة ناصحة لها لما عزمت على الخروج إلى وقعة الجمل تطلب منها لزوم بيتها، ومما قالته لها: لو قيل لي يا أم سلمة ادخلي الجنة لا ستحييت أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتكة حجاباً ضربه علي فاجعليه سترك وقاعة بيتك حصنك. عاشت حتى شهدت مقتل الحسين بن علي وآل بيته فحزنت عليه حزناً شديداً وتوفيت بعده بقليل في خلافة يزيد بن معاوية سنة 62هـ ودفنت بالبقيع. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم 378 حديثاً .