العاب الفيديو تؤدي بالالعاب الشعبية الى الاحتضار طم خريزة تتحول الى كوالتي والختيلان الى درايفر

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : تحقيق: محمد حميد الصواف | المصدر : www.annabaa.org

 

شبكة النبأ: كان يقود سيارته بجنون، غير مكترث بالأضرار التي لحقت بها جراء اصطدامها المتكرر بأعمدة الكهرباء، فهمه الوحيد هو التخلص من مطاردة دوريات النجدة له، التي ضج المكان بصفاراتها، حاول أن يراوغ رجال الشرطة وسياراتهم التي طوقته من جميع الجهات، وعلى طريقة أفلام هوليود اخترق سياج المتنزه المحاذي للشارع، غير عابئ بالعوائل والأطفال، سيما انه دهس خلال محاولة هروبه ثمانية أشخاص كان بينهما طفلان.

ولكن دخوله إلى المتنزه عجَل من القبض عليه، بعد أن حالت الأشجار دون ولوجه إلى الجهة المقابلة من الشارع الرئيسي، وأخيرا تطبق الشرطة على سيارته المحطمة، ويضطر مرغماً لتسليم نفسه، وتتوسط الشاشة كلمة كيم أوفر بالانكليزية، أي اللعبة انتهت، قبل أن تتعالى صيحات كريم بالرفض والحسرة... لا لا لا، معلنة تبدد آماله في الاستمرار باللعب.

وكريم هو طفل لا يتجاوز عمره إثنى عشرة سنة، يقضي يوميا من ثلاث إلى أربع ساعات أمام جهاز ألعاب الفيديو، بقدر المال الذي يستطيع إستحصاله من والديه كمصروف يومي حسب قوله.

وعلى هذه الشاكلة يقضي العديد من الأطفال والصبيان معظم أوقاتهم، بعد أن انتشرت صالات الألعاب الالكترونية وألعاب الفيديو في مختلف المحلات السكنية في العراق، إلى جانب قيام بعض العائلات الميسورة باقتناء تلك الأجهزة لتوفير المتعة لأطفالهم داخل المنازل.

 

الختيلان أصبحت درايفر

ويلفت بعض المواطنين الى انحسار الألعاب الشعبية المتوارثة التي كان يتداولها الأطفال حتى وقت قريب، حيث يروي الحاج ناصر زكي محمد خلال حديثه مع (شبكة النبأ المعلوماتية) ذكرياته بهذا الصدد فيقول، "من ابرز العاب الأطفال شيوعا كانت الجعاب، وهي مجرد عظمة من قدم الخروف، وتسمى الصول، كنا نحصل عليها من قصاب المحلة، ونقوم بطلائها بالقليل من القير".

ويسترسل الحاج ناصر، "بمرور الزمن استبدل صول الجعاب بالدعبل، وهي كرات بلورية ملونة صغيرة الحجم ورخيصة الثمن".

ويضيف الحاج ناصر، "كانت الأزقة تمتلئ بحلقات الأطفال وهم يلعبون طم خريزة".

من جانب آخر يرى أنور كلش وهو أب لطفلين إن العاب الأطفال بشكل عام باتت معقدة، حيث يصفها قائلا، "كانت ألعابنا تتسم بالبساطة والعفوية وسهلة المنال، على العكس من الآن".

ويضيف أنور، "إنها ألعاب مكلفة ولا تلائم الفقراء، خصوصا إنها تتطلب أجهزة الكترونية وطاقة كهربائية، ويستلزم توفيرها مبلغا غير قليل".

 ويقول أنور مستطرفا لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "تحولت الختيلان الى درايفر، وطم خريزة الى كوال ديوتي".

من جهته يبدي عصام حاكم وهو أب لخمسة أطفال خشيته من الآثار الجانبية لتلك الألعاب، فيرى إنها تساهم بالتحريض على الدوافع العدوانية، حيث يقول، "إنها تثير نزعة العنف والعداء لدى الطفل، نظرا لكون معظم مشاهدها قتالية".

وينوه حاكم، "يقضي الطفل حاله من الانعزالية طيلة فترة اللعب، وهي خلاف للسلوك الطبيعي المفترض لتلك الأعمار".

من ناحية اخرى يجد السيد علاء عبد الحسين في عزوف الاطفال عن اللعاب القديمة امر يواكب التطور المستمر في مختلف مجالات الحياة، فيقول، "الطفولة تتطور اسوة بمختلف الاصعدة الأخرى، حيث تلعب سمة العصر ومدى التطور الحاصل دورا رئيسيا في هذا المجال".

وفي حال لو خير إن عاد طفلا، بين الألعاب الحديثة او القديمة اجاب علاء، "دون ادنى شك ساختار الالعاب التي صاحبت طفولتي".

 

الحفاظ على الألعاب التراثية

الى ذلك يرى الباحث المتخصص في مجال الأرشفة والتوثيق السيد جواد الحيدري إن ضرورة الحفاظ على الإرث التاريخي مهمة ليست بالسهلة، بقدر ما يتعلق الأمر بخصوصية الحفاظ عليها، وذلك يتضمن مجال الألعاب الشعبية القديمة، حيث يقول، "هناك في العديد من الدول لجان متخصصة في إدامة وممارسة الألعاب التراثية من خلال إقامة المهرجانات السنوية، وهذا ما يحصل في بعض دول المغرب العربي".

ويضيف، "تشجيعا على ديمومة الألعاب التراثية، يقوم الكبار هناك بممارسة ألعاب الشعبية، لزرع حب اللعبة في نفوس الصغار".

من ناحيته يقول باسم حسين مدير إحدى صالات الألعاب الالكترونية، "بعيدا عن دوافع الكسب المادي، أرى إن تواجد الأطفال في الصالات أفضل من تواجدهم في الشوارع والأزقة، نظرا لاحتمالات تعرضهم لمخاطر الطريق، فضلا عن كونها لا تتسبب بتوسيخ ملابس الطفل أو توسيخ يديه، أو تعرضه للخدوش والجروح كما هو الحال في ممارسة بعض الألعاب القديمة".

ويضيف باسم لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، ، "الكثير من الألعاب الالكترونية تنمي لدى الطفل قدراته الذهنية، وتحثه على البحث والاستقصاء خلال لعبه".