الذكاء Intelligence
شبكة النبأ: الذكاء قابلية معرفية عامة فطرية. ويمكننا قياس هذه القابلية بشيء من الدقة بواسطة الروائز التي تتيح إعداد حاصل ذكاء (ح.ذ) والذكاء عام بمعنى أن شخصاً ذكياً جداً ينجح في مهمات متنوعة جداً بمقدار ما تكون من النسق المعرفي. والذكاء معرفي بمعنى أن النجاح في بعض المهمات التي تتطلب قابليات أخرى (جسمية، وجدانية) مستقلّ عن قيمة ح.ذ. إنه فطري، ذلك أن الثابت هو أن شروط الوسط تؤثر تأثيراً قليلاً على الفروق بين القابليات الفكرية. وحُسب أن نحو 80 بالمئة من هذه التغيرات ترتبط، في الحضارات الغربية الراهنة، بعوامل وراثية و20 بالمئة فقط مرتبطة بالوسط. والذكاء مفهوم، وليس شيئاً؛ إنه مفهوم كالجاذبية والكهرباء. ومن المهم جداً أن نفهم هذا التمييز: إن بوسعنا أن ندلّ على شيء، ولكن المفهوم جزء من نظرية علمية، والغالب أن ثمة تشييئاً لمفهوم الذكاء، وذلك هو السبب في ضروب من الأخطاء والخلافات، ومفهوم الذكاء، شأنه شأن المفاهيم كلها، قائم على بحث علمي وعلى إعداد إحصائي لنتائجه.
ويتوزّع الذكاء وفق منحنى غوس المنتظم، الذي له شكل جرس على التقريب، يحتوي غالبية عظمى من الحالات المتوسطة وعدداً أقل فأقل من الأفراد اللامعين أو المتخلفين، فاللامعون في الروائز ينجحون على نحو أفضل في نموذج مجتمعنا؛ وبوسعنا بيان أن الأول من أخوين في أسرة واحدة، أحدهما لامع والآخر ضعيف الموهبة، ميّال إلى أن يرتفع في السلم الاجتماعي والآخر إلى أن يهبط إلى مستوى أدنى من مستوى والديه. فحاصل ذكاء مرتفع أمر لا غنى عنه للنجاح في المدرسة والجامعة. وهناك قليل من الفاعليات التي ليست هي الحال بالنسبة لها؛ ولكننا نجد أيضاً أناساً مستواهم العقلي مرتفع يمارسون الفاعليات الأكثر بساطة. وذلك مصدره أن الذكاء غير كاف للنجاح؛ وليس ثمة بدّ أيضاً من صفات أخرى كالمثابرة، وكذلك دافعية قوية، وظروف ملائمة والحظ.
وبرهن بعضهم على أهمية العوامل الوراثية بأنحاء متعددة، فثمة توائم حقيقيون، ترعرعوا بصورة منفصلة، حاصلات ذكائهم متقاربة جداً. ويشبه الأطفال المتبنّون، من هذه الناحية، أباءهم الطبيعيين أكثر مما يشبهون أباءهم الذين تبنوهم بكثير، على الرغم من أن هؤلاء ربوهم وقدّموا لهم شروط الوسط إذن. وفروق حاصل الذكاء بين أطفال رُبوا في منشأة ذات سمة اجتماعية (ميتم) كبيرة بقدر كبر الفرق، على وجه التقريب، بين الأطفال (الطبيعيين) مع كل تنوع الوسط الذي يفترضه ذلك. وثمة مفعول ذو أهمية كبيرة للأصل الوراثي للذكاء يكمن في ما نسميه (النكوص نحو المتوسط): الأطفال من آباء لامعين لامعون، على نحو أقل مع ذلك، والأطفال من آباء متخلفين هم أيضاً متخلفون عقلياً، ولكنهم متخلّفون بدرجة أدنى. وهذه الظاهرة المعروفة جيداً تجنّب المجتمع كتامة الطبقات الاجتماعية؛ ففي مجتمع ذي حركية اجتماعية كبيرة، يجري على هذا النحو ضرب من المزج المستمرّ بين الطبقات، إذ أن الأطفال الأكثر نباهة من الطبقات العاملة يرتقون إلى الطبقة المتوسطة والأطفال الأقل موهبة من الطبقات المتوسطة يجدون أنفسهم في البروليتاريا.
وتقتضي روائز الذكاء أن نذكر النقد الذي مفاده أنها لن تكون سوى روائز تعلّم أو نجاح مدرسي، وثمة بعض أفراد من الأسكيمو اختُبروا بروائز، وهم في حقول صيدهم بالمناطق القطبية، لم يظهروا أدنى من الكنديين البيض، على الرغم من النقص في ارتياد المدارس لديهم، وحصلوا على نتائج أفضل من عدة جماعات من الأوروبيين الذين كان مستوى ارتياد المدارس لديهم أعلى. وثمة جهود تُبذل لاستخدام مواد في روائز الذكاء مألوفة في كل مكان (كالأشكال الإدراكية والصور) ولتجنب كل ما يُستعان فيه بمعارف يبلغها فقط جزء من السكان الذين يُرازون. وإذا لم يكن بوسعنا قط أن نستبعد المتغير الثقافي استبعاداً كاملاً، فإن بوسعنا أن نجعله مهملاً بصورة نسبية.
الذكاء هو القابلية لفهم العلاقات الموجودة بين عناصر وضع وللتكيف معها، وبغية تحقيق الفرد أهدافه الخاصة. إنه فهم واختراع على الدوام، يقول غاستون فيو (1899 – 1961). وحتى يتحقق الفهم والاختراع، لا بد مسبقاً من ضرب من تنظيم عناصر الحقل السيكولوجي. مثال ذلك، كيف نعمل لندمّر ورماً سرطانياً بواسطة أشعة × دون إلحاق الأذى بالنسج السليمة التي تغطيه؟ فلا بد أول الأمر، لحل هذا المشكل (دونكر)، من أن نعيد النظر في المعطيات الأساسية ونحسب الإشعاع غير الضار، ثم نجعل عدة حزمات، تركيزها وحده سيكون ناجعاً، تتلاقى في المكان المراد، فالقدرة على حل المشكلات الجديدة والتكيف بسرعة مع الأوضاع الجديدة علامة نوعية من علامات الذكاء. واعتقد بعضهم خلال زمن طويل أن فاعلية الإنسان المفهومية والمنطقية، التي تُعد انطلاقاً من اللغة، هي وحدها المتصفة بالذكاء، في حين ان سلوكات التكيف الأخرى كانت ناجمة عن الفاعلية الغريزية. ولكن بعض الباحثين برهنوا، منذ بداية القرن العشرين، بصورة مؤكدة تقريباً، على وجود أشكال أخرى من الذكاء، فليس ثمة ضرب واحد من الذكاء، متنوع الدرجات، بل هناك عدة ضروب تختلف باختلاف الموجودات والأنواع، وللعالم، والقائد الحربي، والفيلسوف، والمهندس، والفنان، والتاجر، أشكال من الفكر مختلفة جداً. ولهذا السبب اقترح ثورندايك (1920) تمييز ثلاثة نماذج كبرى من الذكاء على الأقل: الذكاء المجرّد أو المفهومي الذي يتميّز بقابلية استخدام المواد اللفظية والرمزية؛ الذكاء العملي الذي يجد اليسر في المشخّص عندما ينبغي له التعامل مع الأشياء؛ الذكاء الاجتماعي أخيراً، الذي ينطوي على فهم الموجودات الإنسانية وسهولة التفاهم معها. فللأطفال (والمتخلفين عقلياً) ذكاء عمل بصورة أساسية. ولكنه لا يبدو على شكل محدد عادة.
وتبين أعمال مدرسة جنيف أن القابلية المعرفية تُعدّ طوال الطفولة والمراهقة، وتمر في عدة مراحل تكون الأولى شبيهة بالأشكال الأولية للتكيف البيولوجي وتميل الأخيرة إلى التماهي ببينات الفكر الرياضي المنطقية. إن الذكاء يكتب بياجة قائلاً (يُبنى بمراحل من التوازن متتالية، بحيث أن العمل يبدأ، في كل مرحلة من المراحل، بإعادة بناء ما كان موضع الاكتساب من قبل في المرحلة السابقة، ولكن بشكل أكثر محدودية) فالأولى من هذه المراحل تتكوّن، بشكل حسي حركي، خلال السنتين الأوليين على وجه التقريب، ويعد الطفل، المتفاعل مع وسطه، تخطيطات أولية ستتيح له، بإتساعها وتنسيقها التدريجي، أن ينظم الواقعي. ويستخلص على هذا النحو مفهوم دوام الشيء بصورة خاصة، ويدرك في المستوى التالي، (مستوى الفكر التمثيلي والإجراءات المشخصة) (من سنتين إلى ست سنوات) تلك العلاقات المكانية، والزمانية، والسببية، الموجودة بين الأشياء وبين هذه الأشياء وبينه هو ذاته، إدراكاً تدريجياً، ويمكنه بفضل اللغة والوظيفة الرمزية بصورة عامة، أن يعيد بناء المكتسب السابق كله على المستوى التصورّي، ولكنه يدخل فيه بعض التشوهات الناجمة عن وجهة نظر تتصف بالتمركز على الذات. وتنتظم الإجراءات الأولى التي يمكن أن ينعكس اتجاهها، نحو السنة السابعة، بداية المرحلة الإجرائية بالمعنى الدقيق للكلمة، وتظهر، نحو السنة الحادية عشر أو الثانية عشرة، العمليات الصورية أو الفرضية الاستنتاجية التي تنصبّ على أقوال منطقية وليس على أشياء كما هو الأمر في المرحلة السابقة (عملية مشخصة).
وشكّل الذكاء موضوع أعمال لا تُحصى. فحاول بعضهم أن يقيسه (أول أداة مفيدة ابتكرها أ. بينه) ويحلّله إلى عناصره. والنجاح في بعض المهمات العقلية (اختبارات متنوّعة جداً يخضع له عدة أفراد تابعة، في رأي شارل إدوار سبيرمان (1863-1945)، لعاملين: أحدهما عام (العامل g) (ع)، مشترك بين كل التمرينات؛ والآخر نوعي (عامل s) (ن)، خاص بمهمة خاصة. واقترح هذا المؤلف أن يكون العامل g الذي يسميه (الطاقة العقلية) مماثلاً للذكاء. وبعض علماء النفس، الذين يشكون بقيمة طريقة الارتباطات التي استخدمها سبيرمان، حسنّوا التحليل العاملي وأظهروا قابليات أولية عديدة (ل. ل. ثورستون) تتداخل وفق المهمة الواجب إنجازها. ويتألف الذكاء نفسه، في رأي ر.ب. كاتل (1967)، من قابليتين يصفهما بـ(السيالة) و(المتبلرة) الأولى (g f) (ع س) تتدخل في مهمات التصنيف والتماثلات، على سبيل المثال؛ والثانية (g e) (ع م) تعمل في الاستدلال والحكم، الخ. ومهما يكن من أمر، علمنا التحليل النفسي وعلم النفس العيادي أن الذكاء يختلف عن ضرب من ملكة الفكر. إنه، بوصفه لا ينفصل عن الوجدانية (وعن الانفعالات والنزاعات داخل الحياة النفسية)، تصرّف الشخص بكليته في وضع معين: فالفرد نفسه يمكنه أن يكون نبيهاً في برهنة رياضية، على سبيل المثال، وغير متكيف كلياً أمام مهمة عملية أو محفوفة بالخطر. وكما أن للوجدانية صدى في الذكاء، كذلك الذكاء يمكنه أن يمارس رقابته على الوجدانية. إنه هو الأمر الذي يتيح لبعض الأفراد أن يسيطروا على نزاعاتهم إذ يضفون عليها الصفة الفكرية، أي انه يمنحها صياغة استدلالية.
الذكاء الاجتماعي
Social intelligence
قابلية فهم الرجاء والنساء، والصبيان والبنات وتوجيههم، والتصرّف بحكمة في العلاقات الإنسانية.
هذا التعريف الذي أطلقه ثوروندايك (1920)، الأول الذي ميز الذكاء الاجتماعي على نحو دقيق، ما يزال مستخدماً؛ ويبدو مرضياً، ذلك أنه ذو علاقة بالواقع اليومي، والحقيقة أن الحياة الاجتماعية تقتضي، على ما يبدو، ضرباً ثالثاً من الذكاء، متميزاً جيداً من الذكاء النظري المجرد والذكاء التقني، العملي، وأعد موس، هونت وأمووك (1927) بين الأوائل الذين أعدوا، وجربوا مجموعة من روائز الذكاء الاجتماعي، ولكن النتائج لم تستجب لتوقعاتهم، ووصل الأمر في النهاية، بعد خيبات متلاحقة، حتى إلى الشك في وجود مثل هذه القابلية الخاصة (كرونباخ، 1970) والى الرغبة في التخلي عن هذا الفرض غير المثمر.
وسيكون مثل هذا الموقف مؤسفاً. والأفضل أن نعيد فحص الطرائق المستخدمة حتى الآن والنظر إن لم يكن مصدر الإخفاقات عدم كونها مناسبة للموضوع، والواقع أن الباحثين اعتقدوا اعتقاداً ساذجاً، خلال فترة طويلة من الزمن، أن التقنيات التي اختبرت، تقنيات البناء الكلاسيكي للروائز العقلية، وعلى وجه الخصوص، ربما، الوسائل التي تقدمها الحاسبات، تتيح لهم أن يعزلوا ضرباً خالصاً من عامل (الذكاء الاجتماعي) وعرف هذا العهد أوجه مع براغماتية التحليل العاملي، بين السنوات الثلاثين والستين، ولكنه يبدو أنه يبلغ نهايته، ويلجأ ماك كلولاند (1973) إلى توجيه جديد للبحث في الذكاء، الذي لا ينبغي له أن يكتفي بابتكار (روائز ألعاب) بل ينبغي له أن يأخذ على محمل الجد ذلك البحث عن معايير التصرّف التي يمكننا انطلاقاً منها أن نؤسس التنبؤات؛ وسيكون مع ذلك، يوضح ماك كلولاند، من الخطأ أن نعتقد أن يكون بعض الأشخاص الذين نجحوا نجاحاً كبيراً في حياتهم المهنية والخاصة هم التشخيص ذاته للإنسان الذكي من الناحية الاجتماعية، ذلك أن الأمر الذي تم البرهان عليه مفاده أن انعدام المساواة الاجتماعية الاقتصادية يؤثر تاثيراً حاسماً في حظوظ التربية والتكوين أضف إلى ذلك أن رائزاً لا تثبت صحته إلا مفاهيم مقدار الدخل أو الوضع المهني لا يكف عن أن يعكس الفروق الاجتماعية ولا يعلمنا شيئاً لا نعلمه من قبل، وعلى العكس، يؤكد ماك كلولاند أن أسلوب التصرّف في الأوضاع الصعبة يكوّن معياراً هاماً، ذلك أن هذا الأسلوب يستخدم صفات شخصية كالقدرة على التواصل، والصبر، ونضج الطبع، وتجعل العمل متناسباً مع الهدف المنشود، وفي هذا السبيل، إنما يمكن أن يجد علم النفس مستقبله، فإذا تخلينا إذن عن أن نرى في الذكاء الاجتماعي عنصراً تقيسه الروائز حتى نعتبره استعداداً للتصرف اجتماعياً على نحو مناسب، فإن مصطلح الكفاية الاجتماعية يصبح المصطلح الأكثر اتصافاً بأنه مناسب، لأنه يأخذ بالحسبان بواعث الشخص ومقاصده (أرجيل، 1969).
وتبدو مثل هذه (الكفاية) أنها تركز على قابلية للمعرفة الحدسية بالغير والمشاركة الوجدانية، اللتين تتيحان لنا أن نرى ونتصرف، إذ نضع أنفسنا من وجهة نظر شريكنا (غ. هـ. ميد، 1934؛ أرجيل). ومع ذلك، لا تبدو هذه القابلية نامية بصورة خاصة لدى (الإنسان الميكيافيلي) (كريستي وجيس، 1970) الذي لا يظهر لنا، على الرغم من نجاحاته كلها، أنه (كفيا) من الناحية الاجتماعية، أقله بالمعنى الأخلاقية للمصطلح. فمسألة الذكاء الاجتماعي لا يمتد إلى مجال الأخلاق فحسب، ولكنه يمتد أيضاً إلى قطاعات أخرى، منها علم النفس التكويني، وتبين على هذا النحو بحوث أجريت انطلاقاً من اعمال بياجه أن ضروب التركيز المعقدة الخاصة بالإدراك وفهم الغير ليس ممكنة إلا بدءاً من عمر معين (ميلر، كيسيل، وفلافيل، 1970).
الذكاء الحسي الحركي
Sensori – motor intelligence
شكل من أشكال الذكاء قبل اللفظي، يميز الأطفال الذين لم يبلغوا بعد مرحلة الفكر قبل الإجرائي ولكنهم الذين يكتشفون الآن تصرّفات الالتفاف والعودة، التي تجسد مسبقاً، تجسيداً جزئياً، الترابطية (نتيجة حاصلة بفعل مسعيين مختلفين يعترف على الأقل أنها نتيجة (واحدة)) وانعكاسية الإجراءات (القدرة على تنفيذ عمل في اتجاهي المسار، مع الشعور في الوقت نفسه أن العمل هو نفسه).
ذكاء الطفل، من الولادة حتى الشهر الثامن تقريباً، ذكاء مشخص وعملي بصورة أساسية، يوجهه العمل، وليس لدى الرضيع، خلال الشهر الأول، سوى تكوينات وراثية ينتظم تصرّفه انطلافاً منها. ثم تترسخ المنعكسات بتاثير المفعول التراكمي للممارسة، وتنشأ أشكال أولية من العادات (بين شهرين إلى ثلاثة). وتظهر، بين الشهر الثالث والسادس (نحو أربعة أشهر ونصف عادة) ومع بدايات التنسيق البصري واليدوي، سلوكيات جديدة تؤمن الانتقال بين العادة البسيطة والذكاء، إنها الحقبة التي يكرر فيها الرضيع تكراراً فاعلاً تصرّفه نفسه للحصول على النتيجة المنشودة، حين يحدث على سبيل المصادفة ضرباً من المفعول (أنه، على سبيل المثال، يهز مجموعة من الجلاجل إذ يشد حبلاً قصيراً) ذلك إنما هو ما يسميه جيمس مارك بالدوين (1861- 1934) (الارتكاس الدائري) وتصبح المخططات الأولية المبنية بواسطة الارتكاسات الدائرية، بدءاً من الشهر الثامن أو العاشر، (قادرة على أن تتناسق فيما بينها، إذ يستخدم بعضها بوصفه وسائل وبعضها الآخر يحدد هدفاً للعمل ) ج. بياجيه، 1947، ص124) وعلى هذا النحو إنما يبدأ الرضيع، ليمسك لعبة مخبأة وراء شاشة، بإزاحة هذه الشاشة، ثم يستولي على الشيء المشتهى، ويهتم الطفل، بين السنة والشهر الثامن عشر، بالجدة لذاتها ويكتشف، بالتلمسات، تصرفات جديدة لن يلاحظ أي شخص سمة الذكاء فيها: جذب شيء نحوه بواسطة السجادة التي وضع عليها، أو بحبل صغير مرتبط بها، أو بعصا مستقلة، وأخيراً، قد يكون هناك ، بعد الشهر الثامن عشر، ابتكار أساليب بفهم مفاجئ للوضع (هذا ما يسميه كارل بوهلر Aha-Erlebnis؛ ويسميه ولفغانغ insight (أي الاستبصار) ولم يعد الطفل يحتاج إلى التجريب الفاعل، إنه يستدخل الأعمال، بمخطط أولي من الامتثال الذي يعلن الانتقال من الذكاء الحسي الحركي إلى الفكر بالمعنى الحقيقي للكلمة.
الذكاء الحيواني
Animal intelligence
إذا كان بوسعنا أن نعرّف الذكاء بالقدرة على حل مشكلات مشخصة، فإن هذه القدرة موجودة أيضاً لدى الحيوانات العليا. وكان الاعتقاد السائد، حتى زمن قريب العهد، أن الذكاء وقف على الموجودات الإنسانية، إذ ليس بوسع الحيوانات أن تقاد إلا بـ(غرائزها). وكانت حيل البهائم المتوحشة، الأكثر غرابة، تعتبر سلوكات فطرية، مسبقة الصنع، إذ لا تستخدم أي (ذكاء). ولكن هذا الاعتقاد غير مقبول بفضل الملاحظات على ارض الواقع والتجارب العديدة التي أجراها علم النفس وعلماء الحيوانات الذين درسوا سلوكها العفوي. إن إتين روبو روى حيلة عقعق لاحظه عام 1904: كان العقعق، الذي اشتهى قطعة اللحم التي كان هر يمسكها بين مخالبه، يدور وهو يقفز حول الهر، إذ يضيق الدوائر التي كان يرسمها تضييقاً تدريجياً في الوقت نفسه، ثم نقر العقعق نقرة بمنقاره فجأة ذنب الهر الذي التفت وهو يرخي قطعة اللحم؛ فاستولى العقعق عليها وفر هارباً، وبين ف. روسيف، في فيلمه عن الحيوانات (كيف أن ثعلباً كان يتظاهر بالموت حتى يجتذب الغربان إلى أن أصبحت في متناوله، ووصف عالم النفس الياباني م كاواي (1965) واقعاً (ثقافياً) لدى قرود من الماكاك في جزيرة صغيرة من بلاده (Macaca fuscata) كانت أنثى منها تؤثر أن تغمس حبة البطاطا الحلوة في جدول، بدلاً من أن تقضمها مباشرة، حتى تخلصها من الرمل الذي كان يغطيها، وحاكاها على وجه السرعة أصغر قرود القطيع، ثم أمهاتها التي انضمت إليها القرود المترددة، وبعد فترة زمنية قدرها تسع سنوات، كان القطيع كله قد تعلم عادة غسل الدرنات، باستثناء الأكبر عمراً، أضف إلى ذلك أنه رأى، بما أن البحر كان قريباً (على بعد بعض عشرات من الأمتار) بعض قرود الماكاك تؤثر الماء المالح على الماء العذب وتطيب حبات البطاطا، إذ تغمسها في ماء البحر قبل كل قضمة، ووصف أيضاً علماء الرئيسات من الثديات اليابانيون تصرفات ذكية أخرى للقردة الشبيهة بالإنسان، كالعملية الكامنلة في فصل حبات القمح عن رمل الشاطئ حيث كان تنتشر هذه الحبات، إذ تلقي هذه القردة قبضات من الخليط في الماء (الرمل يغوص في الماء بسرعة أكبر من القمح) وتخيل علماء النفس، إلى جانب هذه الملاحظات المباشرة في الوسط الطبيعي، أوضاعاً عديدة لتقييم ذكاء الحيوانات، بعضها تجارب التفاف، وأخرى تجارب استخدام أدوات أو تعلّم، فقد بين لويس فيرلين على هذا النحو أن قرد الماكاك (macus sinicus) كان قادراً على التجريد، في حين ان ولفغانغ كوهلر (1887 – 1967) وعالمة النفس ناديا لاديغينا – كوتس برهنا بصورة مؤكدة أن القرود العليا قادرة على صنع الأدوات (تشبيك قطع من الخيرزان بعضها في بعض لصناعة عصا طويلة بغية الوصول إلى قرن موز موضوع في غير متناولها، تقويم قضيب من الحديد ملتف حول نفسه لدفع طعام محصور في أنبوب رقيق طويل؛ الخ) بل الشامبنزي قادر على أن يتعلم اجتياز متاهة معقدة يقتضي استخدام رمزي غير لفظي يمكنه، بالنسبة للإنسان، أن يصاغ على النحو التالي: (دورتان إلى اليسار، دورتان إلى اليمين، ثم دورة إلى اليسار) وهكذا دواليك حتى إثني عشرة من الدروات، وأفلح عالما نفس من جامعة نوفادا (في الولايات المتحدة) ر. ألن غارندر وبياتريس ت. غارندر (1969، 1971، 1976) في تعليم شامبنزي أنثى، واشو، عمرها نحو سنة في بداية التجارب، أن تستخدم إشارات من مدونة الإشارات التي يستخدمها الاطفال الصم الأمريكيون، الإشارات اللغوية الأمريكية (إ.ل.أ.) والمقصود لغة إشارية من النوع القياسي، حيث تمثل كل إشارة مفهوماً. ومثال ذلك أن الذراعين المتصالبتين على الكوعين تعنيان (رضيعاً) أو (لعبة) مع التوسع، والإبهام في الفم يعني (الشرب) والإصبع على الأذن يعني (الإصغاء) واليد على قمة القحف (القبعة) الخ. فاستوعبت واشو مئة واثنتين وثلاثين إشارة، وأفلحت في أن تستخدم بعضها في سياقات مختلفة عن شروط التعلم. وعلى هذا النحو إنما استخدمت تلقائياً إشارة (اكثر)، والمرتبطة في البدء بالغذاء، للنزهة، أو أنها ايضاً أشرت إشارة (كلب) حين سمعت نباح كلب في الشارع. ولاحظ ر.أ.(و) ب. ت. غاردنر أيضاً أكثر من مئتين وتسعين من التوافيق المختلفة من الإشارات، ذات علاقة بجمل كالجملتين التاليتين: (قدّم لي طعاماً) أو (روجر يدغدغ واشو) وجلب عالم نفس آخر، روجر س.فوتس، من جامعة أوكلاهما (الولايات المتحدة الأمريكية واشو عام 1970، إلى مستعمرة الشامبنزي التي كان يعمل عليها؛ وسرعان ما توجهت واشو إلى الرفاق الجدد (لا سيما إلى ذكرين، برونو وبو، اللذين كانا قد علما ثلاثين إشارة من اللغة الإشارة الأمريكية) باللغة التي كانت قد تعلمتها. وولدت واشو توأمين فيما بعد، ولكنهما لم يعيشا، فعهد إليها روجر س. فوتس عندئذ برضيع شامبنزي (لولي)، ربته بوصفه ابنها، وحاكى لولي واشو واكتسب خلال زمن قليل تلك الحركات التي تعني (الطعام) الشراب) (الحار) الثمرة) أعطني) وفي إيار (مايو) 1979، في أعقاب أزمة مزاج سيء كان قد صرخ ودفع يد أمه بالتبني، صالب ذراعيه على صدره في عدة مناسبات (إشارة لـ"العناق" إلى أن غفرت له واشو).
وثمة تجربة أخرى مدهشة كان قد أنجزها الدكتور دافيد بروماك (1969 – 1971 – 1972) عالم نفس من جامعة كاليفورنيا شرع يعلّم سارة، شامبنزي عمرها خمسة سنوات، (القراءة) والكتابة مستخدماً قطعا من مادة بلاستيكية ملونة، يمكنها أن تلتصق على لوح مغناطيسي، وبدأ يعلمها العلاقة بين هذه القطع البلاستيكية والأشياء والصفات التي كانت ترمز إليها، مثلث أخضر يرمز إلى التفاحة، مربع إلى قرن الموز، نجمة إلى الشوكولاه، صورة ظلية جالسة إلى سارة، الخ. وكان الحيوان يحوز خلال سنتين مجموعة من المفردات عددها مئة وخمس وعشرون كلمة مؤلفة من أسماء مشتركة، واسماء أعلام، ونعوت، وأفعال، (يأكل، يأخذ، يقطع) وظروف، وحروف جر وروابط تبعية (في، على، أمام، إلى جانب) ومفهومي نعم ولا، وحتى علاقات منطقية (إذاً.. إذن) (إذا أخذت سارة التفاحة، إذن ماري لا تعطي قرن الموز) وتعلمت سارة، في مرحلة ثانية، أن تؤلف جملاً صغيرة مختلفة مثل: (سارة تضع قرن الموز في السطل) وأخيراً، عندما كانت تسأل، فإنها كانت تجيب بالضرورة؛ مثال ذلك أنها كانت تؤلف الجملة التالية جواباً علن السؤال (ما التفاحة؟) : (التفاحة ثمرة حمراء) أو كانت تجيب أيضاً عن السؤال (ما التفاحة بالنسبة للملعقة؟) بالجملة التالية: (التفاحة مختلفة عن الملعقة). وفي رأي د. بروماك أن سارة ربما نجحت على هذا النحو في اكتساب منظومة السنية، وحصل عالما النفس ر.أ (و) ب.ت. غاردنر في نيسان (إبريل) عام 1976، من جهتهما على رسوم أولية من الشامبنزي خاصتهما، الذي بدأ حتى قادراً على أن يمثل عصفوراً عندما يطلب إليه، فكل هذه الوقائع تبرهن، برهاناً لا يتطرق إليه الشك، أن الحيوانات العليا، والرئيسات من الثدييات على وجه الخصوص، قادرة على القيام بأفعال ذكية.
متعلقات
الذكاء(1)
تعريف الذكاء
الذكاء مفهوم مجرد اختلف في تعريفه وتحديده علماء النفس والتربية ، ولكنه يدل على "قابلية الفرد على حل المعضلات الفكرية" أو "قابليته على التكيف تجاه المواقف الجديدة" أو" قابليته على التفكير التجريدي والاستفادة من التجارب" لو سالنا انفسنا سؤالا مفاده: ما هو الذكاء ؟ فهل تكون الإجابة سهلة ميسورة؟
لقد شاع استخدام كلمة ( ذكاء ) بين الناس بحيث يستخدمها الخاص والعام والصغير والكبير وهي تعني عندهم : سرعة البديهة ، وحسن الحكم على الأشياء وسرعة الاستجابة .
" ولكن في الحقيقة : الذكاء ليس بذاك المفهوم الذي يمكن تعريفه بسهولة وهناك اختلاف حتى بين الأخصائيين ، حول كيفية تعريفه وتحديد صفاته ، وذلك لأن كلمة ( ذكاء ) هي اسم يستخدم للدلالة على شيء أو غرض له مواصفات أو ميزات محددة لكن الذكاء في الحقيقة هو : مفهوم مجرد عالي التعقيد ليس له صفات محددة كالطول أو القصر أو اللون أو الوزن (درويش ، 2000 : 48).
"وهناك من يعرف الذكاء بأنه المقدرة الفعلية ، ومن هنا يحكم على الشخص الذي يحل مثلاً الكلمات المتقاطعة بسرعة أنه ذكي ، والذي يعجز عن حلها بنفس الأسلوب يصفه بأنه متدني الذكاء . وفي الحقيقة فهذا استنتاج غير دقيق أو أكيد ؛ لأن هناك أسباباً أخرى ربما تداخلت مع تصرف كل منهما لتحقيق تلك النتيجة . فالنتيجة المتدنية في اختبار الذكاء المباشر قد تعزى إلى شعور الشخص بالتعب أو قلة الاهتمام وقلة الإثارة ، و القلق لخوض الاختبار أو أي أسباب أخرى مما لا علاقة له بتدني الذكاء ( حسن : 13 ( .
ويعرف سيبرمان الذكاء بأنه القدرة على إدراك العلاقات وخاصة العلاقات الصعبة أو الخفية
تقسيم فريمان للذكاء:
ويقسم فريمان تعريف الذكاء إلى أربعة أنواع:
النوع الأول: يهتم فيه التعريف بتكيف الفرد أو توافقه ، مع البيئة الكلية التي تحيط به... ومن أمثلة هذا تعريف بنتنر pintner للذكاء بأنه قدرة الفرد على التكيف بنجاح مع ما يستجد في الحياة من علاقات.
النوع الثاني: يؤكد الذكاء باعتباره ( القدرة على التعلم ) ووفقاً لهذا التعريف يصبح ذكاء الفرد مرهون بمدى قابليته للتعلم ومن أمثلة هذا النوع تعريف ديربون dearborn للذكاء بأنه القدرة على اكتساب الخبرة والإفادة منها .
النوع الثالث: يعرف الذكاء بأنه القدرة على التفكير المجرد وهذا هو التعريف الذي قدمه لنا لويس ترمان، غير أن هناك بعض الاعتراضات على هذا التعريف إذ أنه يتضمن أن الذكاء لا يمكن أن يظهر في المستوى العياني أو الحسي.
النوع الرابع : هذا النوع من التعريفات أكثر اتساعا في نظرته من الأنواع السابقة ومن أمثلته تعريف ويكسلر للذكاء بأنه ( القدرة الكلية لدى الفرد على التصرف الهادف والتفكير المنطقي والتعامل المجدي مع البيئة .( جابر ، 1975 : 40- 41)
وبالنظر للتعريفات السابقة نجد أنها متعددة وكل منها يتناول جهة معينة في تعريفه للذكاء ، وهو بطبيعة الحال يرجع إلى وجهة نظر صاحب التعريف ، فسيبرمان يركز في تعريفه للذكاء بأنه القدرة على إدراك العلاقات ، وأما بنتنر pintner فإنه يتناول قدرة الفرد على التكيف بنجاح مع ما يستجد في الحياة من علاقات ، وأما ديربون dearborn فيؤكد بأنه القدرة على اكتساب الخبرة والإفادة منها .
وعرف ( سيرل بيرت ) الذكاء على أنه قدرة فطرية معرفية عامة .( عبد الغفار ؛ القريطي ، 1997 ، 282).
وربما كان بهذا التعريف شيء من العمومية ومن هنا يكون الارتباط بين الذكاء والمقدرة المعرفية العامة .
وبنظرة سريعة إلى أنواع المعارف المختلفة في حياة الإنسان وحل مشاكله ، والنشاطات الفعلية المختلفة له نجد أنها تحتاج إلى القدرات العقلية من الإنسان . لكن ما من شك في اختلاف القدرات العقلية بين المرء والآخرين .
وإذا أردنا تعريف ( مصطلح المعرفة ) لنكون أكثر دقة في معرفة الارتباط بين الذكاء والمقدرة المعرفية العامة ، ففي تعريفه " ربما تقابلنا بعض الصعوبات في الوصول إلى مفهوم متفق عليه فيما تتضمنه هذه الكلمة ، فإنه يشير بوضوح إلى النشاط العقلي المتعلق بالتفكير ، بكلمة COGNITIVE فهي كلمة لاتينية وتعني التفكير ، متضمنة في المعرفة على مثل هذه الأشياء : مثل المعرفة بالواقع الخارجي ، عملية الفهم ، وحل المشكلة ، واستنباط العلاقات والارتباطات .( عبد الغفار ؛ القريطي ، 1997 ، 282).
" نشرت ( صحيفة علم النفس التربوي ) نتائج ندوة حول " الذكاء وقياس الذكاء " عقدت سنة 1921 وضمت تعريفات 14 خبيراً حول الموضوع . ومن هذه التعريفات ثمانية هي الأقل غموضاً ويمكن اختصارها بما يلي :
- القدرة على القيام بالتفكير المجرد .
- القدرة على الاستجابة بشكل صحيح أو واقعي .
- القدرة على كبت الغرائز وعلى التحليل والمثابرة .
- القدرة على التعلم والاستفادة من التجربة .
- القدرة على اكتساب القدرات .
- القدرة على تكييف النفس مع ظروف المعيشة المستجدة .
- القدرة على تكييف النفس مع المحيط .
- سعة الاطلاع وحيازة المعرفة .
يمكن من مطالعة هذه التعريفات ملاحظة مدى التباعد بين بعضها ، ومدى التقارب بين بعضها الآخر . لكن المطالعة في العمق تبين لنا أن هناك عوامل ثلاثاً مشتركة بين معظم هذه التعريفات ، وهي الذكاء اللغوي ، وحل المسائل ، والذكاء العملي ( حسن : 14 (
مفهوم الذكاء عند بينيه
يرى كثير من علماء القياس بأن ( بينيه ) هو أول واضع لمقياس موضوعي ودقيق للذكاء وواحد من خبراء الطب العقلي القلائل . وقد قرر بينيه بأن :
ع ع : العمر العقلي
الذكاء = X 100
ع ز : العمر الزمني
وقرر بأنه :
1- يمكن وضع معايير لمستويات العمر المختلفة ومجموعة الأسئلة التي أجاب عنها طفل في سن 6 مثلا توضع في فئة السن 6 وهكذا . . . وهذه ملائمة لذكائه إذا أجاب عنها ( 60 – 75 %) من الأطفال في هذه السن .
2- أن العمر العقلي لدى بينيه يشير إلى ( مستوى القدرة العقلية ) للفرد بمقارنته بالأفراد الآخرين في مثل سنه ولكن المشكلة هو أننا لا نعرف هل الفرد هنا ذكر أم غبي ما لم نقارنه بين العمر العقلي والعمر الزمني .) ياسين ، 1981 : 34 (
ونرى كما يرى كثير من الباحثين والعلماء بأن ( بينيه ) كان واحداً من أولئك العظماء الذين ساهموا في ميدان القياس للقدرات العقلية بحدود عصرهم وظروفهم و يكفيه أنه كان من أوائل الأعمدة الكبرى الذين قاموا ببناء الصرح .
فإننا إذا دققنا النظر في اختبار بينيه نجد أنه يعطينا فعلاً تحديداً للعمر العقلي ونسبة الذكاء من خلال معادلته السابقة . لكنه لا يقدم لنا سوى ( درجة واحدة ( لدلالة على الذكاء فهو لا يعطي العناصر أو العمليات التي يتكون منها الذكاء (تفصيليا ) ( ياسين ، 1981 : 34 ( .
وقد تعرض مقياس بينيه لكثير من التعديلات لعل أشهرها تعديل لويس ترمان (1877 – 1956 ) والذي أطلق عليه مقياس ستانفرد – بينيه للذكاء .( أبو حطب ، 1996 : 337 ( . "
أنماط الذكاء
مما سبق يتضح لنا أن فكرة قياس حاصل الذكاء سيطرة على كثير ممن تعرضوا لتعريف الذكاء ، ومن هنا رأينا بعضهم يصف الذكي بأنه من يحل بعض المسائل الحسابية أو الألغاز اللغوية .
وهذه الفكرة يرى بعض العلماء أنها اختلفت بل يرى أنها أصبحت بالية نظرا لضيق أفقه ، لأنه يتعلق بالأدمغة التي تفكر بطريقة معينة فقط ، وهو نهج تحليلي كمي وليس نوعي .
لذا يرى الدكتور حسن مرضي في كتابه ( مدخل إلى فهم الذكاء ) أن هذا المنهج في طريقه إلى التغيير يقول : "فالمربون يسعون إلى توسيع إطار الاختبارات لتستوعب عدداً من الذكاءات وليس ذكاء واحدا أو اثنين . ( حسن : 109 (
ومما يوضح ذلك أن) هاورد جاردنر ) من كلية هارفرد للتربية يرى أن للذكاء ستة أنماط لدى معظم الناس ، ويكاد كل شخص يكون مبرزاً في واحد منها على الأقل وهي :
الذكاء اللغوي : ويتضمن البراعة في التعامل مع الكلمات المنطوقة أو المكتوبة .
الذكاء الموسيقي : هو القدرة على تذوق أو إبداع أنماط من النغم والإيقاع .
الذكاء المنطقي : وهو القدرة على التعامل مع سلسلة طويلة من الأفكار في آن .
الذكاء الحيزي : النحاتون والرسامون والمصممون يتمتعون به.
الذكاء البدني : وهو القدرة المتقنة على التحكم بالحركة .
الذكاء الشخصي : وهو القدرة على فهم تصرفات الآخرين ومشاعرهم ودوافعهم وهذا الذكاء الشخصي الداخلي يظهر في مرحلة مبكرة من العمر . (حسن : 111 )
ويترتب على هذا التصور ضرورة أن تركز عمليات التنشئة والتعليم على مزيج الذكاء الفريد الخاص بكل طفل، وشديد التنوع في أي مجموعة من الأطفال. وهنا منشأ حتمية أن تتمركز عمليات التنشئة والتعليم على الطفل الفرد، إن كان للبشرية أن تتيح لكل إنسان حقه الجوهري في تحقيق الذات إلى أقصى حد ممكن، من خلال تنمية المواهب .
فالطفل الذي تبرز لـديه الاستعدادات الجسدية-الحركية مثلاً يجب أن يُشجع على تنميتها بدلا من العمل على حبس نمو الأطفال في إطار تنمية المهارات اللغوية والمنطقية فقط كما يحدث في أشكال التعليم التقليدية.
وجدير بالإشارة إلى أن أساليب حفز الذكاء تتنوع من صنف لآخر، وعليه، فإن طرائق التنشئة والتعليم لابد أيضاً أن تتنوع بما يتناسب مـع تنوع ذكاوات الأطفال. ولا فكاك، والحال كذلك، أن تفسح أساليب تقييم الذكاء والقدرات المجال لاعتبار صنوف الذكاء كافة.
فكل طفل يمتلك موهبة مـن نوع ما، يتوقف تبلورها، في النهاية ، أو كبتها، على ثراء استثارة محيطه الاجتماعي، في الأسر والمؤسسات التعليمية، لتكوين مخه وقدراته. ولذلك يختلف مدى، وتضاريس، خريطة بزوغ القدرات بين الأطفال من مجتمع بشرى لآخر.
ويفتح مفهوم تعدد الذكاوات باب الابتكار والإبداع في مجالات التنشئة والتعلم واسعاً. والواقع أن الإعجاب بالمفهوم والتعلق به يزداد بين المعلمين المخلصين لرسالة التعليم السامية والبارعين في القيام بها، حيث يعتبرونها المدخل الأساس فـي إنشاء علاقات وثيقة ومتميزة مع تلاميذهم تمهد لهؤلاء التلاميذ الطريق لاستكشاف قدراتهم الكامنة وتنميتها في سياق تعليمي محبب، ينهض على تنويع الأساليب التعليمية بما يناسب تنوع قدرات الأطفال، ويؤدي لزيادة حرصهم على التعلم، وتمتعهم به، بما يعمق من تبصرهم بمكنونات انفسهم ويمكنهم من تحقيق ذاتهم، ويرفع من ثم، مكانتهم في محيطهم العائلي والاجتماعي، ويصبح ، في النهاية، بالغ الجدوى لنجاحهم في الحياة، ولازدهار الحياة.
التعريف المختار للذكاء
الذكاء هو القدرة على التفكير السليم المنطقي واستنباط المعنى والاستفادة من الخبرات والحكم على الأمور ببعد نظر.
أنواع الذكاء
لقد وجهنا الله سبحانه في كثير من الآيات القرآنية إلى استخدام قدراتنا العقلية حتى نصل إلى اكتشاف الحقائق والأدلة والبراهين العقلية المؤيدة لحقيقة الكون الإلهي.
وعادة ما نطلق على مثل هذه القدرات تعبير ) الذكاء المجرد ) و( الذكاء التجريدي ). وهناك نوع آخر من الذكاء تناوله القرآن الكريم ألا وهو ما يسمى بالذكاء الاجتماعي بشكل مقبول ومعقول، وفق المعايير والأسـس المتفـق عليها، بالإضافة إلى القدرة على استخدام الخبرات المتعلمة في المواقف الجديدة.
هذا بصورة عامة، أما في حالة الحديث الاجتماعي بشكل خاص فإننا نجد بأن تعريف الاجتماعي لثورندايك يشير إلى أنه القدرة على فهم الآخرين وكيفية التعامل معهم .
وبالرغم من أن مفهوم (الذكاء الاجتماعي) يعتبر من المفاهيم حديثة العهد، إلا أن القرآن أشار إليه ووجه أنظار المسلمين تجاهه، بل ووضع لهم تعريفاً متكاملاً له:
) ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون ، ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم). الحجرات : 4
وهكذا نرى في الآيات السابقة إشارة واضحة إلى الأساليب غير الاجتماعية في التعامل مع الآخرين والتي تتنافى مع مفهوم الذكاء الاجتماعي والتي يجب البعد عنها مع الحث على اتباع السلوك السليم الذي يدل على حسن استخدام الإنسان لقدراته العقلية بشكل اجتماعي مقبول ومفيد.
مظاهر الذكاء
الذكاء هو الوجه الآخر لمفهوم القدرات العقلية، إذ أنه وكما هو معروف، لا توجد آلة أو جهاز يمكن عن طريقه التعرف على ما لدى الفرد من قدرات عقلية أو التوصل إلى مستوى ذكائه. ولكن يمكن تقدير مستويات الذكاء نسبياً بشكل غير مباشر عن طريق ملاحظة السلوك العام أو بعض مظاهر السلوك أثناء تأدية الفرد لبعض النشاطات العقلية نظرية كانت أم عملية أم اجتماعية.
- فإذا ما استطاع الفرد أن يستخدم قدراته العقلية في التوصل من العام إلى الخاص مثلاً، فإن ذلك يعتبر مظهراً من مظاهر الذكاء، قال الله تعالى: (وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار افلا تعقلون ) (المؤمنون 80 (
- وقد تبدو مظاهر الذكاء في اتجاه الإنسان إلى التفكير في وجود السماوات والأرض وطبقات الجو وما خلق الله من إنسان ودواب وطيور وأشياء مادية أخرى، وفي نظام الكون وإحكام تدبيره، ونوع ما يؤدي به إلى التعرف على الحقائق واكتشاف ما خفي منها عن الأذهان، وهذا الموقف هو مغاير ومعاكس لموقف فرعون تماماً لأنه طعن وظن أنه إله فجحد وجود الخالق ودل على جهله وغبائه وقصور قدراته عن الاستدلال كما يفعل أصحاب العقول والأفكار والبصيرة.
جاء في محكم الكتاب المبين:
) َقال فرعون وما رب العالمين، قال رب السماوات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين،قال لمن حوله الا تستمعون ، قال ربكم ورب آبائكم الاولين ، قال ان رسولكم الذي ارسل اليكم لمجنون ، قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون) (الشعراء 23 – 28 (
- ومن مظاهر الذكاء القدرة على التصنيف. فعندما يرتفع مستوى الذكاء تتسع مدارك الإنسان فيصبح أكثر قدرة على تصنيف الأشياء بعدة طرق وأساليب متنوعة.
أما في حالة عدم تنمية القدرات العقلية فإن القدرة على التصنيف تصبح محدودة لدرجة تجعل من الصعب على الإنسان تصنيف الأشياء بشكل واسع، قال تعالى:
( وفي الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفصل بعضها على بعض في الاكل ان في ذلك لايات لقوم يعقلون) (الرعد4( .
4- ومن مظاهر الذكاء استخدام الإنسان للأدلة العلمية ومتابعة الأحداث ومقارنة الوقائع وفحص البراهين للتوصل إلى إقرار حقيقة علمية أو نفيها. فلقد أنكر الله سبحانه على اليهود والنصارى دعواهم بأن إبراهيم (عليه السلام) منهم، على الرغم من علمهم بأن زمنه كان سابقاً لهم. ولو أنهم استخدموا قدراتهم العقلية بشكل ذكي لعرفوا تلك الحقائق ولاكتشفوا خطأهم بأنفسهم دون عناء.قال تعالى:(يا اهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم وما انزلت التوراه والانجيل الا من بعده افلا تعقلون) (آل عمران 65(.
الذكاء ومرحلة الطفولة
إذا كان الذكاء هو القدرة على التفكير السليم المنطقي واستنباط المعنى والاستفادة من الخبرات والحكم على الأمور ببعد نظر فهل يقال إن الطفل الذكي دائماً طفل شقي .. فهل الذكاء موهبة خلقت مع الطفل منذ ولادته ويعبر عنها بالشقاوة الزائدة أم أن الذكاء تنمية لقدرات الطفل بعد ولادته واكتسابه له من خلال الاحتكاك بالحياة مع الآخرين ؟
إن الذكاء عادة ما يتحدد بالعامل الوراثي بنسبة 60 % إلى 65 % كما أن الذكاء يمكن أن يكون ذكاء اجتماعياً أو ذكاء حسابياً ، فالذكاء الاجتماعي هو القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية وعلى التصرف وسط الجماعة بتلقائية ونجاح، وهو الذي يأتي من خلال التنشئة الاجتماعية ومن خلال درجة الاختلاط بالبيئة المحيطة بالطفل ودرجة السماح له بالتعامل مع المتغيرات البيئية والقدرة على الاحتكاك الاجتماعي وزيادة المؤثرات التي تنمي قدراته العقلية وتظهر مواهبه .
أما الذكاء الحسابي فهو القدرة على حل المشاكل والقدرة على ربط الأشياء ببعضها واستنباط العلاقات التي تقاس بالاختبارات والمقاييس السيكولوجية التي تحدد قدرة الطفل على حل المشاكل عن طريق التفكير بينه وبين نفسه .
وعندما نتحدث عن الذكاء بصورة عامة سواء كان حسابياً أم اجتماعياً ، فمما لا شك فيه أن الطفل الثالث أو الرابع في الأسرة تكون فرصته أكبر في مستوى ذكائه كلما أتيحت له الظروف الملائمة وكانت خبرة الوالدين أعمق في التنشئة السليمة والاستفادة عن طريق تجنب أخطاء سابقة مع الطفل الأول أو الثاني.
وإذا كان العلماء اختلفوا في تعريف الذكاء ، وأعطوه أكثر من تفسير أو تعريف . من أهمها أن الذكاء يعني قدرة الإنسان على ربط العلاقة بين الأشياء ، أو أنه : هو القدرة على التفكير السليم والاستنباط ؛ بمعنى استنتاج المعنى من وراء أي كلمة أو مفهوم والاستفادة من الخبرات السابقة وبعد النظر في الحكم على الأمور ، أو أنه يعني القدرة على حل المشاكل بتلقائية دون الاستعانة بالخبرات المشابهة السابقة وأن الذكاء هو القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية مع القدرة على التصرف في وسط الجماعة.
الذكاء الوجداني
" الذكاء ليس شيئاً يوجد مباشرة في الطبيعة قد ننجح في عزله وقياسه ، فهو مفهوم نجده صالحاً لوصف سلوك الإنسان . ( ياسين ، 1981 : 49 ( . لذلك فإن هناك ذكاء من نوع آخر وهو ا لذكاء الوجداني emotional intelligence.
ويشير أنصار الذكاء الوجداني إلى أن الذكاء التقليدي، مقاساً بنسبة الذكاء، ليس قميناً بتحقيق النجاح في الحياة، حيث يحقق بعض محدودي الذكاء، بالمقياس التقليدي، نجاحات باهرة بينما يفشل بعض من مرتفعي نسبة الذكاء ذريعاً.
وتتفاعل في تكوين الذكاء الوجداني، بدوره، قدرات متعددة، بعضها نفساني والآخر اجتماعي، تشمل ضبط النفس، والتحكم في المزاج، والحماس، والمثابرة، وحفز الدافعية الذاتية، وإرجاء الإشباع، ومنع الإحباط من تعطيل القدرة على التفكير، وإعلاء الأمل، والتعاطف مع الآخرين.
وكل هذه القدرات يمكن اكتسابها إلى حد بعيد من خلال التنشئة والتعليم السليمين، الأمر الذي يمكِّن الأطفال، سعيدي الحظ في التنشئة والتعليم، من اكتساب مستوى مميز من الذكاء الوجداني.
وهناك مبرر للاهتمام بالذكاء الوجداني، ففي عالم يتسم التعامل فيه بين البشر بالوحشية بوتيرة دائبة التصاعد، تتوافر دلائل قوية على أن المواقف الأخلاقية السوية تنبع من الإمكانات الوجدانية الأساسية للأفراد. وعلى سبيل المثال، فإن التعاطف مع الآخرين هو منبت الإيثار بينما تنتج الأثرة من قلة الاهتمام بالغير.
من مزايا اختبارات الذكاء الفرديه :
_ تصلح للتطبيق على الشخص الذي لا يجيد القراءه والكتابه .
_ معرفه مدى تعاون المفحوص في اداء الاختبار ومدى انفعالاته .
_ امكانيه تشجيع المفحوص لبذل اقصى ما يمكنه من الجهد وملاحظه سلوكه .
_ ياخذ الباحث صوره شامله عن شخصيه المفحوص .
_ يصلح لقياس ضعاف العقول .
_ تحتاج الى شخص متدرب لاجرائها على المفحوصين .
الخلاصة
- اختلف علماء النفس والتربية قديماً وحديثاً في تحديد مفهوم الذكاء مفهوماً دقيقاً .
- عند التعرض لمفهوم الذكاء يكون ذلك من خلال عدة اتجاهات منها : ( تكييف الفرد مع البيئة – قدرة الفرد على التعلم – قدرة الفرد على التفكير المجرد – القدرة الكلية على التفكير المنطقي ( .
- كان ( بينيه ) واحداً من الذين ساهموا في ميدان القياس للقدرات العقلية وذلك بوضعه مقياساً موضوعياً دقيقاً للذكاء .
- الاتجاه الحديث هو توسيع إطار الاختبارات لتستوعب عدداً من الذكاءات وليس ذكاء واحداً
- ترجع أهمية مفهوم تعدد الذكاوات لفتح باب الابتكار والإبداع في مجالات التعلم والتنشئة .
- من أنواع الذكاء : الذكاء الاجتماعي ، وهو القدرة على فهم الآخرين وكيفية التعامل معهم
- لا يقاس الذكاء بآلة أو جهاز ولكن يمكن تقدير مستويات الذكاء نسبياً بشكل غير مباشر عن طريق ملاحظة السلوك العام أو بعض مظاهر السلوك أثناء تأدية الفرد لبعض النشاطات العقلية نظرية كانت أم عملية أم اجتماعية.
_ الذكاء مفهوم فرضي لا يمكن تحديده ( ظاهره تفترض وجودها رغم عدم قدرتنا على تلمسها بشكل محسوس مباشر ، انما تفترض وجودها من خلال اثارها ومظاهرها الماثله امامنا .
_ نجد ان محتوى اختبار بنيه لا يثير اهتمام الراشدين أي ينقصها الصدق الظاهري . ومن ثم يصعب تكوين علاقه طيبه بين الفاحص والمفحوص الراشد.
معنى الصدق الظاهري : أي ان الفحص يبدو صادقا بالنسبه للمفحوص او لمن ينظر اليه .
_ كذلك نجد ان هذا المقياس يؤكد على عامل السرعه في معظم الاختبارات الامر الذي قد يقلل من مستوى الاداء الحقيقي للفرد .
_ لا يصلح مقياس بنيه لقياس القدره على الاستبصار والاصاله وتنظيم الافكار .
_ يتاثر اداء الشخص في هذا المقياس بشخصيته وكثيرا من عاداته الانفعاليه مثل الخجل من الغرباء ونقص الثقه في الذات والخوف من الوقوع في الخطا.
_ اهتمامه بالنواحي اللفظيه .
_ يصعب تطبيق هذا الاختبار على المكفوفين والصم .
_ نجد ايضا ان اختبارات الذكاء تعتمد على عنصر اللغه والقراءه بشكل اساسي .
_ وفي الذكاء الاجتماعي كان الاختلاف أكثر عمقاً لأن مفهوم الذكاء الاجتماعي أقل إثباتاً وتناوله أكثر من تخصص .
_تم تعرف الذكاء الاجتماعي بانه : _فهم الناس بكل ما يعنيه هذا الفهم من تفرعات أي فهم افكارهم واتجاهاتهم _ومشاعرهم وطبعهم ودوافعهم والتصرف السليم في المواقف الاجتماعية بناء _على هذا الفهم ،
ويعرفه اجرائياً بأنه ما يقيسه مقياس الذكاء الإجتماعي في هذا أن الذكاء الاجتماعي أكثر أهمية من القيم الاجتماعية بالنسبة للتوافق الاجتماعي .
- التطرف في القيم الاجتماعية والتي تعني الإهتمام الزائد أو غير المعتدل بالأخرين يقلل من التوافق الاجتماعي.
- تطبيق مقاييس واختبارات الذكاء الاجتماعي والتوافق النفسي والاجتماعي والقيم على الطلبة الراغبين في الإلتحاق في قسم علم النفس لما لهذه الخصائص من علاقة هامة بمهنة المرشد والأخصائي النفسي .
- عمل برامج ارشادية لدعم التوافق النفسي والاجتماعي
- بناء مقياس للقيم منطلقاً من الثقافة االعربية الإسلامية وعلى أسس علمية نفسية اجتماعية موضوعية .
_ يعكس هذا النوع من الذكاء قدرة الفرد على فهم وإدراك وملاحظة مشاعر الآخرين وحالاتهم المزاجية، واحتياجاتهم، وتنعكس هذه القدرة في مهارات تعامل الفرد مع الآخرين وتحفيزهم.
_ يتمتع بهذا النوع من الذكاء: المعالجون النفسيون، رجال المبيعات، المدرسون، المستشارون، مرشدو الشباب، العاملون في المجال الاجتماعي، رجال الدعوة، المدربون الرياضيون، مشرفو نشاط الأطفال...
مميزات الذكاء الاجتماعي :
يتميز من يتمتع بهذا الذكاء بالصفات التالية:
- يستمتع بصحبة الناس أكثر من الانفراد.
- يبدو قائدًا للمجموعة.
- يعطي نصائح للأصدقاء الذين لديهم مشكلات.
- يحب الانتماء للنوادي والتجمعات أو أي مجموعات منظمة.
- يستمتع بتعليم الآخرين بشكل كبير.
- لديه صداقة حميمة مع اثنين أو أكثر.
- يبدي تعاطفا واهتماما بالاخرين .
- الآخرون يبحثون عن تعاطفه أو اهتمامه وصحبته.
- يسعى الآخرون لمشورته وطلب نصحه.
- يفضل الألعاب والأنشطة والرياضات الجماعية.
- يسعى للتفكير في مشكلة ما بصحبة الآخرين أفضل مما يكون بمفرده.
- يبدو جذابا مشهورًا له شعبية.
- يعبر عن مشاعره وأفكاره واحتياجاته.
- يحب المناقشات الجماعية والاطلاع على وجهات نظر الآخرين وأفكارهم.
- يمكنه التعرف على مشاعر الآخرين، وتسميتها.
- يمكنه الانتباه لتغير الحالات المزاجية للآخرين.
- يحب الحصول على آراء الآخرين ويضعها في اعتباره.
- لا يخشى مواجهة الآخرين.
- يمكنه التفاوض.
- يمكنه التأثير في الآخرين.
- يمكنه عمل مناخ جيد أثناء وجوده.
- يمكنه تحفيز الآخرين ليقوموا بأفضل ما لديهم
الذكاء(2)
الذكاء مفهوم إفتراضي ؛ لذا كثر الجدل حول تعريفه ، لذلك أصبح من أكثر الميادين التي حظيت بالدراسة ، والبحث في مجال الفروق الفردية خصوصاً خلال القرن الماضى ، حيث أدت هذه البحوث إلى تطور سريع في قياس الذكاء ، وظهور اختبارته . بل ربما لم يحظ موضوع في ميدان الفروق الفردية مثل ما حظي به الذكاء . فقد كانت الدراسات الأولى في سيكولوجية الفروق الفردية تدور حول الفروق في الذكاء ، كما أن نشأة القياس النفسي وتطوره كانت في ميدان الذكاء ، حتى أن علماء النفس ظلوا لفترة طويلة يسلكون في بحوثهم كما لو كانت الفروق في الذكاء هي الفروق الوحيدة الموجودة بين الناس . ولما ثبت هذا الافتراض ، نقلت الطرق التي أتبعت في إعداد أختبارت الذكاء إلى إعداد أختبارات القدرات الأخرى ، وسمات الشخصية .
وبالرغم من أن طبيعة الذكاء كانت موضوع مناقشة وتأمل لسنوات طويلة من رجال التربية ، وعلماء النفس ، والوراثة ، والاجتماع ، إلا أنه لم يوجد إتفاق تام بل لم يوجد تحديد واضح متفق عليه لمفهومه ومعناه . فالوضع بالنسبة لتعريفه ما يزال كما كان منذ خمسين عاماً تقريباً . ونظراً للتنوع والإختلاف في فهم طبيعتة فقد كان هناك بالضرورة أختلاف في كيفية دراسته وقياسه . وقد يرد سبب هذا الإختلاف على أنه ليس شيئاً مادياً محسوساً . كما أنه لا يقاس قياساً مباشراً ، على الرغم من كونه الأساس في أعظم ، وأفضل الإنجازات الإنسانية ، كما أنه الأساس في أسباب التقدم والحضارة ، والأبتكار . بالاضافة إلى أنه ليس بالقضية السهلة في غياب إتفاق بين علماء النفس حول تعريف القدرة ، فمنهم من عرفه من حيث وظيفته وغايته ، ومنهم من يعرفه من حيث بنائه وتكوينه . ومنهم من يعرفه بحسب وظيفته وغايته أمثال (جودرد و بينيه و تيرمان حيث عرفوه بأنه القدرة على التفكير المجرد .
لذلك نجد العلماء قد تناولوه من زوايا وإتجاهات مختلفة وفيما يلي أهم الاتجاهات التي ظهرت منذ نشأة مفهومه وخلال تطوره والتي حاولت أن تقدم تحديداً وتفسيراً لطبيعته . فقد أشار بيرت إلى أن مصطلح الذكاء Intelligence يرجع إلى الكلمة اللاتينية Intelligentia ، التي أبتكرها الفيلسوف شيشرون .
ولهذا فإن تناول النشاط العقلي لم يكن قاصراً على علماء النفس فقط ، وإنما تناوله الفلاسفة قبلهم . ولعل أول محاولة تناولت النشاط العقلي بالتحليل ، ترجع إلى أفلاطون . حيث فقد قسم النفس الانسانية إلى ثلاثة مكونات رئيسية هي العقل والشهوة والغضب . وتقابل هذه المظاهر في علم النفس الحديث الادراك وهو الذي يؤكد الناحية المعرفية لنشاط الانسان ، والانفعالات أو الوجدان وهو الذي يؤكد الناحية العاطفية ، والنزوع وهو الذي يؤكد الفعل . أما أرسطو ، فإنه قابل بين النشاط الفعلي ، وبين الإمكانية المحتملة ، التي يعتمد عليها في النشاط الفعلي . أما التقسيم الثلاثي لقوى العقل الذي قدمه أفلاطون ، فقد أختزله أرسطو إلى مظهرين رئيسيين الأول عقلي معرفي ، والثاني خلقي إنفعالي .
أما شيشرون فقد قدم مصطلح الذكاء كتسمية لهذا النشاط العقلي ، حيث أعتبر العقل أو الذهن الخاصية المشتركة في الانسان ، والتي تميزه عن الحيوان . في حين أشار سبيرمان بأن الوظيفة الرئيسية للذكاء هي تمكين الإنسان من التكيف الصحيح مع بيئته المعقدة ، والدائمة التغير . وعلى الرغم من أن هذه التصورات الفلسفية قد أكدت أهمية الناحية الادراكية في النشاط العقلي ، إلا أن الأفكار التي ظهرت فيها لا يمكن الأخذ بها دون أخضاعها للدراسة العلمية ، التي تعتمد على التجربة والقياس .
كما نجد أن هناك من ركز على نشاط النصفين الكرويين للمخ في تعريفه للذكاء . فقد أثبتت الدراسات الفسيولوجية التي قام بها سبينسر على أهمية التنظيم الهرمي التكاملي لوظائف الجهاز العصبي ، وهي تلك الوظائف التي تنبع من النشاط العقلي العام ، ثم تتشعب أثناء نموها إلى نواحيها المتخصصة المتنوعة . في حين نجد ثورنديك يحاول تفسيره في عبارات الوصلات ، أو الروابط العصبية ، التي تصل بين خلايا المخ فتؤلف منها شبكة متصلة . حيث يقدر ذكاء الانسان بقدر عدد الروابط . كما نجده يميز بين ثلاثة أنواع للذكاء وهي كالتالي أولاً الذكاء المجرد : وهو القدرة على معالجة الألفاظ والرموز . وثانياً الذكاء الميكانيكي : وهو القدرة على معالجة الأشياء والمواد العيانية ، كما يبدو في المهارات اليدوية الميكانيكية
وثالثاً الذكاء الاجتماعي : وهو القدرة على التعامل بفاعلية مع الآخرين ، ويتضمن القدرة على فهم الناس ، والتعامل معهم ، والتصرف في المواقف الاجتماعية . كما يرى بأن الذكاء الإجتماعي يتغير تبعاً للسن والجنس والمكانة الإجتماعية . فالبعض يستطيع التعامل مع الراشدين ، بينما لا يستطيع التعامل مع الأطفال . كما أن البعض يجيد القيام بدور القيادة في الجماعات ، بينما يجد آخر الرضا والارتياح في أن يترك القيادة لغيره من الناس . كذلك يؤكد بعض العلماء على دور الذكاء في النجاح الإجتماعي ، حيث يرون أن النجاح في المجتمع يحتاج إلى نسبة عالية من الذكاء .
في حين يعرفه جوداينف بأنه القدرة على الأستفادة من الخبرة للتوافق مع المواقف الجديدة ، ويعرفه بينتر بأنه قدرة الفرد على التكيف بنجاح مع ما يستجد في الحياة من علاقات . في حين تؤكد بعض التعريفات على أهمية التفكير ، وخاصة التفكير المجرد في تكوين الذكاء ومن أمثلته تعريف سبيرمان حيث يعرفه بأنه القدرة على إدراك العلاقات ، وخاصة العلاقات الصعبة أو الخفية ، والقدرة على إدراك المتعلقات . فعندما يوجد أمام الفرد شيئان فإنه يدرك العلاقة بينهما مباشرة ، وحينما يوجد شئ وعلاقته ، فان الفرد يفكر مباشرة في الشئ الآخر معه بهذه العلاقة . أما تيرمان فيعرفه بأنه القدرة على التفكير المجرد . ويعرفه كلاً من كهلر وويتمرز بأنه القدرة على الإستبصار . أما ثيرستون فيرى بأن الذكاء مكون من سبع قدرات عقلية أساسية وهي القدرة اللفظية ، الطلاقة الكلامية ، القدرة العددية ، القدرة على الإستدلال ، والقدرة على إدراك العلاقات المكانية ، القدرة على التذكر ، وسرعة الادراك .
في حين يتناول هالستد الذكاء من جانب آخر حيث يميز بين أربعة عوامل رئيسية تظهر بوضوح من خلال نشاط لحاء الفصين الجبهيين في المخ وهذه العوامل هي أولاً عامل التجريد : ويتمثل في سلوك التجميع والتصنيف ، وهي القدرة التي يفتقدها المصابون باضطرابات مخية شديدة . ثانياً عامل التوجه الصحيح : ويتمثل في إدراك الاتجاه ، والذي يفتقده المصابون ببعض صور الخلل المخي مثل الأقازيا ( الحبسة أو فقدان النطق ) أو الأجنوزيا ( فقدان التعرف البصري على الأشياء ) ، أو الأبراكسيا ( فقدان القدرة على أداء الحركات المقصودة ) . ثالثاً عامل تنظيم الخبرة وتكاملها : وهو جوهرة القدرة على التذكر . رابعاً عامل القوة المخية : والذي يفتقده المصابون ببعض أضطرابات الأيض ، أو التغيرات الكيميائية التي تحدث في بروتوبلازم الخلية من حيث البناء والهدم .
وهكذا ، نجد أن هؤلاء العلماء يحاولون الربط بين الذكاء ، وبين التكوين العضوي للكائن الحي . فالكائنات الحية تختلف في أمكانياتها السلوكية باختلاف موضعها في سلم الترقي للسلسلة الحيوانية . حيث إنه كلما زاد تعقد الكائن الحي تعقد جهازه العصبي ، و كلما زادت قدرته على التكيف مع البيئة تعلم أعمال جديدة . كما حاول البعض الربط بينه وبين بعض العوامل التي تعتبر نتاجاً للتفاعل الاجتماعي .
لذلك نجد أنه على الرغم من أن بينيه يعتبر واضع أول مقياس للذكاء ، إلا أنه كما يقول بيترسون ، لم يضع تعريفًا محدداً له ، وإنما له بعض الآراء التي تعكس تصوره لطبيعتة . حيث ركز في تصوراته المبكرة على التذكر والتخيل ، ثم على الانتباه الارادي . إلا أنه تحول فيما بعد إلى التفكير أو عملية حل المشكلات ، وحدد في ذلك ثلاث خطوات هي الاتجاه ، و التكيف ، والنقذ الذاتي . ثم أضاف خطوة رابعة وهي الفهم . ويقول في وصفه للذكاء أن الأنشطة الأساسية في الذكاء هي الحكم والفهم والتعقل الجيد . وهكذا يتضح أنه يقدم وصفاً أكثر من تعريفاً له . ويتضح من أختياره لأختباراته أنه يرفض إعتبار الذكاء شيئاً واحداً ، وأنما هو مجموعة من العمليات أو القدرات ، على الرغم من أن أختباره يعطي درجة واحدة للنشاط العقلي للفرد .
ولعل من أكثر التعريفات شيوعاً هو ذلك الذي كان يعتمد على ربط الذكاء بالقدرة على التعلم ، فقد كان واضحاً منذ بينيه ، أن الأفراد الذين يحصلون على درجات مرتفعة في أختبارات الذكاء ، يكون تحصيلهم أعلى من أولئك الذين يحصلون على درجات منخفضة . ويستدل البعض من هذا على أن الطفل يحصل على تحصيلاً مرتفعاً لأنه ذكي . وتحصيلاً منخفضاً لأنه أقل ذكاءاً ، ومن الأمثلة على هذه التعريفات تعريف كلفن للذكاء حيث يرى بأنها القدرة على تعلم التكيف مع البيئة . و تعريف ديربورن حيث يرى بأنها القدرة على إكتساب الخبرة والإستفادة منها . في حين يرى ادورد بأنها القدرة على تغيير الآراء .
وقد أشارت بعض الدراسات إلى وجود إرتباط بين الذكاء والتحصيل ، ولكنه لا يمكن القول بأن الذكاء هو السبب الرئيسي في التحصيل ، وذلك أن العكس يمكن أن يقال أيضاً . إذ يمكن القول بأن التلميذ كان أداؤه على أختبار الذكاء أفضل ، لأنه تعلم بشكل أحسن ، أو أن أداءه كان ضعيفاً على الاختبار لأن تعليمه لم يكن جيداً ، فوجود الارتباط بين أي سمتين لا يوضح لنا أين السبب وأين النتيجة .
كذلك كشفت بعض الدراسات إن درجات التعليم لا ترتبط ببعضها إرتباطاً عالياً ، إذا ما أختلفت الموضوعات المتعلمة ، مما يشير إلى عدم وجود قدرة موحدة للتعلم . وقد حاول البعض تفسير القدرة على التعلم بأنها سرعة التعلم . ألا أن بعض البحوث أثبتت أنه لا يوجد عامل واحد تسفر عنه عمليات التحليل العاملي ، ويمكن أن نفسره بسرعة التعلم .
ومن الملاحظ أن كل التعريفات النفسية السابقة تعاني من أحد العيوب وهو أنها تحتوي على ألفاظ ومصطلحات غير محددة ، فمثلاً مصطلح القدرة في حد ذاته في حاجة إلى تعريف ، وهذا ينطبق أيضاً على مفهوم التكيف ، ومفهوم التفكير . لذا إتجه علماء النفس إلى التعريفات الاجرائية للذكاء . حيث أن التعريف الاجرائي لأية ظاهرة يؤكد على أهمية الخطوات التي تجري لجمع المعلومات المتصلة بالظاهرة ، أكثر مما يهتم بالوصف اللفظي المنطقي لهذه الظاهرة ، ومن العلماء الذين حاولوا تقديم تعريف إجرائي للذكاء أولاً : وكسلر حيث عرفه بقدرة الفرد الكلية لأن يعمل في سبيل هدف ، وأن يفكر تفكيراً رشيداً ، وأن يتعامل بكفاءة مع بيئته .
ومن الملاحظ أن تعريفه لا يخرج عن التعريفات السابقة ؛ ولكنه جمع بينها أكثر ولم يركز على بعد واحد من أبعاد الذكاء ، أي أن تعريفه من أكثر التعريفات شمولية ، وقد حاول أن يقدم تعريفاً شاملاً يضم معظم جوانب التعاريف السابقة ، فقد رأى بأن الذكاء يمكن أن يظهر بأشكال متعددة وأعتبره بأنه كيان شامل وإجمالي ؛ حيث أن ما عناه بالقدرة الكلية العامة هو ذلك المركب المتمثل في تجميع قدرات متنوعة ، ومتمايزة في نوعها ، وهذا المركب ليس مجرد جمع عددي بسيط لتك القدرات ، بل الكيفية التي تتحدد فيها القدرات وتتشكل ، ويتأثر السلوك الذكي بهذه القدرات وبعوامل أخرى كالدوافع والحواجز . أي أن السلوك الذكي لدى وكسلر لا يتحدد فقط بالمهارات العقلية كالقدرة على الاستدلال ، أو القدرة على التعلم ، أو حل المشكلات ، بل يتحدد أيضاً بعوامل أخرى كالمثابرة ، والاثارة الذاتية ، والضبط الارادي ، ومعرفة الهدف .
ثانياً : جاريت حيث قدم تعريفاً إجرئياً آخر للذكاء حيث عرفه بأنه القدرة على النجاح في المدرسة ، أو الكلية وقد دفعه إلى ذلك حقيقة هامة وهي أن درجات النجاح في الدراسة كثيراً ما أتخذت أساساً للحكم على صدق أختبارات الذكاء المختلفة ، غير أن هذا التعريف يحدد الذكاء في مجال واحد من مجالات النشاط الانساني في الحياة . ثالثاً : تعريف بورنج ، ويعتبر من أكثر التعريفات الإجرائية شيوعاً بين علماء النفس في الوقت الحالي و ينص على أن الذكاء هو ما تقيسه أختبارات الذكاء ، ومع ذلك فقد أثار هذا التعريف الكثير من الأعتراضات عليه ، وقد ساهم أستخدام منهج التحليل العاملي في أبحاث النشاط العقلي في أحداث الكثير من التطور ، كما أدى دوراً هاماً في تحديد القدرات التي يضمها مصطلح ذكاء . والمهم في هذا المجال أن دراسات التحليل العاملي تؤكد على حقيقتين هامتين هما أولاً الذكاء صفة وليس شيئاً موجوداً وجوداً حقيقياً ، وثانياً أن الذكاء محصلة الخبرات التعليمية وهذه الحقيقة تجاهلها الكثير من العلماء .
وبطبيعة الحال فكما تعددت مفاهيم وتعريفات الذكاء كذلك فإن طرق تفسيره قد تعددت ، فهناك عدة نظريات للذكاء منها نظرية العاملين لسبيرمان حيث يرى بأن الذكاء ليس عملية عقلية معينة كالتذكر أو الاستدلال بل هو عامل عام أو قدرة عامة تؤثر في جميع العمليات العقلية بنسب متفاوته ، وهناك العامل الخاص والمتمثل في الاستعداد العقلي الخاص لأداء عمل معين ، كما يرى سبيرمان بأن خير الاختبارات لقياس الذكاء ما كان مشبعاً بالعامل العام أي الذي يتضمن أستنباط العلاقات والمتعلقات .
وتقسم نظرية كاتل الذكاء الى نوعين هما الذكاء السائل ability Fluid والذكاء المتبلور Crystallized ability ويعتمد الذكاء السائل على المرونة والقدرة على التكيف لحل ما يواجه الفرد من مشكلات قد لا تكون مألوفة لديه وليس خبرة مسبقة عنها ، أما الذكاء المتبلور فيقصد به القدرة على أداء مهمات معينة يعتمد إنجازها على تدريب او تعليم مسبق ، يرتبط هاذين النوعين من الذكاء بالذكاء اللفظي والذكاء الأدائي الموجود في مقاييس وكسلر .
وقد وضع جيلفورد وزملاءه نموذجاً ثلاثي الأبعاد لبنية العقل يحتوي على (120) نوعاً منفصلاً من القدرات العقلية تشمل معظم القدرات العقلية البشرية التي يمكن تحديدها وقياسها ، وكانت صياغة هذا النموذج محاولة لتعريف الذكاء العام ووضع تركيب له في استعدادات عقلية متنوعة ومحددة . ومن خلال منهج التحليل العاملي تمت محاولة التعرف والتصنيف لهذه القدرات العقلية المتنوعة . ويحدد جيلفورد في نموذج بنية العقل ثلاثة ابعاد اساسية يقوم عليها نشاط العقل البشري وهي المحتوى والعمليات والنواتج :
أولاً : المحتوى وينقسم الى محتوى شكلي وهو عبارة عن شئ عياني ندركه من خلال الحواس كالمثيرات السمعية ، البصرية ، الشمية ، الذوقية ، اللمسية . ومحتوى رمزي يتضمن معاني ودلالة الألفظ والأفكار . ومحتوى سلوكي حيث يمكن الاستدلال على قدرات الفرد من خلال مظاهر سلوكه .
ثانياً : العمليات وتتضمن خمسة أنماط من النشاط العقلي وهي:
التذكر : القدرة على استدعاء البيانات الخزونة بنفس الشكل الذي خزنت به الاستجابة لمثير معين ،
المعرفة : الإدراك الفوري والتمييز وفهم المنبهات . التقويم : اتخاذ أحكام بِشأن المعلومات في ضوء معايير محددة .
النتاج التقاربي : القدرة على أخذ فئة معينة من البيانات واشتقاق نتيجة شاملة ومقبولة .
النتاج التباعدي : القدرة الابتاكرية على رؤية بيانات معطاة في صورة جديدة بحيث يكون الناتج غريداً أو غير متوقع
ثالثا: النواتج : ويتضمن الوحدات والفئات والعلاقات والانظمة والتحويلات والمضامين .
وعلى الرغم من إختلاف وجهات النظر في طبيعة الذكاء وتشكله ، كما تعكسها التعريفات المتباينة ، إلا أن هناك شبه إتفاق على طرق قياسه وتقديره فاختبارات الذكاء تتكون عادة من أسئلة ومهمات تتطلب من المفحوص الإجابة عليها وأعتماداً على صحة الإجابة ودقتها وسرعتها ، تعطى هذه الإجابات قيماً رقمية تستخدم كأساس ؛ لتعريف مستويات مختلفة من القدرة العقلية . ونظراً لكون هذه الاسئلة والمهمات عينات من السلوك ، حيث يتطلب أداؤها ، شكلاً أو أكثر من أشكال الوظائف العقلية ، والتي تمثل أوجهاً مختلفة للقدرة العقلية ، فان الفرق بين أختبار وأخر من أختبارات الذكاء ، يكون بمقدار ما يتضمنه من أوجه القدرة المختلفة . كما قد تختلف هذه الاختبارات عن بعضها من حيث مقدار العناية والدقة التي تبذل في بنائها للوصول الى معايير وشروط فنية معروفة في بناء الاختبارات كصدق القياس وثباته
وكنتيجة لتعدد تعريفات الذكاء فقد تعددت أيضاً المقاييس التي وضعت لقياسه . فكل مقياس جاء ليحقق التعريف الذي تبناه واضع ذلك المقياس . لذلك ظهرت هنالك مقاييس للذكاء أخذت بعضها الطابع الفردي بينما أخذت الطابع الجماعي بعضها الآخر . كما أن بعضها أشبعت بالعامل اللفظي ، وبعضها الآخر أشبعت بالعامل الإدراكي الحسي الأدائي ، في حين جمعت بين عاملي الأداء واللغة في بعضها الآخر . ومن أهم مقاييس الذكاء تتمثل في أولاً : مقياس ستانفورد ـ بينيه للذكاء ، ثانياً : مقياس وكسلر للذكاء ، و ثالثاً : بطارية كوفمان لتقييم الأطفال ، ورابعاً : مقاييس مكارثي للقدرات المعرفية للأطفال .
حيث يقاس الذكاء بمقاييس تتكون بشكل عام من عدد من الأسئلة ، والمهمات الأدائية ، واللفظية ، والعقلية ، وتغطي مجالات واسعة من الخبرات التي يتعرض لها ، أو يفترض أن يكونوا قد تعرضوا لها أثناء حياتهم . وعموماً هناك أهمية محددة لقياس الذكاء وهي حساب درجة الذكاء ، وتصنيف الأفراد على أساس قدراتهم العقلية ، فضلاً عن أهميته في المجالين النظري والتطبيقي.
ففي المجال النظري يشكل الذكاء من أهم مفردات حركة القياس النفسي اللازمة للوظائف الإدراكية للإنسان . أما في المجال التطبيقي حيث تستخدم مقاييس الذكاء على نطاق عالمي ، وبصورة أكثر تحديداً في مجالات التوجية ، والإرشاد التربوي ، ومجالات الإختيار ، والتدريب المهني ، وفي التشخيص ، والتشخيص الفارق في المجال العلاجي . بالإضافة لهذه المجالات تستخدم مقاييس الذكاء ؛ لتطوير البحث العلمي ، والتدريب الأكاديمي ، والميداني للطلاب . وتعتبر هذه المقاييس مفيدة في التقييم السيكولوجي لعملية التخطيط التربوي ، ووضع الأفراد في المكان الملائم ، والكشف على الأداء المعرفي الغير عادي الذي يرجع للقدرات العقلية النادرة والموهوبين ، وصعوبات التعلم البسيطة والمتوسطة والشديدة بين الأطفال ، والأطفال الذين لهم صعوبات تعلم محددة بالإضافة ؛ للتقييم الاكلينكي والنيورولوجي فضلاً عن البحث .
الذكاء الاجتماعي.. شرط النجاح في الحياة الحديثة(3)
يعرف الذكاء الاجتماعي بأنه القدرة على فهم الناس وتكوين علاقات اجتماعية ناجحة معهم، ويختلف عن الذكاء اللفظي أو المعنوي الذي يعرف بأنه القدرة على فهم واستخدام الرموز والألفاظ والمعاني وإدراكها بشكل فعال، ويختلف أيضاً عن الذكاء العملي الذي يظهر بشكل واضح من خلال المهارات العملية اليدوية الميكانيكية والتعامل مع الأشياء المادية المحسوسة، وهناك تعريفات عدة للذكاء الاجتماعي، فعلى سبيل المثال يمكن تعريفه بأنه القدرة على إدراك العلاقات الاجتماعية والتفاعل الجيد مع الناس، وحسن التصرف في المواقف الحياتية اليومية والأوضاع الاجتماعية المختلفة والقدرة على التكيف معها، مما يؤدي إلى شعور الفرد بالتوافق الاجتماعي ويعمل على نجاحه في الحياة الاجتماعية، ايضاً يمكن أن يعرف بأنه حسن التصرف في المواقف الاجتماعية، والقدرة على التعرف إلى الحالة النفسية للمتحدث والقدرة على تذكر الأسماء بما فيها الأشخاص والأماكن، والقدرة على تمييز الوجوه وسلامة الحكم على سلوكيات البشر والقدرة على مشاركة الناس في مختلف المناسبات الاجتماعية بما فيها أفراحهم وأتراحهم. وللذكاء الاجتماعي مظاهر عامة، نستطيع من خلالها تمييزه، وتتلخص أهم هذه المظاهر في أمور عدة أهمها: النجاح الاجتماعي، ويشمل النجاح في التعامل مع الآخرين والقدرة على فهمهم والتواصل معهم، وكذلك النجاح في الاتصال الاجتماعي مهنيا وإداريا. الكفاءة الاجتماعية، وتتضمن السعي لتحقيق الرضا في العلاقات الاجتماعية، وتحقيق التوازن المستمر بين الفرد وبيئته الاجتماعية لإشباع الحاجات الشخصية والاجتماعية. التوافق الاجتماعي، بمعنى تحقيق السعادة مع الآخرين والالتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة القيم والمعايير الاجتماعية والامتثال لأهم قواعد الضبط الاجتماعي وتقبل التغير الاجتماعي والتفاعل السليم والعمل لمصلحة الجماعة وتحقيق السعادة الزوجية، مما يؤدي إلى تحقيق الصحة الاجتماعية. المسايرة، بمعنى الالتزام سلوكيا بالمعايير الاجتماعية في المواقف والمناسبات الاجتماعية. مراعاة الذوق العام للمجتمع، وتشمل اتباع سلوكيات مرغوبة اجتماعيا والتعامل السليم واللبق مع الآخرين من خلال تطبيق أساليبه وفنياته.
أما مظاهره الخاصة فتتمثل في: حسن التصرف في المواقف الاجتماعية، من خلال التصرف السليم والتحلي باللباقة والالتزام بالمعايير الاجتماعية في المواقف الاجتماعية العامة ومواقف التفاعل الاجتماعي والمعاملات دون احراج الفرد وإحراج الآخرين ودون اللجوء إلى الكذب والنفاق. التعرف إلى الحالة النفسية للآخرين، بمعنى القدرة على تمييز الحالة المزاجية للأشخاص من خلال طريقة تحدثهم وتصرفهم، كما في حالة الفرح أو الحزن أو الغضب أو الثورة. القدرة على تذكر الأسماء والوجوه، وتشمل اهتمام الفرد بالآخرين وقدرته على تذكر وجوههم وأسمائهم. روح الدعابة والمرح، وتشمل القدرة على فهم النكتة من خلال الاشتراك مع الآخرين في مرحهم ودعابتهم وظهور علامات المحبة والألفة المتبادلة مع الآخرين.
وأخيراً فإن من أهم واجبات الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام العمل على رعاية الذكاء الاجتماعي وتنميته لدى الأطفال والبالغين من الشباب، عن طريق تعليمهم مهارات التصرف الاجتماعي الذكي والسليم في كافة المواقف من خلال تطبيق المعايير السليمة والقيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية، عن طريق تدعيم المظاهر العامة والخاصة للذكاء الاجتماعي من خلال عقد الدورات والبرامج الاجتماعية المتميزة والتي تختص بهذا النوع من الذكاء.
مشكلة اسمها "الذكاء الاجتماعي"!(4)
عنوان هذا المقال يستهدف بالدرجة الأولى استفزاز القارئ الذي تعلم طول حياته أن الذكاء الاجتماعي ميزة وليست مشكلة، والذي يرى كل يوم كيف يصعد أولئك الأشخاص الذين يمتلكون القدرة على بناء العلاقات الاجتماعية مع علية القوم ويحصلون على الكثير من الميزات بسبب ذلك، رغم أنهم أحيانا لا يملكون أي مهارات أخرى، بينما يهبط أولئك الأشخاص الذين قد يمتلكون كل المهارات إلا القدرة على بناء حديث جميل وجذاب ومرح مع الآخرين، ويكون دمهم الثقيل سببا في فشلهم ومحدودية تطور حياتهم العملية، بل والشخصية أيضا.
الذكاء الاجتماعي ميزة ولا شك، ولكن إذا كان صحيحا ما يقوله الناس من أن القدرة الناجحة على بناء العلاقات هي البوابة الوحيدة للنجاح في مجتمعنا فنحن أمام مشكلة حقيقية، وهذه المشكلة ترى آثارها في كثير من قصص الفشل الإدارية أو المهنية. المشكلة هنا عندما يتم منح منصب معين أو مسؤولية معينة لشخص لا يمكنه فعلا القيام بها، ولكنه فاز بهذه الثقة فقط بسبب قدراته الاجتماعية المميزة، وهذا يعني أن تجد مديري شركات ورؤساء لجان ومسؤولين حكوميين قادرين على بناء علاقات اجتماعية قوية ولكن قدرتهم الحقيقية على التفكير والتخطيط والعمل الجاد والدؤوب محدودة جدا، الأمر الذي يمثل في كثير من الأحيان الخطوة الأولى نحو الفشل.
بل إنك لو راقبت الأمر لوجدت أن كثافة العلاقات الاجتماعية تتناقض في كثير من الأحيان مع النجاح في العمل، وباستثناء بعض المناصب والمهن، فإن النجاح في العمل يتطلب الاستفادة من كل دقيقة وقت في إنجاز العمل، وهذا يتعارض من متطلبات العلاقات الاجتماعية عادة التي تعني قضاء وقت طويل على الهاتف أو في المناسبات الاجتماعية والسهر حتى وقت متأخر من الليل .. إلخ.
حل هذه المشكلة متمثل ببساطة في ألا يتم اختيار الناس للمسؤوليات على أساس قدراتهم في إقناع الآخرين بتميزهم وعدم الاعتماد فقط على المقابلة الشخصية، بل تكون هناك قائمة من المهارات والمتطلبات التي تحدد الشخص المناسب للوظيفة.
علم الإدارة الحديث، الذي كان أحد أهداف إيجاده علاج مثل هذه المشكلات، يحاول وضع منطق لكل قرار إداري يتخذ، وقرار تعيين شخص ما يفترض أن يكون مربوطا بأهداف محددة ينبغي على هذا الشخص إنجازها، وهذا مرتبط بمجموعة من المهارات والخبرات التي يجب أن يمتلكها الشخص، التي ينبغي رسم مجموعة من الاختبارات والأساليب لمعرفة مدى توافرها لدى الشخص المرشح للوظيفة أو المسؤولية.
إذا التزم صانع القرار بهذه الأساليب العلمية في اختبار المرشحين، فهو سيختار بطبيعة الحال أفضل المتقدمين للوظيفة، وليس الشخص الذي يملك "الكاريزما", والذي نال إعجابه وميله القلبي وأقنعه بأنه يستطيع تحويل التراب إلى ذهب لو منح الفرصة اللازمة لذلك.
هل هذا الموضوع جوهري فعلا بحيث تخصص له مقالة كاملة؟
في اعتقادي الجواب نعم لسببين رئيسيين:الأول أنني أعتقد أن هذه القضية تمثل سببا رئيسيا لفشل كثير من المؤسسات في القطاعين العام والخاص. إننا جميعا ندرك قيمة الإدارة في نجاح أي مؤسسة، وكلنا رأى يوما مؤسسة تملك كل مقومات النجاح فشلت بسبب مدير لا يدير بالطريقة الصحيحة.
الثاني أن هناك عددا لا يحصى من القدرات الشابة والنابغة في مختلف المجالات ولا يتاح لها الفرصة للعطاء والنمو بسبب ضعف قدراتها الاجتماعية وبسبب شخصياتها المباشرة أو غير الاعتيادية. في الحقيقة لو راقبت ستجد أن معظم المتفوقين دراسيا لا يملكون مهارات اجتماعية عالية، لأن قضاء نسبة عالية من الوقت في التحصيل العلمي يتنافى مع قضاء نسبة عالية من الوقت مع الأصدقاء والأقرباء وتعلم المهارات الاجتماعية.
إنني أتمنى أن تكون هناك مؤسسة غير ربحية يشارك في أنشطتها مجموعة من الخبراء في مجال الموارد البشرية التي تعمل مع مختلف المؤسسات على علاج مثل هذه المشكلة العويصة وتطوير أنظمة اختيار الموظفين وترقيتهم ومنحهم المسؤوليات، ووضع الأسس العلمية لذلك.
المشكلة التي ستواجهها هذه الجهود أيا كان مصدرها أن كثيرا من المديرين الحاليين في المؤسسات الخاصة أو الحكومية وصلوا إلى كراسيهم بسبب قدراتهم الاجتماعية وليس بسبب خبراتهم أو كفاءاتهم، ما يعني ببساطة أن هؤلاء سيكونون أول من يحارب جهود التطوير الإداري لمؤسساتهم وأول من يحارب هذا التغيير.
هذه المشكلة ليست مشكلة جديدة بالمناسبة، فقد كان العرب دائما يكرهون "الثقلاء" ويعشقون "من تحلو منادمته"، وقصص الخلفاء في هذا كثيرة جدا عندما يقربون أشخاصا لقدرتهم على كسب قلب الخليفة، ويبعدون أشخاصا لأن حديثهم يجلب النعاس إلى عيونه.
حتى حل هذه المشكلة، أنصح الجميع بإعطاء قدراتهم الاجتماعية أولوية خاصة، فهي كما يبدو خلطة النجاح بلا منازع.
الذكاء العاطفي: بين النظرية والتطبيق(5)
إن العلاقة ما بين العقل (الفكر) والعاطفة ملتبس عند الكثير من الناس إلى حد كبير.
يعتقد الكثير من الناس أن التفكير الجيد لا يستقيم إلاّ بغياب العاطفة. من المؤكد أن العواطف القوية تلعب دورا كبيرا في التفكير بصورة سليمة وتجعله من الصعوبة بمكان. وهذا ما حدا بالعقلانيين أن يجعلوا غياب العاطفة عن التفكير عقيدة لهم. ومع هذا وذاك تظهر لنا التجارب الإكلينيكية أن التفكير الخالي من العاطفة لا يؤدي بالضرورة إلى اتخاذ قرارات مرضية إن لم يكن مستحيلا. إن المشكلة لا تكمن في العاطفة في حد ذاتها بقدر ما تتعلق بتناسب العاطفة وملاءمتها للموقف وكيفية التعبير عنها. فليس المطلوب هنا تنحية العاطفة جانبا بقدر محاولة إيجاد أو خلق التوازن بين التفكير العقلاني والعاطفة.
منذ إصدار دانيال قولمان Daniel Goleman كتابه الأول (1995)، أصبح مصطلح "الذكاء العاطفي" من أهم المواضيع انتشارا وتداولا بين دوائر الشركات العالمية الكبرى وكذلك نال نفس الاهتمام على مستوى المؤسسات التعليمية إن كان في الجامعات أو في المدارس. وانتقلت العدوى إلى معظم الأقطار العربية فسرعان ما عقدت الندوات وورش العمل وبرامج التدريب والترجمات وما إلى ذلك من نشاطات ترافق كل صرعة جديدة دون دراسة أو تمحيص. ومن هذا المنطلق وقد عاد الكلام عن الذكاء العاطفي مرة أخرى أود هنا أن أتطرق باختصار إلى السياق التاريخي لتطور فكرة الذكاء العاطفي وما هو الذكاء العاطفي ضمن هذا السياق وما هي عناصره أو مكوناته وأهميته بالنسبة لمكان العمل والدرس.
للذكاء العاطفي جذوره الممتدة في مفهوم "الذكاء الاجتماعي" الذي أول من عرفّه روبرت ثورندايك Robert Thorndike (1920). ومنذ ذلك التاريخ وعلماء النفس يحاولون إزاحة الستار عن أنواع الذكاء التي صنفوها تحت ثلاث مجموعات:
o الذكاء المجرد (القدرة على فهم الرموز اللفظية والرياضية والقدرة على التعامل معها)
o الذكاء الحسي ( القدرة على فهم الأشياء الحسية أو المادية والقدرة على التعامل معها)
o الذكاء الاجتماعي (القدرة على فهم الناس والانتماء لهم)
وقد عرّف ثورندايك "الذكاء الاجتماعي" بالقدرة على فهم الأفراد (نساء ورجال وأطفال) والتعامل معهم ضمن العلاقات الإنسانية.
أما دافيد ويكسلر David Wechsler (1940) فقد عرّف الذكاء بالقدرة الشاملة على التصرف وعلى التفكير بعقلانية وعلى التعامل مع البيئة المحيطة بفاعلية. وتحدث كذلك عن عناصر عقلية وغير عقلية المعنية بالعوامل العاطفية والشخصية والاجتماعية. وفي سنة 1943 قال ويكسلر بضرورة القدرات العاطفية لتنبؤ قدرة أي شخص على النجاح في الحياة. وانقطع حبل التفكير والبحث حول هذه المسألة حتى ظهر هوارد قاردنرHoward Gardner (1983) في كتابه "أطر العقل" الذي أشار فيه إلى الذكاء المتعدد وبالتحديد أشار إلى نوعين من الذكاء يتقاطعان مع ما يسمى بالذكاء العاطفي وهما: الذكاء الاجتماعي والذكاء الشخصي. ومن ثم في سنة 1990 استخدم سالوفي ومايرSalovey and Mayer مصطلح "الذكاء العاطفي" لأول مرة. وكانا على دراية تامة بما سبق من عناصر الذكاء غير المعرفي. لقد وصفا الذكاء العاطفي على أنه نوع من الذكاء الاجتماعي المرتبط بالقدرة على مراقبة الشخص لذاته ولعواطفه وانفعالاته ولعواطف وانفعالات الآخرين والتمييز بينها واستخدام المعلومات الناتجة عن ذلك في ترشيد تفكيره وتصرفاته وقراراته. وفي أوائل التسعينيات من القرن العشرين أصبح دانيال قولمان على دراية بأعمال سالوفي وماير مما دفعه إلى وضع كتابه الشهير "الذكاء العاطفي".
كل التعريفات الواردة في كل الدراسات السابقة تجمع على معنى للذكاء العاطفي ويمكن تلخيصه في التعريف التالي: "الذكاء العاطفي هو الاستخدام الذكي للعواطف. فالشخص يستطيع أن يجعل عواطفه تعمل من أجله أو لصالحه باستخدامها في ترشيد سلوكه وتفكيره بطرق ووسائل تزيد من فرص نجاحه إن كان في العمل أو في المدرسة أو في الحياة بصورة عامة"
عواطفنا تنبع من أربعة أبنية أساسية هي:
1. القدرة على الفهم الدقيق والتقدير الدقيق والتعبير الدقيق عن العاطفة 2. القدرة على توليد المشاعر حسب الطلب عندما تسهل فهم الشخص لنفسه أو لشخص آخر
3. القدرة على فهم العواطف والمعرفة التي تنتج عنها
4. القدرة على تنظيم العواطف لتطوير النمو العاطفي والفكري
وكل واحد من هذه الأبنية السابقة يساعد على تطوير المهارات المعينة التي تشكل معا ما يسمى "الذكاء العاطفي". إن الذكاء العاطفي ينمو ويتطور بالتعلم والمران على المهارات والقدرات التي يتشكل منها. أما المكونات والعناصر التي تشكل الذكاء العاطفي كما لخصها دانيال قولمان هي كما يلي:
الوعي الذاتي Self-awareness وهو القدرة على التصرف والقدرة على فهم الشخص لمشاعره وعواطفه هو وكذلك الدوافع وتأثيرها على الآخرين من حوله.
ضبط الذات Self-control وهو القدرة على ضبط وتوجيه الانفعالات والمشاعر القوية تجاه الآخرين.
الحافز Motivation وهو حب العمل بغض النظر عن الأجور والترقيات والمركز الشخصي.
التعاطف Empathy وهو القدرة على تفهم مشاعر وعواطف الأخرين وكذلك المهارة في التعامل مع الآخرين فيما يخص ردود أفعالهم العاطفية.
المهارة الاجتماعية Social skill وهي الكفاءة في إدارة العلاقات وبنائها والقدرة على إيجاد أرضية مشتركة وبناء التفاهمات.
ونتيجة لهذا الاهتمام الواسع تم تطوير برامج تدريب تبين العلاقة المبدأية التي تربط الذكاء العاطفي بأماكن تواجد العاملين وتهتم بتعليمهم المفهوم وتقييم نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم وتزويدهم بإطار يرفع من قدرتهم على التفاعل مع الآخرين بواسطة استخدام الذكاء العاطفي.
أهمية الذكاء العاطفي بالنسبة للعمل تعود إلى عهود مضت حتى إلى ما قبل أن يحدد هذا المصطلح وينتشر بهذا القدر. كان التربويون والمهتمون بتطوير الموارد البشرية والمدربون في الشركات والمهتمون بالتوظيف والمديرون وآخرون يدركون ما هو الحد الفاصل بين الموظف العادي متوسط الأداء والموظف المتفوق في الأداء. إن الفرق بين الإثنين ليس المهارات الفنية التي يمكن اكتسابها وتعلمها بسهولة وليس بالضرورة أن يكون الذكاء هو ما يميز بين أداء وآخر. إنه شيء آخر يعرفه الشخص إذا رآه بنفسه ويصعب تحديده في نفس الوقت. إنه المهارات الشخصية.
وجاء الذكاء العاطفي المصطلح الموضوعي الذي يتكون من قدرات ومهارات يمكن قياسها ولم تعد مهارات فضفاضة ومطاطة لا يمكن قياسها. فمثلا لو تمعنا في الدور الذي يمكن أن تلعبه العواطف في مكان العمل لتبين لنا الأهمية التي ينطوي عليها فهم عواطفنا وكيفية التعامل معها في الوقت المناسب.
فلنأخذ مشاعر الخوف والقلق كمثال. لو كان شخص يعمل في أحد المصانع وقررت إدارة المصنع يوما زيادة سرعة الإنتاج لظروف موضوعية. عندئذ، يتعين على هذا الشخص أن يعمل بأسرع مم تعود عليه في السابق مع المحافظة على نفس نوعية الإنتاج. فإذا كانت السرعة المطلوبة معقولة يمكن أن يكتفي العامل بإطلاق تنهيدة ويوطد نفسه على أن يكون أكثر انتباها وحرصا. أما إذا زادت السرعة أكثر فأكثر إلى درجة تجعل العامل يشعر بعدم القدرة على مجاراة هذه السرعة، عندئذ، يبدأ القلق والخوف. يقلق حول ارتكاب أخطاء أو حول الإصابة بمكروه. ولكن بإمكانه أن يضبط ذلك القلق ويضعه جانبا أو يتجاهله وينتبه للعمل ويسير كل شيء على ما يرام. أما إذا أصر على القلق والخوف فترتكب بعض الأخطاء أو قد تؤذي نفسك نتيجة الارتباك وتفقد الوظيفة.
أما أهمية الذكاء العاطفي في المدرسة فهي واضحة وظاهرة في الأبحاث التربوية المرتكزة على أبحاث الدماغ والتي تشير إلى أن الصحة العاطفية أساسية وهامة للتعلم الفعاّل. فلعل أهم عنصر من عناصر نجاح الطالب في المدرسة هو فهمه لكيفية التعلم. فالعناصر الرئيسة لمثل هذا الفهم كما ذكرها دانيال قولمان هي: الثقة،وحب الاستطلاع، والقصد، وضبط الذات، والانتماء، والقدرة على التواصل، والقدرة على التعاون. فهذه الصفات هي من عناصر الذكاء العاطفي. لقد برهن الذكاء العاطفي على أنه متنبئ جيد للنجاح في المستقبل أكثر من الوسائل التقليدية مثل: المعدل التراكمي، أو معامل الذكاء ودرجات الاختبارات المعيارية المقننة الأخرى. من هنا جاء الاهتمام بالذكاء العاطفي من طرف الشركات الكبرى والجامعات والمدارس على مستوى العالم أجمع.
وباختصار، إن بناء الذكاء العاطفي لأي شخص له أكبر الأثر عليه طيلة حياته. فالعديد م الآباء والتربويين عندما انزعجوا في الآونة الأخيرة من مستويات المشاكل التي يصادفها طلاب المدارس التي تتراوح من احترام الذات المنخفض إلى سوء استعمال المخدرات والكحول إلى الإحباط، لجؤوا بكل قوة إلى تعليم الطلاب المهارات الضرورية للذكاء العاطفي. وكذلك الأمر في الشركات الكبرى التي وضعت الذكاء العاطفي في برامج التدريب ساعدت الموظفين وجعلتهم يتعاونون بصورة أفضل من ذي قبل وطورت حوافزهم مما أدى إلى زيادة الإنتاج والأرباح. ومن هنا يجب اعتبار الذكاء العاطفي بمكوناته وعناصره وسيلة ثالثة بالإضافة إلى المهارات الفنية والقدرات العقلية (المعرفية) عند التوظيف أو التطوير أو الترقيات إلى آخر هذه المهمات.
الذكاء الاجتماعي الإلكتروني(6)
قبل أن نخوض في حيثيات الموضوع دعونا نعرف ماذا يعني »الذكاء الاجتماعي« أو مايطلق عليه بالانجليزية »Interpersonal intelligence« والتي تعني القدرة التي يملكها الفرد على التواصل مع الآخرين. والاشخاص الذين يتميزون بجاذبية خاصة (الصفة الكارازماتية)، من القياديين, يمتلكون هذه القدرة. يقول جاردنر: »إن الذكاء في العلاقات المتبادلة بين الناس هو القدرة على فهم الآخرين، وما الذي يحركهم، وكيف يمارسون عملهم، وكيف نتعاون معهم«من مقالة بعنوان الذكاء المتعدد».
وعودة لعنوان المقال والمحور الأساسي فيه وهو كيف يمكن أن نعزز الذكاء الاجتماعي إلكترونيا؟! فمن المؤكد أننا مررنا بأشخاص في الحياة العامة يتميزون بذكاء اجتماعي عالي جدا ولديهم قدرة على فهم الآخرين والتعامل معهم بطريقة يستطيعون من خلالها كسبهم. ولكن هل يمكن لذات الأشخاص أن يكسبوا الآخرين إلكترونيا أو هل لديهم المهارات اللازمة لفهم الآخرين من وراء الشاشات والقدرة على التعامل معهم وتحقيق رغباتهم؟
نشك في ذلك!! فمهما بلغت قدرة الشخص وجاذبية شخصيته لابد وأنه سيجد صعوبة في فهم الطرف الآخر وتلبية احتياجاته... وذلك لأنه ببساطة غيبنا وجود العامل الفيزيائي في العلاقة (وهو عامل الوجه لوجهه) واستبدلناها بعامل إلكتروني صارم لايعرف إلا الأصفار والواحدات في التعامل.
ومهما حاول صاحب الذكاء الاجتماعي فهم الآخرين إلكترونيا سيصاب بالإحباط أحيانا وبخيبة الأمل أحيانا أخرى ذلك لأن عوامل تعزيز الذكاء الاجتماعي مفقودة وليست معدومة ì ونعني بفقدها أنها أصبحت أضعف وليست ذات تأثير كما كانت في السابق!
وحتى لا نقطع الأمل على أصحاب الذكاء الاجتماعي نقول لهم يمكن تعزيز قدراتكم الاجتماعية إلكترونيا وذلك بابتداع طرق جديدة في التعامل مع الآخرين في هذا الفضاء الإلكتروني .. وهذه الطرق بحاجة لبحث دقيق ومعايير تقييم واختبارات واستنتاجات (يبدو أننا دخلنا في متاهات البحث العلمي) لدراسة مدى فاعليتها.
فإلى أن تظهر مثل هذه الدراسات نتمنى لكل من وهبه الله خصلة الذكاء الاجتماعي أن يحافظ عليها ويعززها.
الذكاء الاجتماعي(7)
ساكن الأرض الأول لم يكن فرداً... فعندما شاءت الإرادة الإلهية وحكمت بسكنى بني آدم
الأرض كان ذلك بنزول سيدنا آدم وحواء إليها مجتمعان... نواة مجتمع إنساني...
وعندما نزلا، لم تكن الأرض جرداء فارغة، بل كانت تزخر بأنواع الحياة النباتية والحيوانية... مجتمعات من خلق الله...
وعندما خلق الله عز وجل الإنسان خلقه من جنس الأرض التي سيسكن فيها ويعمرها... من ماء وتراب...
علاقة مدهشة بين الإنسان والأرض لو تأملنا فيها... حال الأرض العطشى وحال الإنسان الظمئ...
علاقة الإنسان بمسقط رأسه... حنينه إليه، وكأنه يحن إلى أرض نبت فيها وترعرع، امتزج ماؤها وترابها وهواءها بكل خلية من خلايا جسمه... لا يمكن أن تجد إنساناً على وجه البسيطة لا يحب أن يرتبط بأرضه التي نشأ بها،ويحن للتواصل معها...
التواصل الإنساني :
التواصل الإنساني تاريخ ممتد من لدن آدم عليه السلام، لا ينقطع إلا بزوال الأرض ومن عليها، في أي مكان من العالم سكنت، وفي أي بيئة من البيئات نشأت، وأي نوع من الأفراد كنت، حياتك رهن قدرتك على التواصل مع عالمك الخارجي..
طفلاً... شاباً... يافعاً... شيخاً... رجلاً... امرأة ... موظفاً... رب عمل... قائداً... تابعاً... رجل أعمال... عامل... مديراً... إنساناً بسيطاً... مزارعا... راعياً... عالماً... متعلماً... أباً... أماً.... في الحضر، في البدو... مهما تكن، طالما تتمتع بصبغتك الإنسانية التي كرمك الله بها فنجاحك وفشلك في الحياة رهن قدرتك على التكيف مع العالم الذي تعيش فيه.
يمكننا أن نتواصل مع كل ذرة من ذرات هذا الكون وبلا حدود..
والله عز وجل أكرمنا بأنواع من التواصل لا حدود لها، وجعل في داخلنا من القدرات التواصلية ما لو اطلعنا عليها لذهلنا... ففي أي مكان وجد الإنسان يمكنه أن ينشئ علاقة تواصل مع ما حوله حتى في حالات الصمت... التأمل... هو في تواصل مع الكون... مع معجزات الله في الكون... في حالات الركون إلى الذات هو في تواصل مع نفسه، وفي السراء والضراء، في كل لحظة في تواصل مع خالقه...
لغات التواصل :
ولغات التواصل متنوعة، فليست اللغة المحكية، وإن كانت أكثر لغات التواصل وضوحاً وسهولة بين بني البشر، هي اللغة الوحيدة التي يتواصل بها الإنسان مع عالمه الخارجي، لغة الجسد أيضاً من لغات التواصل الإنساني التي كثر الحديث حولها والتي يرى الخبراء أنها تشكل أكثر من 93% من لغة التواصل الحقيقية.
سخر الله لنا الكون بكل ما فيه من عناصر روحانية وخلق فينا جهاز استقبال وإرسال لهذا النوع من التواصل فريد... بل مذهل!
هناك لغة تواصل قد تكون أكثر لغات التواصل تأثيراً على الإنسان وهي اللغة الروحانية، لغة المشاعر والأحاسيس... فكما سخر لنا الله الكون بكل ما فيه من موارد مادية، سخره لنا بكل ما فيه من عناصر روحانية وخلق فينا جهاز استقبال وإرسال لهذا النوع من التواصل فريد... بل مذهل! إلا أن هذه اللغة يتفاوت الناس في درجة فهمهم لها، فمنهم من يستطيع قراءتها بسهولة، ومنهم من يجد في فهمها صعوبة، ومنهم من تتعذر عليه... فتستغلق...! هذا النوع من التواصل يتطلب نوع من المهارات لا يمتلكها الكثيرون...
التواصل مفهوم واسع.... واسع جداً... جداً... يمكننا أن نتواصل مع كل ذرة من ذرات هذا الكون وبلا حدود...
الذكاء الاجتماعي:
يمكن أن نعرّف الذكاء الاجتماعي على أنه "قدرتك على تحقيق تواصل ناجح مع العالم الخارجي وعالمك الداخلي على أن لا تدع فرصة تمر أمامك دون أن تستثمرها في عملية تواصل".
حتى لو كنت حبيساً، لا تسمح لمفهوم الانعزال بالتمكن منك.
قنوات التواصل لا تنتهي، فمهما ضاق الطيف فلا بد من وجود مساحة يمكنك التحرك من خلالها. كيف؟ من خلال دوائر التواصل المتنوعة.
لنلق معاً نظرة سريعة على دوائر الاتصال.
دوائر الاتصال:
1) خالقنا الله عز وجل.
2) الكون (التفكّر والتأمل).
3) مخلوقات الله.
4) النفس.
5) الآخر.
وبالرغم من أن تحقيق تواصل ناجح بشكل عام ليس بالأمر البسيط أو السهل، إلا أنه أيضاً ليس عسيراً على من يحاول إتقانه، فالبعض يرى إتقانه فناً، والبعض يراه علماً، وأنا شخصياً أراه "ذكاءً".
في موضوعنا "الذكاء الاجتماعي" مجال بحثنا التواصل الإنساني، وكيف يمكن أن يحقق الفرد نسبة عالية من الذكاء الاجتماعي من خلال إتقانه للتواصل الجيد.
لماذا أتواصل مع الآخر؟
في الحقيقة الإنسان دون علاقات اجتماعية ميت يمشي على الأرض... التواصل يعني الحياة، فإن كان ناجحاً كانت حياة سعيدة... ونحن نريده ناجحاً ونريد حياة سعيدة..
· نبدأ مع الدوافع الإنسانية الإيجابية للتواصل:
· التشارك بالمعرفة.
· اكتشاف الذات.
· التعرف إلى الآخر.
· المساهمة في بناء مجتمع سليم.
· تحقيق الأهداف.
· تداول الأفكار.
· اكتساب الخبرات.
· أولاً التشارك بالمعرفة:
مهما بلغ الإنسان من رتبة علمية ومعرفية، فإن معرفته هذه إلى نضوب ما لم يتشارك بها مع الآخرين، بل إنها تصبح جوفاء لا معنى لها إذا ما بقيت حبيسة صدر صاحبها لها كالكنز الصدئ، والعكس صحيح.
فكما أن الفرد يحتاج إلى تصدير معرفته، يحتاج إلى رفدها بمعارف الآخرين وعلومهم... حكمة الكبار، علم العلماء، مشاركة الزملاء، نصائح القادة.... بل وربما تصلك معلومة من طفل صغير تُذهل لغيابها عنك!
لا تستهن بأي نوع من أنواع المعرفة من أي مصدر جاءتك. طبعاً نحن لا نقول أن "تتقبل" أي نوع من أنواع المعرفة، ولكن أن تحصل عليها، ثم تحاكمها على محك مبادئك، وهذا طبعاً موضوع آخر له بحثه الخاص.
إثراء المعرفة إذاً يعتبر واحداً من أهم نتائج التواصل الإنساني.
أنت تبدأ بتكوين إرثك الثقافي والمعرفي والمهني من خلال الكتب والمراجع العلمية والمحاضرات والندوات، ولكنك في الحقيقة لا تُراكمه إلا من خلال التواصل الحي والممارسة العملية لهذا الإرث.
جميع العلوم النظرية تبقى رهن النسيان ما لم يتم تفعيلها؛ وهذا ما سيؤول إليه إرثك المعرفي ما لم تُفعّل ما تعلمته وتنخرط في تطبيقه فماذا يفيد أن تتعلم الإدارة وأنت جالس في غرفتك بين الكتب والمراجع؟
جميع العلوم النظرية تبقى رهن النسيان ما لم يتم تفعيلها؛ وهذا ما سيؤول إليه إرثك المعرفي ما لم تُفعّل ما تعلمته وتنخرط في تطبيقه سواء ضمن مجتمعك الداخلي -مع أفراد عائلتك أو أصدقائك – أو مجتمعك الخارجي: زملائك في العمل أو عمالك أو موظفيك (إن كنت رجل أعمال)، حتى مع نفسك، نفسك التي من حقها عليك أن تكون أول المستفيدة من علومك ومعرفتك. من الذكاء بمكان أن تحاول تطويع ما حولك واستثماره في تطبيق وممارسة علومك التي تتعلمها. والمحاولات المتكررة، وإن كانت نتائجها تأتي متواضعة في كل مرة، ستشحذ قدراتك فلا تلبث أن تجد نفسك وقد أصبحت إنساناً متمكناً...
كيف أكون ذكياً في تواصلي المعرفي؟
التراكم المعرفي لا يكون إلا من خلال التطبيق العملي للعلوم النظرية والتي تتطلب بالضرورة التواصل الحي المباشر مع الآخر عندما تكون في طريقك نحو تحقيق التراكم المعرفي عن طريق التواصل العملي المباشر، ستعترضك العديد من المتاعب التي تغنيك عنها جلستك مع الكتاب أو المرجع.
فأنت في حوار إما مع مجموعة أو مع فرد وفي كلتا الحالتين أنت طرف والآخر طرف، والعملية تفاعلية، لا يمكن أن تتكلم ويبقى الآخر صامتاً والعكس بالعكس، كما لا يمكن أن تصدر منك إيماءة لا يتأثر منها الآخر، بمعنى أنك يجب أن تكون مهيئاً لأفعال وردود أفعال.
الذكاء العاطفي والاجتماعي(8)
هل يقتصر الذكاء على حفظ المعلومات العامة وهل الناجحون هم فقط الاشطر في الضرب والطرح؟
على مدى الجيلين الماضيين , كان الجواب نعم. اما اليوم فلا!
فقد قلبت دراسات واكتشافات جديدة نظرة العقل الى العقل ووضعت مقاييس جديدة لاختبار الذكاء التقليدي.
ومن التعابير الجديدة التي كثيرا ما نسمعها هذه الايام تعبير "الذكاء الاجتماعي والذكاء العاطفي".
الذكاء الاجتماعي هو تصرف الانسان في الشارع والبيت.
ليس النفاق بل المجاملة.
ليس الوصولية بل العمل.
ليس التسلق بل الصبر.
هو ان يعرف الشخص كيف يتصرف مع الآخرين من دون ان ينتقص من قدرهم، وفي الوقت نفسه من دون ان يمدحهم فينفخ رؤوسهم بالكذب والكلام المعسول.
كذلك هي قدرة الشخص على التخلص من المواقف المحرجة، وقدرته على اقناع من حوله برأيه.
عادة يكون الذكيّ اجتماعيا مؤثرا في الآخرين ومحبا للنقاشات الجماعية ولا يحبّ الانفراد بل كثرة الاشخاص من حوله. ويبنى هذا الذكاء على التجارب الحياتية الخاصة وليس على قراءة الكتب.
وغالبا ما يكون الذكيّ اكاديميا، الذي يمضي وقتا طويلا بمفرده، أقل ذكاء اجتماعيا من الذين يمضون اوقاتهم مع الآخرين، ويمكن القول انهم "اغبياء اجتماعيا" نظرا لقلّة تجاربهم واحتكاكهم بالآخرين، ولكن هناك استثناءات.
خصائص الذكي اجتماعيا
ان يكون قادرا على جمع الاصدقاء من حوله.
ان يدير غضبه.
ان يقدم النصائح.
ان يتحمل الفشل.
ان يكون شجاعا للمثابرة اذا اخطأ او فشل.
ان يكون سريع التكيّف.
ان يكون سريع البديهة.
ان يفهم الآخرين من خلال لغة الجسد.
ان يكون محاورا لبقا.
ان يقدّم نفسه بصورة جميلة وغير كاذبة.
الذكاء العاطفي
الذكاء الاجتماعي هو احد انواع الذاكاء العاطفي بحسب الدكتور روبرت ثورنديك (اوائل القرن) الذي كان اول من اخترع هذا المصطلح واطلق على هذا النوع من الذكاء EI في مقابل الذكاء العلمي الذي يطلق عليه IQ.
ويشتمل الذكاء العاطفي ايضا على قدرة الشخص واتقانه الخروج من اليأس والاحباط، وقابليته الكبيرة على التحكم في انفعالاته، أي ان يكون قادرا على تأجيل ردّات فعله أو كبتها لصالح انجاح موقف ما، وقدرته على ادارة عواطفه بطريقة لا ترتدّ عليه سلبا، ان في العائلة او في العمل او في الشارع. الى جانب قدرته على معرفة عواطف الآخرين والتصرف معهم بما يناسبهم ولا يزعجه.
دانيل جوليمان عالم نفسي ومؤلف احد أكثر الكتب مبيعاً حول الذكاء العاطفي يقول إن نجاح الفرد في العمل يعتمد ثمانين بالمئة على الذكاء العاطفي وعشرين بالمئة فقط على حاصل الذكاء.
ويثبت الكتاب ان الذكاء العاطفي ضروري للنجاح في الحياة المهنية الى جانب الذكاء المطلوب لأداء العمل فنيا كان او علميا او موسيقيا او لغويا او بدنيا.
والاشخاص الاذكياء عاطفيا يكونون عادة واثقين من انفسهم لانهم يعرفون ماذا يريدون من الحياة وماذا سيعملون. لأنهم يستخدمون عواطفهم في ترشيد سلوكهم لزيادة فرص نجاحهم في كل مجالات حياتهم.
خصائص الذكي عاطفيا
أن يكون قادرا على مواجهة الضغوط العاطفية
ان يكون قادرا على السيطرة على الغضب.
أن يكسب محبة الآخرين.
أن يتعاطف مع الآخرين.
أن يفهم مشاعر الآخرين.
ان يكون مستقلا.
ان يكون قادرا على حلّ المشكلات بسرعة.
ان يكون امينا وصادقا.
ان يحمل بعض الخجل الايجابي وبعض الندم على ما يخطىء فيه.
ان يكون واقعيا.
ان يكون مستعدا للاعتذار اذا أخطا.
ان يكون مسامحا وغفورا.
الذكاء الاجتماعي(9)
كثيرا ما نرى في مجالس يتبادل فيها الأصدقاء الحوار والنقاش .. ما أن يدخل شخص ما ويأخذ موقعه حتى يصبح محط الأنظار، يلفت الانتباه .. يدير حلقة الحديث .. نقاشه له أسلوبه المقنع المثير للإنصات والإصغاء ، وإذا ما احتدم نقاش بين زميلين احتكما إليه ، يفصل بين المنازعات، له كلمته المسموعة ، يفكر بعقلية الجماعة، هذا الشخص يملك ما نسميه " الذكاء الاجتماعي " .
يرى( Mark Snder) : " إن من وهبه الله نعمة الذكاء الاجتماعي جعل منه قائداً محنكا ، وبطلاً من أبطال الدرجة الأولى ، وخلق عنه انطباعا جيدا عند الناس، فتتحسن صورته الذاتية عن نفسه عندهم ، وعنده هو الآخر كذلك " .
وثمة صفات لصاحب السلوك الذكي اجتماعياً نذكر منها :
1- له قدرة على الإقناع ، لأنه يملك أسلوب دبلوماسي لبق، وتصرف حسن .
2- عن طريق قدرته على استنباط ما يفكر فيه الآخرون يمكنه تقديم الحلول والبدائل وتقريب وجهات النظر إذا ما احتدم نقاش أو نزاع .
3- لديه خارطة كاملة في التعامل مع الآخرين من زملاء العمل أو أفراد الأسرة ، والمجتمع عامة .
4- يبتعد عن التصرفات الاجتماعية الخرقاء، فلا يضحك عاليا في مواقف لا تستدعي الضحك أو يلتزم الصمت إذا ما سمع نكته تستحق الضحك فعلاً.. ولا يتحدث عن نفسه كثيراً ، ويختار الوقت المناسب في الحديث .
5- صاحب عاطفة قوية يستطيع من خلالها استقراء ما بداخل النفس البشرية من عواطف ومشاعر .
6 - رهيف الحس يتعرف ويتفهم مشاعر من يحتك بهم ويخالطهم ويستجيب لأحاسيسهم بشكل لائق ومقبول .
7- له قدرة على مواجهة الاحباطات والتحكم بالعواطف وضبطها .
إن الذكاء الاجتماعي الذي ننشده يبدأ من التنشئة الاجتماعية التي لها دورها الفعال في تكوين بناء الشخصية الإنسانية ، وبمقتضى هذه التنشئة الاجتماعية يكتسب الفرد الثقافة ويستوعب قيم المجتمع الإنساني وأهدافه . ويرجع الضعف الاجتماعي والانطواء وعدم القدرة على إقامة علاقات طيبة غالباً ما يعود أثرها إلى المؤسسات التربوية في أيام الطفولة التي لها تأثيرها المستمر على سلوك وشخصيات الأفراد خلال مختلف مراحل حياتهم ، فالذكاء الاجتماعي يبدأ العناية بتطويره وتربيته من المراحل المبكرة للطفل بتدريبه على أسس الحياة الاجتماعية وتشجيعه على اللعب الجماعي والاختلاط مع الغير ، ودفعه للأخذ بزمام المبادرة في الاتصال وإقامة الصداقات والتعاون مع الغير، وتتم العناية عن طريق المؤسسات التربوية، وهي:
1- الأسرة : بعض الأسر تقتل في الطفل الحس الاجتماعي بمنعه من الاختلاط مع الأطفال الآخرين وبمنعه من الكلام احتراماً للكبار ـ وشتان ما بين الاحترام والخضوع ـ مما يلغي شخصيته ويسيطر عليه شعور بالخجل ويفقده الكياسة الاجتماعية . يقول عالم النفس (Stephen Newicki) من جامعة (Emory) : " إن الأطفال الذين لا يحسنون التعبير عن عواطفهم يشعرون دوماً بخيبة الأمل ، فهم لا يستوعبون بشكل تام ما الذي يدور حولهم .."
2ـ المدرسة : لها دور إيجابي كبير فعندما يحضر الأطفال لأول مرة إلى المدرسة يجدون أنفسهم تحت إشراف مباشر من أفراد لا ينتمون إلى أسرهم ، ويتعلم الأطفال الامتثال لقواعد المجتمع وقيمه ومعاييره المختلفة ، وتقلل المدرسة من اعتماد الأطفال على أسرهم وتربطهم بالمجتمع الكبير بروابط جديدة.
3- جماعة الأصدقاء: فعندما يكون لجماعة الأصدقاء ثقافتها الخاصة التي تتميز بوجود قيم ورموز ومعايير معينة تميز هذه الجماعة عن غيرها وربما تكون مبادئ مغلوطة، عندئذ يكون لهذه الجماعة تأثير قوي على شخصيات أعضائها إلى الأسوأ والشذوذ عن السلوك الاجتماعي لذا كان على التربويين العناية في اختيار الطفل أو المراهق أصدقائه .
4- وسائل الإعلام: كالجرائد والمجلات والكتب التي تشكل وسائل ثقافية جادة والتلفزيون والإنترنت.. وغيرها من الوسائل التي تملي وسائل الانخراط الاجتماعي .
وقبل الختام يجب أن نعرف: أن الكل بحاجة إلى الذكاء الاجتماعي وأن عملية التنشئة الاجتماعية تتم بين الأفراد والمجتمعات والدول والشعوب ، وهي عملية مستمرة لا تنتهي إلا بانتهاء الحياة ، فقد ميز الله الكائن البشري عن سائر المخلوقات بالسلوك الحاذق الماهر وهو العمل المشترك على مستوى أفراد أو جماعات أو دول حتى بات مَن في شرق الأرض يعمل ويصنع وينتج لمن في غربها ، فالبشرية تستمد قوتها من بعضها البعض ، وتبحث عن المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة . وسكان العالم في ازدياد مضطرد ، وتتقارب الشعوب من بعضها البعض ، وكوكب الأرض الكبير أصبح عالماً محدوداً ، وأصبحنا نضع في تقديرنا لاحتياجاتنا احتياجات الآخرين ومتطلباتهم وأخذها بعين الاعتبار، وأرقى أنواع السلوك الذكي الذي تتطلبه المجتمعات المتقدمة هو القدرة على التفكير في طلب التعاون المشترك ، فتنمية الذكاء الاجتماعي هدف سامي ونبيل تستهدفه مصلحة البشرية جمعاء ، وهو أمر في غاية الأهمية إذا أردنا للحياة البشرية أن تستمر على هذا الكوكب .قال تعالى : { يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم } .
الذكاء الاجتماعي صفة مكتسبة لإدارة العلاقات وحل الصراعات(10)
ضمن الحديث عن مفهوم الذكاء عرف عالم النفس "هاوارد جاردنر" في كتابه "أطر العقل" الصادر العام 1987 مفهوم الذكاء على أنه "مجموعة من القدرات المستقلة الواحدة عن الأخرى، التي يمتلكها الأشخاص، في مجالات كثيرة".
وصنف جاردنر أنواع الذكاء ضمن سبعة أنواع من الذكاء قابلة للإضافة. ومن أنواع الذكاء التي تناولها جاردنر الذكاء اللغوي Linguistic intelligence ، وهوالقدرة على التعبير اللغوي وتركيب الجمل واستعمال الكلمات، وهي مهارة يتميز بها أفراد عن غيرهم، كالخطباء المفوّهين والمديرين، وقد يستغل هذا النوع من الذكاء في الوصول الى عقول الناس.
ومن انواع الذكاء المنطق الرياضي Logical-mathematical intelligence وهو ما يمكن الأفراد من التفكير الصحيح، إذ يعتمد على العمليات المنطقية، واستعمال ادوات التفكير المعروفة، كالملاحظة والاستنتاج والتعميم، ويصنف الذكاء المنطقي الرياضي كقدرة الرياضية لا تحتاج الى التعبير اللفظي، لأن المرء يستطيع فيها أن يعالج مسألة رياضية في عقله دون أن يعبر عما يفعل لغويا. ويتميز الأشخاص الذين يملكون مهارات حسابية عالية، بالقدرة على معالجة المسائل التي يعتمد حلها على قوة المنطق.
أما النوع الثالث فهو الذكاء الفراغي (الفضائي) وهو القدرة على تصور الأشكال والاشياء في الفراغ (الفضاء)، وما يرتبط بالمكان وأبعاده. وترتبط هذه القدرة بما يسمى ادراك التواجد في المكان، ومن أنواع الذكاء أيضاً الذكاء الجسدي Bodily – kinesthetic intelligence. ويرتبط الذكاء الجسدي بنشاط الجسم وحركاته وهو ما يسميه جاردنر بالذكاء الجسدي والحركي، وهو أكثر انواع الذكاء السبعة المختلف حولها، فهو يصنف كمهارة يملكها الرياضيون والراقصون وعارضو الأزياء، والاقرار بهذه المهارة كنوع من الذكاء، يقود إلى الإقرار بأن لاعب كرة القدم شخص ذكي، وكذلك الراقصة التي تعجب الجمهور برقصها ذكية وهو ما يختلف عليه علماء النفس.
وهناك علاقة واضحة بين هذه المهارة والمخ إذ يسيطر كل نصف من المخ على حركات نصف الجسم المضاد له، لذلك فإن إصابة أحد نصفي المخ بضرر قد يؤدي الى عجز تام للمرء عن القيام بحركات ارادية في النصف المضاد.
وعلى الرغم من أن المهارة الموسيقية تبدو بعيدة الشبه بالمهارة الحسابية مثلا، الا أنها تملك الاستقلال الذي يجعلها جزءا منفصلا من الذكاء الانساني ضمن تصنيفات جاردنر.
وضمن تصنيفه لأنواع الذكاء يعرف جاردنر الذكاء الاجتماعي بأنه القدرة التي يملكها الفرد على التواصل مع الآخرين، ويعتبر أن الذكاء في العلاقات المتبادلة بين الناس هو القدرة على فهم الآخرين، وما يحركهم، وكيف يمارسون عملهم، وكيف نتعاون معهم.
أما فيما يتعلق بذكاء الشخصية الاجتماعية وتميزها، فقد حدد أربع مواصفات: هي القيادة، والمقدرة على تنمية العلاقات، والمحافظة على الأصدقاء، والقدرة على حل الصراعات، والمهارة في التحليل الاجتماعي.
ويتضمن تصنيفه ايضاً الذكاء الروحي أو الخارجي، ويقصد به مدى ادراك الإنسان لنفسه والعالم الذي يعيش فيه، وإدراكه للعلاقات التي تربط الامور المحيطه به.
ويتفق علم النفس مع علم الاجتماع على أن وعي المرء لنفسه يعني ان يتعمق في نوعية مشاعره، وماهية وجوده، وضعف هذا النوع من الذكاء يؤدي الى ضعف وعي الشخص بذاته، والى انقطاعه عن المحيط الذي يعيش به.
المصادر ...............................................
1- المعجم الموسوعي في علم النفس/ نوربير سيلامي
2- درويش ، أيمن سيد ، اختبر معدل الذكاء وضاعف قدراتك الذهنية ، الفرد مونزرت ، مترجم ، حلب ، سوريا ، شعاع للنشر والعلوم ، الطبعة الأولى 2000.
3- حسن ، حسن مرضي ، مدخل إلى فهم الذكاء ، دمشق، سوريا ، الأولى للنشر والتوزيع بدون سنة طبع.
4- جابر، جابر عبد الحميد ، الذكاء ومقاييسه ، القاهرة ، دار النهضة العربية، دون تاريخ 5- عبد الغفار، محمد عبد القادر ؛ القريطي ، عبد المطلب أمين ، مبادئ علم النفس ، القاهرة ، مكتبة النهضة ، 1997 .
6- ياسين، عطوف محمود ، اختبارات الذكاء والقدرات العقلية بين التطرف والاعتدال ، لبنان ، دار الأندلس ، 1981 .
7- أبو حطب ، فؤاد ، القدرات العقلية ، القاهرة ، مكتبة الإنجلو المصرية ، الطبعة الخامسة ، 1996 .
8- سهير رفعت السلمان/ وزارة التربية والتعليم العالي / فلسطين
9- سكينة العكري/ موقع البوابة
10- أروى صالح / وزارة التربية والتعليم العالي/ فلسطين
11- د. عمار بكار/ صحيفة "الاقتصادية" السعودية
12- لدكتور سعادة خليل/ موقع ديوان العرب
13- هند الخليفة/ جريدة الرياض اليومية
14- ميسون النحلاوي/ الشرقية أون لاين
15- موقع زافين اونلاين
16- فؤاد أحمد البراهيم /منتديات مهارتي
17- إسلام الشوملي/ جريدة الغد