نرجسية

الناقل : SunSet | المصدر : www.annabaa.org

 

النرجسية: Narcissism

شبكة النبأ: مصطلح يشير عموماً إلى الشعور الذي يستحوذ على المرء ويجعله يعشق صورته أو أنانيته أو جسده أو مثالاً معيناً له، وهو مفهوم بالغ الأهمية في نظرية التحليل النفسي للذات. فقد أخذ فرويد أسطورة نارسيسوس (نرجس) من أعمال الشاعر أوفيد وبنى عليها فكرته عن حب النفس بصورة قاتمة، وربط بين عواقب الانهمام بالهوية وبين الكآبة السوداوية وفقد الأنا. وتنقسم فكرة فرويد عن النرجسية إلى شقين: النرجسية الأولية، وهي جانب ضروري في نمو الأنا ويرتبط بالعناصر الغريزية في النفس ويتوقف على طبيعة العلاقات مع الآخرين، والنرجسية الثانوية ومعناها التفسخ المرضي للأنا والمرتبط بإدراك المرء أن طلب الحب المطلق أمر مستحيل، وفي حالة الكآبة السوداوية يتحول هذا الإحباط إلى انشغال تام بموضوع الحب الضائع أو بالأنا المتعلقة به أو بالمثال المرتبط بفكرة الموت المجسد، حيث تبدأ الأنا العليا الحاكمة في إنزال العقاب بالأنا، وينقسم الكتاب المعاصرون في الرأي حول النرجسية الثانوية، وهل تعمل عمل النقد الموجه لمركزية الأنا، أم أنها نموذج للمطالب الطفولية في الثقافة المعاصرة، وفي سياق النسوية تعتبر الأنا والقدرة على الفعل فكرتين سياسيتين هامتين، بينما يعتبر الانهمام بالهوية نوعاً من أنواع من التسلط. ويلاحظ أن شقي الفكرة النرجسية عند فرويد يعبران عن هذه الإشكالية المتواصلة.

 

افتتان المرء بجسده (النرجسية)

جاءت هذه التسمية من "نرجس" narcissus وهو اسم أحد الشخصيات في الأساطير الإغريقية وقد كان هذا الشخص شاباً جميلاً تنجذب له العديد من الفتيات الجميلات ولكن ما كدر  النساء أنه لم يكن يكترث بأي منهن. ولقد وقعت echo وهي أحدى الحوريات في حبه ولكنه رفض حبها بقسوة وكعقاب له على عدم تعاطفه وقسوته لعنته الآلهة بأن يحب نفسه فقط. وفي يوم ما مال "نرجس" narcissus فوق بركة ماء ليشرب فرأى انعكاس صورته على الماء ووقع في حب نفسه. وفي هذه اللحظة فطن إلى أنه قد أحب نفسه تماماً كما وقع الآخرون في حبه. ولم يستطيع أن يتوقف عن النظر إلى انعكاس صورته في الماء ولذلك ابتعد بسرعة عن حب نفسه ومات على ضفة البركة ونبتت حيث مات زهرة أطلق عليها (narcissus النرجس) ويخبرنا علماء النفس أن كل شخص بحاجة إلى عنصر ما من عناصر النرجسية أو حب النفس حيث إن هناك نوعاً صحياً من الافتتان بالنفس والذي يؤدي بنا إلى أن نحقق أشياء ويساعدنا على تنمية احترام الذات. وفي هذا التوضيح والتعبير غير الصحي سيصبح الافتتان بالنفس هو العامل المهين في حياة الشخص حيث سيصبح الشخص النرجسي يرى نفسه/ نفسها على أنه يتفوق على الآخرين وسيكون استغلالياً ويركز على نفسه فيشتاق إلى التحليق الدائم. وسيغضب ويتوتر عندما يتم توجه الانتقاد إليه وسيكتئب نتيجة للإخفاقات. ويبدو النرجسيون واثقين من أنفسهم في الظاهر ولكن في الباطن فإنهم قلقون ولا يشعرون بالأمان.

وتناقش النرجسية عادة في علاقتها بالأفراد ولكنها لها مضامينها الاجتماعية والسياسية ويمكن أن توجد في الجماعات أيضاً. ولقد اقترح فرويد أن الأفراد يمكن أن يركزوا اهتمامهم وطاقتهم (وبصفة خاصة الطاقة الشهوانية أو الجنسية) في أي من الاتجاهين. سواء كان تجاه العالم الخارجي أو تجاه النفس. فعندما كنا صغار كنا نركز طاقتنا وجهدنا على أنفسنا وكلما نكبر نتعلم أن نعيد توجيههما في جميع الأحوال إلى الخارج.

ويقترح بعض علماء النفس أن جذور النرجسية تنمو عندما يتراوح سن الأطفال من 18شهر حتى 3أعوام. حيث يقولون إنه إذا لم يسمح للطفل في هذه المجموعة العمرية أن ينمي هويته وإذا يتم الاعتداء عليه لفظياً وانتقاده من والديه فسيشعر بأن هناك خطأ ما وعليه سينمي بعض نماذج نرجسية للسلوك- التكبر وإحساس مختال بالتفوق- لحماية نفسه/ نفسها من مشاعر القصور.

ويناقش إريك فروم erich fromm النرجسية في كتابه "عظمة وقيود فكر فرويد" (1980) greatness and limitations of freud thought حيث يقدم عدداً من النقاط المهمة. ويقترح أن النرجسية لها قيمة خالدة، فسنشعر بأهميتها لدرجة تجعلنا نعتني بأنفسنا ونحقق الأشياء وغيرها. ويقترح أيضاً أن آراء فرويد عن النرجسية قد تشوهت بآرائه عن المرأة وطبيعة الحب، ووفقاً لفروم fromm فإن فرويد لم يستطيع رؤية أن النرجسية مضادة للحب وذلك لأنه كانت لديه أفكاره الخاطئة عن الأسلوب الذي يحب به كل من الرجل والمرأة بعضهم البعض ولقد نبع هذا جزئياً من النظام الطبقي والأسلوب الذي تعلمت به نساء الطبقات الوسطى كيف يتصرفن.

ويعد معظم النرجسيين من الأفراد الجذابين- ويقترح فروم (1980) froom أن معظم الفنانين والكتاب المبدعين والراقصات والسياسيين من ذوي الشخصيات النرجسية  إلا أن هذه النرجسية لا تتداخل في فنهم بل تساعدهم فيه. ووفقاً له فإن هؤلاء النرجسيين يجسدون صورة لما يجب أن يكون عليه الإنسان العادي  وهو ما ينطبق على الإنسان العادي (والذي لا يقيم القلق الذي يعاني منه المريض بالنرجسية).

كما قام فروم fromm أيضاً بالتفريق بين النرجسية والأنانية. فالأخير يشير إلى نوع من الأثرة والطمع وهو ما يختلف عن الرؤية المشوهة للواقع الموجودة في النرجسيين والذين قد لا يكونون أنانيين ولكنهم مصابين بحب الذات. وقد يكون الشخص المحب لذاته أنانياً ولكنه قد يكون واقعياً في الوقت ذاته، يوجه بعض النرجسيين طاقاتهم نحو إخفاء حبهم لأنفسهم حيث يرتدون قناع الخضوع ويشتركون في سلوكيات غير أنانية مثل القيام بأعمال إنسانية عديدة كوسيلة لإخفاء نرجسيتهم.

وبشكل عام فإن كل هذا يجعل من الصعوبة اكتشاف النرجسية والتعامل معها ولا يميل النرجسيون إلى أن يرتبطوا بالمعالجين ويرفضون العلاج وهناك ميل في الفكر الاجتماعي لربط المصطلحات سوياً وتفسير الأنانية والاهتمام المتزايد بالنفس وفرط الفردية كنرجسية. وبالطبع فإن الأنانية والنرجسية عادة ما يكونان مرتبطين ببعضهما البعض.

ويطرح فروم (1980) مناقشة مهمة لما يدعو له بالنرجسية الجماعية ونوع الشيء الموجود داخل الناس والذين يؤكدون كما يفعل معظم الأمريكيين (أو اعتادوا عليها على الأقل) مع إحساس بالتقوى والأفضلية "نحن رقم واحد بالنسبة لشعوب العالم" وسنرى هذا الأمر أيضاً لدى مشجعي الفرق الرياضية. ووفقاً لفروم فإن النرجسية الجماعية ترتبط بالأنظمة الاقتصادية التي تقوم على الأنانية وتحاول تحقيق الحد الأقصى من الأرباح على حساب الآخرين. وهو ما يعني أن النرجسية الجماعية ترتبط بالإنحياز الذي يجده الفرد في المجتمعات الصناعية الحديثة.

إن الشخص العادي يعيش في ظروف اجتماعية تقيد من تنمية نرجسية مكثفة فما الذي يغذي نرجسية الفقراء الذين لهم مظهر اجتماعي أقل والذين يميل أطفالهم إلى أن ينظروا إليهم باحتقار؟ فهو لا شيء ولكن إذا ما كان يمكن أن يتعرف على دولته حينها يكون هو كل شيء.

وتعد النرجسية مفيدة جداً للحكومات عندما ترغب على سبيل المثال في حشد شعوبها وتجهيزها لخوض الحروب. ويتساءل فروم إذا ما كان الرجل والمرأة المعاصرين سيموتان من النرجسية نتيجة لمشاركتهما بالأنا في المجتمعات الصناعية شديدة الفنيات تماماً كما مات نرجس Narcissus نتيجة لوقوعه في حب صورته في بركة الماء.

ويهتم المعالجون النفسيون بالنرجسية وعادة ما يرونها في الأعداد المتزايدة من المرضى، ومن الصعب أن نقول إذا ما كان يوجد الآن نرجسية مقارنة بالعصور السابقة أو إذا ما كان المعالجون أكثر براعة في التعرف عليها. ومهما كانت الحالة فإن النرجسية بأشكالها العديدة الخفية – تظل مشكلة – لها أهميتها الكبيرة لكل من الأفراد والثقافات الأمريكية والتكنولوجية الحديثة الأخرى.

وسواء ما إذا كانت أنانية أو نرجسية (أو مجموعة من كليهما) وهو ما يعتبر أمرا خاطئاً حيث إن التركيز المتزايد في الثقافة الأمريكية وفي هيئاتنا السياسية قد كان على الفرد وحقوقه والشركات الخاصة والطموحات الشخصية لاستثناء النطاق العام وإحساساً بمسئوليتنا الجماعية والتزامنا الجماعي. وكنتيجة لذلك يرى العديد من النقاد عدم وجود أي توازن وأن علينا أن نجد أساليب جديدة للتخلص من دوافعنا النرجسية وميولنا النرجسية وتوجيه اهتماماتنا إلى الخارج. 

 

متعلقات

 

نرجسية(1)

النرجسية تعني حب النفس وهذه الكلمة نسبة إلى أسطورة يونانية، ورد فيها أن ناريس كان آية في الجمال وقد عشق نفسه عندما رأى وجهه في الماء.

الصفة الأساسية في الشخصية النرجسية هي الأنانية فالنرجسي عاشق لنفسه ويري أنه الأفضل والأجمل والأذكي ويري الناس أقل منه ولذلك فهو يستبيح لنفسة استغلال الناس وتسخيرهم. والنرجسي يهتم كثيرا بمظهرة وأناقته ويدقق كثيرا في أختيار ملابسه ويعنيه كيف يبدو في عيون الأخرين وكيف يثير أعجابهم ويستفزه التجاهل جدا ويحنقه النقد ولا يريد أن يسمع إلا المديح وكلمات الأعجاب.

النرجسية مصطلح استقاه المحلل النفساني سيجموند فرويد من الأسطورة اليونانية، ونرجس هذا هو "ابن الحورية الزرقاء ليروب، من مدينة Thespide، حاصرها يوما إلـــه النهر سيفيسيوس بقنواته، فتمكن من اغتصابها وقد قالت العرافة Lyriopy أن ابنها نرجس سوف يعيش حتى يبلغ سنا كبيرا بشرط أن لا يعرف نفسه أبدا.

وكان نرجس رمزا للجمال، وفي الواقع كان أي شخص له العذر إذا وقع في حب نرجس حتى عندما كان طفلا. وعندما بلغ ستة عشر سنة وقع في حب أحباء وعشاق من الجنسين رفضوا دون رحمة ودون تفكير أن يحبهم، إذ كان لديه غرور كبير.

وفي يوم من الأيام أرسل نرجس سيفا إلى شخص يدعى امينوس، أحد معجبيه وأكثرهم إلحاحا وقد سمي نهر امينوس باسمه، وفعلا قتل امينوس نفسه على عتبة نرجس داعيا الآلهة أن ينتقموا منه. وسمعت الدعاء الآلهة أرامتوس آلهة الصبر أخت أبولو، وسمعت الصلاة فدعت أن يقع نرجس في الحب. فآثر في يوم من الأيام الذهاب إلى منطقة يطلق عليها "دوناكون" في إقليم ميساثيبا عند نبع ماء صاف كالفضة، ولم يكن قد عكرته الأغنام ولم تكن الطيور قد شربت منه ولم يسقط فيه أبدا فرع شجرة من الأشجار التي تجاوره وعندما انثنى نرجس ليشرب وقع في حب الصورة المنعكسة في الماء، وفي أول الأمر حاول أن يقبل الولد الجميل الموجود بمواجهته ولكن سرعان ما تعرف على نفسه فظل يحملق مفتونا في النبع ساعة بعد ساعة، وأخذ يتساءل كيف يمكنه احتمال أن يمتلك وفي نفس الوقت لا يمتلك؟ وهده الحزن ومع ذلك فكان يسعد ويفرح في عذابه عالما على الأقل أن نفسه الأخرى سوف تبقى مخلصة له مهما حدث.

أما عن إكو Echo، فبالرغم مما أصابها فإنها اشتركت معه في حزنه، وكانت تردد ما يقوله نرجس وخاصة في آخر حياته عندما اخذ يردد "خلاص" "انتهى". عندما كان يغمد خنجره في صدره، وأيضا آخر آه نطق بها نرجس هي قول [آه أيها الشقي المحبوب دون جدوى وداعا]. وقد روت دمه الأرض، ومن هذه الأرض نمت زهرة النرجس البيضاء بعروقها الحمراء".

إن تأويل هذه الأسطورة اليونانية مكن فرويد من اكتشاف هذه العقدة، وهي افتتان الذات بنفسها، نرى معالم هذه العقدة النفسية من خلال شعر المتنبي وسيرته الحياتية.

يقول المتنبي في صباه:

 

أمط عنك تشبيهي بما وكأنما فما أحد فوقي ولا أحد مثلي

إن هذا البيت قد أربك شراح الديوان، حتى قال أبو العلاء المعري في شرحه للديوان " وقد أكثر الناس في هذا البيت، من حيث أن "ما" ليست من أدوات التشبيه. وقال ابن جني: إن المتنبي كان يجيب إذا سئل عن هذا البيت بأن يقول: تفسيره أنه كان كثيرا ما يشبه فيقال: كأنه الأسد، وكأنه البحر، ونحو ذلك. فقال هو معرضا عن هذا القول: امط عنك تشبيهي "بما" و "كأن"، فجاء بحرف التشبيه وهو "كأن" وبلفظ "ما" التي كانت سؤالا فأجيب عنها بكأن التي للتشبيه وأدخل "ما" للتشبيه لان جوابها يتضمن التشبيه، فذكر السبب والمسبب جميعا. وقال القاضي الجرجاني: إن المتنبي سئل فذكر: أن "ما" تأتي لتحقيق التشبيه كقوله [عبد الله الأسد] : ما عبد الله إلا الأسد، وإلا كالأسد تنفي أن يشبه بغيره، فكأن قائلا قال : ما هو إلا كذا، وآخر قال : كأنه كذا، فقال امط عنك تشبيهي بما وكأنه، و "ما" في التحقيق للنفي في هذا الموضع، ولكنها تضمنت نفي الأشباه سوى المستثنى منها فمن هذا الوجه نسب التشبيه إلى "ما" و"كأن"، إذا كان له هذا الأثر.

ويمكن تعميق هذ الطرح بأبيات أخرى يتجلى فيها الاعتداد بالنفس بصورة مكشوفة يقول المتنبي :

أي محـل أرتـقي

أي عظيم أتقـي (مجزوء الرجز)

وكل ما خلق الله

وما لـم يـخـلق

محتـقـر عن همتي

كشعرة من مفرقي

إن هذا الأبيات التي قالها المتنبي في صباه مفتخرا، اختلف فيها الشراح من حيث الحكم على مضمونها فأبوالعلاء المعري في شرحه، اكتفى فقط بإعادة كتابه الأبيات نثرا، وذاك أن معنى الأبيات لا يكتنفه الغموض، يقول : "أي محل ارتقى إليه؟ فلا مزيد فوق ما أنا عليه فاصير غليه، وأي عظيم أخشى منه وأقدر ؟ وكل شيء خلقه الله وما لم يخلق بعد، هو محتقر عند همته".

غير أن أبا البقاء العكبري، ناقش مضمون هذه الأبيات عقائديا، وأخلاقيا فاتهم الشاعر بالكذب وأنه لزمه الكفر، يقول شارحا الأبيات ومعيدا لشرح الواحدي . قال الواحدي "يريد: أنه لم يبق محل في العلو ولا درجة إلا وقد بلغها، وأنه ليس يتقي عظيما ولا يخافه، وكذب في ادعائه مترقى العلو، بل محله العلو في الحمق، وفي شرح البيتين 2-3، سيستشهد بشرح الواحدي. قال الواحدي : ليس معناه ما لا يجوز أن يكون مخلوقا كذات البارئ وصفاته لأنه لو أردا هذا للزمه الكفر بهذا القول، وإنما أراد ما لم يخلقه، مما سيخلقه بعد، وإن كان قد لزمه الكفر باحتقاره لخلق الله، وفيهم الأنبياء المرسلون، والملائكة المقربون " . أما عبد الرحمان البرقوقي فقد اكتفى في شرح الأبيات بنقل ما ورد في شرح الواحدي.

أن هذه الأبيات تعكس نرجسية المتنبي بشكل صارخ وتخفي شيئا آخر، هو الإحساس باللاجدوى، هذا الإحساس الذي ظهر في شعر الصبا بشكل جنيني سيعرف تطورا في مرحلة النضج.

نخلص إلى نتيجة مفادها أن المتنبي أحس بتفوقه وسط محيط كان يشعر فيه بنقص اجتماعي ومن تم أصبحت نرجسيته تعويضا عن هذا النقص، وتعويضا عن الإحساس بالاضطهاد " فالذات تمعن في احتضان ذاتها كلما أوغل الواقع في إحباط النزعات الفردية ". إلا أن هذه النرجسية ليست سلبية خصوصا وان مفهوم الرجولة يتصدر قائمة القيم الاجتماعية و العربية والاعتزاز بالانا هو موضوعة تواتر بشكل كبير في الشعر العربي. وقد جاء المتنبي ليجسد نرجس الأسطوري في ارض الواقع العربي. وان هذا التجسيد الذي أفضى بالانا حد التضخم ليعد جانبا مهما لإضاءة سر ارتباط العرب بشاعرهم المفضل.

وبالمقابل نلاحظ ظهور نزعة سادية مجاورة للنزعة النرجسية حيث إن هاتين النزعتين تتعايشان في كيان واحد، وذلك نتيجة للتعامل المزدوج تجاه الإحباط الذي مسني به الشاعر، فهو مرة يتـعالى عليه ومرة يحس بالعبث واللاجدوى.

إن هذا التعامل المزدوج يجعل الذاتي تتأرجح بين نوازع نرجسية، هي المولدة للنزعة الحيوية وحب الحياة، ونوازع سادية لحب الموت والفناء. فهذه النزعة الأخيرة هي التي أبرزت في شعر المتنبي ميولا مبكرا نحو تدمير الذات.

ولقد بلغت هذه النزعة التدميرية للذات مبلغا صريحا في قوله :

كفى بك داء أن ترى الموت شافيا

وحسب المنايا أن يكن أمـــانيا

تمنيتهـا لـمـا تـمنيت أن ترى

صديقا فأعيا أو عدوا مداجـيـا

لقد ورد هذان البيتان في مطلع القصيدة التي مدح بها المتنبي كافورا الأخشيدي، وهي أول قصيدة قالها المتنبي بحضرته كافور بعد رحيله عن سيف الدول.

إن مثل هذه المطالع اعتبرها النقاد العرب القدامى "إساءة للأدب" بالأدب، حيث أن ذكر الموت في مثل هذا المقام يبعث على التشاؤم؛ فالمتنبي في هذا المطلع كان واقعا تحت تأثير الفراق المر وتأثير النزعة اللاشعورية للموت باعتباره محركا أساسيا لعوالمه المتنبي الباطنية. لقد أرغم هذا الوضع الشاعر على خرق أدبيات المقام المدحي الذي قيلت فيه القصيدة.

أنا ترب الندى ورب القوافي

وسمام العدى وغيظ الحسود

أنـا في أمـة - تـداركها الله-

غـريـب كـصـالح في ثمـود

البيت الأول نرجسية مفرطة أما البيت الثاني فغربة وشعور حاد بالاضطهاد .

إن الملاحظة الأولى التي يمكن أن نبديها على كلام الدارسين للمتنبى -النرجسي- هي أنهم طبقوا بعض مقولات المنهج النفسي عند آدلر، الذي ينطلق من فرضية أن الإنسان كائن ناقص، إما عضــويا أو اجتماعيا، ولكي يتفادى عقدة النقص والدونية يلجأ إلى استحداث آليات تعويضية تضمن له التوازن النفسي، أما الملاحظة الثانية فتتجلى في المراوحة بين معطيات التحليل النفسي الفرويدي والأطروحات الأدلرية، خصوصا حينما عالج العقدتين النرجسية والسادية معتبرا أن النرجسية هي بمثابة آلية تعويضية عن فقدان الحنان الأمومي.

فالمتنبي هو تلك الشخصية التي استلهمت العصر وتمثلته، إنه تمثل حي لعصر ينوء بتناقضات صارخة، إنه ذلك المبدع الفرد الذي استطاع أن يعبر عن رؤية العالم لمرحلة بكاملها، رؤية عصر في حالة انهيار وسقوط. وآية ذلك أن شخصية المتنبي وشعره مبصومان بتقابلات ومفارقات صارخة، فلديه جنوح نهم نحو العليان والتفوق الذي يواجهه حس القنوط واللاجدوى

 

أنماط من الشخصيات يجب الانتباه إليها عند الزواج(2)

 

 الشخصية النرجسية ( الطاووس – المتفرد – المعجباني )

و كلمة النرجسية جاءت من اللغة اليونانية من لفظ Narcissus و مصدرها أسطورة يونانية تقول أنه كان شاباً يونانياً يجلس أمام بركة ماء فأعجبته صورته فظل ينظر إليها حتى مات فالنرجسي معجب بنفسه أشد الإعجاب .

داء النرجسيّة

 

وهل للعرب حصة الأسد منه؟(3)

زهرة النرجس الجميلة أخذت اسمها من الأسطورة اليونانية التي تقول إنَّ شاباً جميلاً يدعى نرسيسوس Narcissus رفض حبَّ حوريّة البحر (إيكو)، فعاقبته إلهة الحب والجمال ( إفروديت ) بأنْ جعلته يُعجَبُ بذاته أو صورته أو خياله، فكان يُحدِّقَ في صورته المنعكسة في بِركة ماء صافٍ دوماً وبدون انقطاع إلى أن نحلَ جسمه وذوى فمات. وكشفقة عليه لما أصابه حوّلته الآلهة إلى زهرة نرجس تحني رأسها على الماء.

    ومن هنا أ ُطلِـقَت صفة (النرجسية) على كلِّ شخص يحب ذاته ويرى نفسه فوق كلِّ اعتبار، وتكون لديه آراء غير واقعية حول عِظَمِ نفسه وأهميّـته وصفاته وعدم احترام للآخرين.  ويقدر الخبراء نسبة النرجسيّين في العالم بـ 1% من السكان، ومن هذه يكون حظ الذكور 65%، وكثافتهم في مناطق العالم تختلف حسب منطقة نشوء الفرد وظروفه العائلية والبيئية والإجتماعية وربما الجينية.

    يُعتبر حبُّ الذات في النرجسية مرضاً قد ينمو إلى الخيال الجامح لجنون العظمة مع رغبة مفرطة للإعجاب به. كما أنَّ بعض (النرجسيّـين) يوجِّه انتقاده إلى الآخرين ليتجنّبَ انتقادهم إيّاه. أما إذا انتقده أحدهم دون إساءة بالغة أو مقصودة أو بيّنَ خطأً في لغته أو أسلوبه أو فحوى مقاله، فالويل للمنتقد منه، فهو لا ينام ليلَه دون انتقام. وحتى إذا استطاع الإنتقام منه مرةً فهو لا يملّ من الإنتقام المتواصل، لأنَّ ذلك الإنتقادَ (صَدَّع) نرجسيّـتَه، ولن (تلتئمَ) حتّى ولو وافت المنيّة ذلك البائسَ المسكين!

 إنَّ خلل االشَّخصيَّـة النرجسيّـة Narcissistic Personality Disorder (NPD) يبدأ في الطفولة ويظهر عند البلوغ مسبِّـباً نقصاً في قدرة المصاب على إظهار شفقة أو عاطفة تجاه الآخرين. ويُعزى سببه إلى إساءة عند الطفولة أو صدمة أو أذى من الأبوين أو الأقرباء وحتى من الأصدقاء، ولم يثبت حتى الآن أنَّ له أسساً وراثية أو عرقية، رغم أنّ بعض الباحثين يفكر أنَّ ثمة جيناً أو جينات مسببة له، ولكن لم يُكتشف حتى الآن أيّ جين له، وهذا لا يعني أنْ لا جينَ مسبباً له، إذ هناك من يعتقد أنه يتوزع في أفراد العائلة الواحدة حسب قاعدة مندل المعروفة في الوراثة والأبحاث جارية في هذا المضمار. يكون مرض النرجسية أحدَ أمرين، إما عقلـيّاً (إنجازات فكرية، أكاديمية، علمية وغيرها) وإمّـا جسمية (جمال، رشاقة، قدرة جنسية وهكذا). 

 

من هم النّـرجسيّـون؟

هم أولئك الذين يضعون أنفسهم في السّـماء ويشعرون بأهميتهم الخيالية مضخّمين قابلياتهم ليوهموا الآخرين بالنظر إليهم فقط مع فقدان الواقع. فهم وحدهم الذين يرتبطون بصور (خيالات) الصفات المثالية، النجاح العظيم والقوة والجمال.

وهم مستعدون لاستغلال الآخرين لتحقيق هدفهم مقتنعين بأن لهم امتيازاً ويتوقعون من الآخرين اعتبار ذلك. يتميّزون بقلّة عاطفة وموقف متغطرس وفعل متعجرف، وعدم قدرتهم على التعاطف مع الآخرين أو فهمهم إياهم.

وقد صنّف العلماء والباحثون هؤلاء النرجسيّين حسب طبيعة نرجسيّـتهم. ربما يكون ذكرُ بعض هذه الأصناف مفيدة للقارئ الكريم لتكون لديه فكرة عمّن حواليْه في الأفق القريب أو البعيد من هذه النماذج البائسة في الواقع.   

11.  مريض الكذب-يكون مراوغاً ماهراً ومُقنـعاً بارعاً حيث يتجنب المحاسبة على أعماله بتلهية الآخرين بالنكتة واللف والدوران (البلف)، ويعتمد على ذاكرته في سرد الحوادث القديمة وينكر ما عمل من سيئات وقد يلجأ إلى التهديد إذا اقتضت الحاجة. في هذه الحال لا تكشف أوراقك أمامه، فقد يستغلها في الوقت المناسب ويستعملها ضدّك. وعليك أيضاً أنْ تتحقق من كلماته قبل الوثوق بما يقول، ولا تسأله أيَّ سؤال، فلا تحصل منه إلاّ على أكاذيبَ.

22.  ناقض العهود – يوافق على أيِّ شيء وينكث بعهده. وقد يتّهمك بأنك الناقض الحانث. في هذه الحال اربطه باتفاق قانوني لتضمن حقك إن كان لا بدّ من التعامل معه.

33.  النرجسيّ العنيف- وهو القاتل والإرهابي، الذي يستعمل الآخرين، وخصوصاً النساء والأطفال، لتنفيذ مآربه في الاعتداء والانتقام. لا يشعر بالخطيئة والإثم ولا بتأنيب الضمير، وتكون أحكامه خاطئة، إذ أنه يبنيها على أسس وقواعد ضعيفة منهارة ولا يستطيع السيطرة على نفسه. يتوقع دائماً الخيانة وتكون في رأسه صورة نبذ الآخرين له، لذا يعاقبك على لا شيء ويضطرك أن تعمل له ما يريد بأيِّ ثمن. فلا يشعر بأيّ ندم أو أيِّ حقٍّ للآخرين. عليك تجنّـبُه.

44.  الرقيب أو المستغل- الذي يوقع الخصومة بين الناس ويبعد أصدقاءه أو حلفاءه عن نيل أهدافهم. يتصف بالمهارة في الحديث والدقة في الكلام أو التلاعب بالكلمات والأفعال ويكون ذا كاريسما وعادة ينال المرام، ويكون همّه المال. يكون قاسياً ولا يقرّ له قرار. يتظاهر بالمسكنة والحاجة إلى مساعدة، فيسرع أصدقاؤه لنجدته مادياً ومعنوياً. وبعد أن يقف على قدميه منتصباً، يقلب لهم ظهر المجنّ من حيث يعلمون أو لا يعلمون. ولكي ينال درساً لا ينساه مواجهاً عواقب أعماله، يجب على الآخرين إهماله.

55.   المتفاخر بالعلاقات الجنسية وكثرة تناول الكحول وربما المخدرات أو التظاهر بكثرة ممارسة الرياضة والقوة البدنية والذي يطلب من الآخرين تبجيله لصفاته هذه، فالأحرى بالآخرين أنْ لا ينحدروا إلى مستواه وأن يبتعدوا عنه.

66.  مستر هايد الذي يتظاهر بأنه دكتور جيكل- أو الذي لا يعني ما يقول أو من يظهر على عكس ما هو عليه. فهو يدّعي الشرف والأمانة والعفة والنزاهة وعلى الناس أن يثقوا به، وإلاّ سوف يخسرون! والويل من يثق به، حيث يغدو بعدها حزيناً مُعذَّباً نفسيّـاً يلوم نفسه دون طائل. إنَّ هذا النرجسيَّ المتقلب يختار ضحاياه ويخدعهم، فإما يكتشفونه فيتركونه، وإلاّ سينبذهم ويختار خلقاً آخرين. فطبيعته عدم الصبر على طعام واحد، فهو طفيليّ فُـَرصٍ. الحذر منه! 

77.  السّاديّ- وهو الذي يُسَرّ لرؤية الأخَر مُعّـذَّباً فاقداً مالَـه أو منصبه أو يقسو عليه نفسيّـاً أو جسديّـاً. وسعادته هي اختطاف ما يملك الآخرون لجرِّهم إلى حزن عميق. إن أغلب ضحاياه نساء وأطفال وشيوخ وكلُّ من يكون فريسة باردة له. من المستحسن أن تنسف كل الجسور والطرق بينك وبينه، وألاّ تفكرَ أنَّه كان يوماً طيباً أو سيكون.

88.  غاسل الدّماغ - يكون ذا هيئة جذابة محترمة ( كاريسما عالية )، يستغلّ الأخرين لجلب الصّيت والجاه والثروة إليه. عادة يكون من رجال السياسة والدين. وهو يستهدف السّذَّج والمغفلين من الناس أو ضعاف العقول، وأعداؤه هم المثقفون النّابهون. تجنّبهم!

99.  المغامرون- وهم الذين لا يتعلمون من تجارب الماضي ويستمرون في مغامراتهم وبعين الطريق، إذ هم يتميّزون بإحساس ضعيف منفلت. فلا تركضنَّ معهم!

100.  النرجسيّ الذّ ُهاني- وهو الذي يشكّ بأيِّ شيء دون سبب، يكون خائفاً جداً عند تعرّضه لأيّ خطر ويكون ذا خطر إذا هُـدِّدَ. وبسرعة يقطع حبل الوصل مع معارفه وأصدقائه إذا (توقّع) نبذَهم إياه. لا تُعطِه أيِّ سببٍ يستدعي الشكَّ، فقد يكون ذا عنف!

111. صانع الصور (الخيال)- يتباهى بأطفاله، بزوجته وبإنجازاته وينتظر من الآخرين الإعجاب به والتعجب من قدرته وعبقريته. ولكنه لا يقتنع أبداً. وعندما يسقط قناع التكبر والإستعلاء الزائف عن وجهه ويبين على حقيقته، يغير قناعه وينشد العطف والشفقة ويدعي بأنه أحسن أب وزوج وصديق. من الأحسن ألاّ تعيرَ إيَّ أهمية لمثل هذا السلوك الطّفولي، لأنَّ غايته (جذب) الإنتباه إليه والخداع.

 

كيف تؤثر النرجسية والمادية والاستبداد على حياتكما ؟(4) 

يؤكد علماء النفس أن سر السعادة الزوجية يكمن في قناعة الزوجين باختيارهما الموفق لبعضهما البعض، وانكار الذات، والوضوح في العلاقة، والاتفاق على أهداف محددة في الحياة. ويوضح العلماء أنه بعد الارتباط يشكل الزوجان خلية جديدة في المجتمع تحتاج إلى أركان وثوابت، أولها الابتعاد عن التفكير بالذات واحترام وتفهم قدرات الطرف الآخر، واعتماد الوضوح والصراحة في كل شيء بما في ذلك العيوب.

وأجرى د. يسري عبدالمحسن أستاذ الطب النفسي بالقصر العيني بالقاهرة بحثاً ميدانياً حول سر السعادة الحقيقية في الزواج، شمل مجموعة من المتزوجين ممن لم تزد فترة زواجهم على خمس سنوات، وبعد سنة ونصف من البحث اتضح أن الاختيار السليم في الزواج هو المبني على التكافؤ المادي والعملي والاجتماعي إلى جانب الدلالات الايجابية لسلوكيات فترة الخطوبة.

ونصح استاذ الطب النفسي المصري كل رجل بالابتعاد عن ضغط الأهل في مرحلة الاختيار، لأن الرجل هو الذي سيعيش مع شريكة حياته وليس أهله. كما حذر كل رجل من الوقوع في شرك بعض الأنواع من النساء اللواتي لا يجلبن سوى المشاكل والعقد، ومن هؤلاء:

ـ الشخصية التي تطلب الكمال في كل شيء، وهذه المرأة تكون كثيرة النقد وطلباتها كثيرة ومتعددة، كما تصر بالاضافة إلى كل ذلك على أن تنفذ بحذافيرها، وهو ما لا يطيقه الرجل عادة، لأنه بحكم طبيعته يعطي ولا يتلقى الأوامر .

ـ الشخصية النرجسية التي لا ترى فى المرآة سوى نفسها، وهي عادة تأخذ ولا تعطي، وتقيم علاقاتها بناء على المنفعة والاستفادة الشخصية المطلقة، واضافة إلى ذلك تتصور دائماً أنها على قدر أعلى من الشخص الذي ارتبطت به عاطفياً، وبريق هذه الشخصية قد يجذب الرجل في البداية، لكنه سرعان ما ينطفئ شيئاً فشيئاً، وتنطفئ معه بالتدريج شعلة الجاذبية والروابط الانسانية.

ـ الشخصية الطموحة التي تبحث دائماً عن الزوج الناجح في الحياة، والنجاح هنا يعني الثراء أكثر من أي شيء آخر، أي أنها تبحث عن الجيب قبل الحب والعقل، وهذه الشخصية تواجه الكثير من المشاكل في علاقتها مع الجنس الآخر.

 

الشخصية النرجسية(5)

الشخصية النرجسية والتي تعرف باللغة الانجليزية Narcissistic Personality disorder، وتتصف هذه الشخصية بحب العظمة، الحاجة الدائمة الى الاعجاب من قبل الآخرين وعدم التعاطف مع الآخرين، والفراغ العاطفي الداخلي.

ويجب ان تتوفر خمس من الصفات التالية حتى يمكن ان يطلق التشخيص على هذا الشخص بهذا الاضطراب.

 

الصفات هي كالتالي:

1- الشعور بالعظمة وشعور الشخص بانه مهم جداً: الشخص الذي يعاني ان هذا الاضطراب يشعر بانه شخص مهم وعظيم، وان الآخرين يجب ان يروا هذا، وان يعاملونه على هذا الاساس. فهو دائماً يتوقع ان يعامله الناس على انه شخصية مهمة رغم انه شخص عادي او ربما اقل من عادي، ومع ذلك فهو شديد الاعتداد بالنفس ويرى الآخرين اقل منه شأناً، ولا يأبه بمشاعر الآخرين، فكل ما يطلبه هو ان الآخرين يعاملونه على انه شخصية مهمة، عظيمة، يحترمونه احتراماً كبيراً مبالغاً فيه...!! وهذه الشخصية تثير الاعصاب لمن يتعامل معهم، سواءً كانوا اقارب او معارف او زملاء في العمل. اما اذا كان في منصب مهم او مدير ادارة او رئيس قسم فان من يقعون تحت طائلة نفوذه سوف يعانون من سوء معاملة، وطلبات غير معقولة، ولكن لمثل هذه الشخصية مفتاح معهم وهو المديح والاطراء الزائد، فكلما تزلف له الموظف الذي تحت امرته وخاطبه بشكل يوحي لهذا الشخص بعظمته، واهميته، واشعره انه شخص لا مثيل له، فكلما نال حظوة عند صاحب هذه الشخصية..!! اما اذا كان يتعامل معه شخص مستقيم ولايجيد النفاق والتزلف، ويتعامل مع هذه الشخصية بشكل طبيعي فانه سيعاني من التعسف واتهام المدير له بانه شخص غير جدير بالعمل مع شخص عظيم مثله. واحياناً يتصرف اصحاب هذه الشخصيات بطريقة غير متوقعة، نتيجة شعورهم بعظمتهم واهميتهم، فاحياناً يتصرفون بطريقة مزعجة ومخجلة لاقاربه واصدقائه ولمن يهمهم امره. فاحياناً يتصرف كما لو كان وزيراً، بينما هو موظف بسيط او في منصب ليس بذي اهمية. والتعامل مع هذه الشخصيات مزعج وفي نفس الوقت لاتستطيع ان تتخلص من سلوكياتهم اذا كانوا زملاء في العمل او اصحاب عمل لك مصالح لديهم. ومثل هذه الشخصيات تصلح للعمل في المجالات الفنية حيث قدرتهم على التمثيل عالية، وكذلك الاطراء الذي يحصلون عليه من المعجبين يرضي غرورهم، ويشعرهم بأهميتهم.

2- العيش في الخيال واحلام اليقظة بانه شخصية ناجحة، وذات نفوذ، وانه شخصية عبقرية نادرة، واذا كانت سيدة فانها تشعر بانها الاجمل بين نساء العالمين، وتختلق قصص غرامية من الخيال وتعيشها كما لو كانت حقيقة، وتختار الاشخاص الذين ترتبط بهم من الشخصيات المهمة وكيف انها تتغلى عليهم ولا تلقي لهم بالاً: الصفة الثانية في مثل هذه الشخصيات النرجسية انهم يعيشون في خيال واحلام يقظة بصفة مستمرة، فهم في عزلة شبة تامة عن الواقع.

3- شعور الشخص بأنه شخص خاص "مميز": أصحاب الشخصية النرجسية يشعرون بأنهم شخصيات مميزة يختلفون عن بقية البشر، وان ليس هناك من يشبههم في شيء فهم اشخاص مميزون لا يقترب أحد من مكانتهم. ويعتقدون بهذا اعتقادا راسخا غير قابل للنقاش والاقناع.

 

النرجسية(6)

جميل أن يعتز الإنسان بنفسه أمام الآخرين إذا كان أهلاً لهذا الاعتزاز ، أي إذا كان يحمل مقوماته التي يأتي في مقدمتها حسن الأخلاق ورجاحة العقل . فحسن الأخلاق يعني احترام الإنسان لنفسه وللآخرين ، بل الإعتراف بالآخر كإنسان بغض النظر

إن اختلف معه في الرأي أو المهارات والقابليات . ورجاحة العقل هي أن ترى الأشياء على طبيعتها وتتعامل معها وفق المنطق والعقل لا وفق الرغبة والأهواء الشخصية .‏

أما أن يكون اعتزاز المرء بذاته والتبجح بها دائماً بمناسبة أو بدونها ، فهذا ليس اعتزازاً بالذات ولا يمت له بصلة ، بقدر ما هو مرض نفسي يسيطر على الذات فيعمي بصيرتها ويترك البصر وحيداً بل غالباً ما يكون حسيراً ، ليرى الحقائق على غير حقيقتها أو صورها الواقعية .‏

من هنا تأتي نرجسية الفرد أو الذات لترسم لصاحبها عوالمه الخاصة به ، والتي كما قلت غالباً ما تركز على الشكل بعيداً عن الجوهر أو المضمون ، كأن يرى النرجسي ذاته متميزاً عن الآخر في ماله ، أو مسكنه ، أو سيارته ، أو جمال شكله ، أو حسن لباسه ...الخ .‏

بيد أن أعقد أشكال النرجسية تلك التي يحققها منصب اجتماعي أو سياسي لشخص ما ، حيث يجعله هذا المنصب يشعر بالتعالي على المواطنين من جمهرة الناس ، ويرى فيهم عوام ورعايا قد جبلوا من طينة غير طينته ، بل غالباً ما تطغى النرجسية والتعالي هنا ليرى المرء نفسه متعالياً حتى على زملائه وأهله .‏

في مثل هذه الحالة من النرجسية سيرى النرجسي نفسه معزولاً عن محيطه الاجتماعي ، وتكون الطامة الكبرى عند فقدانه منصبه الاجتماعي ، أو مكانته السياسية حيث تتحقق عزلته عن محيطه الاجتماعي ليس برغبته هو كمسؤول فقد مكانته الاجتماعية أو السياسية، وإنما برغبة الآخرين الذين تعالى عليهم فكان رد فعلهم تجاهله لنرجسيته اتجاههم .‏

غير أن المواقف النرجسية الأكثر خطورة وتعقيداً ، هي تلك التي تمتلك المثقف أو الأديب الذي اكتسب قدرات ٍومهاراتٍ عاليةٍ في التعامل مع الكلمة التي خُلقت لتوعية الآخرين وإرشادهم إلى القيم الإنسانية من حبٍ وعدلٍ وخيرٍ وتعاونٍ ...‏

فهذا الذي حباه الله بحب المعرفة وأراده مبشراً للخير والفضيلة بين الناس ، نراه وقد تحول إلى إنسانٍ نرجسيٍ يرى من موقعه أو برجه العاجي الناس وكأنهم حقل تجاربٍ لمشاريعه الثقافية أو الأدبية فقط، لا كونهم بشراً من لحمٍ ودمٍ تقع على عاتقه مسؤولية إرشادهم وتبيان الغث والسمين في نشاط حياتهم ، وذلك عبر بحوثه أو شعره وقصصه ومسرحه الخ.‏

هذا وتتجلى النرجسية عند مثل هؤلاء الأدباء أو الكتاب أو الباحثين عبر الحديث الدائم عن النفس وعن تميز كتاباتهم التي لا تجاريها كتاباتٌ أخرى بنظرهم عند زملائهم الذين غالباً ما ينالهم من هؤلاء النرجسيين التسفيه والاحتقار لما يكتبون أو ينشرون ، معتبرين أنفسهم هم الوحيدون الذين عوّل الله عليهم سبل المعرفة وإلهام الناس طريق الخلاص .‏

على العموم إنما دفعني إلى كتابة هذه الزاوية هو موقعي الحالي في جريدة الفرات حيث استطعت أن أكوّن عبر احتكاكي المباشر مع شرائح مختلفة من هؤلاء الكتاب والأدباء والباحثين صورةً لبعض هؤلاء النرجسيين الذين وجدت فيهم سمات المرض النفسي. الأمر الذي دفعني لكتابة هذه الزاوية لعلها تقول لمن مسه داء العظمة : هون عليك فنحن والله معشر الكتاب والأدباء قد فرض علينا واجب الكلمة أن نكون أكثر الناس تواضعاً واحتراماً للآخرين وإن لم نكن كذلك نكون قد فقدنا إنسانيتنا أولاً ، ثم دور الكلمة التي حبانا الله بها كدعاةٍ للخير والمحبة والتآلف بين الناس ، أما العظمة فهي لله وحده ". ‏

 

رؤية ... في متاهة النرجسية(7)

الموهبة في الشعر الحديث والقصة القصيرة كالموهبة في مختلف جوانب إعادة الإنتاج المادي والروحي. ولتعريف شمولية الموهبة وحضورها في مختلف جوانب الحياة استعير بيان الحلاج في المعرفة.. وهو بيان يتحدث عن الموهبة بوصفها أصلاً في المعرفة.. لكنه يرتقي بها إلى مستويات جديدة.. يقول:

للعلم أهل وللإيمان ترتيب

وللعلوم وأهليها تجاريب

فالعلم علمان مطبوع ومكتسب 

والبحر بحران مركوب ومرهوب

فالعلم المطبوع هو ذلك الذي يتجاوز المكتوب والمتوارث.. أو ما نسميه بلغتنا العصرية الموهبة الموصولة بقدرات الناس، فالأصل أن البشر يتباينون في مواهبهم الفطرية، لكنهم يتساوون في الاجتهاد، فمن منحه الله الموهبة وأضاف إليه الاجتهاد نال الدرجة التي يستحقها، ومن اجتهد وكان قليل الحظ من الموهبة نجح، ولنا مثال في تلك القصة الافتراضية اللطيفة التي أوردها ابن المقفع في “كليلة ودمنة” حيث انعقد السباق بين الأرنب والسلحفاة، فاستهان الأرنب بالسلحفاة البطيئة ونام، فيما شمرت السلحفاة عن ساعد الجد وخرجت مبكرة وهي تمشي باتجاه الهدف. صحا الأرنب من نومه متأخراً، فانطلق صوب الهدف، غير أن السلحفاة كانت على قاب قوسين من المكان المطلوب ففازت في السباق بالرغم من سرعة الأرنب.

هذه القصة بالذات إشارة إلى أن الاجتهاد قد ينتصر على الموهبة، وبالتالي موهبة تفتقد لروح المبادرة والحرص سرعان ما تخبو فإن وتندثر.

السم القاتل للموهوب أن يكون نرجسياً إلى حد الثمالة، وأن يقرأ العالم بعدسات ذاته، وأن يستسهل النجاح معتمداً على ملكاته المجردة.

ليست النرجسية عيباً إذا كانت مقرونة بالاعتداد ومعرفة الذات بالمعنى السوي للكلمة، لكنها حالة مرضية إذا تحولت إلى تبخيس للآخر، واعتقاد بأن الذات النرجسية فوق الآخرين، وهذا ما يقع فيه بعض الموهوبين الذين يندثرون مع ركام خرائبهم النرجسية الفارغة.

 

اضطراب "النرجسية"(8)

يتميز الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية النرجسية بشعورهم القوي بالأهمية والعظمة والتفرد. بالتأكيد سيرافق هذا الشعور الكثير من المشاكل الاجتماعية كون هذا الإنسان لن يتمكن من إشباع هذا الإحساس بمعزل عن الآخرين بل لا بد أن يعطى حقوقه المزعومة من التعظيم والتبجيل من الآخرين(الأقل منه حسب اعتقاده). لا يعني أن المصاب بالنرجسية شخص لا يستحق الاهتمام أو أنه غير منتج اجتماعيا أو غير مؤهل علميا بل قد يكون بالفعل من الأشخاص المتميزين اجتماعيا إلا أن إحساسه بأن الكون يدور حوله(المبالغة في تضخيم انجازاته) وحسب وكل الآخرين لا شيء أمامه هو ما يجعل شعوره وردود فعله العاطفية والاجتماعية مصنف كاضطراب في شخصيته.

يعاني النرجسي كثيرا لأنه على أرض الواقع لن يجد من يشبع رغباته في كل وقت وفي كل الأحوال وهذا ما قد يؤدي إلى المرض النفسي في النهاية.

قد يكون الشعور بالأهمية والعظمة جزء من خيال الشخص المصاب أو أحلام يقظته دون أن يصرح بهذا ودون أن يعلم بها الآخرون وهذا لا يعني أن معاناته أقل ممن تكون أعراض الاضطراب بادية عليه وملاحظة من قبل الآخرين.

يوجد هذا الاضطراب بنسبة 0,4 %(4 في الألف) في المجتمع عموما ويكون أكثر شيوعا بين الذكور. وتتنوع صوره بين الشعور بالقوة المطلقة, الجمال المتفرد, الأهمية القصوى...إلخ. وفي كافة الصور, لا يتوقع هذا الشخص أن يوجه له أحد النقد أو اللوم أو حتى النصح لتغيير أي من سلوكياته وإذا وجه له اللوم أو النقد فإنه لا يضع له أي اعتبار. ولهذا لا تجد للنرجسي علاقات ثابتة أو وثيقة مع الآخرين.

 

الأسباب:

لم يتم دراسة أسباب اضطراب الشخصية النرجسية بشكل جدي لحد الآن وتتوافر القليل من المعلومات بهذا الخصوص. يعتقد أن الأسباب متعددة ومتداخلة فيما بينها. هذه الأسباب تصنف لأسباب عضوية ونفسية واجتماعية وتطورية.

الأسباب العضوية تتمثل في اختلال نسب بعض النواقل العصبية بين خلايا الدماغ.

أما الأسباب النفسية والتطورية فيعتقد أن حالة من الغضب الشديد عانى منها الشخص المصاب مبكرا في طفولته تجاه أفراد يشكلون أهمية مركزية في حياته. كما يعتقد أن وراء التعظيم المتعمد للذات شعورا دفينا بالدونية يسكن كل أركان النفس في الشخص المصاب وما هذه التصرفات النرجسية إلا وسيلة دفاع غير واعية ضد هذا الشعور. كما يعتقد البعض أن السبب تربوي بحت يكمن في حدة انتقادات الأبوين الموجهة لأبنائهم كجزء من الحرص عليهم وتوقعاتهم العالية في أطفالهم. معظم النرجسيين غالبا ما يكونون أول أطفال الأسرة أو الوحيدين لآبائهم. واعتقد بعض الباحثين أن الآباء استخدموا أطفالهم دون وعي لتمرير رغباتهم وأمانيهم.

أما اجتماعيا, فيرى بعض المختصين في هذا المجال أن النرجسية ليس مرضا بل ظاهرة سببها الواقع الغربي المعاصر والذي يوصف بأنه (حضارة نرجسية).

الصورة الإكلينيكية:

يبدأ هذا الاضطراب في التبلور والوضوح في سن مبكرة(المراهقة) ويستمر ويزداد مع العمر.

تتنوع الصور الإكلينيكية كثيرا بل قد تتضارب في نفس الشخص. فبالرغم من النرجسية الشديدة وعدم المبالاة بالآخرين, قد يظهر المريض محاولات مستميتة لنيل رضا الآخرين وجذبهم له كمحاولة لتغطية الشعور الطاغي بعدم أهمية الآخرين بالنسبة له. ويمتدح النرجسيون من يعظمهم ويملأ رغباتهم بكيل التبجيل لهم. قد يحقق النرجسيون نجاحا باهرا على مستوى الدراسة أو الوظيفة أو على المستوى الاجتماعي لكن كل ما يهمه ليس الإنتاج نفسه بل نيل المديح والتقدير من الآخرين فقط. يكثر النرجسيون من الكذب والتلفيق والتبريرات الغير صادقة.

تتأثر مشاعر النرجسيين كثيرا في حال اضمحلال المصادر الخارجية التي تغذي شعورهم بالعظمة والتفرد حيث تبدو شخصياتهم الهشة على حقيقتها. يعانون أيضا من الخواء العاطفي فلا شعور حقيقي بالحزن أو الفرح. كما يعانون كذلك من التفاوت المفاجئ والمتكرر في أمزجتهم.

قدرة النرجسي على الحب جد محدودة وكل ما يملكونه هو أحلام اليقظة التي تنشد العيش في حب مثالي بعيد عن الواقع. كما أن النشاط الجنسي في نظر النرجسي شيء تافه يعبر عن لذة جسدية فقط وليس تعبير عن مشاعر وأحاسيس بين شخصين. وقد يظهر على النرجسي بعض السلوك الداعر. لا يستطيع النرجسي غالبا الحفاظ على علاقات ثابتة وراسخة حيث أن الشعور بالملل وتصرفات النرجسي يفكك هذه العلاقات بعد وقت قصير من بدايتها.

يستخدم النرجسيون قدرتهم اللغوية لإظهار تفردهم وعظمتهم وليس كوسيلة للتواصل أو فهم الآخرين. يحرص النرجسي على الاستعراض كثيرا لقدراته اللغوية ولا يهمه محتوى ما يقدمه من كلام والذي عادة لا يتميز بالفعل بشيء عن الآخرين إن لم يكن أقل أو حتى فارغا من المحتوى.

 

أهم عناصر التشخيص ما يلي:

------------------

شعور مستمر ومبالغ فيه بالعظمة(كخيال أو سلوك) مع الحاجة للثناء والإطراء ويبدأ بسن مبكرة وتشير إليه خمسة أو أكثر من العناصر التالية:

1) الشعور بالعظمة والأهمية كالمبالغة في الانجازات أو توقع أن يعامل باستثنائية دون مبرر لذلك.

2) دائم الانشغال بخيال النجاح الباهر والتميز والقوة والجمال والحب المثالي.

3) الاعتقاد بأنه متميز ولا يفهمه ولا يرتبط به إلا المتميزون أمثاله.

4) بحاجة ماسة ومستمرة للمديح والإطراء.

5) يحب أن يلقب بألقاب العظمة ويشعر أنه يجب أن يطاع دون نقاش.

6) يستغل الآخرين لصالحه.

7) لا يشعر بأهمية أو شعور الآخرين.

8) يحسد الآخرين ويشعر أن الآخرين يحسدونه أيضا.

9) تظهر عليه الغطرسة والتعالي.

-----------------

 

الأمراض المصاحبة:

غالبا ما تصاحب هذا النوع من الاضطراب في الشخصية العديد من الأمراض النفسية مثل:

1) الاكتئاب.

2) أمراض القلق.

3) نقص الشهية العصبي

4) إدمان المخدرات.

5) اضطرابات (أو أعراض) أخرى في الشخصية مثل:

a. الشخصية الحدية(البينية).

b. الشخصية الهستيرية.

c. الشخصية المرتابة(الشكاكة).

d. الشخصية المعادية للمجتمع.

e. الشخصية الفصامية.

كما أنه معرض للإصابة بأعراض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب(Bipolar Affective Disorder) ولكن نوبات الهوس(Manic Episodes) قصيرة المدة ويحتفظ المريض خلالها باستبصاره وخصائص شخصيته النرجسية أيضا.

هناك نوع من النرجسية الخبيثة "Malignant Narcissism" حيث يظهر المريض بالإضافة إلى أعراض نرجسية شديدة الكثير من التصرفات المعادية للمجتمع(Antisocial Behavior) فلا يكتفي بالاستعلاء على الآخرين والشعور بالعظمة بل يسعى لضررهم بوسائل شتى.

مسار ومآل الاضطراب:

غالبا يصاب اشخص النرجسي بالاكتئاب والهوس بشكل متكرر وبالذات في أواسط العمر حيث يعاني من أزمات حادة من الشعور بخيبة الأمل والغضب والشعور بتلاشي أسباب نرجسيته.

المسار عموما يتخذ المنحى المزمن ومقاومة أغلب أساليب العلاج. بل ويضاف لها الأمراض النفسجسمانية والقلق والشعور بالخواء.

العلاج:

عادة لا يلجأ المصاب بالشخصية النرجسية للطبيب طلبا للعلاج إلا حال إصابته بأحد الأمراض المصاحبة لاضطراب شخصيته مثل القلق والاكتئاب أو من مشاكل في علاقته بالآخرين وبالذات المقربين منه.

1) العلاج الدوائي:

لا يوجد علاج ناجع لاضطراب الشخصية النرجسية إلا أن المهدئات ومضادات الاكتئاب وبالذات مثبطات ارتجاع السيروتونين مثل البروزاك في التحكم في الأعراض المصاحبة مثل القلق, نوبات الغضب, نوبات تقلب المزاج, الاكتئاب والعدوانية النرجسية.

2) العلاج النفسي:

العلاج الفردي هو الأمثل بين العلاجات النفسية رغم أنه يحمل خطورة تولد شعور بالعدائية بين المعالج ومريضه نظرا لحدة سمات الشخصية النرجسية.

 

الشخصية النرجسية(9)

الشخصية النرجسية والتي تعرف باللغة الانجليزية Narcissistic Personality disorder، وتتصف هذه الشخصية بحب العظمة، الحاجة الدائمة الى الاعجاب من قبل الآخرين وعدم التعاطف مع الآخرين، والفراغ العاطفي الداخلي.

ويجب ان تتوفر خمس من الصفات التالية حتى يمكن ان يطلق التشخيص على هذا الشخص بهذا الاضطراب.

الصفات هي كالتالي:

1- الشعور بالعظمة وشعور الشخص بانه مهم جداً: الشخص الذي يعاني ان هذا الاضطراب يشعر بانه شخص مهم وعظيم، وان الآخرين يجب ان يروا هذا، وان يعاملونه على هذا الاساس. فهو دائماً يتوقع ان يعامله الناس على انه شخصية مهمة رغم انه شخص اقل من عادي، ومع ذلك فهو شديد الاعتداد بالنفس ويرى الآخرين اقل منه شأناً، ولا يأبه بمشاعر الآخرين، فكل ما يطلبه هو ان الآخرين يعاملونه على انه شخصية مهمة، عظيمة، يحترمونه احتراماً كبيراً مبالغاً فيه...!! وهذه الشخصية تثير الاعصاب لمن يتعامل معهم، سواءً كانوا اقارب او معارف او زملاء في العمل. اما اذا كان في منصب مهم او مدير ادارة او رئيس قسم او حتى مشرف موقع او قسم فان من يقعون تحت طائلة نفوذه سوف يعانون من سوء معاملة، وطلبات غير معقولة، ولكن لمثل هذه الشخصية مفتاح معهم وهو المديح والاطراء الزائد، فكلما تزلف له الموظف الذي تحت امرته وخاطبه بشكل يوحي لهذا الشخص بعظمته، واهميته، واشعره انه شخص لا مثيل له، فكلما نال حظوة عند صاحب هذه الشخصية..!! اما اذا كان يتعامل معه شخص مستقيم ولايجيد النفاق والتزلف، ويتعامل مع هذه الشخصية بشكل طبيعي فانه سيعاني من التعسف واتهام المدير له بانه شخص غير جدير بالعمل مع

شخص عظيم مثله. واحياناً يتصرف اصحاب هذه الشخصيات بطريقة غير متوقعة، نتيجة شعورهم بعظمتهم واهميتهم، فاحياناً يتصرفون بطريقة مزعجة ومخجلة لاقاربه واصدقائه ولمن يهمهم امره. فاحياناً يتصرف كما لو كان وزيراً، بينما هو موظف بسيط او في منصب ليس بذي اهمية. والتعامل مع هذه الشخصيات مزعج وفي نفس الوقت لاتستطيع ان تتخلص من سلوكياتهم اذا كانوا زملاء في العمل او اصحاب عمل لك مصالح لديهم. ومثل هذه الشخصيات تصلح للعمل في المجالات الفنية حيث قدرتهم على التمثيل عالية، وكذلك الاطراء الذي يحصلون عليه من المعجبين يرضي غرورهم، ويشعرهم بأهميتهم.

2- العيش في الخيال واحلام اليقظة بانه شخصية ناجحة، وذات نفوذ، وانه شخصية عبقرية نادرة، واذا كانت سيدة فانها تشعر بانها الاجمل بين نساء العالمين، وتختلق قصص غرامية من الخيال وتعيشها كما لو كانت حقيقة، وتختار الاشخاص الذين ترتبط بهم من الشخصيات المهمة وكيف انها تتغلى عليهم ولا تلقي لهم بالاً: الصفة الثانية في مثل هذه الشخصيات النرجسية انهم يعيشون في خيال واحلام يقظة بصفة مستمرة، فهم في عزلة شبة تامة عن الواقع.

3- شعور الشخص بأنه شخص خاص "مميز": أصحاب الشخصية النرجسية يشعرون بأنهم شخصيات مميزة يختلفون عن بقية البشر، وان ليس هناك من يشبههم في شيء فهم اشخاص مميزون لا يقترب أحد من مكانتهم. ويعتقدون بهذا اعتقادا راسخا غير قابل للنقاش والاقناع.

 

شخصية النرجسي(10)

    كثيراً ما نتعامل مع بعض الشخصيات التي نجدها تبالغ في التركيز على ذاتها بالمدح والتفاخر. ومن البدهي أن "حب الذات" غريزة إنسانية موجودة لدى الجميع، ولكن هذه الغريزة تظل محكومة بمنطق اجتماعي وأخلاقي يحاول التخفيف من بروزها بشكل حاد عن طريق جعلها تنافي قيم الذوق واحترام الذات. وبالتالي فإن الاهتمام الزائد بالذات ومحاولة جعلها بؤرة الاهتمام هو ما يجعل صاحبها أو صاحبتها يوصف بالنرجسية.

والنرجسي دائم الحديث عن نفسه ولا يمل من المديح؛ فدائماً مايخبرنا بأشياء كثيرة عن نفسه حتى لو لم نرد سماعها؛ فتجده يسمح لنفسه بالدخول في موضوعات قد لاتلائم سياق الكلام؛ وهو يفعل ذلك ربما لجذب انتباه السامع. والأمر يكون أقوى مع السيدة لأنها تُدخل موضوع جمالها الجسدي في صلب الموضوع، وتغمرها الفرحة بشكل لاحدود له حينما تسمع الإطراء الذي يتعلق بامتداح أجزاء من جسدها وبخاصة إذا كان ذلك المدح صادراً من رجل. أما وصف قدراتها العقلية فإنه يكون محل تقدير عندها إذا كان يمثل مدخلا مناسباً للحديث عن أناقتها الجسدية.

وتغطّي "الأنا" على معظم كلام النرجسي؛ وحينما يكون الموضوع لا يتعلق به فلا يهتم به؛ وفي الغالب يعيد النرجسي مدار الحديث لكي يحوم حوله من جديد. ويلاحظ أن نبرة الصوت ترتفع حينما يتعلق الأمر بالحديث عن الذات وعن أوصافها وإنجازاتها وقدراتها؛ ثم يخبو صوته ويصاب بالخمول والوهن حينما يكون الحديث موضوعياً لا يتعلق به. وقد يتعمد النرجسي الكلام برتابة وكسل حتى يُشعر من حوله بملله من الموضوع المطروح في رغبة كامنة منه لتغييره إلى موضوع آخر يمكن أن يبرز فيه.

ويلاحظ أن هناك شفرات للجسد يتمتع بها النرجسي ويمكن أن تكون نمطاً يسهل تمييزه؛ ومن ذلك الحرص على الجلسة الرزينة لكي يبرز نفسه على أنه أكثر أهمية. وقد يرجع ظهره إلى الوراء مع استرخاء في الجلسة حينما يكون في حالة صفاء، ولكنه يريح رأسه على يديه حينما يتحدث أو يصغي لأي شيء لا يتعلق به.

هذا بالنسبة للرجل في مجتمعنا، أما المرأة فيمكن الحديث عن سلوكها القولي؛ فهي في الغالب تريد المدح وتسعى إليه. وحينما تفشل في الحصول عليه، فإنها تبادر إلى إبرازه بنفسها عن طريق افتعال مواقف معينة تقارن نفسها بغيرها من الفتيات مثلا أو تنقل وصف آخرين لجمالها أو تصف جمال سيدة أخرى ربما تكون فنانة مشهورة أو شخصية معروفة ثم تحط منها مباشرة بمقارنتها بنفسها. والمحصلة أن عقل النرجسية مشغول طوال الوقت بالحصول على الإطراء لجسدها. وهذه السمة تبرز لدى الجيل الجديد من النساء؛ لأن الجيل السابق كان لديه من المميزات الأخرى بخلاف الجمال الجسدي؛ وهي سمات تجعل المرأة موضع اهتمام من الرجل كالقدرة على العمل في الحقل مثلا وحسن التدبير أو الانتماء إلى أسرة رفيعة النسب أو الاشتهار بالانتماء إلى أب "كريم" وأم "مستورة"، وغير ذلك من المعطيات التي كان لها مكانة في ذهن الرجل آنذاك. أما اليوم فإن الوضع تغير حينما سكن الناس المدن وقل التعارف بينهم، وتغيرت شروط الرجل في المرأة، وصار من الصعب عليه أن يعرف غير سمة واحدة وهي الجمال الجسدي الذي يسهل التحقق منه من خلال نظرة سريعة تقوم بها أي عين مستأجرة. أما السمات النفسية والعقلية فإنها تحتاج إلى زمن ومعرفة طويلة، وهذه لاتتحقق في ظل ظروف التباعد الاجتماعي بين الأسر في المدن.

والحقيقة أن المرأة اليوم أقرب إلى النرجسية من الرجل، ولكن سلوكها هذا لا يمثل مشكلة مرضية كما هو الحال مع الرجل؛ لأنه سلوك عام أنتجته الثقافة التي تربّت عليها؛ ذلك أن الثقافة عندنا حصرت قيمة المرأة وأهميتها في جمال جسدها، ويأتي العقل والفكر في مرتبة لاحقة ربما لاتكون مهمة. وحينما نتأمل المقولات الثقافية بجانبيها النخبوي والشعبي سنجد أنها في الغالب تركز على السمات الحسية في المرأة أكثر من السمات العقلية والنفسية، فعلى سبيل المثال نجد أن "الوجه الحسن" للمرأة يمثل ثالوث المتعة التي يبحث عنها الرجل حينما ترافقه عناصر مادية أخرى؛ وليس للعقل مكان بارز ضمن عناصر المتعة في الثقافة الذكورية بشكل عام.

وبالعودة إلى إلقاء الضوء على سلوك النرجسي؛ فإن هناك دراسة قامت بها "مؤسسة جالوب" ونشرت عام 2002م وتضمنت وصفاً للسلوك الذي يتفق الناس على نسبته للنرجسي في لغته وفي حركاته وفي تفكيره. ولوحظ أن النرجسي يمارس تصرفات معينة، فهو يمد رجليه عند الجلوس في دلالة على ترفعه على من حوله، وينزع إلى الإكثار من حركات اليدين، وقد يعمد إلى لمس الآخرين حتى يجذب الانتباه إليه بالقوة.

ويمتاز النرجسي بأنه يملك لغة عيون برّاقة حينما يكون الحديث منصباً عليه ويتحدث عن قدراته ومهاراته الخارقة التي يظن أن المجتمع والناس لايعيرونها أي قيمة وربما لم يكتشفوها بعد! وتبدو الابتسامة على وجهه تتلالأ بشكل مفعم بالحياة والتألق وهو يتواصل مع الآخرين في لمحة إعجاب وربما غرور لا يمكن تجاهلها. وإذا زاد به البطر من شدة الاهتمام به فإن عينيه تدوران في المحيط كما لو كان ينتظر أشخاصاً مهمّين غير الذين يتحدث إليهم. وفي الغالب فإن النرجسي يطلق لعينيه العنان للبحث عن اهتمام الآخرين به من خلال النظر إليه اعتقاداً منه أن كل من ينظر إليه يعرف أو يريد أن يتعرّف على سماته الذاتية التي يعتقد أنها مميزة وخارقة للعادة.

ومما يجدر ذكره هنا أن هناك نقاط تقاطع بين النرجسي والمتكبر، ولكن المتكبر ينتقص من شأن الآخرين بشكل معلن بسبب شعوره بعدم الأمان وعدم الثقة في نفسه. في حين أن النرجسي لا يملك القدرة على المواجهة الصريحة ولكنه يلجأ إلى إطلاق الشائعات والنميمة للتعويض عن ضعفه في المواجهة. وبسبب تركيز النرجسي على ذاته فإنه يحرم نفسه من التعرف على الحياة بما فيها من شخصيات أخرى وجوانب جمالية متعددة. وهذا الانكفاء يجعله حبيس أفكار ثابتة وانطباعات سلبية ضد ما هو خارج ذاته؛ ولهذا لا يتوقع من النرجسي أن يطوّر قدراته ونظرته للحياة مهما طال به الزمن.

وعند النظر في أسباب بروز هذا النمط من الشخصيات، يلاحظ أن التربية منذ الصغر في المنزل والمدرسة تلعب دوراً في تعميق الإحساس عند الطفل بهوانه وأنه لا يوجد أحد يقدّره أو يثني عليه، فتنشأ عنده الحاجة النفسية إلى الإطراء. وقد يساهم الوالدان في تعويد الطفل على الاعتداد بذاته عن طريق مبالغتهما في إسباغ صفات خارقة على جمال الطفلة مقابل التقليل من غيرها، أو إطراء يتجاوز الحد لأي عمل يقوم به الطفل. فهذه من العوامل التي ربما تنتج هذا النمط من الشخصيات التي لا تعرف نفسها حق المعرفة. ولعل التربية المتوازنة للطفل بتعريفه بقدراته وإمكانياته الحقيقية وتشجيعه على تطويرها يمكن أن ينتج شخصيات أقل تطرفاً في الاعتداد بالذات أو الانكفاء عليها، واكثر انفتاحاً على الحياة وجمالها.

 

النرجسية ... بين المرض و المعايير السلوكية(11)

 

النرجسية Narcissistic"

نتعرف أولا على اصل كلمه "النرجسية Narcissistic " وذلك يعود الى اسطورة يونانيه قديمه تقول..!

ان فتاة تدعى(صدى) هامت بحب فتى يدعى (نرجس) ومن فرط حبها له واعجابها به سقمت حالها ومرضت بسببه .ومن اجله كابدت وصبرت حتى اضناها هذا الحب وجعلها تذبل شيئا فشيئا حتى فارقت الحياة.ولكن الالهه (بزعم الاسطورة)

لم تترك الفتى دون عقاب. لذلك كان العقاب قاسيا عليه للغايه حتى اودى بحياته.كان العقاب ان يعشق نفسه بصورة مرضيه عندما راى صورته منعكسه على الماء لذلك اخذ يجلس الساعات الطوال امام صورته بكل فخر وزهو .واستمر على هذا الحاله حتى مرض نفسيا بسبب هذا التعلق الذاتى.وما هى الا فترة بسيطه حتى فقد عقله وفى احدىخلواته وعشقه لنفسه قفز الى بركة الماء ليمسك صورته ولكنه غرق ومات . وظهرت فى مكانه زهرة سميت على اسمه نرجس (وهى زهرة النرجس) ..!

الحاله النرجسيه المرضيه تتخلص بعدة نقاط وهي :-

1-الانسان النرجسى يعشق نفسه بصورة تفوق الوصف..

2-لا يفكر الا بذاته..

3-يحب الاشياء لقربها من نفسه وبحسب تقديره هو ...

(بينما الانانى يحب الاشياء لقيمتها) ..

4-يعتقد بانه فوق الجميع وفوق كل نقد (لانه لا يرى انه يقوم بخطاء .. بقناعتة ان من هم الاخرون حتى ينتقدونه)..

والمشكله الكبرى لدى النرجسى انه لا يدرك انه مريض ويحتاج علاج وتغير على الرغم انه يلاحظ جفاء الاخرين وابتعادهم عنه ..لانه يرجع السبب بذلك لسلوكهم هم وليس له هو.. وهذى حاله فى غاية الخطورة ..

والنرجسية "Narcissistic "

هي حب الذات وهي احدى سمات الشخصية حيث توجد لدى جميع الافراد ولكن بدرجات متباينة فمنهم من تكون نرجسيته واضحة من اللقاء الاول به ومنهم من يمتلكها بدرجة قليلة ولا تظهر الا ما ندر. وبهذا يمكن القول ان الفرق بين الافراد في النرجسية (كما في سواها من السمات الشخصية) هو فرق في الدرجة لا في النوع.

الشخصية النرجسية:

شعور غير عادي بالعظمة وحب وأهمية الذات وأنه شخص نادر الوجود أو أنه من نوع خاص فريد لا يمكن أن يفهمه إلا خاصة الناس. ينتظر من الآخرين احترامًا من نوع خاص لشخصه وأفكاره، وهو استغلالي، ابتزازي، وصولي يستفيد من مزايا الآخرين وظروفهم في تحقيق مصالحه الشخصية، وهو غيور، متمركز حول ذاته يستميت من أجل الحصول على المناصب لا لتحقيق ذاته وإنما لتحقيق أهدافه الشخصية.

- هذه الشخصية قد تتطرف لاقناعه بفكرة التطرف وإنما لما قد يحصل عليه من أثر دنيوي من ممارسة تلك الفكرة وما أسرع ما يتخلى عنها لو وجد مصالحه الشخصية في فكرة أخرى بغض النظر عن صواب تلك الفكرة من خطئها ( إنه التمركز حول مصلحة الذات لا حول الفكرة ). من هذه الشخصية عادة يكون قادة التطرف أكثر من الأتباع.

وعلم النفس بشكل عام والطب النفسي بشكل خاص اهتما بالنرجسية دون سواهما من العلوم. حيث يرجع اهتمام علم النفس بالنرجسية الى عام 1905 على يد العالم الشهير فرويد وفي عام 1914 نشر فرويد مقالة عنوانها (مقدمة في النرجسية) وفيها وصف النرجسية بمعاني عديدة منها

: انها مرحلة انتقالية لحب الذات وشذوذ وانحراف ونمط لاختيار الموضوع وخلص الى ان النرجسية بالنسبة له هي حب الذات المبالغ فيه.

ومن مقال فرويد وغيره من كتاب مدرسته _ مدرسة التحليل النفسي _ يمكن القول ان النرجسية هي :

1ـ ان اسطورة (نرجس) الذي وقع في حب نفسه من خلال خياله هي السبب وراء تسمية النرجسية.

2ـ ان الشخص النرجسي منغمس مع الاخرين ومندمج معهم ويعاملهم كما لو كانوا امتدادا له.

3ـ تعبر النرجسية عن احدى مراحل النمو التي يمر بها جميع الافراد ففي السنة الاولى من العمر نجد الطفل الصغير متمركزا حول ذاته (حيث يكون هو المركز) وبعد عدة سنوات ينتقل ليتمركز حول الاخرين اي يبدأ الانسان بحب ذاته ثم حبه للاخرين.

4ـ واخيرا فان مصطلح النرجسية في الحالات السوية يعبر عن تقدير الفرد ذاته واحترامها.

ومن خلال وصف مدرسة التحليل النفسي للنرجسية نجد ان النرجسية هي مؤشر مهم للثقة بالنفس والاعتداد بالذات واحترام الذات ولكن بحدود معينة وأن مسألة تجاوز الحدود باتجاه الزيادة يؤدي الى الغرور وبدوره الغرور المستمر يؤدي الى النرجسية. والعكس من ذلك صحيح اذ ان انخفاض درجات النرجسية يعني عدم ثقة الفرد بقدراته وامكاناته واحتقاره لنفسه مقارنة بالاخرين وبهذا فان افضل مستويات النرجسية هي المستوى المتوسط كما هو الحال في درجة حرارة جسم الانسان زيادتها عن 37 درجة مئوية وانخفاضها عن ذلك المستوى مؤشرا لحالة مرضية معينة وقولنا لشخص ما انه نرجسي يعني ان درجتها لديه عالية.

وقد كشفت احدى الدراسات الى وجود خاصيتين هامتين للاشخاص النرجسيين وهما:

1ـ ميلهم الى ان يكون لهم خط ثابت من الشعور بالعظمة واعطاء قيمة عالية لافضالهم الشخصية.

2ـ الميل الى البحث عن المثالية في ابائهم او بدائل ابائهم من حيث المركز الاجتماعي او العطاء المادي كان ام المعنوي.

واما الفروق بين الذكور والاناث في درجات النرجسية السوية او المرضية فانها اعلى لدى الاناث وخاصة في فترة المراهقة ومن ابرز مظاهرها كثرة استخدام المرآة وكثرة استخدام كلمة أنا ولكن بعد الزواج والانشغال بالاطفال ينخفض مستواها الى الحد الطبيعي.!!

تتميز الشخصية النرجسية بالتعجرف والنقص في التعاطف مع الآخرين و فرط الحساسية تجاه آراء الآخرين. فهم لا يستطيعون تقبل آراء الآخرين بأي شكل من الأشكال دون أن يتركوا الآخرين يلاحظون ذلك، ويسفهون بشكل غير مباشر من آراء واقتراحات الآخرين، بل ويدعون أنهم يعرفون ما يفكر فيه الآخرين وأنهم ليسوا بحاجة إلى محاضرات الآخرين. ويبالغ النرجسيون في إنجازاتهم وميزاتهم ومحاسنهم ويتوقعون من الآخرين أن يعترفوا لهم بالجميل بصورة خاصة، سواء كان هذا الاعتراف مبرراً أم غير مبرر. ويستحوذ عليهم وهم النجاح والسلطة والتألق ويعتقدون أن وظيفتهم ضبط الأمور تحت سيطرتهم لأنهم على حق والآخرين على خطأ.

إن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نرجسية في الشخصية غالباً ما يمتلكون مشاعر مهزوزه بالذات (غير واثقين من أنفسهم داخلياً ويبالغون نحو الخارج بإظهار ثقتهم الكبيرة)، ويعتبرون آراء الآخرين حولهم مهمة جداً لهم فهم يسعون دائماً لمعرفة ماذا يفكر الآخرين حولهم …الخ. وهم يستجيبون لأقل نقد سلبي بالغضب أو بمشاعر من المهانة أو الإذلال، على الرغم من أنهم يستطيعون إخفاء ذلك وعدم إظهاره، وينتظرون الفرصة المناسبة لرد الصاع صاعين (والمشكلة هنا أنه يصعب معرفة ما الرأي الذي يعتبرونه سلبياً وما الرأي الذي يعتبرونه إيجابياً، فهم ينظرون للأمر من منظار نرجسيتهم الخاصة) . وغالباً ما يسعون من أجل الحصول على إطراء ومديح الآخرين بشكل مباشر أو غير مباشر.

وغالباً ما تعاني علاقاتهم البين إنسانية من سلوكهم. فهم حاسدين مزمنين للناس الذين يعتبرونهم أنهم أكثر نجاحاُ منهم ويضعون في طريقهم العراقيل إذا ما أحسو أنهم أكثر نجاحاً منهم، ويسفهون آرائهم ويقللون من قيمتها وأهميتها أو يشككون بنوايا الآخرين وأهدافهم. والنرجسيون يميلون لإستغلال الآخرين ويستعملوهم وسيلة لتحقيق أهدافهم الخاصة. بالإضافة إلى ذلك فإنهم قلما يكونون متعاطفين مع الآخرين أو حساسين لهم ويمكنهم أن يمتلئوا بالغيظ والغضب على أي شخص لمجرد أنه له رأيه الخاص أو لا يريد أن يكون تابعاَ لهم يدور في فلكهم.

 

صفات الشخصية النرجسية

- الاستغراق في الشؤون الداخلية بدرجة كبيرة

- الهدوء المتكلف أو المصطنع، وإظهار تكيف اجتماعي كبير يغطي تشويه عميق في العلاقات الداخلية مع الآخرين

- الطموح الزائد بأي ثمن..

- الشعور بالعظمة مع مشاعر شديدة بالنقص جنباً إلى جنب..

- اعتماد كبير على الإعجاب الخارجي وهتاف الاستحسان..

- الشعور بالملل والضيق والفراغ..

- الرغبة المستمرة في البحث عن الألمعية والقوة والجمال من أجل الإشباع..

- عدم القدرة على الحب والتعاطف مع الآخرين..

- الحيرة المزمنة وعدم الرضا عن النفس..

- استغلال الآخرين وعدم الرأفة بهم..

- حسد شديد ومزمن ودفاع عن هذا الحسد مثل تحقير الآخرين والقدرة المطلقة ..

ويميل النرجسيون نحو إعطاء قيمة عالية لأفعالهم وأفضالهم والبحث عن المثالية في آبائهم أو بدائل آبائهم من حيث المركز والعطاء...

ملخص للمعايير السلوكية التي تميز الشخصية النرجسية:

- المعنى المتعاظم لأهمية الذات أو الانفراد (كالمبالغة في المواهب والإنجازات والتركيز على أهمية الإنجازات الشخصية)

- الانشغال بأوهام النجاح غير المحدودة والقوة والألمعية

- الاستعراضية وحب الظهور: كطلب الفرد الانتباه إليه والإعجاب به بصفة مستمرة من الآخرين

- اللامبالاة الباردة أوالمشاعر المميزة للحنق والدونية والضحالة في الاستجابة للنقد وعدم الاهتمام بالآخرين ومشاعر الهزيمة

- توقع الفرد أن يكون المفضل دائماً بغض النظر عن تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه، مثال ذلك الدهشة أو الغضب من أن الناس لا يفعلون ما يرغبه.

- استغلال العلاقات بين الأشخاص: كالاستفادة من الآخرين في إشباع رغباته أو تعظيم ذاته، وعدم الاكتراث بالتكامل الشخصي وحقوق الآخرين.

- تذبذب العلاقات على نحو مميز بين الإفراط في المثالية وتبخيس الذات.

- الافتقار إلى التعاطف: كعدم القدرة على التعرف على ما يشعر به الآخرون. 

 

 النرجسية(12)

التي هي موجودة عند كل الأشخاص..عندنا جميعا ولكنها بدرجات..

النرجسية Narcissistic":

دعونا ببداية الامر نتعرف على اصل كلمه "النرجسية Narcissistic " وذلك يعود الى اسطورة يونانيه قديمه تقول..!

ان فتاة تدعى(صدى) هامت بحب فتى يدعى (نرجس) ومن فرط حبها له واعجابها به سقمت حالها ومرضت بسببه ، ومن اجله كابدت وصبرت حتى اضناها هذا الحب.

وجعلها تذبل شيئا فشيئا حتى فارقت الحياة.ولكن الالهة (بزعم الاسطورة)

لم تترك الفتى دون عقاب. لذلك كان العقاب قاسيا عليه للغاية حتى اودى بحياته. كان العقاب

ان يعشق نفسه بصورة مرضية عندما رأى صورته منعكسة على الماء لذلك أخذ يجلس الساعات الطوال امام صورته بكل فخر وزهو . واستمر على هذا الحاله حتى مرض نفسيا بسبب هذا التعلق الذاتى.وما هى الا فترة بسيطة حتى فقد عقله وفى احدى خلواته وعشقه لنفسه قفز الى بركة الماء ليمسك صورته ولكنه غرق ومات .

وظهرت فى مكانه زهرة سميت على اسمه نرجس (وهى زهرة النرجس) ..!

والحاله النرجسيه المرضيه تتخلص بعدت نقاط وهي :

1- الانسان النرجسى يعشق نفسه بصورة تفوق الوصف..

2- لا يفكر الا بذاته..

3- يحب الاشياء لقربها من نفسه وبحسب تقديره هو ...

(بينما الانانى يحب الاشياء لقيمتها) ..

4- يعتقد بانه فوق الجميع وفوق كل نقد (لانه لا يراء انه يقوم بخطاء .. بقناعته ان من هم الاخرون حتى ينتقدونه(..

والمشكله الكبرى لدى النرجسى انه لا يدرك انه مريض ويحتاج علاج وتغير على الرغم انه يلاحظ جفاء الاخرين وابتعادهم عنه ..لانه يرجع السبب بذلك لسلوكهم هم وليس له هو.. وهذى حاله فى غايه الخطورة ..

والنرجسية "Narcissistic "

هي حب الذات هي احدى سمات الشخصية حيث توجد لدى جميع الافراد ولكن بدرجات متباينة فمنهم من تكون نرجسيته واضحة من اللقاء الاول به ومنهم من يمتلكها بدرجة قليلة ولا تظهر الا ما ندر. وبهذا يمكن القول ان الفرق بين الافراد في النرجسية (كما في سواها من السمات

الشخصية) هو فرق في الدرجة لا في النوع.

 

الشخصية النرجسية:

شعور غير عادي بالعظمة وحب وأهمية الذات وأنه شخص نادر الوجود أو أنه من نوع خاص فريد لا يمكن أن يفهمه إلا خاصة الناس. ينتظر من الآخرين احترامًا من نوع خاص لشخصه وأفكاره، وهو استغلالي، ابتزازي، وصولي يستفيد من مزايا الآخرين وظروفهم في تحقيق مصالحه الشخصية، وهو غيور، متمركز حول ذاته يستميت من أجل الحصول على المناصب لا لتحقيق ذاته وإنما لتحقيق أهدافه الشخصية.

هذه الشخصية قد تتطرف لا قناعة بفكرة التطرف وإنما لما قد يحصل عليه من أثر دنيوي من ممارسة تلك الفكرة وما أسرع ما يتخلى عنها لو وجد مصالحه الشخصية في فكرة أخرى بغض النظر عن صواب تلك الفكرة من خطئها ( إنه التمركز حول مصلحة الذات لا حول الفكرة ). من هذه الشخصية عادة يكون قادة التطرف أكثر من الأتباع.

وعلم النفس بشكل عام والطب النفسي بشكل خاص اهتما بالنرجسية دون سواهما من العلوم. حيث يرجع اهتمام علم النفس بالنرجسية الى عام 1905 على يد العالم الشهير فرويد وفي عام 1914 نشر فرويد مقالة عنوانها (مقدمة في النرجسية) وفيها وصف النرجسية بمعاني عديدة منها:

انها مرحلة انتقالية لحب الذات وشذوذ وانحراف ونمط لاختيار الموضوع وخلص الى ان النرجسية بالنسبة له هي حب الذات المبالغ فيه.

ومن مقال فرويد وغيره من كتاب مدرسته مدرسة التحليل النفسي يمكن القول ان النرجسية هي :

1ـ ان اسطورة (نرجس) الذي وقع في حب نفسه من خلال خياله هي السبب وراء تسمية النرجسية.

2ـ ان الشخص النرجسي منغمس مع الاخرين ومندمج معهم ويعاملهم كما لو كانوا امتدادا له.

3ـ تعبر النرجسية عن احدى مراحل النمو التي يمر بها جميع الافراد ففي السنة الاولى من العمر نجد الطفل الصغير متمركزا حول ذاته (حيث يكون هو المركز) وبعد عدة سنوات ينتقل ليتمركز حول الاخرين اي يبدأ الانسان بحب ذاته ثم حبه للاخرين.

4ـ واخيرا فان مصطلح النرجسية في الحالات السوية يعبر عن تقدير الفرد ذاته واحترامها.

ومن خلال وصف مدرسة التحليل النفسي للنرجسية نجد ان النرجسية هي مؤشر مهم للثقة بالنفس والاعتداد بالذات واحترام الذات ولكن بحدود معينة وإن مسألة تجاوز الحدود باتجاه الزيادة يؤدي الى الغرور وبدوره الغرور المستمر يؤدي الى النرجسية. والعكس من ذلك صحيح اذ

ان انخفاض درجات النرجسية يعني عدم ثقة الفرد بقدراته وامكاناته واحتقاره لنفسه مقارنة بالاخرين وبهذا فان افضل مستويات النرجسية هي المستوى المتوسط كما هو الحال في درجة حرارة جسم الانسان زيادتها عن 37 درجة مئوية وانخفاضها عن ذلك المستوى مؤشرا لحالة مرضية معينة وقولنا لشخص ما انه نرجسي يعني ان درجتها لديه عالية.

وقد كشفت احدى الدراسات الى وجود خاصيتين هامتين للاشخاص النرجسيين وهما:

1ـ ميلهم الى ان يكون لهم خط ثابت من الشعور بالعظمة واعطاء قيمة عالية لافضالهم الشخصية.

2ـ الميل الى البحث عن المثالية في ابائهم او بدائل ابائهم من حيث المركز الاجتماعي او العطاء المادي كان ام المعنوي.

واما الفروق بين الذكور والاناث في درجات النرجسية السوية او المرضية فانها اعلى لدى الاناث وخاصة في فترة المراهقة ومن ابرز مظاهرها كثرة استخدام المرآة وكثرة استخدام كلمة أنا ولكن بعد الزواج والانشغال بالاطفال ينخفض مستواها الى الحد الطبيعي.!!

تتميز الشخصية النرجسية بالتعجرف والنقص في التعاطف مع الآخرين و فرط الحساسية تجاه آراء الآخرين. فهم لا يستطيعون تقبل آراء الآخرين بأي شكل من الأشكال دون أن يتركوا الآخرين يلاحظون ذلك، ويسفهون بشكل غير مباشر من آراء واقتراحات الآخرين، بل ويدعون أنهم يعرفون ما يفكر فيه الآخرين وأنهم ليسوا بحاجة إلى محاضرات الآخرين. ويبالغ بيأبويبالغ النرجسيون في إنجازاتهم وميزاتهم ومحاسنهم ويتوقعون من الآخرين أن يعترفوا لهم بالجميل بصورة خاصة، سواء كان هذا الاعتراف مبرراً أم غير مبرر. ويستحوذ عليهم وهم النجاح والسلطة والتألق ويعتقدون أن وظيفتهم ضبط الأمور تحت سيطرتهم لأنهم على حق والآخرين على خطأ.

إن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نرجسية في الشخصية غالباً ما يمتلكون مشاعر مهزوزة بالذات (غير واثقين من أنفسهم داخلياً ويبالغون نحو الخارج بإظهار ثقتهم الكبيرة)، ويعتبرون آراء الآخرين حولهم مهمة جداً لهم فهم يسعون دائماً لمعرفة ماذا يفكر الآخرين حولهم …الخ. وهم يستجيبون لأقل نقد سلبي بالغضب أو بمشاعر من والمهانة أو الإذلال، على الرغم من أنهم يستطيعون إخفاء ذلك وعدم إظهاره، وينتظرون الفرصة المناسبة لرد الصاع صاعين (والمشكلة هنا أنه يصعب معرفة ما الرأي الذي يعتبرونه سلبياً وما الرأي الذي يعتبرونه إيجابياً، فهم ينظرون للأمر من منظار نرجسيتهم الخاصة) . وغالباً ما يسعون من أجل الحصول على إطراء ومديح الآخرين بشكل مباشر أو غير مباشر.

وغالباً ما تعاني علاقاتهم البين إنسانية من سلوكهم. فهم حاسدين مزمنين للناس الذين يعتبرونهم أنهم أكثر نجاحاُ منهم ويضعون في طريقهم العراقيل إذا ما أحسو أنهم أكثر نجاحاً منهم، ويسفهون آرائهم ويقللون من قيمتها وأهميتها أو يشككون بنوايا الآخرين وأهدافهم. والشخصية النرجسية تميل لاستغلال الآخرين والنرجسيون يستغلون الآخرين ويستعملوهم وسيلة لتحقيق أهدافهم الخاصة. بالإضافة إلى ذلك فإنهم قلما يكونون متعاطفين مع الآخرين أو حساسين لهم ويمكنهم أن يمتلئوا بالغيظ والغضب على أي شخص لمجرد أنه له رأيه الخاص أو لا يريد أن يكون تابعاَ لهم يدور في فلكهم.

 

صفات الشخصية النرجسية

- الاستغراق في الشؤون الداخلية بدرجة كبيرة

- الهدوء المتكلف أو المصطنع، وإظهار تكيف اجتماعي كبير يغطي تشويه عميق في العلاقات الداخلية مع الآخرين

- الطموح الزائد بأي ثمن..

- الشعور بالعظمة مع مشاغعر شديدة بالنقص جنباً إلى جنب..

- اعتماد كبير على الإعجاب الخارجي وهتاف الاستحسان..

- الشعور بالملل والضيق والفراغ..

- الرغبة المستمرة في البحث عن الألمعية والقوة والجمال من أجل الإشباع..

- عدم القدرة على الحب والتعاطف مع الآخرين..

- الحيرة المزمنة وعدم الرضا عن النفس..

- استغلال الآخرين وعدم الرأفة بهم..

- حسد شديد ومزمن ودفاع عن هذا الحسد مثل تحقير الآخرين والقدرة المطلقة ..

ويميل النرجسيون نحو إعطاء قيمة عالية لأفعالهم وأفضالهم والبحث عن المثالية في آبائهم أو بدائل آبائهم من حيث المركز والعطاء...

ملخص للمعايير السلوكية التي تميز الشخصية النرجسية:

- المعنى المتعاظم لأهمية الذات أو الانفراد (كالمبالغة في المواهب والإنجازات والتركيز على أهمية الإنجازات الشخصية)

- الانشغال بأوهام النجاح غير المحدودة والقوة والألمعية

- الاستعراضية وحب الظهور: كطلب الفرد الانتباه إليه والإعجاب به بصفة مستمرة من الآخرين

- اللامبالاة الباردة أوالمشاعر المميزة للحنق والدونية والضحالة في الاستجابة للنقد وعدم الاهتمام بالآخرين ومشاعر الهزيمة

- توقع الفرد أن يكون المفضل دائماً بغض النظر عن تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه، مثال ذلك الدهشة أو الغضب من أن الناس لا يفعلون ما يرغبه.

- استغلال العلاقات بين الأشخاص: كالاستفادة من الآخرين في إشباع رغباته أو تعظيم ذاته، وعدم الاكتراث بالتكامل الشخصي وحقوق الآخرين.

- تذبذب العلاقات على نحو مميز بين الإفراط في المثالية وتبخيس الذات.

- الافتقار إلى التعاطف: كعدم القدرة على التعرف على ما يشعر به الآخرون.

المثقف والسلطة ثنائية الوئام والتناحر - الاستعلاء علي المثقف يدفعه الي النرجسية(13)

من خلال تتبعنا فيما بعد لتقويم الكاتب للروح الجمعية واللاشعور، واللاوعي نراه يصيب كبد الحقيقة حين يري بأنها عبارة عن انفعالات ومشاعر متأصلة لا طائل منها (اعتباطية) (ومن الضروري تنظيم هذه المشاعر حسب الموضوعات المطروحة أمامها) وهذا انحياز واضح لعقلنة اللاوعي في الثقافة والأدب والفن نفسه.

من البدهي ان المثقف ــ في أي مجتمع كان ــ يمتلك المقومات التي تؤهله لقيادة المجتمع، وهذا ما تجلي منذ دعوة أفلاطون لأن (يكون الفيلسوف علي رأس السلطة السياسية وهي أول دعوة تذكرها كتب التاريخ) (عالم الفكر معن زيادة) ص 2 ــ ص5.

ومن ثم الدعوة (الواقعية لارسطو) للعمل التكاملي بين المثقف والسلطة (نفسه) ذلك لأن المثقف يمتلك رؤي ثاقبة، ولديه مقدرة هائلة تؤهله للقيام بالتحليل والتركيب إزاء أي ظاهرة، أو حدث، أو موقف، ولعل رؤاه تتسم علي الغالب بقوة البصيرة، ومقاربة الموضوعية)، كذلك ان المثقف الذي يمضي جل ساعات يومه وهو ينهل من بطون الكتب، ويكون ثقافة واسعة، ومعارف ثره، غير موجودة البتة عند غير المشتغل بالثقافة، والجاهل بها، مما يمنحه آفاقاً لامتناهية تدفعه للانحياز إلي ثقافته،ومعارفه ، وسعة مداركه بل وذاته مقارنة مع هذا الآخر (وهذا ما يجعله يتدرج شيئاًَ فشيئاً نحو حب الذات، ثم الشعور بالتمايز عن الآخر، وربما دونيته في مواقع وحالات معينه) وقد يتضخم بالتالي هذا الإحساس لاسيما أمام رفض الآخرله، أو الاستعلاء عليه بـ: المظهر ــ المال ــ السلطة ــ الجماهيرية ــ مما يدفعه بالتالي إلي مهاوي النرجسية، كرد فعلٍ علي هذا الإهمال والتهميش والاستعلاء غير المسوّغ.ان دراسة متأنية لسايكلوجيا الانسان المثقف ستؤكد لاريب ان اختلاف هذا الكائن البشري عن سواه، إنما هو نتيجة لعوامل كثيرة، لسنا هنا بصدد شرحها، ولكن، قد يدخل من ضمنها:

1 ــ عامل التربية والنشأة.

2 ــ ان علاقة الكاتب مع أدواته الكتابية تؤثر علي نحو واضح علي سلوكيته حيث ان إدمان القراءة، أو الكتابة، ومتتطلباتها عادة من عزلة، وطقوس خاصة تؤثر علي نحو لافت علي علاقته مع المحيط وبل علي ذاته قبل كل شيء فهو ينفر من طقوس الآخرين راغب عنها، يستتفه مشاغلهم، وأساليب وأنماط حياتهم، وتضييعهم لاوقاتهم، ومن هنا فهو يولد عالمه الخاص، عالمه الآثير وكيف لا، مادامت اهتماماته جد مختلفة تماماً عن اهتماماتهم ولعل هذا التمايز كثيراً ما يجعل من الكاتب، ضحية عالمه، ضحية اهتماماته، ضحية ذاته، فهو نزق سريع الحساسية، سريع الغضب، سريع الرضا، الأمر الذي يجعله منكفئاً علي الذات معتكفاً منزوياً، وهذا أمر طبيعي، مادام أنه الانسان أبن بيئته،و بيئةهذا الكائن قد لاتتعدي ضروب الكتب، وعوالمها، وشخصياتها، وحيواتهم والكراريس والمجلات والصحف والأقلام، والقراطيس التي يتعامل معها بشكل يومي.

ان الانطواء الذي يعيشه الكاتب، عادة، نتيجة عزلته، هذه، قد ينعكس سلباً عليه، حيث يتم تصعيد ملكاتٍ وخصائص عقلية ونفسية كثيرة، يلجأ إليها،ويستفزها، ويحركها ويوقظها من سباتها، مقابل تهميش بل إماتة خصائص أخري للطبيعة البشرية، ومن هنا، نلاحظ عطالة في جوانب ما من شخصيته، فيما يتعلق بأساليب وطرائق التعامل، فهو يجهل الكثير من العادات والتقاليد اليومية التي يتقن الكائن الاجتماعي، العادي والناضج أبجديتها، من بين ذلك: طريقة الحديث ــ أساليب الزيارات الاجتماعية ــ فنون المجاملات وهذا ما يجعل من المثقف في حالات كثيرة شخصاً، غير سوي، وغير مهذب في منظور ضيقي الأفق، مصابا بجملة عطالات في منظومة تواصله مع المحيط يذهب لينين بعيداً في تصنيف المثقفين بدوره فهناك بنظره: المثقف النموذجي وهو ذلك النيتشوي غير الصالح للانخراط في النضال، ويضرب مثالاً علي ذلك حين يذكر د. شتوكمان بطل مسرحية (عدو الشعب) فهو بنظرة غير اشتراكي، بل علي العكس انه معاد للبروليتاريا، لانه يري في (الاغلبية المتراصة) وحشاً فظيعاً يحب طرحه أرضاً اما المثقف المثالي بنظره فهو ذلك (المشبع كلياً بالروح البروليتارية والذي كان كاتباً لامعاً، وفقد الصفات النفسانية الخاصة بالمثقفين، والذي سار في الصف دون تذمر، وعمل في كل منصب عهد به إليه، ويضرب مثالين علي الانمموذج هما: ليبكنخت وكارل ماركس الذي لم يدفع نفسه يوماً إلي الامام، وكان يخضع بصورة مثالية للطاعة الحزبية في صف الاممية، حيث كان أكثر من في وضع اقلية لينين نفسه ص32.

ولعل لينين أدرك تماماً أن هذه الرؤية للمثقفين بدورها غير قابلة للتعميم، فإضافة إلي ما سبق ذكره عن الانسلاخ الطبقي، فإن هذا الأنموذج النيتشوي ليس شرطاً أن يكون عاما، ًينضوي في صفة هؤلاء الذين يكتوون بأكثر من نار: نار الأنظمة، الحاكمة ــونار الوضع الطبقي ــ ونار قيادات أحزابهم أيضاً، هذه القيادات التي تقع في تناقض صارخ أثناء تعاملها مع المثقف.

أ ــ انها تبدي خير تفهم لمقولة لينين في ضرورة استيعاب المثقف فتسرع إلي احتوائه، واعتباره في الغالب لسان حالها، ومثقف المؤسسة، بل وأحد رموزها الذين تتباهي بهم في السراء والضراء، وكثيرا ماتدفع به ــ تحت هذه الحمية ــ إلي المقدمة، وهذا ما هو واضح مرهون بتبعية قلم المثقف للمؤسسة، وفي حالات كثيرة للقلة المتنفذة في قيادة هذه المؤسسة.

ب ــ بيد أنها سرعان ما تتراجع عن هذا الفهم وذلك إزاء تفاعل أبناء المؤسسة بل والجماهير الشعبية مع خطاب هذا المثقف، وتشكيله بالتالي خطراً علي القبضة القيادية المستبدة، التي تري في تألق أي اسم آخر ضمن المؤسسة الحزبية خطرا كبيرا علي حضورها، لا سيما إذا كانت مجترة لماضيها الثقافي بل عاجزة عن مواجهة الطروحات التي يطرحها المثقفف ضمن مؤسسته، ناهيك عن قضية خطيرة ــ برأي هذا المؤسسة هي أنها سرعان ما تفقد صوابها فيما لو انقلب المثقف علي ما تراه ركائز لها حتي وان كان ذلك إعادة تقويم شخصيات ما ضمن هيكلها، بعد انجلاء غشاوة ما عن عينيه، أو حتي اتخاذ مواقف مناقضة، نتيجة تغير آرائه، إذ أن مثل هذه القبضة المستبدة غالباً ماتلتهي تحت ستار العمل التنظيمي الميداني، مبتعدة عن ممارسة التثقيف العام والفكري في آن واحد، لذلك فهي تتعامل مع ارائها المستظهرة، ببغاوياً، كنصوص مقدسة غير قابلة للنقاش البتة، ومن الطبيعي ان تري أية إعادة قراءة من قبل أحد مثقفيها بمثل هذه المسلمات ردة كبري، تستأهل هدر دمه ليس التنظيمي فحسب، بل والحياتي لقد فهم لينين طبيعة المثقفين تماماً فهو، إذاً، كان مدركاً تماماً لأهمية دورهم الفاعل في الثورة انه قد أشار إلي ذلك التذبذب، بل التمترس المضاد للمثقف الخارج عن طبقته، أو النافح عنها في وجه البروليتاريا، ورأي تماماأنه من الممكن تماماً استيعاب المثقف، بل والاستفادة من طاقاته الكبيرة في الثورة، كموقد لاتونها، ونافخ في جمرها، وذائد عن لفحا، بل ومسهم في التلظي بألسنة لهيبها، ولهذا كله فإن المقياس الحزبي الصرف، والصارم، أن يترك له مجال كاف للتحرك ضمنه، وكان من الممكن أن يصبح مثل هذا التوجه مثالاتحتذي به المؤسسة الحزبية التي نجدها وفي حالات كثيرة تضيق الخناق علي مثقفها، ابن الحزب، والمؤسسة !، نتيجة سوء فهم، بل وشعور بالنقص إزاءه لاسيما في كثير من الأحزاب الشيوعية في العالم الثالث، فلينين يقول حرفياً: (ولهذا من الأصعب علي عناصر الانتلليجنسيا أن تتكيف لانضباط الحياة الحزبية، وتلك العناصر منها التي لا تستطيع اداء هذه المهمة، ترفع، بالطبع، راية العصيان علي القيود التنظيمية الضرورية، ترفع فوضويتها العفوية إلي مستوي مبدأ للنضال، مظهرةهذه الفوضوية بصورة غير صحيحة علي أنها طموح إلي الاستقلال) ومطالبة بـ(التساهل) وما إلي ذلك لينين نفسه ص 35 بيد أننا نجد وفي أمثلة صارخة في حياة الأحزاب الشيوعية في العالم الثالث تجنياً واضحاً علي المثقفين لذلك، فهي ــ ودون خجل ــ وبالاعتماد علي رؤيتها في استغباء قواعد المؤسسة ، تبدأ بسحب اعترافها، بهذا المثقف، تحت يافطات كثيرة هي: دودة الردة ــ وباء الانحراف ــ أو التحول الطبقي لهذا المثقف دون أن يكون قد ربح جائزة يانصيب وما إلي هنالك.... الخ.

ثم تعمد إلي تخوينه، أو تهميشه، ولكن أني لها ان تستطيع ونحن في مطالع الالفية الثالثة أن تقوم بمثل هذا حيث نشهد تفتحاً كبيراً في وعي أغلب قواعد هذه المؤسسات التي ترفض استغباءها، لاسيما وان تاريخ هذه المؤسسات يحفل بأمثلة صارخة تفند مزاعمها وأكاذيبها، أجل، إذا كانت المؤسسة المتخلفة ــ وبدافع غريزة البقاء علي مكتسباتها التاريخية ــ تتعامل وفق هذ ا المبدأ مع مثقفيها، فإن اللعبة لاتنطلي علي الدوام علي أعضاء التنظيم الحزبي، ممن سرعان مايفهمون هذا التناقض الصارخ في الموقف!!، وتتم بالتالي شروخ عمودية وأفقية تلحق الكثير من الأذي بالتنظيم الحزبي، ان هذا الموقف من المثقف لا يجيء البتة انسجاماً مع رؤية لينين إلي الموقف الحرباوي، القلق الذي يغير أفكاره (كما يغير قفازاته وبلغة لينين نفسه) ممن ينبغي الرد عليه وعلي(ميوله التشويشية) وذلك لان تقويم المثقف من قبل مثل هذه المؤسسة لا يتم وفق مقاييس صحيحة، دقيقة، انما يتم الاحتكام غالباً إلي المزاج فحسب، فرب مثقف أهوج، مصفق، مدّاح لرموز قيادته الحزبية بما ليس فيها مسبّح باسمها بيد انه ــ يتحول كما تمت الإشارة ــ إلي مارق، خائن، لمجرد تحول نظرته لتقويم ممارسات هذه الطغمة، واعادة تقويمها نتيجة نزق، أورد فعل، واتخاذ موقف صائب.

 

الثقافة والمثقف

لعلّ لكل مجتمع، أو شعب، أو أمة في كل زمان ومكان ثمة مفهوماً للثقافة قديكون خاصاً، حيث أن تتبع مفهوم الثقافة، كدلالة ، منذ بداية تشكل الوعي البشري، إنما هو زئبقي، إشكالي، غامض، لأننا قد نجد ثقافة الحرفة، أو المهنة وثقافة المعبد، وثقافة التواصل الاجتماعي، وثقافة التعامل مع قوي الطبيعة، لاستنباط طرائق الاقتتال والحرب هلمجرا....، ولعل خير تعريف قديم يلجأ إليه عند العرب في تتبع مفهوم المثقف، هو ما قاله الجاحظ بأنه" الأخذ من كل علم بطرف " وهذا ماكان يناسب حقيقة ثقافة ذلك العصر، ذات الطابع الشمولي وبسهولة، يدرك المتتبع الآن، أن الأخذ من كل علمٍ بطرف، يكاد في زمن التخصص أن يصبح جد مستحيل، فاني للمرء أن يكون ثقافةً في عصر وسائل الاتصال الحديثة، تشمل ميادين متفرقة من الصناعات الثقيلة، والإلكترون، ووسائل الاعلام، والرياضيات، والطب والفلك،والأدب والفن..... هلمجرا، فإذا كان تعريف الجاحظ قديماً يصلح لزمن محدد، حيث كان بامكان طالب العلم/ الثقافة ــ أن يحمل مكتبة كاملة علي ظهر دابة فتجعله بالتالي مثقفاً في شتي المجالات، فيما لوانطلقنا من امات الكتب الموجودة في ماقبل العصر العباسي، وان كانت كتب التاريخ تروي لنا، بأن هناك طغاة قد أحرقوا مكتبا ت كاملة، تغير بسببها لون ماء نهر دجلة، أو سواه.

ان مقارنة منصفة بين ماتنتجه المطابع في العالم العربي، في أقل تقدير من كتب، يومياً، وبين حصيد المكتبة العربية قبل بضعة قرون تجعلنا، في هذا المقام، ندرك بأن الإحاطة بكل جوانب ثقافة ــ اليوم تبدو أمراً مستحيلاً، ومن هنا فإن التعريف الجاحظي، يستنفد في عصر العولمةجدواه مما يجعلنا نميل تماماً إلي ثقافة التخصص، التخصص في محض مجال، دون إهمال مجالات أخري مقابل تلك الموسوعية التي كانت هوية المثقف التقليدي، وشهادته.

واذا كان هناك من يري ان المؤسسة الدينية ــ أية كانت ــ تنظر الي المثقف نظرة منفعية، حيث تحدد علاقتها معه من خلال مدي استفادتها منه، وهذا ما تكرره المؤسسة الحزبية الجديدة.

وقتل الكثير من المبدعين أصحاب الرأي المختلف، فلقد وقف حسان بن ثابت شاعر الرسول (ص) ينشد من شعره ما يثير ذكريات الجاهلية الاولي، وكأنما شق الحديث علي عمر (ض) فهب في وجهه بصيحته الزاجرة فقال الرسول (ص): دعه يا عمر يذكرنا بأيام الجاهلية، فإن لنا فيها عظة وعبرة.... ناهيك عن قوله (ص): (ما للذين يدافعون عن الإسلام بسنانهم لا يدافعون عنه بلسانهم؟) فإن في مثل هاتين الإشارتين، وغيرهما كثير دلالة علي الاهتمام بدور المثقف في المجتمع الإسلامي.

وليس أدل علي ان الموقف من المثقف واحد، بغض النظر عن أي حاجز زمكاني هو معرفة ان ما دفع غرامشي الحديث (عن المثقف العضوي ودور الحزب هو/ نهوض الفاشية) آنئذٍ

(بيتر جران).

ان الحاجة المتبادلة بين المثقف والسلطة، تدعو كلاً منهما علي الاقدام علي ابرام عقد غير مقدس معاً ــ ما خلا، استثناءات قليلة ــ وبدوافع علاقة منفعية، براغماتية، حيث يقدم كل للأخر كل ما يلزمه، ليكون ذلك علي حساب منظومة قوانين السلطة السياسية التي تحدد علاقتها بالمواطن، ولتكون بالمقابل علي حساب (ماء وجه) المثقف الذي يريقه علي البلاط السلطوي، علي نحوٍ بخسّ، وقمعها للمواطن، والي ما هنالك من قواسم مشتركة بين اية سلطات وانظمة قمعية عادة.وبالمقابل، فان الذي يحافظ علي ماء وجهه، ويذود عن منظومة قناعاته، واخلاقه، يحكم علي نفسه العيش في الظل، دافعاً ضريبة موقفه غالية، هذا إذا ما نجا من مصيدة الرقيب، الذي لا يسكت علي صمت المبدع، بل يدفعه إلي الانخراط في جوقة المسبحين بحمد السلطان، ويعد هذا السكوت موازياً للموقف المعارض، ولهذا فإنه يستوي هنا حال المصرح بموقفه إزاء فمعية السلطة، وحال المتكتم علي موقفه نتيجة خوفه من بطش هذه السلطة، إذ يدفع كلاهما ضريبة غالية هي تجويع هذا المثقف، وتضيق الخناق عليه، وتهميشه، والتعتيم عليه، أن لم نقل اهراق دمه، حيث نجد لكل نظام قمعي قائمة خاصة بضحاياه المبدعين أينما كانوا؟

 

التعبير عن الذات وتوكيد الشخصية(14)

يصنف علماء النفس أنماط الشخصية الإنسانية إلى ثلاثة أصناف:

1. الشخصية الانطوائية.

2. الشخصية النرجسية.

3. الشخصية التوكيدية.

أولاً- الشخصية الانطوائية.

والانطوائية صفة تطلق في علم النفس، على وجود الرغبة والميل للانعزال والانطواء عن الآخرين، بحيث يتركز انتباه الفرد إلى ذاته وداخله، ويعزف عن التفاعل مع بيئته الاجتماعية، وهي حالة غير صحية، تحصل بسبب الاستغراق المبالغ فيه ببعض الهموم والمشاكل الذاتية، والانطواء يفاقم هذه الحالة ويضاعفها، مما يهدد بالإصابة بالوساوس ـ مثلاًـ والاضطرابات النفسجسمية. وقد يكون الميل للعزلة والانطواء ناشئاً من الشعور بضعف الثقة في النجاح والتعاطي مع الآخرين.

إن انفتاح الإنسان على الآخرين وعلاقاته معهم، يساعده كثيراً في تجاوز بعض المشاكل الداخلية التي يعاني منها، بخروجه من دائرة الاستغراق فيها، والتخفيف من ضغوطها. كما تتطور بذلك قدرات الإنسان ومواهبه، ويجد من خلالها السبل والوسائل لمعالجة المشاكل، وتوفير المتطلبات.

والانطوائية لها درجات متفاوتة، أدناها أن يقتصر انفتاح الإنسان على دائرة اجتماعية خاصة، كأقربائه أو أبناء محلته، بينما يتردد ويتهرب عن العلاقة مع غيرهم.

وقد تصاب بعض الجماعات بحالة انطواء تجاه الجماعات الأخرى، فيغلب على أبنائها الميل للعزلة، والابتعاد عن الآخر المختلف دينياً أو عرقياً، فيتقوقعون ضمن مناطق خاصة بهم، وتقتصر صداقاتهم وعلاقاتهم مع أفراد مجتمعهم، ويعزفون عن التعامل والتعاطي خارج إطارهم.

ويرى أحدهم نفسه غريباً خارج منطقته وإن كان ضمن الوطن الواحد، فيكون بقاؤه في المناطق الأخرى بحدود الحاجة والاضطرار، وقد يفوّت على نفسه فرصاً للتقدم الوظيفي، أو النمو الاقتصادي، إذا كان ذلك في غير منطقته، وقلّ أن يبادر المقيمون منهم في مناطق أخرى إلى تكوين علاقات وصداقات مع البيئة الاجتماعية فيها، بل يشكلون لهم تجمعهم الخاص، مما يكرس لديهم حالة الانطواء والانغلاق.

وحتى على مستوى الجامعات والمؤسسات العامة، يميل هؤلاء إلى العلاقة مع بعضهم فقط.

بالطبع لا تصاب جماعة بهذه الحالة إلاّ نتيجة عوامل وأسباب، من أبرزها اضطراب العلاقة بينها وبين جماعات أخرى أكثر قوة، فيدفعها الإحساس بالضعف، والحفاظ على الهوية، إلى اللجوء لحالة الانطواء والانغلاق، ثم تنشأ ثقافة تكرّس ذلك الواقع، عبر تشريعات دينية، وأعراف وتقاليد اجتماعية.

إنها حالة غير سويّة على مستوى الفرد والجماعة، تنتج خللاً داخلياً، وتعرقل النمو، وتمنع فرص التقدم، فلا بد من معالجة أسبابها، والسعي لتجاوزها.

ثانياً- الشخصية النرجسية:

المبالغة في حب الذات، قد تدفع صاحبها لبعض السلوكيات المجحفة بحقوق الآخرين، كالاستئثار عليهم، وإبراز شخصيته بطريقة مميزة، على حساب شخصياتهم، وتضخيم قدراته ودوره، والرغبة في إظهار تفوقه، حيث يطربه تمجيد ذاته، وينتشي بمدح الآخرين له، ويتوقع من الآخرين أن يتعاملوا معه باعتباره متميزاً، ويتحسس تجاه من لا يبدي نحوه اهتماماً خاصاً.

بل قد يزعجه ظهور الآخرين وتقدمهم، ويثير في نفسه الغيرة والحسد، ويحاول التقليل من شأنهم، حتى لا يبدون في مستوى المنافسة والمزاحمة لموقعيته ومكانته.

ويرفض هذا النوع من الأشخاص أي نقد أو ملاحظة، ويعتبر ذلك تجريحاً وانتقاصاً من مقامه.

يطلق علماء النفس على هذه الشخصية مسمى (النرجسية). وعادة ما تكون هذه الشخصية ثقيلة الظل على الآخرين، وتواجه صاحبها كثير من التوترات في علاقاته الاجتماعية، ترتد على نفسيته بالآلام والجراحات.

وكما على مستوى الأفراد، كذلك على مستوى الجماعات، فقد تصاب بعضها بمثل هذه الحالة، حين تسود أجواءها مشاعر التفوق والتعالي على سائر الجماعات في محيطها، لانتماء عرقي أو ديني أو قبلي، وما قد تنطوي عليه وتدفع إليه هذه المشاعر، من مواقف وممارسات سلبية تجاه الآخرين.

إن الذات النرجسية الجماعية تعشش في ظلها الثغرات، ونقاط الضعف، نتيجة الرضا عن الذات، ورفض النقد واعتباره عدواناً من الآخر، كما تفسد أرضية التعايش والانسجام بين الجماعة والجماعات الأخرى، وقد تؤسس لحالة من القطيعة والاحتراب.

ويعكس أدب الحماسة والفخر في العصر الجاهلي، صوراً عن هذه الذات النرجسية، كقصيدة عمرو بن كلثوم التي تحكي مشاعر قبيلته تغلب، وفيها يقول:

ألا لا يجهلن أحد علينافنجهل فوق جهل الجاهلينا

لنا الدنيا ومن أمسى عليهاونبطش حين نبطش قادرينا

ملأنا البر حتى ضاق عناوماء البحر نملؤه سفينا

إذا بلغ الرضيع لنا فطاماًتخر له الجبابرة ساجدينا

ونشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطينا

ونجد في مرويات بعض الطوائف الإسلامية، ما يغذي الروح النرجسية بين أبنائها، حيث توحي لهم بأن مجرد انتمائهم المذهبي كاف لأفضليتهم على الآخرين، وضمان الجنة لهم دون غيرهم، وإن قل عملهم الصالح أو سلكوا طريق المعاصي، بينما يقول الله تعالى: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ﴾سورة النساء الآية123.

ثالثاً- الشخصية التوكيدية:

يعتبر مفهوم التوكيدية من المفاهيم الحديثة في مجال علم النفس، ويمكن أن نستخلص من أبحاث العلماء المختصين التعريف التالي: توكيد الذات يعني شعور الفرد بالثقة بنفسه، وسعيه للتعبير عن ذاته في الوسط الذي يعيش فيه، والعمل على حماية مصالحه وحقوقه.

إن الثقة بالنفس هي مفتاح تفجير المواهب والكفاءات، وبدونها تبقى قدرات الإنسان كامنة مشلولة، حيث ينطوي كل إنسان على قدرات هائلة، لكنه لا يلتفت إليها، أو يشك في وجودها، ويتردد في استخدامها، بسبب ضعف الثقة بالنفس.

كما أن نجاح الإنسان في بناء علاقات سليمة متكافئة مع الآخرين، يعتمد على ثقته بنفسه.

والهروب عن التعامل مع الآخرين، أو الخوف من الارتباط بهم، أو الفشل في إدارة العلاقة معهم، أو انسحاق الشخصية أمامهم، كل ذلك من مظاهر وأعراض ضعف الثقة بالنفس.

وحينما يواجه الإنسان مصاعب الحياة ومشاكلها في الميادين المختلفة، فإن أهم سلاح يتكئ عليه في المواجهة، هو الثقة بالنفس، وبمقدار توفرها تكون درجة صموده ومقاومته.

من هنا تصبح الثقة بالنفس أولى ركائز الشخصية التوكيدية.

أما الركيزة الثانية فهي التعبير عن الذات بأن يمتلك شجاعة الإفصاح عن مشاعره السلبية والإيجابية، بالطريقة المناسبة، وعند انخفاض مستوى التوكيدية يتردد الإنسان ويتهيب من إبداء مشاعره، بسبب حالة من الخوف أو الخجل.. إن البعض من الناس يصعب عليه التعبير عن رضاه أو انزعاجه تجاه الآخرين، بينما يعيش احتقاناً داخلياً بتلك الأحاسيس والمشاعر، والأمر الأهم هو شجاعة إبداء الرأي التي يفتقدها ضعاف الشخصية، بينما يتحلى بها ذوو الشخصية التوكيدية.

والركيزة الثالثة في التوكيدية، السعي لحماية الحقوق والمصالح، والتي قد تتعرض للمصادرة والانتقاص من قبل المعتدين والطامعين، ولا يصونها ويحفظها إلا حرص الإنسان عليها ودفاعه عنها.

التعبير عن المشاعر:

المشاعر والأحاسيس هي انعكاس صور الأحداث والأشخاص على لوحة نفس الإنسان، حيث يواجه ما يسره وما يحزنه، ومن يرتاح إليه ومن يزعجه، وما يرضيه وما يغضبه.

هذه الانطباعات تترجمها المشاعر والأحاسيس، والتي تظهر على قسمات وجه الإنسان، وعبر أحاديثه وكلامه.

وفي الحالة السوّية يفصح الإنسان عن مشاعره تجاه الأشياء والأحداث، مما يجعله أكثر حيوية وتفاعلاً مع الحياة، ويجدد نشاطه النفسي والعاطفي، وينظّم علاقته بما حوله.

وقد يكبت الإنسان مشاعره ويقمعها، مما يحدث له إيذاءً نفسياً، ويضعف تفاعله مع الواقع المحيط به، وبمرور الزمن يصاب بتبّلد الأحاسيس وجفاف المشاعر.

ولعل من معاني قسوة القلب الذي تحذر منه النصوص الدينية، هو كسل مستوى الأداء العاطفي، وجمود المشاعر والأحاسيس الإنسانية، فقد روي عن رسول الله  قوله: «إن أبعد الناس من الله القلب القاسي».[1]  إن التفاعل العاطفي هو ميزة إنسانية يختلف بها عن الجمادات التي لا مشاعر لها، فإذا تجمدّت مشاعر الإنسان، تساوى مع الجمادات، يقول تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ سورة البقرة الآية 74.

لذلك من المحبّذ أن يعبر الإنسان للآخرين عن مشاعره الإيجابية تجاههم، مما ينشّط أداءه العاطفي، ويسعد الآخرين، ويقوي علاقته بهم.

جاء في الحديث عن رسول الله  أنه قال: «من قبّل ولده كتب الله له حسنة، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة».[2] 

وفي العلاقة مع الزوجة ورد عنه : «قول الرجل لزوجته إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً».[3]

وفي العلاقة مع الآخرين روي عنه : «إذا أحب أحدكم صاحبه أو أخاه فليعلمه، فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المودة».[4]

ويأتي في هذا السياق الحث على إبداء الشكر والاحترام للمحسنين: جاء في الحديث عنه : «لا يشكر الله من لا يشكر الناس»[5] .

وعند وفاة ابنه إبراهيم عبر رسول الله  عن مشاعر حزنه أمام المسلمين وقال : «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون».[6]

فإبداء المشاعر له وظيفة إيجابية في حياة الإنسان، وكبتها وقمعها حالة غير سويّة لها مضاعفات سلبية، وقد تفرض الظروف الخارجية على الإنسان ذلك، لكن البعض من الناس يمنعهم من إبداء أحاسيسهم، انخفاض المستوى التوكيدي في شخصياتهم، وضعف ثقتهم بذواتهم، وهذا ما ينبغي أن يعالج بالتثقيف والتوجيه والممارسة العملية.

التعبير عن الرأي:

حركة فكر الإنسان، وتأمله فيما حوله، وخلفيته المعلوماتية، تنتج لديه أراء وأفكاراً، فيها ما يكون صائباً مفيداً، وفيها ما يخالف الصواب، ويفتقد النضج.

وتطور ساحة المعرفة الإنسانية إنما يكون بتداول الآراء وتلاقحها، ولو انطوى كل إنسان على رأيه وفكرته، لما تقدمت حياة البشر خطوة واحدة في أي ميدان من الميادين.

لذلك يمتن الله تعالى على الإنسان بمنحه القدرة على البيان والتعبير يقول تعالى: ﴿خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ سورة الرحمن الآية 3-4.

إن التعبير عن الرأي ينشّط حركة الفكر عند الإنسان، ويشجعه على المزيد من العطاء، يقول الإمام علي : «العلم يزكو على الإنفاق».[7]  كما يساعد في بلورة الرأي وإنضاجه، وتبيّن موقعه من الصحة والخطأ. ويشكل إسهاماً وإثراءً لساحة المعرفة. وتقويماً للأوضاع الاجتماعية.

وقد أصبح التعبير عن الرأي من أهم مقاييس تقدم المجتمعات، حيث تعاني المجتمعات المتخلفة قيوداً على حرية التعبير عن الرأي، ويهمنا في هذا البحث ما يرتبط بالجانب الذاتي، حيث يمارس الإنسان على نفسه قمعاً ذاتياً، ويصادر حقه في التعبير عن رأيه، حذراً من مخاوف وهمية، وانتقاصاً من قدراته، وتشكيكاً في قيمة آرائه.

ويحدث مثلاً أن تُتداول الآراء في شأن من الشؤون، ويبدو للإنسان فيه رأي، لكنه يتردد في طرحه، حتى إذا طرحه آخرون، وأستحسنه الجميع، لام نفسه على تردده وتوقفه عن إبداء رأيه.

 

التربية التوكيدية:

التنشئة الأسرية لها الدور الأساس في صياغة شخصية الإنسان، وتحديد معالمها وتوجهاتها، لذلك يلحظ علماء النفس تأثير دور التربية العائلية على مستوى توكيد الذات، ارتفاعاً وانخفاضاً.

فالتنشئة السليمة يتخرج منها أقوياء الشخصية، من تتوفر لهم درجة عالية من التوكيدية، بينما التربية الخاطئة تنتج عناصر مهزوزة الشخصية، تفتقد الثقة بذاتها، وقدرة التوكيد.

إن احترام الطفل وتشجيعه على التعبير عن مشاعره وآرائه، وتدريبه على مواجهة المواقف، وعدم الهروب منها، والتواري خلف مساعدة والديه دائماً، هو الذي ينمي توكيد الذات وقوة الشخصية عنده.

أما تحقير الطفل وعدم الاعتناء بمشاعره وآرائه، وتعويده الاتكالية على والديه في مواجهة المشاكل، فذلك ما يضعف شخصيته، ويخفض درجة التوكيدية لديه.

لذلك تنصح التعاليم الدينية، وأبحاث علماء التربية، بإتاحة الفرصة للطفل لكي يعبر عن ذاته من خلال اللعب والمرح، فقد ورد عن النبي  أنه قال: «من كان عنده صبيٍّ فليتصاب له».[8]

وكذلك تشجيعه على التعبير عن رأيه في الأمور الخاصة بالأسرة، كوجبات الغذاء، وأثاث المنزل، ورحلات السفر. وإثارة القضايا الاجتماعية والسياسة أمامه، وطلب رأيه فيها.

ويجري الآن في بعض دول العالم الديمقراطية استضافة مجاميع من طلاب المدارس الصغار، إلى مبنى البرلمان، في بعض الأيام، وعقد جلسة برلمانية خاصة بهم، لمناقشة قضايا محددة، وتدريبهم على التصويت وإبداء الرأي.

وفيما يرتبط بمواجهة المواقف ينصح علماء التربية، بتدريب الطفل على تحمّل المسؤولية عن أقواله وأفعاله، فإذا طلب من أمه ـ مثلاً ـ أن تخبر صديقاً يريد محادثته تليفونياً أنه نائم، لأنه لا يريد الذهاب معه لبرنامج ما، فعليها أن ترفض ذلك، وتوضح له بأن عليه مواجهة صديقه بعدم رغبته والاعتذار إليه، بدلاً من التهرب منه والاحتماء بها.

وحين تعود الابنة باكية من المدرسة لأن أحد الشباب ضايقها في الطريق، وتقرر عدم الذهاب للمدرسة، أو الذهاب برفقة أخيها، فمن الأفضل رفع معنوياتها، وإشعارها بأنها قادرة بنفسها على ردع هذا الشاب، بتهديده بإبلاغ الشرطة، وتحريض المارة لإيقافه عند حده وفضحه أمام الناس.

وكذلك حين يحصل نزاع بين الابن وبعض زملائه في المدرسة، فلا ينبغي للأب أن يسارع إلى التدخل للدفاع عن الابن والانتصار له، بل عليه أن يرشده إلى أفضل الطرق لمواجهة المشكلة بنفسه.

وهكذا فالمنهج الصحيح تدريب الولد على تحمل المسؤولية، والدفاع عن حقوقه ومصالحه، إلا في المواقف التي تستدعي التدخل.

 

نحو ثقافة توكيدية:

وبعد العائلة يأتي دور المحيط الاجتماعي والثقافة السائدة فيه، فقد تكون قائمة على أساس احترام الفرد، والاعتراف بحقه في التعبير عن ذاته، وتشجيعه على إبراز كفاءته ورأيه، وهنا يكون المحيط الاجتماعي مساعداً على تنمية الذات، ورفع درجة توكيديتها.

على العكس من ذلك إذا سادت أجواء الإرهاب والقمع الفكري، والتقليل من شأن الفرد إلى حد الذوبان والانسحاق، ليصبح أمّعة طبقاً لشعار ((حشر مع الناس عيد)) وكما يقول تعالى: ﴿وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾ سورة المدثر الآية 45.

ففي مثل هذا المحيط ينخفض مستوى التوكيدية عند الفرد، مما يجعله سهل الانقياد مع أي تيار جارف، ولقمة سائغة لكل قوي معتدي.

إن تعاليم الإسلام تربي الإنسان على أساس المسؤولية، فهو محاسب أمام الله تعالى عن أفعاله وأقواله، لأنه شخصية مستقلة، ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ﴾ سورة الطور الآية 21.

ولا يُقبل منه أبداً التنازل عن عقله وإرادته انبهاراً بالآخرين وخضوعاً لهم، حيث يرفض الله تعالى الاعتذار بذلك يوم القيامة ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا﴾ سورة الأحزاب الآية 67.

وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إنما تعني واجب كل مسلم في الاعتراض على الخطأ، وعدم ممالأة الانحراف والفساد، من أي جهة كان، ((فالساكت عن الحق شيطان أخرس)).

لكن التوكيدية والتعبير عن الذات والرأي، لا تعني التهور والصدامية، ولا الانطلاق مع الأهواء والرغبات، دون ضوابط والتزامات، إن ذلك يقود إلى الفوضى والفساد.

حيث وهب الله تعالى الإنسان عقلاً يشكل مرجعية لسلوكه وممارساته، والتوكيدية منهج وسلوك في ظل هدي العقل ونوره.

من هنا يحتاج الإنسان إلى الحكمة واللباقة ليعبّر عن ذاته، ويحمي مصالحه وحقوقه، بالأسلوب الصحيح المناسب، وإلاّ فقد يجلب لنفسه الشقاء، ويسيء إلى علاقاته مع الآخرين.

والقصة التالية من تراثنا العربي نموذج لموقف توكيدي رائع، تمثل الجرأة في التعبير عن الرأي، واللباقة في تجنب الخطر: حكى أن الحجاج خرج يوماً متنزهاً فلما فرغ من نزهته صرف عنه أصحابه، وأنفرد بنفسه، فإذا هو بشيخ من بني عِجْل فقال له: من أين أيُّها الشيخ؟ قال: من هذه القرية. قال كيف ترون عمّالكم؟ قال: شرَّ عمال، يظلمون الناس، ويستحلون أموالهم. قال فكيف قولك في الحجاج؟ قال: ذاك ما وَلِيَ العراق شرُّ منه، قبَّحه الله، وقبح من استعمله. قال: أتعرف من أنا؟ قال: لا. قال: أنا الحجاج. قال: جعلت فداك، أو تعرف من أنا؟ قال: لا، قال: أنا فلان بن فلان من بني عِجْل، أُصرعُ في كل يوم مرتين ـ أي أصاب بالجنون ـ، قال: فضحك الحجاج منه وأمر له بصلة.[9] 

نسأل الله تعالى أن يمنحنا وإياكم القوة في طاعته، وأن يجنبنا معصيته، وأن ينصر الإسلام، ويأخذ بأيدي المسلمين إلى طريق العزة والتقدم، إنه أرحم الراحمين.

....................................................................

[1] الهندي: علي المتقي، كنز العمال ج1 ص427، حديث رقم 1840، مؤسسة الرسالة الطبعة الخامسة 1985، بيروت.

[2] الحر العاملي: محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، ج21 ص475، حديث رقم 27623، الطبعة الأولى 1993م، مؤسسة آل البيت D لإحياء التراث، بيروت.

[3] الكليني: محمد بن يعقوب، الكافي، ج5 ص569، الطبعة الثالثة المصححة 1985م، دار الأضواء، بيروت.

[4] الهندي: علي المتقي، كنز العمال ج9 ص25، حديث رقم 24747، مؤسسة الرسالة الطبعة الخامسة 1985، بيروت.

[5] الحر العاملي: محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، حديث رقم 21637 ص313.

[6] البخاري: محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، ج1 ص317، حديث رقم 1303.

[7] الشريف الرضي: محمد بن الحسين، نهج البلاغة، حكمة رقم 147.

[8] الحر العاملي: محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، حديث رقم 27659،ج 21 ص486.

[9] الأبشيهي: محمد بن أحمد، المستطرف في كل فن مستظرف، ج1 ص108، الطبعة الثانية 2000م، المكتبة العصرية، بيروت.

.....................................................................

المصادر/

 

1- ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

 

 2- د. محمد المهدي /  جريدة الدستور  24 - 7 -2005

 

 3- د. بهجت عباس/ مجلة المهاجر

 

 4- موقع البلاغ

 

5- جريدة الرياض السعودية

 

 6- عدنان عويد/ ‏ صحيفة الفرات السورية

 

 7- د. عمر عبد العزيز/ دار الخليج

 

 8- مجلة الابتسامة

 

 9- موقع يلا شباب

 

 10- ناصر الحجيلان/ جريدة الرياض السعودية

 

 11- د. منى عرب / موقع شباب لك

 

 12- موقع سبيس ميكرو

 13- إبراهيم اليوسف / جريدة (الزمان)

 

 14- الشيخ حسن الصفار / موقع الشيخ حسن الصفار

15- النسوية ومابعد النسوية/ سارة جامبل