أكثر من يمكنك أن تحاول الابتعاد عنهم, أو علي الأقل تجنبهم, في حياتك, وأنت مستريح الضمير, هم الأغبياء, سواء كانوا يحبونك أم لا, وحتي لو كانوا يصنفون علي أنهم أصدقاء, فكل شيء معهم يتحول إلي مشكلة
ولاتوجد نهاية للأمثال العامة التي تحاول التحذير بشدة من التفاعل مع تلك الطائفة مثل القصة الشهيرة التي تنتهي بقيام الدب بقتل صاحبه, بينما يعتقد بإخلاص أنه يحميه, فقد قيل ان العدو الذكي أفضل من الصديق الغبي, فهو علي الأقل يمكن أن يفهم إشاراتك, ويمكنك أن تفهم كيف يفكر, لكن أكثر ماقيل جدية أنه مع وجود نوعيات معينة من الأصدقاء حولك, أو بالقرب منك, فإنك لاتحتاج إلي أعداء, إذ أنهم سوف يتكفلون بالمهمة, وينطبق الأمر علي الدول كما ينطبق علي الأشخاص. إن علي الجانب الآخر من حدودنا الشمالية الشرقية, وعلي امتداد حوالي14 كيلو مترا فقط, لدينا نوعية خاصة من الأصدقاء, وهم كذلك لأننا لايمكننا أن نصنفهم في خانة أخري, كالأعداء مثلا, لأنه سيتم اتهامنا بكل الرذائل التي عرفتها القواميس العربية, لأنهم ببساطة فلسطينيون, يحملون ميراث قضية شديدة النبل, وهم أيضا محاصرون, وبالتالي لايجوز التعامل معهم علي أنهم حوثيون مثلا, ولايمكن أن تتم استباحتهم ببساطة, حتي لو كانوا يفكرون صباح مساء في استباحتنا, خاصة أنهم مثل كل الأشاوس في المنطقة, يعيشون وسط مدنيين, ويحتمون بهم, ويتحدثون عن حليب الأطفال وأكياس الدم, وإذا جاءتنا رصاصة من جانبهم, في صدر أحد جنودنا, لا يمكننا أن نرد برصاصة في صدر ما علي الجانب الآخر, لأننا في تلك الحالة, سنستهدف فلسطينيا. الخلاصة أن لدينا جيران سوء يعيشون في البيت المجاور لنا, فهم يثيرون صخبا طوال الوقت, وتمتد مشاكلهم إلي أبواب منازلنا, ويتهموننا بأفظع الاتهامات, ويفكرون فينا بأكثر مما يفكرون في أعدائهم, ويخططون لنا بأكثر مما يخططون لقضيتهم, وفي النهاية قرروا ارتكاب عمل يمس مصر مباشرة, كما فعلوا مرارا عبر هدم سور الحدود أو اجتياحها, أو تشغيل الأنفاق من الاتجاهين. لكن كل ذلك لايقارن بأن يتم ادخال أسلحة إلي سيناء, ثم القيام بإطلاقها ضد إسرائيل والأردن, وكان من الممكن أن يسقط أحدها علي فندق طابا مثلا. ويقول المعلقون إن الهدف هو تدمير فرص التفاوض بين السلطة الوطنية وإسرائيل, لكنني لا أعتقد أن من قرر القيام بذلك, يفكر فقط في المفاوضات, فقد كان من الممكن القيام بأشياء كثيرة, دون أن يتم ذلك من أرض مصر, فالهدف يرتبط بمصر, ولو لم يكونوا قد فكروا بتلك الطريقة, ستكون المصيبة أعظم.