مقتل أولاد السيدة زينب
الناقل :
SunSet
| المصدر :
www.holykarbala.net
مقتل أولاد السيدة زينب
وإلى أن وصلت النوبة إلى أولاد السيدة زينب عليها السلام وأفلاذ كبدها .
أولئك الفتية الذين سهرت السيدة زينب لياليها ، وأتبعت أيامها ، وصرفت حياتها في تربية تلك البراعم ، حتى نمت وأورقت .
إنها قدمت أغلى شيء في حياتها في سبيل نصرة أخيها الإمام الحسين عليه السلام .
وتقدم أولئك الأشبال يتطوعون ويتبرعون بدمائهم وحياتهم في سبيل نصرة خالهم ، الذي كان الإسلام متجسداً فيه وقائماً به .
وغريزة حب الحياة إنقلبت ـ عندهم ـ إلى كراهية تلك الحياة .
ومن يرغب ليعيش في أرجس مجتمع متكالب ، يتسابق على إراقة دماء أطهر إنسان يعتبر مفخرة أهل السماء والأرض ؟ .
وكان عبد الله بن جعفر ـ زوج السيده زينب ـ قد أمر ولديه : عوناً ومحمداً ان يرافقا الإمام الحسين (عليه السلام) ـ لما أراد الخروج من مكه ـ والمسير معه ، والجهاد دونه .
فلما انتهى القتال إلى الهاشميين برز عون بن عبد الله بن جعفر ، وهو يرتجز ويقول :
إن تنكروني فأنا ابن جعفر
شهيد صدق في الجنان أزهر
يطيـر فيها بجناح أخضر
كفى بهذا شـرفاً في المحشر
فقتل ثلاثة فرسان ، وثمانية عشر راجلاً ، فقتله عبد الله بن قطبة الطائي .
(1)
ثم برز أخوه محمد بن عبد الله بن جعفر ، وهو ينشد :
أشكـو إلى الله من العدوان
فعال قوم في الردى عميان
قـد بدلـوا معـالم القرآن
ومحكـم التنزيـل والتبيان
وأظهروا الكفر مع الطغيان
فقتل عشرة من الأعداء ، فقتله عامر بن نهشل التميمي .
(2)
ولقد رثاهما سليمان بن قبة بقوله :
و سمي النبـي غودر فيهم
قد علوه بصارم مصقول
فإذا ما بكيت عيني فجودي
بدمـوع تسيل كل مسيل
واندبي إن بكيت عوناً أخاه
ليس فيما ينوبهم بخذول
(3)
أقول :
لم أجد في كتب المقاتل أن السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) صاحت أو ناحت أو صرخت أو بكت في شهادة ولديها ، لا في يوم عاشوراء ولابعده .
ومن الثابت أن مصيبة ولديها أوجدت في قلبها الحزن العميق ، بل والهبت في نفسها نيران الأسى وحرارة الثكل ، ولكنها (عليها السلام) كانت تخفي حزنها على ولديها ، لأن جميع عواطفها كانت متجهة إلى الإمام الحسين عليه السلام .
(4)
وهناك وجه آخر قد يتبادر إلى الذهن : وهو أن بكاءها على ولديها قد كان يسبب الخجل والإحراج لأخيها الإمام الحسين ، باعتبار أنهما قتلا بين يديه ودفاعاً عنه ، فكان السيدة زينب ـ بسكوتها ـ تريد أن تقول للإمام الحسين (عليه السلام) : ولداي فداء لك ، فلا يهمك ولا يحرجك أنهما قتلا بين يديك . والله العالم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وفي نسخة : عبد الله بن قطنة الطائي .
(2) كتاب (مناقب آل ابي طالب) لابن شهر آشوب ، ج 4 ص 106 . وبحار الأنوار ج 45 ص 33 .
(3) كتاب (مقاتل الطالبيين) لأبي الفرج الأصفهاني ، ص 91 .
(4) وقد جاء ذكر هذين السيدين الشهيدين في إحدى الزيارات الشريفة ، التي ذكرت فيها أسماء شهداء كربلاء في يوم عاشوراء ، ومنها هذه الكلمات :
«. . . السلام على عون بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنان ، حليف الإيمان ، ومنازل الأقران ، الناصح للرحمن ، التالي للمثاني والقرآن ، لعن الله قاتله عبد الله بن قطبة النبهاني .
السلام على محمد بن عبد الله بن جعفر ، الشاهد مكان إبيه ، والتالي لأخيه ، وواقيه ببدنه ، لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي . . .» . وأما مصدر هذه الزيارة ، فقد حكى الشيخ المجلسي في كتاب (بحار الأنوار) طبع لبنان ، عام 1403 هـ ، ج 98 ص 269 ، وص 271 ، عن كتاب (إقبال الأعمال) عن الشيخ الطوسي . . . قال : خرج من الناحية سنة 252 على يد الشيخ محمد بم غالب : «بسم الله الرحمن الرحيم ، إذا أردت زيارة الشهداء (رضوان الله عليهم) فقف عند رجلي الحسين (عليه السلام) وهو قبر علي بن ا لحسين ، فاستقبل القبلة بوجهك ، فإن هناك حومة الشهداء . . .» .
والمقصود من جملة «خرج من الناحية» : هو كلما كان يصل إلى الشيعة من جانب الإمام علي الهادي ، ثم الإمام الحسن العسكري ، ثم الإمام المهدي (صلوات الله عليهم) . والذي يناسب التاريخ المذكور ـ وهو سنة 252 ـ أن تكون الزيارة قد صدرت من ناحية الإمام علي الهادي عليه السلام ، والله العالم .
المصدر : كتاب / زينب الكبرى من المهد الى اللحد / السيد محمد كاظم القزويني