تهاويم

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : سلاف | المصدر : www.khayma.com

أحقا عزمت (ي) هجرنا والتنائيا -- وأضحى سرابا منك ما كان ماضيا
وعادت ليالينا ظلاما وجفوةً --ليالي الهوى أكرم بـهنَّ ليــاليـا
تقولين فارقني وغادر فؤاديا -- وعش بعذابٍ أنتَ أو مُتْ فما لِيـا
ومـا ليَ ذنبٌ غيرَ أني حبيبتي -- خضعت خضوعاً لم يكن من صفاتيـا
فلو كان أمري كنتُ يا أنتِ هاجراً - ولكنّ قلبي ليس للنصح صاغيـا
أخاطبه يا قلبُ ويحكَ ضمتني -- وللأرضِ قد خفّضتَ يا قلبُ راسيـا
فكيف ترى يا قلبُ فيها حبيبةً -- وتغييـرُها الألوانَ فـاقَ الحرابيـا
تحدّق أَحيانا وتضحك تارةً -- كأن من المخفيِّ عنها عذابيا
وقد أقسمت كذْبا وقالت خديعةً -- كلاماً عجيبا غامضاً وضبابيا
كأن لـها في مجلس الأمن سطوةً -- وتـحتاج تبريراً يـحيكُ الـمآسيا
وكم قلتُ ذرها يا فؤادي وشأنها -- فقد أزمعت بيناً قبيحا وقاسيا
نـهيتُكَ يا قـلبي يغرّكَ دمعـها -- دموعَ تـماسيحٍ تـجيد التباكيـا
فردّ عليّ القلبُ:" إنـي أحبها -- وإنّي لـها عبدٌ فذرنـي وشانيا
أغضّ عيونـي عن عيوبٍ رايتها -- وهل كانَ حبٌّ غير حبكَ رائيا
ولستُ بطَلابٍ لها من حنانـها -- وإن كنتُ وقّـافاً عليها حنانيا
أصون الهوى والعهد ما دمتُ باقياً-- أرجّي هواها علّـهُ أن يوافيا"
إذن أنت يا قلبُ (و) لها لستَ لي -- فولِّ وراها تـاركاً لـيَ حاليـا
سأحيى بلا قلبٍ بلاها بلاكـما -- فبوءا بكرهي عن خيالي تواريا"
وكم قد تـغزلتِ بلبٍّ وصفتهِ -- عظيماً، أَمِنْ شهرين أصبح واهيا؟
وكنت ملاكا تستطيبين قربـهُ -- فكيف بـحقّ اللـهِ نُحّيتُ نائيا
وكانت لي الأبوابُ تفتح دائماً -- فصارت مغاليق الرتاج أماميا
وكنتِ قديـما تفخرين بغيرتي -- أصـرتُ أنانـيأ غليـظاً وجافـيا
تقولينَ أحضانـي جليدٌ مـنفِّرٌ -- وكنت قديـماً رائعَ الحضنِ دافيا
فهلْ أنتِ أنتِ تلكَ من قد عرفتها -- تفيض حنانا يغمر الروح ساميا؟
وهلْ أنتِ من قد عاهدتْ لا تبيعني -- ولو قطّـعوا أقـدامها والأيـاديا ؟
وهل أنتِ من قالت إذا ما تركتَني -- تركتُ الدُّنـى في الناسِ غيرك ما لِيا ؟
ولو قطَعوا جِيدي فإنـي وفِيَّةٌ -- ولو سـملوا عينيَّ ما رُمتُ ثانـيا
حنانَيكِ أنتِ بئسَ ما تحكمينه -- فعودي لحكم الحبِّ والعدلِ قاضيا
فإني الـذي صيّرتُ ريقَكِ بلسماً -- جَنِـيّا يداوي علّة القلبِ شافـيا
ومن شفتيكِ صغت للرّوضِ ورده-- فجاءَ جـميلَ اللونِ أحـمرَ قانــيا
وغيريَ من أهدى إلى الروضِ عطرَهُ--بـما قد بثـثـتِ من أريجِكِ زاكيا؟
ومن دون شعري كيفَ للبدرِ أن يُرى -- بشُـبّاككِ الفضّيّ للنورِ راجيـا ؟
وهل كان هذا الليلُ أسوَدَ فاحـماً -- بدونِ كسائي ايّاهُ شعركِ ضافيا
وكسوتُـهُ طولاً كشعركِ ضـافياً -- ما كنتُ أحسبُني أطيلُ عـذابيا
هل كنت تسطيعينَ دون قصائدي -- تهدين قرص الشمسِ وهْجَكِِ حاميا
ومن قالَ غيري الله زَيّنَ كـونَهُ -- بعُشْرَيْنِ من حسنٍ وأنـتِ ثـَمانيا
وأودعكِ الرحـمنُ آياتِ روعةٍ -- وكلّفني وحدي من الخلْقِ تــاليا
أردّدها عند الـمنام وحالِمـاً --- وأصحو طوالَ اليومِ للآيِ قاريـا
وهلْ كانَ إنسانٌ بدونِ عواطفي -- يصوغ من الضّحْكاتِ لـحنا راقيا
وهل كان هذا الصّدرُ دونيَ حاوياً-- بدلا من الصُّمِّ الصفاحِ الحـانيا
أُصَيْبَعُكِ المجروحُ هل كان يُفتدى -- بقلبٍ سوى قلـبي يفدّيهِ غاليـا
ولكنني والله يعلمُ أنني -- أحاورُ صوّاناً برأسكِ قاسيا
عييتُ بهِ كم ذا أحاولُ جاهدا -- غليـظا كسور الصّينِ فظّاً وعاتـيا
-------------------------------------
بكيتُ وما تبكينَ ما تسمعينني -- ويا أنتِ لو تصغينَ يُشجي بُكـائيا
وتبتلُّ من سفحِ الدموعِ ملابسي -- كما كنتِ إذ ترجين مني التدانيا
فيا عجبي أين الوفا وعهودنا --- وقد أصبح الإسـمان أسما ثنائِيا
وقد خفق القلبانِ خفقاً موحّداً --- وقد خلّلت منكِ البنانُ بــنانيا
وقد نهلت روحي عطوراً بثثتها --- كما عبَّ من ذاك الاريجِ ردائيـا
(إذا مرَّ سيفٌ بيننا لم نكن نرى --- دماءَكِ قد اجرى ضُحىً أم دمائيا)
وعزفٍ عزفناهُ وحيداً منغَماً --- جميلاُ كصوتِ النايِ خفضاً وعالِـيا
وماءٍ شربتُ مثلَ ما تذكرينهُ ---- لو انّي على لَوْحٍ أعادَ حيــاتيا
فهلْ يا حياتي قد ذوت كلُّ وردةٍ --- وكلُّ عهودِ الحبِّ ماتت ورائيا
وهلْ غادرتْ كلُّ العصافير حقلنا -- فلم يبقَ إلا البـومُ والبينُ ناعيا
رجوتُكِ مرّاتٍ تصونين حبّنـا --- فليسَ لخلقٍ منكِ حـقٌّ كما لِيا
وليسَ لشخصٍ أن يشمّ ورودنا --- وليس لخلقٍ أن يُرى في ظلالِيا
فهذي رياضي من عيوني سقيتُها -- وأسبغَ ألواناً عليها خيـاليا
وهذي دروبـي عبّدتها جوانحي --- كما داعبت أسْلاً حساناً شفاهيا
وأقسمُ بالرحمن لستُ بـحاقدٍ --- وإن جاشَ غيظُ النفسِ بالقولِ قاسيا
سفحتُ دموعَ العينِ في كلِّ ساعةٍ -- وفارقَ عيني نورُها من بُكائيا
سأبكي الهوى يا أنتِ ما عشتُ مخلِصاُ-وأبكيكِ يا أنتِ طوالاً ليالـيا
وعهداً أضمُّ الطيفَ منكِ على النّوى - قنوعاً بهذا الطيفِ للغدْرِ ناسيا