العبرة والاعتبار بما للمعاصي من أخطار

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : الحسين أشقرا | المصدر : www.qudwa1.com


الخطبة الأولى


الحمد لله الذي تعالى جبروته فقهر، وأعز من شاء من عباده ونصر، نحمده تعالى على نعمه التي تربو على قطرات المطر، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليم بما بطن وظهر، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله ومجتباه من البشر، نبي أظله الغمام واستجاب لدعوته الشجر، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين خلفوا أطيب الأثر. \"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون \".

عباد الله ، غابت عنا قطرات المطر، ولا تنزل إلا بإذن من يتصرف في القدر، ومن ذكر منكم نعم الله عليه فقد شكر، وإن المعاصي والذنوب هي المانعة لما ينفع البشر،

فاذكروا أيها المسلمون والمسلمات أكبر نعمة عليكم: نعمة الهداية للإسلام، بعد أن ضل عنها الكثير من بني البشر

( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله )

إن نعمة الإسلام لا تماثلها نعمة إن على مستوى المحافظة على الأبدان أو الأموال أو العقول أو الأعراض أو الأمن النفسي والخلقي (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ).

أيها الصالحون- إذا تصفحنا تاريخ أمتنا، وجدنا أن حال العرب قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كان سيئا: قبائل متحاربة ومجتمعات متناحرة وديانات باطلة وتقاليد وأعراف مستمدة من الأهواء، كانوا يؤدون البنات ويقتلون الأولاد خوفا من الفقر، ويأكلون الربا أضعافا مضاعفة، يحكمون الكهان في مصائرهم، ويتفاخرون بالأنساب، يتعاطون الفواحش، ويشربون الخمور،و كانت الغلبة للأقوى -

\" ومن لم يذذ عن حوضه بسلاحه هدم ومن لا يظلم الناس يظلم \"

كانوا بين العالمين لا وزن لهم (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل )

وبمجيء خاتم النبيئين صلى الله عليه وسلم. حل نور الهداية محل ظلام الجهالة؛ وبدأ رسول الله عليه الصلاة والسلام بمعية من اتبعه بجهاد متواصل آمرا وناهيا حاثا على التآلف بدل التدابر، والمحبة بدل الكراهية والاجتماع على الحق بدل التمزق على الباطل: _فإما ياتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولايشقى) (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ...

فاجتمع الناس على لا إله إلا اله محمد رسول الله بعد أن كانت الحرب تشتعل بينهم لأتفه الأسباب(تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى )-

أيها المسلمون.إن من تأمل حال أمة الإسلام حين ذكرت ربها.واستغفرته، وحكمت كتابه، وتمسكت بسنة نبيه يجد أنها أمة عظيمة بين الأمم ، أمة السادة والسيدات لا أمة الإمعات؛ ملكت قلوب العباد قبل البلاد فاتسعت أرضهم، وأرزاقهم... ولما نسوا الله أنساهم أنفسهم؛ وحكموا أهواءهم، وسلطت عليهم الأمم من كل جانب. وأغلقت عليهم بركات السماء: وتفرقوا شيعا( كل حزب بما لديهم فرحون) و أصبحوا قبلة للطامعين بدءا بفتنة التتارثم الصليبيين وسقوط الخلافة الإسلامية، واستعمر جزء كبير من بلاد الإسلام ... وجاءت الفتنة الأمَّر عندما تسلط بعض أبناء الأمة على بعضهم، وكانوا أقسى من الأعداء حتى صارت الأمة مع اتساع رقعة أرضها وكثرة أبناءها غثاء كغثاء السيل عاجزة يقيدها قيد نسيان الله وعِقال المعاصي والذنوب (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون). فاعتبروا يا أولي الألباب ، فإن للذنوب أخطارا وهي من أسباب الهلاك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر المهاجرين! خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قومٍ قط حتى يعلنوا بها؛ إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان؛ إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان، ولم يمنعوا زكاة أموالهم؛ إلا مُنعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولا نقضوا عهد الله وعهد رسوله؛ إلا سُلِّط عليهم عدو من غيرهم، فيأخذ بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، إلا جُعل بأسهم بينهم =

فكيف لأمة ألهاها الأمل أن تحظى بنصر الله؟

- وكيف لشعوب همها إشباع البطون، و اتباع الأهواء والشهوات أن تفتح عليها البركات...؟

- كيف لأمة أن يستجاب لدعاء صالحيها وفيها من يسخر بدين الله ويستهزئ قولا وفعلا؟ .

فالله الله في أنفسكم. الله الله في أهليكم... الله الله في أولادكم.الله الله في أرزاقكم. الله الله في أمتكم ..

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم.وكلام سيد المرسلين ويغفر الله لكل عبد قال آمين

 

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله الذي لم يزل بالنعم منعما، وبالإحسان محسنا، وبالكرم موصوفا، كل يوم هو في شأن يكشف الكرب، ويغيث الملهوف، ويغفر الذنوب ويستر العيوب ويعلم الغيوب يرسل الآيات تخويفا، نسأله السلامة من عواقب العصيان والصلاة والسلام على خير المرسلين أما بعد

أيها المسلمون لقد أدى المصلون صباح اليوم صلاة الاستسقاء في بلادنا إتباعا لسنة المصطفى

صلى الله عليه وسلم.بسبب تأخر وانحباس المطر؛ بعد أن بدأ القنوط يتسرب إلى النفوس، وبعد أن أصبحت البهائم بلا عشب، والناس في كثير من المناطق بلا ماء. واعلموا أيها المسلمون أن ما عند الله لا ينال إلا برضاه، ولا ينال رضاه إلا بطاعته وتقواه، وحذروا من بخس المكاييل، وأكل أموال الناس بالباطل، والغش والغدر والخداع وظلم الناس فإن المعاصي تذهب النعم وتسبب القحط و تمنع نزول المطر (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) ولقد فتح الله على الناس في زماننا من أسباب الدنيا الشيء الكثير. ولكنه منزوع البركة. أكثروا أيها المسلمون من الأعمال الصالحة وذكروا بعضكم بعضا بالله، وبالتوبة إليه، وأكثروا من الاستغفار واعلموا أن الاستغفار سبب من أسباب نزول الرحمة ورفع النقمة، فما من بلاء وقع بنا إلا بذنب أذنبناه وما من بلاء رُفع عنا إلا بثوبة صادقة ...

فاللهم ارفع بلاءك عنا، ولا تعذبنا بذنوبنا ولا بذنوب غيرنا ولا تسلط علينا من لايخافك ولا يرحمنا.اللهم أعد لقلوب عبادك حياتها، وأعد لأرضك حياتها، وأنزل علينا رحماتك ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أغث البلاد والعباد .

 

ذ/الحسين أشقرا

مسجد الأمنية

المغرب