الخطبة الأولى
الحمد لله الواحد الأحد،الحمد لله الفرد الصمد،الحمد لله مكور الليل على النهار تبصرة لدوي القلوب و الأبصار، شمروا عباد الله لطاعة الغفار، وملازمة ذكره بالعشي و الإبكار، تستنير قلوبكم بلوامع الأنوار، \"اللهم أعنا على دلك\".وأشهد أن لا اله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد أيها المسلمون و المسلمات:في زمن حب الشهوات،و تنافس الناس على الملذات..نسأل أنفسنا عن حقيقة الإيمان؟ في سنة جفاف مجدبة و القرآن ينزل ،جاءت جماعة من أعراب قبيلة بني أسد يدفعهم الطمع في الغنيمة، إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، ويزعمون أنهم آمنوا.فأنزل الله تعالى قوله:\"قالت الأعراب ....ولما يدخل الإيمان في قلوبكم\" قل يا محمد \"لم تومنوا\".فالإيمان تصديق و ثقة و اطمئنان من القلب،ولم يحصل دلك عندكم أيها الأعراب فأنتم مسلمون مستسلمون.و الإيمان مرتبة أعلى لم تبلغوها بعد.ولن تحصلوا على مرتبة الإيمان حتى تذوقوا حلاوته و يتمكن من دواخلكم. أيها المسلمون (ت) إن حال الكثيرين منا اليوم تنطبق عليهم أوصاف هؤلاء الأعراب لأن الإيمان الحقيقي متى استقر في القلب ظهرت آثاره في السلوك . قال (صلى الله عليه و سلم):\"ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي و لكن ما وقر في القلب و صدقه العمل.\"والإسلام عقيدة متحركة لا تطيق السلبية، فهي بمجرد تحققها في عالم الشعور تتحرك لتحقيق مدلولها في الواقع الخارجي. و الإيمان الحقيقي يصنع العجائب، وأول ما يصنع=الإنسان الصالح ذكرا و أنثى، فيطبعه بمجموعة من القيم الحضارية التي تمكنه من السعادة في الدارين.فهل أنت أيها المسلم مؤمن حقا ؟ ما علامة دلك؟ *إدا كنت تحب الله ورسوله أكثر مما سواهما ،دقت حلاوة الإيمان. *إدا كنت تحب لأخيك ما تحب لنفسك فأنت مؤمن. *إدا كنت تقول الخير وتفعله،أو تصمت فلا تؤدي بقولك غيرك فأنت مؤمن. *إدا كنت تتبين من أقوال الفاسقين عن إخوانك قبل أن تصيبهم بجهالة و تندم،فأنت مؤمن. * إدا كنت لا تسخر من غيرك ولا تتجسس على المسلمين ولا تغتب ولا تسيء الظن فأنت مؤمن. *إدا وجدت جماعة تخوض في آيات الله و تستهزئ فكرهت و أعرضت عنهم ولم تقعد معهم فأنت مؤمن. أيها المسلم أيتها المسلمة إدا كنت هكذا تبحث عن استكمال خصال الإيمان في نفسك فإن الله سبحانه لن ينقص من أجرك . - فاحرص على نمو بدرة الإيمان واسقها بماء الطاعة و الاجتهاد بالعمل الصالح... قال صلى الله عليه و سلم:\"لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه،ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه\". فاللسان أيها المسلم-مصدر الكثير من أزمات الإيمان و ضعفه- ويوجهنا رسول اله (صلى الله عليه و سلم) فيقول :والله لايومن والله لا يومن و الله لا يومن. قيل: من يا رسول الله؟قال: من لا يأمن جاره بوائقه..وفي حديث آخر- قيل يا رسول الله إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار وفي لسانها شيء، تؤدي جيرانها (سليطة).قال:لا خير فيها، هي في النار. عباد الله، إدا كان إيمان الأفراد يتخذ هده الصور البسيطة. فإن هناك إيمان أكبر، وهو إيمان الأمة ... حيث يذكرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله: والله ليس بمؤمن و الله ليس بمؤمن و الله ليس بمؤمن، من بات شبعانا وجاره جائع.\" فكيف بدول ينعم أفرادها بأنواع الخيرات و النعم، مساكن وملابس ومآكل ومشارب وترفيه.... وبجوارهم أنين الأرامل و صراخ الأيتام و الجياع وهي تعلم دلك، فأين الإيمان و رسولنا صلى الله عليه و سلم يقول:\" مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد،إدا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى.\" فاللهم نبهنا، وألطف بنا ونفعني الله وإياكم بما سمعنا و يغفر الله لي ولكم ولكل عبد قال آمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمد الشاكرين على نعمه، وأفضل النعم كلها نعمتي الإسلام و الإيمان. الحمد لله الذي هدانا لهدا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله و الصلاة والسلام على خير الأنام محمد بن عبد الله و على آله وصحبه . أما بعد أيها المسلم إدا قلت بلسانك لا إله إلا الله محمد رسول الله ولم تعرف مدلولها، ولم يتحرك قلبك لها ولم يصلح بها عملك فالقول منك لا يكفي. حاول مهما كان وضعك ومركزك الاجتماعي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك...سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم صحابيا من أصحابه يدعى حارثة فقال:\"كيف أصبحت ؟ قال أصبحت مؤمنا حقا. قال: أنظر ما تقول، فإن لكل قول حقيقة. قال: يا رسول الله، عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا، وكأني أنظر أهل الجنة في الجنة كيف يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار كيف يتعاورون فيها. قال أبصرت(عرفت) فالزم، عبد نور الله الإيمان في قلبه\". فاسأل نفسك أيها المسلم، هل أنت مؤمن حقا؟ ثم قل: ما حقيقة دلك؟ ثم اسأل عمن لك بهم علاقة. اسأل عن إيمانهم قبل أن تحاسب ويحاسبوا، وأعرض عن مواطن الفساد والمفسدين، والزم مواطن الصلاح والصالحين، تعش في الدارين من الآمنين. فاللهم كما هديتنا للإسلام نسأل الا تنزع منا الإيمان حتى تتوفنا ونحن لك مسلمون، وثبت اللهم قلوبنا على دلك واجعلنا هداة مهتدين، صالحين مصلحين. اللهم انصر المجاهدين لإعلاء كلمة الملة والدين، وتحرير بلاد المسلمين خاصة لبنان وفلسطين. وألف اللهم بين قلوب عبادك المؤمنين واجمع كلمة المسلمين آمين آمين. والحمد لله رب العالمين -------------------------------- خاص-لقدوة-