إن العالم المعولم التي نشهدها في القرن الموحدة.لعشرون تحمل الكثير من المعطيات والملامح السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تختلف اختلافا جوهريا عن أبعاد الحياة في القرن الحالي، فقد حول العولمة العالم إلى قرية كونية متداخلة الأبعاد والتأثير، فالحفاظ على الخصوصية الوطنية والهوية القومية والثقافية للامة بات شيئا من الماضي في ظل التحديات الكبرى التي أحدثها النظام العالمي الجديد والعولمة خاصة في المجتمعات العالم الثالث من حيث تأثيرها على ثقافات الشعوب القاطنة في هذة المنطقة وجعل الثقافة الوطنية والقومية تابعة لثقافة القوى العظمى (ثقافة الجينز والهمبرغر،و لمارلبورو، والكوكا كولا..) او ما يمكن إن نسمية الثقافة العالمية الموحدة. إلا إن الانحلال الكامل في ثقافة معينة بذاتها ليست بتلك السهولة بل يحتاج إلى مراحل وخطط استراتيجية يكون الاقتصاد والسياسة أدواتها الرئيسية وهذا ما نراه في التطورات والأحداث الجارية على الساحتين الاقليمية والدولية. وباعتبار الشباب القوة المحركة لكل التغيرات التي تحدث في المجتمع ويعتبر عنصرا أساسيا من عناصر البناء في المنظومة البشرية بصورة عامة وان المجتمعات التي تتكون الشباب أغلبية سكانها فان تلك المجتمعات تعتبر مجتمعات حية وحيوية قابلة للتغير نحو الأفضل إذا ما تم استغلال واستثمار الطاقة الشبابية فيها، إن الإحصائيات على مستوى العالم تشير إلى إن الفئة الشبابية في تزايد مستمر، ومن تلك الإحصائيات ما قامت بها الأمم المتحدة من خلال المجلس الاقتصادي الاجتماعي التي أشار في تقريرها عن الشباب لسنة (2003) إلى إن الزيادة في عدد الشباب من عام (1995-2000) بلغ (0,7%) في العام ، إذ ارتفع هذه النسبة من 1,025بليون إلى حوالي 1,061بليون واحتوى هذا الرقم (518مليون شابة و543مليون شاب تترواح اعمارهم من 18-25سنة) وعلى مستوى العالم يشكل الشباب 18% منسكان العالم . وهناك هوة كبيرة بين الشباب في العالم بين الدول النامية والدول المتقدمة ويعود السبب إلى تدني المستوى ألمعاشي وظهور البطالة والاستبداد السياسي في هذه المجتمعات وعدم وجود الحوافز الضرورية لتطوير الشباب وبناء قدراته إضافة إلى عسكرة المجتمع وزيادة مستوى ألامية، وان غالبية الشباب يفضلون الهجرة من الأحوال المعيشية الصعبة بحثا عن فرص العمل والرفاهية الاقتصادية، ولذلك فان أية موجة عالمية تستخدم الاقتصاد والترفية قد تؤدي إلى التأثير على المحيط الداخلي للشعوب الفقيرة في الدول النامية. وفي العقدين الأخيرين، وبسبب التطورات العلمية والتقنية الهائلة، وثورة الاتصالات والإنترنت والفضائيات، وظهور العولمة، كمنظومة ثقافية سياسية اقتصادية اجتماعية تعكس تحالف القوى الرأسمالية العالمية العملاقة مع القوى الديمقراطية والمنادية للحرية في كافة أرجاء العالم، تفاقمت أزمات الشباب اكثر فأكثر في البلدان الفقيرة. حيث بات الشباب يعاني من أزمة مزدوجة متولدة عن الأزمات المتوارثة، والمركبة القائمة أصلا وأخرى ناتجة عن التأثيرات القادمة عبر الإنترنت والفضائيات، والتي تعكس ثقافة ومفاهيم مجتمعات أخرى غريبة، وتتحدث عن رفاهية خيالية نسبة لشباب البلدان الفقيرة، مما يهدد الشباب في هذه البلدان بأزمات جديدة جراء هذا المد العولمي،والتي اعتبرتها البعض أنها غزو ثقافي تهدد القيم والمنظومة الاجتماعية السائدة في منطقتنا إلا ان الإعلام الدولي والتي تتوفر للجميع أصبحت منفذا للإطلاع على العالم والتبادل الثقافي والحوار والتفاهم وخلق ومسوؤلية جماعية ـ عالمية تجاة جميع المشاكل والكوارث التي تعاني وربما ستعاني منها العالم. ينتج عن العولمة فقدان الهوية القومية ومنظومة الثقافة والمعتقدات بالنسبة للجيل الذي يصهر كليا في بوتقة العولمة ولا يعمل في إحداث توازن بين ما يأتي من الخارج من ثقافات وقيم وما هو موجود في داخل البيئة التي يعيش فيها الإنسان وهو ما يجعل الشباب تاها في دوران مفرغة، ومن اجل التخلص من الآثار السلبية للعولمة والاستفادة من الأبعاد الايجابية فيها خاصة بالنسبة للشباب التي يتفاعل يوميا مع أدوات العولمة، لان تلك الأدوات قد أدى إلى فتح آفاق المعرفة بفتح أبواب العالم في الشرق والغرب وجعل الإنسان في داخل الحدث، فالثورة العلمية الهائلة والتطور السريع في وسائل الحياة المتنوعة جعل من العصر الحاضر عصر السرعة والرقمية وإذا ما أراد الإنسان من إحداث تغير فلا بد من التفاعل الايجابي مع مظاهر العولمة كما توجية النبي فقد أعطى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهجاً في التعامل مع الأشياء في قوله لشاب طلب نصيحته : «إذا أقدمت على أمر فتدبّر عاقبته فإن كان رشداً فامضِ ، وإن كان غياً فانتهِ» . ولابد للشباب من التغير في ذو اتهم ووضع استراتيجية واضحة في توجهاتهم في الحياة لغرض الانسجام مع تطور القرن الحادي والعشرون بكل المقاييس ومن الصعب تحقيق ذلك عبر التقليد الأعمى التي نراه لدى البعض بإتباع المظهر وترك الجوهر. zeravanbarwary@yahoo.com