توطئة :
من بين أكثر الاضطرابات النفسية شيوعا التي تبتلى بها الشعوب المنكوبة بالحروب وبأنظمة سادية، هو (( اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية )) . ويعود ( الفضل ) في اكتشاف هذا الاضطراب إلى الحرب الفيتنامية في سبعينات القرن الماضي . فقد كشفت الدراسات النفسية عن وجود نصف مليون محارب أمريكي يعانون من هذا الاضطراب بعد مرور (15) سنة على انتهاء تلك الحرب !.
وتوصلت دراسات أخرى الى أن أعدادا كبيرة من الفيتناميين والكمبوديين واللتوانيين الذين عانوا لعقود من الحروب الأهلية، مصابون بأعراض هذا المرض النفسي . وان ما ارتكبه بول بوت من فضائع ( يقال ان ربع سكان كمبوديا البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة، ماتوا ) وفرار مئات الآلاف من الكمبوديين الى تايلاند وأوربا وأمريكا وكندا، وإسكانهم في معسكرات خاصة بهم ..كشفت الدراسات النفسية عن أن أكثر من (20%) منهم يعانون من أعراض هذا الاضطراب ومنها :
الكوابيس والاحلام المزعجة، الحزن والهم والتوتر، الغضب والهيجان، السلوك العدواني اللفظي والبدني، العزلة والعزوف عن ممارسة النشاطات الممتعة، الفتور والتبلد العاطفي،
وعدم القدرة على التعبير عن مشاعر الحب الذي يفضي الى الطلاق و.......)......).
وتوصلت الدراسات الى ان أكثر من (25%) من سكان يوغسلافيا السابقة الذين شهدوا الحرب العرقية، يعانون من الصدمات النفسية . بل أن احدى الدراسات التي أجريت على البوسنيين اللاجئين الى امريكا فرارا من تلك الحرب، أفادت بأن (65%) منهم عانوا من هذا الاضطراب .
ومع أن الحرب هي الحرب، والتعذيب هو التعذيب فيما تحدثه من صدمات نفسية، إلا أن الذي شهده العراقيون من حروب كارثية لأكثر من ربع قرن، ومن تعذيب واضطهاد ومقابرجماعية وقصف كيماوي، وتفنن في قتل البشر، بما فيه التفخيخ وقطع الرؤوس..يفوق ما أصاب أي شعب في العالم على أيدي جلاديه.
ومع ذلك، لم يحظ العراقيون المصدومون نفسيا باية رعاية نفسية . نعم جاءت بعثات أو وفود ( طبية- نفسية ) من حكومات وهيئات دولية وجامعية ومراكز بحوث . وتشكلت منظمات كثيرة أو جمعيات بعضها باسم ( حلبجة ) جاءت بالفعل اليها فما قبض أهل حلبجة منها سوى أنهم عرضوهم على شاشات التلفزيون وصوروهم على صفحات المجلات والجرائد، فصاروا ( فرجة ) للعالم، وصار (الحلبجيون ) يسخرون الآن من الذي يأتيهم من هذا الصنف . ودفعهم يأسهم الى أن يحتمي كثير منهم بالدين . ويذكر لى أحد الأخوة الاكراد، أن الذين تعرضوا لحملة ( الأنفال ) لجأوا الى مدينة (....)، قريبة من أربيل، ويصفهم بأن جميعهم ( أعصاب ) لدرجة أنك اذا أزعجت أحدهم ولو بكلام بسيط، سحب عليك أقسام الكلاشنكوف .
ومع أنه عقد أكثر من مؤتمر للصحة النفسية ، محلية وعالمية ،فان العراقيين المصدومين نفسيا لم يقبضوا منها شيئا ، وكنا قد دعونا في اكثر من مؤتمر الى تأسيس ثلاثة مراكز للصحة النفسية في العراق ،في بغداد والبصرة واربيل ،فلم يستجب لدعوانا أحد ..نأمل من مؤتمركم الموقر هذا أن يسعى الى تأسيس ولو واحد منها نقترح ان يكون في اربيل حيث المصدومون اكثربسبب حرب الانفال وكارثة حلبجة .
- تعريف :
يواجه الإنسان في حياته اليومية ضغوطاً نفسية متعددة . والضغط (Stress) هو أحداث خارجة عن الفرد ، أو متطلبات استثنائية عليه ، أو مشاكل أو صعوبات تجعله في وضع غير اعتيادي فتسبب له توتراً أو تشكل له تهديداً يفشل في السيطرة عليه ، وينجم عنه اضطرابات نفسية متعددة .
ولقد جرى تشخيص هذه الاضطرابات ودراستها بصورة منهجية تبعاً لوضوح أعراضها وشيوعها ، والتقدم العلمي في مجالي علم النفس والطب النفسي . ويمكن تحديد " الهستيريا " بوصفها أول اضطراب من مجموعة الاضطرابات التي تعقب الأحداث الضاغطة يتم دراسته وتوصيف أعراضه بصورة منهجية ، فيما يعد اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (Post Traumatic Stress Disorder - PTSD) آخر اضطراب في هذه المجموعة يتم الاعتراف به في التصانيف الطبية النفسية. على الرغم من وجود أفكار سابقة ذات علاقة به مثل صدمة القنابل (Shell Shock) والصدمة العصبية (Nervous Shock). ففي عام (1980) تم الاعتراف لاول مرة باضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) ، وذلك في الصورة الثالثة من المرشد التشخيصي الإحصائي (DSM-III) (Weiten, 1998, P. 534 ; Eysenck, 2000 , P. 691) ).
ويعود السبب الرئيس في تعرّف هذا الاضطراب بالوصف الذي عليه الآن إلى الحرب الفيتنامية . فقد لوحظ في السبعينات (1970) على الجنود الأمريكيين الذين شاركوا في حرب فيتنام ، أعراض اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية ، وذلك بعد تسعة اشهر إلى ثلاثين شهراً من تسريحهم من الخدمة العسكرية . وقد أثارت هذه الملاحظة دهشة الباحثين . فالمتوقع هو حصول أعراض هذا الضغط في أثناء المعركة أو بعدها بأيام ، وليس بعد انتهاء الحرب بسنتين أو ثلاث !. بل أن قسماً من اولئك الجنود ما يزالون يعانون أعراض هذا الاضطراب على الرغم من مرور اكثر من ربع قرن على تلك الحرب ، تقدر الدراسات عددهم بنصف مليون من الجنود الذين شاركوا فعلاً في حرب فيتنام (Weiten , 2004 ).
ومع أن وسائل الأعلام في الولايات المتحدة جعلت انتباه الناس باتجاه ربط اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) بخبرات الحرب الفيتنامية . إلا انه لوحظ أن هذا الاضطراب يحدث استجابة لحالات أخرى من الضغوط الحادة . وتوصلت بعض الدراسات إلى انه يوجد في (5) من كل (ألف) من الرجال ، و(13) من كل (ألف) من النساء ، في المجتمع بشكل عام (Weiten , 2004 ; Gleitman , 1995) .
ولقد دفعت نتائج البحوث هذه إلى التساؤل عن أنماط الضغوط الحادة- غير الحروب - التي ينجم عنها اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية . فوجد الباحثون أن السبب الأكثر شيوعاً بين النساء هو الاغتصاب الجنسي ، إلى جانب أسباب أخرى مثل رؤية شخص ما يموت ، أو يتألم من جرح بليغ ، أو التعرض إلى حادثة خطيرة، أو اكتشاف خيانة زوجية . فيما كانت الأسباب الأكثر شيوعاً بين الرجال تعزى إلى خبرات المعارك أو رؤية شخص ما يحتضر. وان هذا الاضطراب (PTSD) يكون شائعاً ين الناس عموماً الذين يتعرضون إلى الكوارث الطبيعية والبيئية مثل الفيضانات والزلازل والحرائق وحوادث القطارات والطائرات
وهكذا اصبح هذا الاضطراب معروفاً بين الناس ومعترفاً به في التصانيف الطبية النفسية ، حيث وصفته الصورة المنقحة للمرشد التشخيصي (DSM-III-R , 1987) بأنه " أي حادثة تكون خارج استجابة مدى الخبرة المعتادة للفرد ، وتسبب له الكرب النفسي (Distress) " ، تكون استجابة الضحية فيه متصفة بـ" الخوف الشديد ، والرعب ، والشعور بالعجز" . فيما نبهت آخر صورة لهذا المرشد الطبي النفسي (DSM-IV , 1994 , P. 248) الى ضرورة التمييز بين اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) وبين اضطراب الضغط الحاد (Acute Stress Disorder) ، حيث يستعمل الثاني لوصف الحالة التي يكون فيها تماثل سريع للشفاء من ضغط الحادث الصدمي ، فيما يستعمل اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) لوصف الحالة التي لا يحصل فيها شفاء سريع من هذا الضغط.
- إشكالية المصطلح :
سمي هذا الاضطراب بأسماء ومصطلحات متعددة ، ولانه ارتبط أصلا بالحرب الفيتنامية ، فانه اصطلح على تسميته بمتلازمة ما بعد فيتنام (Post Vietnam Syndrom)، والحالات الصدمية ما بعد فيتنام (Post Vietnam Traumatic States) ، ومتلازمة معسكرات الأسر (Concentration Camps Syndrom) ، ومتلازمة ما بعد معسكرات الآسر (Post - Concentration Camps Syndrom) ، ومتلازمة استجابة ضغط ما بعد المعركة (Post - Combat Stress Response) وعصاب الصدمة النفسية (Traumatic Neurosis) (Parson , 1985 , P. 171) . ثم استقر في التصانيف الطبية النفسية بصورها الأخيرة على تسميته بـ:" اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (Post-Traumatic Stress Disorder- PTSD) ، (DSM-IV, 1994 ؛ ICD-10 , 1992) .
ولقد ترجم هذا المصطلح إلى اللغة العربية بصياغات مختلفة. فمنهم من ترجمه إلى "اضطراب الشدة النفسية عقب التعرض للصدمة" (النابلسي، 1991، ص21)، ومنهم من ترجمه الى "عقبى الكرب الرضحي" (اليان وجون، 1997، ص22)، واخرون ترجموه إلى " اضطراب عقابيل الضغوط النفسية " (الكرخي، 1994) و " اضطراب الاجهاد ما بعد الشدة " (السامرائي ، 1994) و " اضطراب عقابيل التعرض للشدة النفسية " (العطراني ، 1995) و " اضطراب التوتر اللاحق للصدمة النفسية " (اليونسيف ، 1995) (في : الكبيسي ، 1998 ، ص3) .
وبالنظر إلى انه لا يوجد من هذه المصطلحات مصطلح واحد متفق عليه، فإننا اعتمدنا له مصطلح " اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية " كونه حظي باتفاق خبراء في الطب النفسي وعلم النفس واللغتين العربية والإنكليزية (الكبيسي، 1998، ص40).
- التصنيف :
يورد تصنيف منظمة الصحة العالمية الخاص بالاضطرابات العقلية والسلوكية (ICD-10) اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) ضمن الفئة (F40 - F48) الخاصة بالعصاب والاضطرابات ذات العلاقة بالضغوط الجسمية المظهر (Neurotic, Stress-related and Somatoform Disorders)، ويضعه ضمن الفئة الفرعية الخاصة بـ " ردود الفعل نحو الضغط الحاد واضطرابات التكيف "، والتي تشمل خمسة أنواع هي :
1. ردة فعل الضغط الحاد (Actue Stress Reaction) .
2. اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية . (Post-Traumatic Stress Disorder) .
3. اضطرابات التكيف (Adjustment Disorders) .
4. ردود فعل أخرى نحو الضغط الحاد (Other Reactions to Sever Stress) .
5. غير محددة (Unspecified) (P. 30) .
ويرد هذا الاضطراب في الصورة الأخيرة للدليل التشخيصي الإحصائي (DSM-IV, 1994) بضمن المحور السابع الخاص باضطرابات القلق (Anxiety Disorders) التي تشمل كلاً من : الرهاب (Phobia) ، والفزع أو الهلع (Panic) ، والقلق العام (Generalized Anxiety) ، والوسواس القسري (Obsessive - Compusive) ، وضغط ما بعد الصدمة (Posttraumatic Stress) (Sdorow , 1995 , P. 503) .
ويورده باحثون آخرون بضمن اضطرابات التفكك أو الاظطرابات الانشطارية (Dissociative Disorders) معللين ذلك بأن اضطرابات التفكك هي في الحقيقة حالات حادة من اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) . وأن التفككات الحاصلة في هذا الاضطراب يجب إعادة تصنيفها بوضعها تحت عنوان " الاضطرابات الانشطارية Dissociative Disorders "، وذلك لأن الأفراد المصابين به يبعدون أنفسهم نفسياً (Psychologicaly) أو " ينفصلون Dissociate " عن الأحداث الجارية من حولهم . وهذه هي الخاصية التي تميز عدداً من الأعراض التي تسمى الآن " اضطرابات التفكك أو الاظطرابات الانشطارية Dissociative Disorders " (Gleitman , 1995 , P. 750). غير أن هذه الاضطرابات يضعها (DSM-IV) في المحور العاشر ويصفها بأنها اضطرابات تكون فيها الدراية الواعية منفصلة عن الأفكار والمشاعر والذكريات الخاصة بالفرد من قبيل فقدان الذاكرة النفسي (Psychoenic Amnesia) ، وحالة الهيام النفسي (Psychogenic Fugue) ( راجع الفصل السادس عشر) . كما أن تصنيف (ICD-10) لا يورد اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) بضمن فئة اضطرابات التفكك التي شملت عشرة اضطرابات .
ومهما يكن من اختلاف في تحديد عنوان الفئة أو صنف الاضطرابات الذي يندرج تحته اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) ، فأن هنالك اتفاقا بين التصانيف الطبية النفسية بخصوص أهم أعراض هذا الاضطراب .
- الأعراض ومعايير التشخيص :
يصف الدليل التشخيصي (ICD-10) لمنظمة الصحة العالمية (WHO) اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) بأنه استجابة متأخرة لحادثة أو موقف ضاغط جداً ، تكون ذات طبيعة تهديدية أو كارثية ، تسبب كرباً نفسياً لكل من يتعرض لها تقريباً ، من قبيل : كارثة من صنع إنسان ، أو معركة ، أو حادثة خطيرة ، أو مشاهدة موت آخر (آخرين) في حادثة عنف ، أو أن يكون الفرد ضحية تعذيب ، أو إرهاب ، أو اغتصاب ، أو أي جريمة أخرى (P. 147) .
ويشير هذا الدليل إلى أن العوامل الأستعدادية المتمثلة بسمات الشخصية ، أو تأريخ سابق لأمراض عصابية ، ربما تساعد في تطور أو تنشيط هذا الاضطراب، غير أنها ليست ضرورية ولا كافية لتفسير حدوثه (P. 148) .
وترد أعراض هذا الاضطراب متشابهة في كل من الصورتين الأخيرتين للدليلين (ICD-10) و (DSM-IV) ولدى أغلب الباحثين أيضاً (Gleitman , 1995 ; Weiten , 2004 ; Eysenck , 2000) . على أننا سنحدد أعراض اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) بثلاث فئات رئيسة ، مع شرط في التشخيص يتمثل في أن تستمر أعراض كل فئة منها لأكثر من شهر ، وعلى النحو الآتي :
أولاً. إعادة خبرة الحدث الصدمي .
ويعني هذا المعيار أن يستعيد المريض أو يتذكر الحدث الصدمي الذي خبره. ويتم ذلك بواحدة أو اكثر من الطرائق الآتية:
أ. كوابيس أو آلام مزعجة ومتكررة ، لها علاقة بالحدث الصادم (وهي اكثر الأعراض شيوعاً) .
ب. ذكريات وأفكار ومدركات اقتحامية وقسرية ومتكررة عن الحدث ، تسبب الحزن والهم والتوتر.
جـ. الشعور كما لو أن الحدث سيعاود الوقوع ، وتذكر الحدث على شكل صور أو خيالات.
د. انزعاج انفعالي شديد لأي تنبيه يقدح زناد ذكريات الحدث الصادم (رؤية مكان يشبه مكان الحدث ، رؤية شخص كان موجوداً ساعة وقوع الحدث ، رؤية جنازة، وأي تنبيه يذكره بالحدث الصادم) .
ثانياً. تجنب التنبيهات المرتبطة بالحدث الصادم .
وتعني ظهور استجابات تجنبية لدى الفرد لم تكن موجودة لديه قبل تعرضه للصدمة . وتتبدى أعراض هذا المعيار بواحد أو اكثر من الطرائق الآتية :
أ. تجنب الأماكن او الأشخاص او المواقف التي تذكر الفرد بالحدث الصدمي.
ب. طرد الأفكار والانفعالات التي تذكره بالحادث ، وتجنب الحديث عنه مع أفراد آخرين . وقد يضطر إلى تناول العقاقير أو المخدرات أو الكحول ، هرباً من كل شيء يذكره بالحادث .
جـ. انخفاض في ممارسة الفرد للنشاطات أو الهوايات التي كان يزاولها ويستمتع بها قبل الحادث .
د. فتور عاطفي ملحوظ ، لاسيما ضعف القدرة على الشعور بالحب .
هـ. الابتعاد عن الآخرين والشعور بالعزلة عنهم .
ثالثاً. أعراض فرط الاستثارة .
تعني ظهور حالات من الاستثارة لدى الفرد ، ما كانت موجودة قبل تعرضه للصدمة . وتظهر أعراض هذا المعيار بواحد أو اكثر من الآتي :
أ. صعوبات تتعلق بالنوم ، كأن يستيقظ في الليل ولا يستطيع النوم ثانية .
ب. نوبات غضب أو هيجان ، مصحوبة بسلوك عدواني ، لفظي أو بدني .
جـ. حذر أو تيقظ شديد وصعوبة بالغة في الاسترخاء .
د. صعوبات في التركيز على أداء نشاط يمارسه ، أو متابعة نشاط يجري أمامه .
هـ. ظهور جفلة غير عادية لدى سماع المريض صوت جرس أو هاتف ، وأي صوت آخر مفاجئ ، وحتى عندما يلمسه شخص بشكل مفاجئ .
ومع أن هذه الأعراض هي الرئيسة ، فان هناك أعراضا أخرى تظهر على المصابين بهذا الاضطراب (PTSD) من قبيل : القلق النفسي ، الكآبة ، والشعور بالذنب ، فضلاً عن وجود مشكلات أسرية ، وأفكار انتحارية ، وعنف انفجاري (Davsion & Neale , 1996) . التوجهات النظرية في تفسير اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية تتعدد وجهات النظر في تفسير اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) ، نوجز أهمها بالآتي :
1. التوجه الحياتي (البيولوجي) (Biological Approach) يقوم هذا التوجه على افتراض أن هنالك عوامل وراثية (Genetic Factors) تؤدي إلى حدوث اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية. ولقد تم التحقق من هذا الافتراض بإجراء دراسات متعددة على التوائم.
فلقد وجد (Skreet al,1993) اتفاقاً اكبر في اضطراب (PTSD) بين التوائم المتطابقة (Identical Twins) بالموازنة مع التوائم الأخوية (Fraternal Twins). واستنتج (Skre) وزملاؤه بان "النتائج تدعم فرضية مساهمة الوراثة في تسبيب (Causation) اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD)" (ص85).
و توصل (Trueet. al., 1993) إلى الاستنتاج نفسه من دراسة اجروها على عينة اكبر من التوائم استهدفت تعرف التأثيرات التي يحدثها التعرض إلى المعارك ، فوجدوا أن نسبة الاتفاق كانت اكبر بين التوائم المتطابقة مقارنة بالتوائم الأخوية . وكانت معاملات الارتباط لأعراض اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية تتراوح بين (+ 0.28 إلى + 0.41) في التوائم المتطابقة ، فيما تراوحت هذه المعاملات بين التوائم الأخوية بين (+ 0.11 إلى + 0.24) .
وكان (Foyet. al., 1987) افاد بدليل ربما كانت له علاقة بالفرضية الوراثية . فمن خلال مراجعات الأفراد الذين تعرضوا إلى المعارك بهدف العلاج ، توصل (Foy) وجماعته إلى أن ما يقرب من ثلثي الأفراد المصابين باضطراب ما بعد الضغوط الصدمية بسبب تعرضهم إلى المعارك ، ينتمون إلى عوائل فيها أفراد مصابون باضطرابات نفسية . ويستنتجون بأن الفرد الذي يعيش في أسرة فيها أفراد يشكون من أمراض نفسية ، تكون قابلية أو شدة تأثره النفسي بالأحداث الصدمية عالية ، فتؤدي به إلى الإصابة باضطراب (PTSD) (في : Eysenck , 2000 , P. 693) .
2. التوجّه الحياتي الكيميائي (Biochemical Approach) .
ينضوي هذا التوجه تحت المنظور الحياتي (البيولوجي) غير أنه يركز على العوامل " البايوكيماوية " . فلقد أفترض عدد من المنظرّين (Krystal et. al., 1989) مثلاً ، أن التعرض لحادث صدمي (Traumatic Event) يؤدي إلى الحاق الضرر بجهاز أو نظام إفراز الغدة الكظرية ، وتحديداً إلى زيادة في مستويات النورأدرينالين (Noradrenaline) والدوبامين (Dopamine)، وزيادة في مستوى الإثارة الفسيولوجية ، فينجم عن هذه التغيرات إستجابة مروعّة من الخوف والجفلة تظهر على الفرد بشكل واسع .
وتفيد الدراسات بوجود بعض الأدلة التي تدعم هذه النظرية الحياتية (البيولوجية) . فلقد وجد كوستن وزملاؤه (Kosten et. al., 1987) أن مستوى النورأدرنالين والأدرنالين كان عالياً لدى المرضى باضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PSTD) . وكان كولك وزملاؤه (Kolk et. al., 1985) قد وجدوا زيادة في مستويات الدوبامين والنورنالين لدى الأفراد الذين يعانون هذا الاضطراب. وأشارت دراسات أخرى إلي زيادة في ضربات القلب وارتفاع في ضغط الدم وزيادة في نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي (Autanomic) لدى المصابين باضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (Textbook of Psychiatry, 1997) . وتوصلت دراسات أجريت على الحيوانات عند تعريضها للضغوط إلى أن الموصلات أو الناقلات العصبية (Neurotransmitters) - وهي مواد كيماوية تقوم بالتوصيل بين الأعصاب - يضطرب عملها لدى الأفراد المصابين بهذا الاضطراب (في : Eysenck , 2000 , PP. 691-695) .
وهنالك فرضية أخرى خلاصتها أن الجهاز المناعي لدى الأفراد الذين تظهر عليهم اضطرابات نفسية بعد الكارثة يكون ضعيفاً . وأن ضعف المناعة النفسية “ Psychoimmunogogy “ يجعل الفرد غير قادر على مواجهة كارثة أو حادث صدمي .
ويستنتج (Eysenck , 2000) من استعراضه لعدد من الدراسات بأن المرضى باضطراب ما بعد الضغوط الصدمية يختلفون فعلاً عن الأفراد العاديين في القراءات الخاصة بالمقاييس الفسيولوجية والبايوكيماوية . ومع ذلك - يضيف آيزنك - فأن هذه التغيرات الحياتية (Biological) لا ترينا بأنها السبب في اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PSTD) . وأن التوجه الحياتي (البيولوجي) يحتاج إلى توسيع أكثر يأخذ بنظر الاعتبار الفروق الفردية في حساسية أو قابلية الإصابة باضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (P. 693) .
3- التوجه النفسي - الدينامي (Psychodynamic Approach) .
ما يثير الحيرة في اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية أن بدايته يمكن أن تحدث بعد أشهر أو سنوات من تعرض الفرد لحادث صدمي . ولأن فرويد كان قد عدَّ صدمة الولادة وما يصاحبها من إحساس الوليد بالاختناق بأنها تجربة القلق الأولى في حياة الإنسان ، وأن منهج التحليل النفسي ينظر إلى الصراعات اللاشعورية التي تضرب بجذورها في مرحلة الطفولة أنها السبب في الاضطرابات النفسية عموماً ، فأن المنظرّين النفسيين الديناميين اعتمدوا هذه الفكرة في تفسيرهم اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية . فلقد حاول (Horowitz , 1986) تفسير هذا الاضطراب بنظرية نفسية دينامية خلاصتها أن الحادث الصدمي يمكن أن يجعل الفرد يشعر بأنه مرتبك تماماً ، ويسبب له الفزع والإنهاك . ولأن ردود الفعل هذه تكون مؤلمة فأن الفرد يلجأ إلى كبت الأفكار الخاصة بالحادث الصدمي أو قمعها عمداً . غير أن حالة الإنكار هذه لا تحل المشكلة ، لأن الفرد لا يكون قادراً على أن يجعل المعلومات الخاصة بالحادث الصدمي تتكامل مع معلوماته الأخرى ، وتشكل جزءاً من الإحساس بذاته (صالح ، 1998) .
ويبدو أن الجانب القوي في التوجه النفسي- الدينامي لهوروتز (Horowitz) أنه استطاع أن يزودنا بطريقة لفهم بعض الأعراض الرئيسة في هذا الاضطراب (PSTD) . ومع ذلك فأن النظرية لم تقدم لنا تفسيراً بخصوص وجود اختلافات فردية حقيقية في قابلية تعرض الأفراد للإصابة باضطراب ما بعد الضغوط الصدمية في مواجهتهم لأحداث صدمية .
4. التوجه السلوكي (Behavioural Approach) .
معروف عن العلماء السلوكيين أنهم يهملون العوامل الوراثية والسمات الأستعدادية والخبرات اللاشعورية لدى تحدثهم عن الشخصية والاضطرابات النفسية، ويؤكدون العوامل البيئية وأهمية التعلم بنوعيه (الأشراط الكلاسيكي والأشراط الإجرائي) في تحديد السلوك بنوعيه ، السوّي وغير السوّي ، اللذين يخضعان لقانون واحد هو التعلم (صالح ، 2000) .
وعلى أساس هذا الافتراض أجريت دراسات متعددة ، من بينها دراسة كين وجماعته (Keane et. al., 1985) . فعلى وفق المنهج الأشراطي في اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PSTD) فأن الأشراط الكلاسيكي في زمن وجود حادث صدمي ، يتسبب في اكتساب الفرد استجابة خوف شرطية لتنبيه طبيعي (غير مشروط) . فالمرأة - على سبيل المثال - التي كانت تعرضت الى اغتصاب في متنزه عام قد تظهر خوفاً كبيراً إذا ذهبت إلى هذا المتنزه مستقبلاً ، وربما يجري تعميم هذا الخوف على متنزهات أخرى . وعليه فأن هذا الخوف الناجم عن تنبيه مرتبط بحادث صدمي ، يدفع بالفرد إلى ما أصطلح عليه السلوكيون بالتعلم التجنبي (Aviodance Learning) ، الذي يفضي - من ثم - إلى خفض القلق (في : 2004 Weiten , ) .
ويرى الباحثون أن التوجه الأشراطي مُصيب من حيث أنه يتنبأ بأن المستوى العالي من القلق الناجم عن تنبيه مرتبط بحادث صدمي يقود فعلاً الى سلوك تجنبي لمثل هذا التنبيه لدى المرضى بـ (PSTD) ، إلا أنه لا يزودنا بتفصيلات عما يحدث ، فضلاً عن أنه لا يقول لنا لماذا يصاب بعض الأفراد بإضطراب ما بعد الصدمة لدى تعرضهم لحادث صدمي ، فيما لا يصاب به آخرون تعرضوا للحادث نفسه (Eysenck , 2000 , P. 694) .
5. التوجه المعرفي (Cognitive Approach) .
يقوم المنظور المعرفي على افتراض أن الاضطرابات النفسية ناجمة عن تفكير غير عقلاني بخصوص الذات وأحداث الحياة والعالم بشكل عام (صالح ، 1999) .
وعلى أساس هذا الافتراض ، وضع فوا وزملاؤه (Foa et. al., 1989) نظرية معرفية في اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية ، خلاصتها أن الأحداث الصدمية تهدد افتراضاتنا العادية أو السوية (Normal) بخصوص مفهومنا للامان وما هو آمن . فالمرأة التي تعرضت إلى اغتصاب – في سبيل المثال - قد تشعر بعدم الامان في حضور أي رجل كان تقابله فيما بعد، فينجم عن ذلك " أن الحدود بين الامان والخطر تصبح غير واضحة " (P. 167) فيقود هذا إلى تكوين بُنية (Structure) كبيرة للخوف في الذاكرة بعيدة المدى . وان الأفراد الذين تتكون لديهم بُنية الخوف هذه سوف يمرون بخبرة نقص القدرة في التنبؤ (Predictability) وضعف السيطرة على حياتهم ، وهذان هما السبب في حصول مستويات عالية من القلق .
وعلى نحو مماثل - يرى (Miller, 1995) أن الفرد يدرك الحدث الصادم على انه معلومة جديدة وغريبة عن مخططه الادراكي . فلا يعرف كيف يتعامل معها ، فتشكل له تهديداً ينجم عنه اضطراب في السلوك . وهذه الفكرة القائمة على نظرية معالجة المعلومات (Information-Process) ترجع في الواقع الى كيلي (Kelly , 1955) الذي طرح تفسيرات مختلفة عن التفسيرات المألوفة في حينه بخصوص القلق والخوف والتهديد . فهو عرف القلق النفسي بأنه " إدراك الفرد للأحداث التي يواجهها على انها تقع خارج مدى ملاءمتها لنظام البنى لديه " (صالح،1997، ص 19). بمعنى أن الإنسان يصبح قلقاً حين لا تكون لديه بنى (Structures) ، أو حين يفقد سيطرته على الأحداث ، فيما يشعر بالخوف حين تظهر بنية جديدة على وشك أن تدخل نظامه البنائي . أما التهديد فانه يشعر به عندما يدرك بان هنالك تغييراً شاملاً على وشك الوقوع في نظام البنى لديه (صالح ، 1997) .
ومع أن التوجه المعرفي يقدم وصفاً معقولاً لبعض التغييرات المعرفية المصاحبة لاضطراب ما بعد الضغوط الصدمية ، إلا انه يترك أمورا خارج حساباته. فليس واضحاً في نظرية فوا (Foa) ، لماذا يكون بعض الأفراد اكثر تأثراً من غيرهم في الإصابة باضطراب ما بعد الضغوط الصدمية ، ولم تقل لنا شيئاً بخصوص العوامل الوراثية . فهي أولت اهتمامها بالتركيز على الحادث الصادم ، واغفلت الحديث عن العوامل الأخرى .
6. العوامل الاجتماعية (Social Factors) .
يرى باحثون أن أحد العوامل التي تساعد في تحديد ما إذا كان فرد ما تعرض إلى حادث صدمي ، سيتطور لديه اضطراب مابعد الضغوط الصدمية ، هو مدى حصول هذا الفرد على إسناد اجتماعي. فلقد توصل سولومون وزميلاه (Solomon , Mikulincer & Avitzur , 1988) من دراستهم التي اجروها على الجنود الإسرائيليين الذين اشتركوا في الحرب اللبنانية ، أن الأفراد الذين حصلوا على مستويات عالية من الإسناد الاجتماعي ، كانت لديهم أعراض قليلة من اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD). وان الجنود الذين اظهروا انخفاضاً كبيراً في أعراض هذا الاضطراب كانوا قد حصلوا خلال ثلاث سنوات على افضل إسناد اجتماعي (Solomon et. al., 1988) . ويشير ايزنك إلى أن هنالك دراسات أخرى توصلت إلى النتيجة نفسها (Eysenck , 2000) .
استنتاجات .
استعرضنا في أعلاه أهم التوجهات أو النماذج التي اقترحتها المنطلقات النظرية في تفسيرها لاسباب اضطراب ما بعد الضغوط الصدمية (PTSD) . ونستنتج أن كل واحد منها يقدم تفسيراً خاصاً به ، ومختلفاً عن الطروحات الأخرى . والملفت للنظر أن بعض هذه النماذج قدمت تفسيرات متناقضة أو متضادة (خذ الفرويدي مقابل السلوكي مثلاً) . ومع ذلك فان نتائج الدراسات تدعم هذه التفسيرات بالرغم ما بينها من اختلاف أو تناقض . وهذا يعني أن اضطراب مابعد الضغوط الصدمية له أسباب متعددة قد تكون خبرات صدمية ترجع إلى مرحلة الطفولة ، أو تعلمات غير مناسبة حدثت على وفق قوانين الاشراط الكلاسكي ، أو عوامل وراثية، أو أفكار غير عقلانية ناجمة عن خطأ في إدراك ومعالجة معلومة غريبة ، وما إلى ذلك من عوامل . وأنها - في رأينا - لا تعمل بشكل منفصل بل بصيغة تفاعلية . وتبعاً للحالة الواحدة من حيث التكوين الوراثي للفرد وحالته النفسية وقدراته وظروفه الأسرية والاجتماعية . فمن يحمل استعداداً حياتياً (بيولوجيا) للإصابة بهذا الاضطراب أو ذاك (حتى لو كان فصاماً) قد لا تظهر عليه أعراضه ما لم تقدح زناده أحداث حياتية ضاغطة .
----------
المصادر ..
- المصادر العربية :
- اليان، فالسا، جون. ج. (1997). تدبير عقبى الكرب الرضحي بواسطة اسلوب التفريغ. المجلة العربية للطب النفسي. المجلد الثامن، العدد الأول .
- السامرائي ، محمد عبد الحميد (1994) . الاضطرابات النفسية لدى أسرى الحرب العراقيين العائدين من الأسر في الاسبوع الأول لعودتهم . المجلة الطبية العسكرية العراقية ، المجلد السادس ، العدد الأول .
- صالح ، قاسم حسين (1997) . الشخصية بين التنظير والقياس . مكتبة الجيل الجديد ، صنعاء .
- صالح ، قاسم حسين (1998) . الإضطرابات النفسية والعقلية والسلوكية . مكتبة الجيل الجديد ، صنعاء .
- صالح ، قاسم حسين (2000). التفكير الإضطهادي وعلاقته بأبعاد الشخصية . كلية الآداب ، جامعة بغداد ، (إطروحة دكتوراه غير منشورة) .
- العطراني، سعد سابط جابر (1995) . عقابيل التعرض للشداد النفسية لدى طلبة المرحلة الأعدادية من عوائل ضحايا ملجأ العامرية والعوائل المحيطة به. كلية الآداب، الجامعة المستنصرية، (رسالة ماجستير غير منشورة) .
- الكبيسي، ناطق فحل جزاع (1998): بناء مقياس لإضطراب ما بعد الضغوط الصدمية . كلية الآداب ، الجامعة المستنصرية ، (رسالة ماجستير غير منشورة) .
- مكتب اليونسيف الأقليمي في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا (1995) . مساعدة الطفل الذي يعاني من الصدمة النفسية . دليل العاملين الإجتماعيين والصحيين ولمعلمي مرحلة ما قبل المدرسة، عمان ، الأردن .
- النابلسي ، محمد أحمد (1991) . الصدمة النفسية ، علم نفس الحروب والكوارث، دار النهضة العربية ، بيروت .
- المصادر الأجنبية :
- American Psychistric Association (1994) . Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (3rd. ed.) , Washingtion , D. C : Author .
- (1994) . Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (4rd. ed.) , Washingtion , D. C : Author .
- Carrison , C. Z. ; Weinrich , M. W. ; Hardin , S. B. ; Weinrich , S. & Wang , L. (1993) . PTSD and adulescents after a hurricane . Am., J. Epidemiol. Oct. 138 (7) , PP. 522-30 .
- Davison , G. C. & Neale , J. M. (1996) . Abnormal Psychology Crevised Gth Edn., New York : Wiley.
- Eysenck , M. W. (2000) . Psychology . Astudent’s handbook . Psychology Press Ltd, Publishers , UK .
- Foa , E. B. ; Skeketee , G. & Olasov , R. B. (1989) . Behavioural / cognitive conceptulaizations of post-traumatic stress disorder . Behavior Therapy , 20 , 155-176 .
- Foa , E. B. ; Riggs , D. S. & Gershuny , B. (1995) . Arousal , numbing and intrusion : Symptom structure of PTSD following assualt. American jpurnal of Psychiatry , 152 , 116-120 .
- Fontana , A. R. (1995) . attempted suicide among vietnam veterans : A model of etiology in a community sample. Am. J. Psychiatry. 152 (1) : 102-109 .
- Gleitman , M. (1986) . Stress-response syndromes . (2nd. Edn) . New Jersey : Jason Aronson .
- Krystal , J. H. ; kosten , T. R. ; Southwick , S. ; Mason , J. W. ; perry , B. D. & Gillery , E. L. (1989) . Neurobiological aspects of PTSD, Review of Clinical and Preclinical studies . Behavior Therapy , 20 , 177-198 .
- Rothbaum , B. ; Fon , F. ; Riggs , D. ; Murdock , T. & walsh (1992) . Stress disorder in rape victims. Journal of Traumatic Stress , 5 , 455 , 475 .
- Sdorow , L. M. (1995) . Psychology . Wm. C. Brown , Inc.
- Solomon , Z. ; Mikulincer , M. & Avitzur , E. (1988) . Coping , Locus of control , social support , and combat-related posttraumatic stress disorder : A prospective study. Journal of Personality and Social Psychology , 55 , 279-285 .
- Skre , I. ; Onstad , S. ; Torgeresn , S. ; Lygren , S. & Kringlen , E. (1993) . Atwin study of DSM-III-R anxiety disorders Acta Psychiatric scandinavica, 88 , 85-92 .
- Sutker , P. B. ; Allain , A. J. R. & Winsted , D. K. (1993) . Psychopathology and Psychiatric diagnoses of world war-II pasfic theater prisoner of war survivors and combat veterans. Am. J. Psychiatry. Feb., 150 (2) : PP. 240-245 .
- True , W. R. ; Rice , J. Eisen , S. A. ; Meath , A. C. ; Goldberg , J. ; Lyons , M. J. & Nowak , J. (1993).
A twin study of gentic and environoment contributions to liability for posttraumatic stress symptoms. Archives of General Psychiatry , 50 , 257-264 .
- Weiten , W. (2004) . Psychology . Themes and Variations . Brooks / Cole Publishing Company .
- World Health Organization (1992) . The ICD-10 Classification of mental and behavioral disorders. Geneva : Oxford University Press .