تحقيق/ ملكات الجمال.. هل هن جميلات حقاً؟؟
نوف الحزامي
ملكات الجمال.. هل هن جميلات حقاً؟؟
تصرخ غير مصدقة.. وهي تتلقى التهاني من كل جهة.. ثم "تتماسك" وتتقدم بخطوات مختالة، في فستانها الضيق العاري.. وقد حملت اسم وطنها (مع رقمها) في ورقة معلقة على صدرها.. سترت بعض ما لم يستره فستانها.. ثم تلتفت إلى الجمهور لتقدم لهم ابتسامة.. وتقف بزهو و"شموخ" لترتدي تاج ملكية العالم.. ودموعها تنهمر من شدة الفرحة بالانتصار والانجاز! بينما الآلاف يصفقون لها بحماس ويهتفون.. والملالاين يتابعونها عبر الشاشات الصغيرة والكبيرة في الشوارع.. لقد سادت العالم..! وحملت تاجاً مرصعاً بمئات الجواهر النفيسة.. ونالت جوائز بمئات الآلاف من الدولارات.. حصلت على كل ذلك.. بجمالها فقط!! وفي مكان آخر في هذا العالم.. هناك آلاف الفتيات اللاتي يفقنها جمالاً وخلقاً وأدباً وعلماً.. ويستطعن أن ينلن ألف تاج وتاج.. إلا أنهن يأبين أن يعرضن ما لديهن.. في سوق نخاسة القرن العشرين.. لأنهن أغلى وأثمن من أن يدخلن في هكذا مزاد رخيص..!
هذا الهوس العالمي بجمال المرأة تجاوز حدود المعقول.. وبدأ يتعداه إلى حدود غير طبيعية.. إذ أصبح البحث عن الجمال هاجس المرأة الأول والأخير حتى إنها أصبحت تقيم بجمالها ولا شئ غيره كما يحدث في مسابقات الجمال العالمية. وأصبح الأمر منتشراً لدرجة مريعة.. لدرجة أثرت في نفسية كثير من النساء والفتيات، فأصيب بعضهن بعقد النقص، والبعض بهوس تغيير المظهر ما بين فترة وأخرى، بينما البعض عانى من أمراض نفسية وعضوية بسبب ذلك البحث عن الجمال.. بمفهوم الغرب..
في هذا التحقيق حاولنا أن نبحث و حاولنا أن ندرس حقيقة الاهتمام العالمي بمسألة الجمال حتى أضحى حفل اختيار ملكة جمال العالم أو الكون حدثاً عالمياً تنقله كل وكالات الأنباء و جميع القنوات الفضائية..
لماذا كل هذا الاهتمام بجمال المرأة.. ولماذا أصبح الغرب أنفسهم يعارضون هذه الاحتفالات ويعتبرونها رمزاً للعنصرية وإهانة المرأة..
ما هي حفلات ملكات الجمال؟
في وقتنا الحالي انتشر هوس كبير بحفلات ملكات الجمال، والذي انتقل من المجتمعات الغربية إلى مجتمعاتنا حتى غدا لكل مناسبة ولكل موسم ملكة جمال فتلك ملكة جمال العارضات، وتلك ملكة جمال السمراوات أو الشقراوات، و تلك ملكة جمال المراهقات أو الأطفال، والأخرى ملكة جمال الربيع وتلك ملكة جمال الريف وصولاً إلى ملكة جمال موسم البطيخ بل وملكة جمال القمامة!!.. حتى أصبح الأمر مثل سوق الجواري بل هو أذل بكثير، فقد كان للجواري احترام، ولبيعهن وشرائهن قوانين، وقد كانت الجارية تباع بسعر غال لكونها حافظة للقرآن أو فصيحة أو شاعرة أو متدينة. وعدّد المؤرخين أكثر من 40 خليفة عباسي وأموي كانوا من أمهات جواري.. وهذا تكريم لمنزلة الجواري، أما هذا السوق الجديد فلا سعر فيه إلا لسلعة الجمال، وما ورائه لا يهم..
بداية مخزية!
هناك مسابقتين عالميتين للجمال وهي: ملكة جمال العالم ، وملكة جمال الكون.
تترشح لكل مسابقة مشاركات تمثل كل واحدة منهن دولتها ويتم إقامة عرض أولي للمتسابقات بلباس البحر لكي تتأكد اللجنة أن مواصفات الجسم صحيحة تماماً وأن المتسابقة لا تخفي ولو عيباً بسيطاً في جسمها. كما أن ذلك ضروري لكي تتأكد اللجنة من مدى جرأة المتقدمة وثقتها بنفسها!
ثم يتم إقامة عرض آخر بلباس السهرة، بعده يتم العرض النهائي وفيه يتم سؤال المتسابقة من قبل اللجنة عن بعض الأمور. ثم يتم فرز أفضل عشرة متسابقات ويجبن عن بعض الأسئلة ويقمن باستعراض ما لديهن من فنون - كالرقص أو الغناء أو العزف، ثم يتم تصفية العدد إلى ثلاثة يتم اختيار الملكة منهن والوصيفة الأولى والثانية.
مظاهرات ضد المسابقة لنعرف نوعية أهداف الشركة المسؤولة عن هذه المسابقة يجب أن نذكر أن نفس هذه الشركة مسؤولة عن مسابقة عالمية أخرى بعنوان (هيا نرقص) لا هدف فيها إلا للرقص. وبالطبع فإن هذه الشركة تجني أرباحاً مادية هائلة بالمشاركة مع الشركات التي تساعدها في رعاية المسابقة مثل شركات المكياج والأزياء والقنوات الفضائية وغيرها. ومن الغريب أن معظم تلك الشركات الراعية يهودية!
لكن هناك أهدافاً أثارت غضب البعض في الغرب وانطلقت المظاهرات المعارضة بسببها مثل الترويج لعمليات التجميل وتشجيع الاهتمام بالجمال والمظاهر الخارجية، كما أن فيها إشاعة لبعض المفاهيم التي تظهر عبر آراء المتسابقات (مثل العلاقات الغير شرعية أو الشذوذ وغير ذلك).
ومن أهم أسباب غضب الجماهير وقيام المظاهرات حول تلك المسابقات هو التركيز على مبدأ مقاييس محددة للأجساد ومعاملة المرأة كجسد فقط ، كما حصل في المسابقة التي أقيمت في قبرص والتي اعتمد فيها المنظمون على أوصاف ومقاييس أفروديت آلهة الجمال لدى الإغريق - تعالى الله عما يشركون- وأخذوا يقارنون أجسام المتباريات بتماثيل أفروديت في قبرص!!
بالإضافة إلى العنصرية الواضحة أحياناً في الاختيار، فمثلاً يتم اختيار المتسابقة أحياناً لأنها أجابت إجابة نصرانية، كما حصل مع ملكة جمال العالم الهندية التي توجت بسبب إجابتها عن أفضل شخصية بأنها الراهبة تيريزا (وهي منصرة قضت حياتها في تنصير فقراء الهنود)، أو يتم استبعاد متسابقة بسبب ضعف لغتها الإنجليزية كم حصل مع كثيرات، كما لم تفز فتاة سوداء من قبل بتاج العالم!
وقد رفع مئات المتظاهرين في بريطانيا العام الماضي لافتاتهم وهم يهتفون ضد هذه المسابقة التي اعتبروها سوقاً للجنس والإغراء وتحطيم القيم الأخلاقية والأسرية. كما احتشد المئات أمام مقر المسابقة في الهند وقبرص وكادوا يتسببون في إلغاءها. وتقوم العديد من جمعيات حقوق المرأة والقيم الأسرية، بدعم تلك المظاهرات بل وتعطي المتظاهرين كافة التسهيلات للوصول إلى مقر الحفل، فتتكفل بشراء التذاكر لهم للوصول إلى المكان.
غرائب المسابقات
Sorry.. إنها مسلمة!! عندما تم تسليم تاج الجمال لإحدى الفتيات في يوغسلافينا قتم كل الحاضرين بالتصفيق لها. ولكن بعد ثلاثة أيام حين اكتشف المنظمون أنها مسلمة تم سحب التاج منها..!!.
ملكة جمال تايلند.. رجل! في تايلند فازت إحدى المتسابقات بتاج الجمال ولكن بعد أسبوع تم سحب اللقب منها لأن المشاركات الأخريات اشتكين من تحرشاتها الغريبة بهن، وبعد (التمحيص والتدقيق) اكتشفت اللجنة أنها لم تكن إلا رجلاً مستخفٍ في ثياب النساء استطاع التكسر والتدلل حتى فاز على نساء تايلند كلهن.
واسطة! شككت الصحافة الروسية من أحقية الشرطية الحسناء التي فازت بتاج جمال روسيا.. لأنها على علاقة غير شرعية بالرئيس الروسي بوتين وقالت الصحافة أن انتخابها جاء بضغوط من الرئيس على لجنة التحكيم..!
19 عملية.. من أجل التاج من الأشياء التي أثارت غضب المتظاهرين ضد مسابقة الجمال في قبرص أن إحدى المشاركات وهي ملكة جمال البرازيل قامت بإجراء 19 عملية تجميل فقط من أجل الفوز بمطابقة المقاييس....
يخلعن أضلاعهن! من العمليات الخطرة التي تقوم بها بعض الطامحات للقب أن يقمن بإزالة الزوج السفلي من أضلاع الصدر في عملية جراحية خطرة حتى يضيق الخصر أكثر وتصبح أكثر مطابقة للمقاييس. ورغم أن ذلك يعرضهن لمتاعب صحية جمة فيما بعد.. إلا أن ذلك يهون لديهن في سبيل المال والشهرة..
هل الجمال بوابة الحب؟! أمر طبيعي أن يكون جمال الشكل مرغوباً، ولا توجد فتاة لا تتمنى أن تكون جميلة.. ولكن هل الجمال هو فقط جمال الشكل؟ هل بالضرورة أن تكون الأجمل شكلاً محبوبة من الجميع أو أكثر سعادة ونجاحاً من غيرها؟ كثيرات كن يتمتعن بجمال مبهر أو كن (ملكات جمال).. و لكنهن لم ينجحن في نطاق العلاقات الشخصية ولا في كسب قلوب الناس.. ولم ينجح بعضهن حتى في الزواج..
الحب من الله!! وحول ذلك تعلق سميرة علي (30 سنة) من جدة فتقول: نعم هذا صحيح وأنا شاهدة على قصة واقعية حدثت لزميلتي التي كانت ولا زالت مضرباً للمثل في الجمال وحسن القوام، وعندما تزوجت كانت تشعر بأن زوجها لا يميل إليها، وتشكو لي ذلك دائماً ولكني كنت أطمئنها بأن هذا شيء طبيعي وبعد أن أنجبت طفلين فوجئت بزوجها يخيرها بين الطلاق أو القبول بأنه سيتزوج. وفعلاً تزوج عليها أخرى أقل من عادية في الشكل.. وما حرق قلب زميلتي ليس زواجه فهو أمر شرعه الله، ولكن أنه أصبح يردد أمام أخواته و أهله بأنه لأول مرة يشعر بالسعادة و كأنه يعيش حياته من جديد!! فلم يشفع جمال زميلتي لها إذ لم يكتب الله لها أن يحبها زوجها، وفي نفس الوقت استطاعت تلك أن تستأثر بقلبه رغم أنها عادية الشكل جداً.. فالحب من الله..
كرهها رغم جمالها وكذلك تؤيد (شريفة (20سنة) جامعة الملك سعود) هذا الكلام فتقول: كانت هناك فتاة من أقاربنا في منطقتنا – الجنوب- شديدة الجمال بل مبهرة.. يتكلم الجميع في جمالها الفطري.. وكان كل الشباب في سن الزواج يحلمون بالزواج بها.. حتى خطبناها لأخي، وكان شديد السعادة بذلك.. ولكن ما أن تزوجها حتى بدأت المشاكل بينهما.. إذ اتضح أن عقليتها طفولية جداً وثقافتها ضعيفة.. ولا تعرف كيف تتعامل مع أخي.. ولا تحترمه حتى أمامنا.. وتصنع المشاكل على أتفه الأشياء.. ولم تمض ثلاثة أشهر على زواجهما، إلا وأخي ينام لدينا تاركاً إياها و مبتعداً عن مشاكلها.. إلى أن أرسلها إلى بيت أهلها ولم يلبث أن طلقها.. ورغم أننا حاولنا - والله يعلم- الإصلاح بينهما ما أمكن وتهدئة الأوضاع.. إلا أن أخي كان يقول أنه كرهها تماماً ولم يعد يريدها أبداً..
وماذا بعد تاج الجمال؟
بعد كل تلك المسابقات لتطوير الذوق! ولاختيار الأجمل.. نفاجأ بأن كثيراً ممن يرتدين تاج الجمال العالمي ينحدرن لمصير غريب. فبعضهن يحترف الرقص الليلي (ملكة جمال بو رتو ريكو) أو تمثيل أدوار الإغراء (ملكات جمال الهند)، ويتهم بعضهن في قضايا أخلاقية أو يقعن ضحية حوادث اعتداء (ملكة جمال إسرائيل) وفضائح شذوذ (ملكة جمال فرنسا) أو حتى يقعن ضحية جرائم قتل وغيرها (ملكة جمال أمريكا للأطفال) فأي جميلات هن تلك الجميلات؟ وماذا جلب لهن تاج جمالهن من سعادة؟ من هي الجميلة..؟
نتكلم كثيراً عن جمال الروح.. وأنه هو الجمال الحقيقي.. فما هو هذا الجمال؟ جمال الروح ليس له معايير معينة، ولكنه شخصية الإنسان وطريقة تعامله مع الآخرين..
تكون المرأة جميلة الروح بالالتزام بالدين والأخلاق الحسنة والحياء.. بالتسامح والرضى والقناعة.. بالمحافظة على مشاعر الآخرين.. وبالكلمة الطيبة والابتسامة الحنونة.. بالأحاديث الممتعة والشيقة والثقافة والإطلاع..
* فتخيلي فتاة جميلة ولكنها سيئة السمعة تجاهر بالمعاصي.. خارجة عن حدود العفة والحياء..
* أو تخيلي فتاة جميلة ولكنها خشنة التصرفات عصبية، سيئة الخلق بذيئة الكلام كثيرة العراك مع من حولها.. * أو تخيلي فتاة جميلة ولكنها متكبرة مغرورة تحتقر كل من أمامها وتستهزئ به.. وترى نفسها فوق الآخرين..
* أو تخيلي فتاة جميلة ولكنها خاملة بليدة الإحساس محدودة التفكير ضيقة الأفق.. لا تهتم بما يدور حولها.. ولا تجدين ما تتحدثين به معها ولا ما تتناقشين معها حوله..
هل تشعرين حقاً بجمال أي فتاة من هؤلاء.. وحتى لو شعرت بجمالها لوهلة، هل يمكن أن ترتاحين لها وتحبينها؟.. هل تنجذبين لها وترغبين في صحبتها؟؟
بالتواضع واحترام الآخرين وتقديرهم.. بالرقة والأدب في الأقوال والأفعال..
كل هذه الأمثلة .. تدلنا على معنى جمال الروح.. إنه الجمال الحقيقي الذي يبقى ويؤثر في النفس أكثر من غيره.. ويمكن لأي فتاة الحصول عليه..
كنت أخجل من المقارنة بزوجته الجميلة! وتروي سارة أ. (23سنة) قصتها حول ذلك فتقول: عندما خطبني زوجي شعرت بخوف شديد من الإقدام على هذه الخطوة.. فزوجته السابقة التي طلقها كانت شديدة الجمال و يشبهونها بعارضات الأزياء.. أما أنا فأقل من عادية الجمال.. وكنت أشعر بنقصٍ كبير في جانب الشكل.. وكدت أن أرفضه حتى لا أقع ضمن المقارنة الخاسرة مع زوجته السابقة أمام الناس.. كما أنه بصراحة أجمل مني بكثير.. لكن أهلي أقنعوني فوافقت.. و بعد الزواج كنت فعلاً أرى نظرات الاستغراب على وجوه أقاربه عندما يروني لأول مرة.. ولكن ما عوضني عن ذلك أنني وجدته زوجاً حنوناً طيباً غمرني بحبه وطيب أخلاقه.... ووجدته يمتدحني بصفات لم أسمعها من قبل.. وعرفت أن زوجته السابقة كانت شديدة التكبر، وكانت علاقتها مع أهله سيئة جداً.. أما أنا فأصبحت أعامل أهله معاملة طيبة وكأنهم أهلي حتى اعتبروني ابنة لهم و لله الحمد.. وأضحك في سري كثيراً إذا امتدح زوجي (جمالي).. فأنا أعلم أنني أقل من عادية.. ولكن عين الرضا عن كل عيبٍ كليلة..!!
لا تلوموا الشباب! سارة م. (21 سنة)، كلية الآداب لغة عربية قالت بحماس: الكل يلاحظ الاهتمام الكبير بجمال المرأة ومحاولة جعلها رمزاً للفتنة، فحتى محلات الملابس أصبحت تركز على نوعية خاصة من الملابس، كما أصبح من الشائع أن نشاهد الفتاة ذات الإثني عشر عاماً تضع مكياجاً كاملاً. وقد أصبحت كل وسائل الإعلام تنفخ في أذهاننا، وتقنعنا بقوة أن أهم ما يجب أن تهتم به المرأة هو جمالها. فبطلات الأفلام دائماً جميلات والمذيعات والمغنيات كذلك، هذا سوى برامج عروض الأزياء والاهتمام بالجمال والرشاقة، أما حفلات الجمال فقد أصبحت حدثاً عالمياً يتحدث به الجميع في اليوم التالي وكأنه حدث مصيري! بل وصل الأمر إلى درجة أن تكون صورة المعشوقة والمحبوبة الرومانسية في عقولنا هي دائماً لفتاة جميلة بسبب صورة فتاة الكليب التي يتغنى بها أي مغنٍ!! أنا أعرف أن الجمال ليس بالضرورة بوابة الحب، لكن بسبب كل ما ذكرته.. لا تلوموا الشباب إن اقتنعوا أن الجميلة فقط هي من يمكن أن تُحب وبحثوا فقط عن الجمال!!
(موضي) أصبحت الأجمل!! أما أم راكان (24سنة) فتقول: تزوج أخي فتاة أقل من عادية الجمال. ورغم أننا نعرف ذلك إلا أننا اخترناها له بسبب أخلاقها و أخلاق أهلها. وهي طيبة جداً ونعتبرها مثل أختنا إلا أن شيئاً كان يضايقها، وهو أننا - أنا وأخواتي على قدر من الجمال- وعندما تجلس بقربنا في المناسبات كانت تشعر بالإحراج مقارنةً بنا كما تقول.. و لكني كنت أطمئنها وأقول لها أنها تتخيل ذلك حتى لا تشعر بالخجل.. و كانت تضطر للتزين دائماً إذا جلست معنا أمام أخي حتى لا يشعر بأنها أقل من أخواته كثيراً - كما تقول.. وذات يوم كانت جالسة معنا - و أخي موجود- ونحن نتناقش بجدية حول ماذا سنلبس في زواج أحد أقاربنا، فقال أخي وهو جالس ببرود: (موضي) بتروح معكم؟ فقلنا نعم، و(موضي) هي زوجة أخي، فقال: إذن ليس هناك داعٍ لأن تتعبن أنفسكن و تتزين، فإذا جلست معكن.. غطى جمالها عليكن!! فانفجرنا ضاحكين، بينما احمر وجهها خجلاً.. كنا نعتقد أن أخي يمزح ولكنه كان جاداً فسكتنا احتراماً لها.. وعرفنا حقاً كيف أن الإنسان إذا أحب شخصاً فإنه يراه أجمل الناس وإن كان أقلهم!!
عندما عرفتها.. صارت (عسل)!! وتتحدث نورة سلطان (22سنة) عن تجربتها قائلة: عندما كنت في المرحلة المتوسطة، أذكر أنني كنت أرى فتاة في مدرستنا كان شكلها بصراحة قبيح جداً، وكنت أعتقد أنها فظة أو خشنة أو (دمها ثقيل) لا أعرف.. ولكني لم أكن أميل لها.. وفي إحدى السنوات أصبحت معي في الفصل وتعرفت عليها فوجدتها طيبة ومرحة جداً، ودمها خفيف.. يعني باختصار (عسل).. وكان كل من في الصف يحبها جداً. حتى المدرسات كن يحبنها و يفتقدنها إذا غابت.. فقد كانت مرحة ومثقفة وملتزمة أيضاً.. وكانت تقرض الشعر في أي مناسبة.. أي ترتجله ارتجالاً.. وتستطيع أن تقول قصيدة في أي موضوع - ما شاء الله عليها.. فقد كانت موهوبة.. وأحببتها بصراحة جداً عندما عرفتها وأصبحت أراها عادية الشكل بل مشرقة و ليس كما كنت أراها سابقاً - قبل أن أعرفها- فقد كنت أراها بشكل آخر تماماً..
السفن تطوف القارات من أجل رائحتها!!
هاجس المرأة عبر العصور..
منذ أقدم العصور والمرأة تبحث عن الجمال..
فيحدثنا التاريخ منذ أقدم الدهور كيف أن النساء كن يبحثن عن أسباب الجمال بكل الوسائل حتى لو (حاست) التاريخ من أجلها..
* فقد أرسلت عتشبسوت الملكة الفرعونية عشرات السفن في رحلات استكشافية للبحث عن مصادر للبخور والدهون العطرية وغيرها حتى وصلت لبلاد الهند والصين وأطراف أوربا في سبيل (ريحة) الملكة.
* وقد فتح طريق تجاري بري بين شرق وغرب قارة آسيا من أجل لباس المرأة وسمي بطريق الحرير، إذ كان التجار يسيرون قوافلهم من خلاله في رحلات قد تستغرق أكثر من سنة من أجل استيراد الحرير من بلاد الصين.
* وعلى ذكر بلاد الصين والحرير، تروي الأساطير أن أحد أباطرة الصين كانت لديه زوجة جميلة وأرادت هذه الزوجة أن (تتدلل) على زوجها فطلبت منه أن يحضر لها هدية عجيبة عبارة عن فستان جميل لم ترتد امرأة مثله، وقد اشتهت أن ترتدي فستاناً منسوجاً من أشعة الشمس!! نادى هذا الإمبراطور كبير خياطي للثياب الملكية في القصر، وأخبره برغبة الملكة العجيبة.. فحار المسكين في أمره ولم يعرف ماذا يفعل حتى اكتشف دودة القز بالصدفة ولاحظ خيوطها اللامعة الغريبة فنسج منها فستاناً أبيض رائع كان يلمع ويعكس ما يقع عليه من ضوء.. وعلى يدي هذه الملكة المتغطرسة الباحثة عن الجمال تم اكتشاف الحرير لأول مرة!! * أما الملكات والأميرات الفرنسيات فكانت لهن طرق عجيبة في الاهتمام بجمالهن. ففي الوقت الذي كانت فرنسا تعاني فيه من المجاعة والفقر والأمراض، كانت الملكة ماري انطوانيت لا تتنازل عن حمامها اليومي المكون من عشرات الليترات من الحليب مع العسل التي تغطس فيها للعناية ببشرتها!! حتى ثار عليها الشعب وقطع رأسها بالمقصلة.. ولم تفدها نعومة بشرتها ولا جمالها إذ لم يحبها الشعب.
* وفي اليابان كانت النساء من شدة حرصهن على صغر أقدامهن - وهي علامة هامة للجمال لديهم- يقمن بإلباس بناتهن أحذية حديدية منذ الصغر حتى لا تكبر القدم.. وكانت هذه الطريقة تسمى أقدام الزنابق، وعي طريقة معذبة جداً ومتعبة. مع ربط القدمين بسلسلة صغيرة حتى لا تسير الفتاة بخطوات واسعة وتتعود على (نعومة) المشي! وقد استمرت هذه الطريقة حتى منعتها الحكومة بقرار رسمي بعد الحرب العالمية الثانية وحررت البنات من أغلال الجمال لأنها كانت تسئ لسمعة البلد إنسانياً.
مجنونة جمال!! جواهر ب.ع. (27 سنة): بصراحة لا أحد ينكر أن الجمال مطلوب. وكل امرأة تبحث عن الجمال بأي وسيلة، لكن في النهاية يجب أن لا يتجاوز ذلك حدود المعقول. ذات مرة تبادلت الحديث مع إحدى المراجعات في المستشفى أثناء انتظارنا للموعد، فذكرت لي أنها أجرت أربع عمليات تجميل من أجل أن تنافس جميلات الفضائيات التي يتابعها زوجها. فوجئت أنا تماماً بكلامها لكنها أقسمت لي أنها فعلاً أجرت عملية لتوسيع عينيها في الخارج، وعملية أخرى لتكبير الصدر وثالثة لشد بطنها وسحب الشحوم منه، ورابعة لشد وجنتيها وجعلهما أكثر امتلاءً بإضافة أنسجة من الفخذ لها!!! فتحت فمي من شدة عجبي منها، إذ لم أتوقع أن أرى امرأة بمثل هذا الهوس بجمالها، فقد ذكرت أيضاً أنها تداوم على حضور التمارين في النادي يومياً مع تغيير صبغة شعرها شهرياً هذا سوى جلسات العناية بالبشرة والشعر الأسبوعية في الصالون! وبصراحة لم أعرف ماذا أقول لها، لكن بعد كل ما ذكرت لي قالت بحسرة وندم: (ويا ليت هذا أفادني في شيء.. فالـ (...) لم يملأ عينه كل هذا، وذهب ليتزوج عليّ؟!) لا أعرف لماذا ضحكت في سري وقلت لنفسي (الحقيقة.. يحق له ذلك طالما هذا مستوى تفكير زوجته!!).
لم أعد أر فيها أي جمال أريج س. (21 سنة) تقول: أنا مؤيدة تماماً لأن الجمال ليس له دخل بالحب، وأنا أرى أن أي امرأة بإمكانها أن تصبح جميلة بترتيب شكلها وتحسين مظهرها بشكل معقول، مع طيب أخلاقها وحسن معشرها. وأذكر أنه سبق ورأيت فتاة في الجامعة كانت تبدو رائعة الجمال والجميع يبهر بشكلها وقوامها وأناقتها. وذات مرة صادف أن أخذت مادة عامة كانت تأخذها معنا، وعندما جلست قربي.. ونظرت إليها عن قرب وجدت أن أكثر جمالها صناعي فشعرها مصبوغ، ولون عينيها عدسات كما أنها تضع طبقات من المكياج، فقلت لا بأس.. هذا لا يمنع أن تكون جميلة لكنها تزيد من جمالها بهذه الوسائل.. ولكن عندما تكلمت وجدت أن صوتها خشن جداً، وأسلوبها في الكلام قاسٍ جداً وكأنها رجل! فقلت ربما هذا طبعها.. ولكن فيما بعد بدأت اكتشف كم هي كسولة جداً و(غبية) وفوق هذا متعجرفة.. كانت تأتي في منتصف المحاضرة وتدخل بكل مكابرة دون حتى أن تعتذر من الأستاذة.. ويبدو أن الأستاذات صرن يتجنبن مناقشتها بسبب كثرة مشاكلها معهن.. وكان لديها (شلة) متخصصين في (تغشيشها) أيام الاختبارات.. أما غطائها وقت الخروج فلا تسأل عنه.. عموماً.. لقد مقت تلك الطالبة وكرهتها.. ووالله أني لم أعد أرى فيها أي جمال.. وتمنيت لو لم أعرفها عن قرب.. لأن جمالها كله قد زال أمام سوء أخلاقها وتعاملها..
أصبحت مريضة أماني (26سنة) تقول: إذا كان أحد يعاني من هذه المسألة فهو أنا، والمشكلة أنني أنا التي ابتليت نفسي. فمنذ أن أدخل زوجي طبق (الدش) إلى منزلنا بطلبي وبدأنا نشاهد البرامج وحفلات الجمال وعروض الأزياء وغيرها. حتى بدأت أغار على زوجي منهن وأخاف أن يقل حبه لي، فأصبح لا هم لي سوى الاهتمام بجمالي. فما بين شهر وآخر أغير صبغة شعري، كما حرمت نفسي من أطايب الأطعمة لأحافظ على جسمي، ولم يعد همي سوى شراء الملابس التي على آخر موضة لكي لا أكون أقل أناقة منهن. لقد تعبت، نعم.. والله تعبت من هذا الهم الذي يلاحقني طوال الليل والنهار.. حتى أصابتني كآبة حادة وحالة نفسية من البكاء والعزلة. وقد أخذني زوجي للعمرة وارتاحت نفسيتي قليلاً ولله الحمد. ولكن عندما طلبت منه الآن أن يزيل هذا الطبق رفض تماماً ومعنى هذا أن مأساتي ستستمر.. وليكن الله في عوني.
جميلات الشعوب؟
لكل شعب مقاييسه وذوقه الخاص باختيار (الجميلة): العرب: البياض والامتلاء - فالعرب كانوا يحبون الملامح الأصيلة: الأنف الدقيق والعيون الواسعة الكحيلة والعنق الصافي الطويل والجسم الممتلئ، مع الشعر الأسود الطويل و البشرة البيضاء الصافية. و يماثلهم في ذلك الهنود والفرس وإن كانوا أميل لاختيار الأكثر رشاقة. الغرب: الطول الفارع - الغربيين في الوقت الحالي: يفضلون الطول و يهتمون به كثيراً كأهم مقاييس الجمال يليه الشعر الأشقر - وإن كانوا يفتنون بالشعر الأسود والبشرة السمراء الصافية- مع الجسم النحيف الرياضي والأكتاف العريضة، والشفتان الغليظتان الممتلئتان. اليابان: الأقدام الصغيرة - في اليابان: هناك مقاييس مختلفة، إذ يفضلون المرأة الناعمة الرقيقة الشكل البيضاء الصافية البشرة والعنق، الهادئة الصوت، والتي تكون قدماها صغيرتان ومشيتها رقيقة ومتقاربة الخطى، وكانوا يعتبرون الطول عيباً لا ميزة في المرأة. الأسكيمو: أهم شيء رائحتها! - بعض الشعوب مثل الأسكيمو والهنود الحمر: كانوا يهتمون أشد الاهتمام برائحة المرأة وبالذات رائحة فمها وجسمها وشعرها. إذ يحرصون على وضع الزيوت العطرية والأوراق في الشعر مع مضغ بعض النباتات التي تطيب رائحة الفم وهم يختبرون رائحة فم المرأة وجسمها قبل خطوبتها، وذلك من خلال الخاطبة التي تقوم بمهمة الـ"كلب البوليسي" في شم المرأة المستهدفة. الفراعنة: العيون الكحيلة - الفراعنة القدماء: اهتموا بالعيون أكثر من غيرها إذ بحثوا عن أجود أنواع الكحل لأن المرأة كلما ركزت على جمال عينيها أصبحت أكثر سحراً وجاذبية، كما اهتموا كثيراً بالعطور والأبخرة، وهم أول من استخدم اللبان لتعطير الفم، وإذا عرفنا أن الملكة كليوباترة لم يكن طولها يتجاوز 150سم عرفنا أن الطول الفارع لم يكن يهمهم. أفريقيا: الرأس الأصلع! - بعض القبائل الأفريقية: يزيدون في مهر المرأة كلما ازداد سواد بشرتها، لأن ذلك ليس دليلاً على الجمال فقط ، بل دليل على صفاء عرقها. كما أنهم لا يفضلون الشعر الطويل أبداً إذ يقومون بحلق رؤوس الفتيات تماماً (على الصفر) حتى تبدو أكثر أنوثة و جاذبية! كما تعجبهم السمنة وامتلاء الأرداف والأكتاف. منغوليا والتبت: عنق الزرافة - بعض القبائل التي تعيش في منغوليا والتبت: تفضل العنق الطويل جداً، حتى أنهم يضعون حلقات معدنية في عنق الفتاة منذ ولادتها وفي كل عام لكي يزداد طول عنقها إذا كبرت وقد تصل الحلقات إلى عدد كبير جداً حتى إن المرأة لتبدو مثل الزرافة.. ولكنها هي الأجمل لديهم! جنوب السودان: (المخمشة) - في جنوب السودان وبعض الدول الأفريقية: تهتم بعض القبائل جداً بالشقوق التي يقومون بعملها على وجه المرأة منذ ولادتها – كحماية لها- وكذلك على بطنها ويديها أحياناً، ويعتبرون المرأة غير (المخمشة) ناقصة وقد لا تصلح للزواج.
لمرجع/ مجلة حياة العدد (20) ذو الحجة 1422هـ
تحرير: حورية الدعوة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »