فكروا كما لو كانت أفكاركم منقوشةً بأحرف من نار على جلودكم بحيث تبصرها وتقرأها جميع الكائنات ، وإنها في الواقع كذلك • تكلموا كما لو كان العالم كله أذناً واحدةً مصغيةً إلى من تقولون • اعملوا كما لو كان كل عمل من أعمالكم سيرتد بنتيجته إليكم • تمنوا كما لو كنتم الأمنية التي تتمنون • احيوا كما لو كان ربكم في حاجة إلى حياتكم ليحيا هو حياته • إن لكم آذاناً كثيرة ولذلك لا تسمعون ، فلو كنتم بأذن واحدة تسمع وتعي ما تسمع ، لما كنتم في حاجة إلى دين يهديكم أو معلم يأخذ بيدكم في طريق النور • لا دينونة في فمي ، بل في فمي فهم مقدس ، فأنا ما جئت لأدين العالم ، بل بالأحرى لأرفع عنه الدينونة ، إذ أن الجهل وحده فخورٌ بجبة الفضاء وولوع بشرح القانون وإنزال العقوبات بالناس ، والجهل يدين ذاته بذاته ، وليس أقسى من الجهل دياناً للجهل • ليس هناك إله وإنسان ، بل هنالك الإله الإنسان ، والإنسان الإله ، هنالك الواحد الذي مهما تكرر أو تجزأ بقي أبداً واحداً • وحدة الله هي ناموس البقاء الأوحد ، واسمها الآخر هو المحبة ، من عرف ذلك الناموس وعاش به عاش للحياة ، ومن جهله ، وعاش بغيره ، عاش لعدم الوجود أو للموت • الهواء شريك في كل ما يجري تحت قبة السماء ، والكوكب لها يد في كل ما يحدث في العالم ، وكل ميت له صلة وثيقة بكل حي ، فهل تدركون … • كل يوم هو يوم دين ، فلكل كائن حسابه ، وهو يحاسب ذاته في كل لحظة من وجوده ، ولذي هو فيه الآن هو صافي حسابه منذ الأزل حتى الآن … • ليس من فكر أو عمل أو أمنية إلا يسجلها المفكر والعامل والمتمني في ذاته ، ولا من فكر أو عمل أو أمنية عاقر في العالم ، بل كلها يحبل ويلد من جنسه ، فما كلن منها مجارياً للناموس ، ضمه الناموس إلى الحياة ، وما كان مغايراً أو مناقضاً للناموس ضم إلى الموت شرارات على الطريق • تجَنَّبوا الجِدالَ من أي نوعٍ كان ، فالحقيقةُ تَشهدُ لِذاتها ، وشهادتها في غِنىً عن التّزكية والبرهان ، أما ما كان لا يقومُ إلا على الحُجّةِ والبرهان ، فما أسرعَ أن ينَهارَ بالحُجّةِ والبرهان • لِيَكنْ كلامكم حافزاً لأفكارِ الغير ، وسكوتَكم حافزاً لأفكارِكم • الكلماتُ سفنٌ تمخرُ عُبابَ الفضاء وتَرسو موانئ كثيرة ، لتعودَ في النّهايةِ إلى المرفأ الذي أبحَرتْ منهُ مَشحونةً بمثلِ ما شُحِنَت ، فاحترسوا بماذا تَشحَنونَ سُفُنكم لأنها ستعود لِتُفرِغَ حمولتَها أمامَ بابِكم • قلبٌ نظيف …حِصنٌ لا يُنال • مثلما تَتَغذونَ بالناسِ وبسائرِ الكائنات ، هكذا يَتَغذون بِكم ، كونوا غِذاءً صالحاً للآخرين ، وإلاّ تَسَممتم مِن ما تأكُلون • إذا كنتم في شكٍ من أمرِ الخُطوةِ الآتية ، فالزموا مكانَكم ، لأن كلُ ما تكرهوهُ يكرهكم ، أحِبوهُ ودعوهُ وشأنه ، وبذلك تُزيحونَ حَجَر عثرةَ عن طريقِكم • ما لا يُطاق : هوَ أن تَروا شيئاً لا يُطاق … • اختاروا لأنفُسِكم أحدَ أمرين : إمّا أن تمُلكوا كلّ شيء أو لا شيء ، إذ ليسَ من وسطٍ بينَ الجانِبين • المستقيمُ أخو الأعوَج ، ذلك طريقٌ مخُتصر ، وهذا طريقٌ مُتعرّج ، فلا تيأسوا من الأعوج • أدوارُ الحياةِ الإنسانية بالترتيبِ هي : الكينونَةَ ، فالشعورِ ، فالفِكرِ ، فالخيالِ ، فالمعرِفة . • إياكُم والمديحِ تُكيلونهُ أو يُكالُ لكُم ـ وإن بإخلاص وَعَن جَدارة ـ أما المجامَلةَ ، فَسُدوا دونَ نفثِاتها المسمومةَ آذانِكم وكُموا أفواهِكم . • ما دُمتُم تَشعرونَ أنّكُم تُعطون ، فأنتُم في الواقعِ تَقتَرِضونَ كلّ ما تُعطون ، إذا أعطَيتُم فاعلموا أنّكم لا تُعطونَ الناس غَير ما تم إتِمانِكُم عَليهِ للناس • كونوا متَّزنينَ في كل ما تَنوونَ وتُفكرونَ وتَقولونَ وتَعملونَ ، وإذ ذاك ، فأنتُم القِسطاس والمكيال والذّراع والناس • ما مِن فَقرٍ ولا مِن غِنىً ، هُنالكَ الحذقُ أو الغباوةِ في استعمالِ الأشياءِ لا غير • الفقيرُ حقاً مَن أساءَ استعمالِ ما لَديه ، والغنيُّ حقاً مَن أحسنَ استعمالَ ما لديه • إنّ كِسرةً من الخبزِ العَفِن قَد تكونُ ثروةً لا تُقدّر ، وإنّ قَبواً محَشواً ذَهَباً قَد يكونُ لصاحبهِ فَقراً لا فَقرَ بَعده شرارات على الطريق 2 • حَيثُ تَلتقي طُرقٌ كثيرة ، لا تَقِفوا مُترددين في أيُها تَسلكون ، كلّ الدروبِ يؤدي إلى الله عِندَ مَن قَلبُه يُفتّشُ عَن الله • احترموا جميعَ أنواعِ الحياةِ وأشكالهِا ، ففي أصغَرِها وأدناها المفتاحُ إلى أكبرِها وأسماها • لا تحُقّروا أحداً مِن الناس ، فَخيرٌ لكم أن تَكونوا محُتقَرينَ مِن جميعِ الناس ، مِن أن تحُتّقِروا إنساناً واحِداً • إذا احتقرتمُ أي إنسان احتَقَرتمُ الإله المشمولِ فيه ، وإذا احتقرتمُ الإله المشمول فيه فكأنّكم احتقرتموهُ في أنفسِكم ، وإن أنتُم احتقرتم الإله المشمول فيكم وهو دليلكُم إلى الميناء ، إلى الإلهِ الشامِل ، فَكيفَ تَرجونَ أن تَبلغوا مينائكم ؟ • تَطلّعوا إلى فوق لِتُبصروا ما هو أسفل ، وتَطلّعوا إلى أسفل لتِبصروا ما هو فَوق • انحدِروا على قَدرِ ما تَرتَقون ، وإلا فَقَدتم توازُنكم • أنتُم اليوم تلاميذ ، وغداً تصبحونَ مُعلّمين ، فَلِكي تَكونوا معلّمين صالحين ، عليكم أن تَبقوا تلاميذَ صالحين • لا تحاولوا أن تستأصِلوا الشّرَ مِن العالم ، حتى الأشواكَ والأعشابَ البريّة تَصلحُ سماداً للأرض • الأشجار الباسقة الجميلة لا تُشَكِّلُ وَحدها غابة ، بَل لا بُدّ مِن الأدغالِ واللبلابِ والطفيلياتِ في الغابةِ لتكونَ غابة • ليضيء كل واحدٍ مِنكم منارتَهُ صافيةً عالية ، مِن غَيرِ أن يَدعو الناس إلى الاستنارةِ بها ، فالذينَ يُفتشونَ عن النورِ ليسوا في حاجةٍ إلى مُنادٍ يَدعوهم إلى النور ، أولئكَ سيأتونَ من تلقاءِ أنفُسِهم • لسوف تمر بكم أيام تظلم فيها طرقكم وتبدو لكم مقفرةً من الرفاق ، منيعة على الإقدام ، تشددوا ولا تلين لكم إرادة ، وثابروا في السير ، وخلف كل عطفة في الطريق ستجدون رفيقاً جديداً • يستطيع الدليل أن يدل على الطريق أولئك الذين يبحثون عن الطريق ، ولكنه لا يستطيع إكراههم على المشي فيه ، فلا تنسوا أنكم أدلاء فقط • الدليل الصالح من كان له دليل صالح ، اتكلوا على دليلكم الصالح • كثير هم الذين سيقولون لكم أرونا الطريق ولكن قليل وقليل جداً هم الذين سيتوسلون لكم قائلين : سيروا بنا في الطريق • ازحفوا حيث يتعذر عليكم المشي ، وامشوا حيث يتعذر العدو واعدوا حيث يتعذر التحليق ، وحلقوا حيث تشعرون بأن المسكونة كلها قد اتكأت في أحضانكم ، أما متى اتكأت المسكونة في أحضانكم فاستكنوا … • ضمخوا قلوبكم وأفكاركم بطيب الغفران كيما تحلموا أحلاماً مضمخةً بالطيوب • حميات الناس يمكن تحوليها ، فحمى الحرب يمكن تحوليها إلى حمى السلم ، وحمى اختزان المال إلى حمى اختزان المحبة ، تلك هي كيمياء الروح التي أنتم مدعوون إلى ممارستها وتلقينا للناس • عظيم هو البون وشاسع بين مالك ومملوك ، أنتم لا تملكون إلا ما تحبون ، أما ما تكرهون فأنتم مماليكه ، احذروا من أن تكونوا مماليك • الحظ ألعوبة الحكماء ، أما الجهلاء فهم ألعوبة الحظ ، • لا تتذمروا أبداً من شيء ، فتذمركم من أي شيء يجعل منه جلاداً لكم ، أما تحملكم إياه عن رضى ، فيجعلكم جلاديه ، وأما فهمكم إياه ، فيجعل منه خادماً مطيعاً وأميناً لكم • أحسنوا تسديد سهامكم ، وكل نتيجة تحصلون عليها مهما تكن ، هي نتيجة حسنة • كل ما يصلكم هو لكم ، وكل ما يتماهل في الوصول إليكم ليس حقيقياً بانتظاركم ، دعوه ينتظركم … • لن تخطئوا هدفاً البتة إذا كان ما تصوبون إليه رغائبكم يصوب لكم رغائبه • إن وراء كل هدف تخطئونه ، هدفاً آخر تدركونه ، وهو الأصلح لكم والأهم ، فلا تجدن الخيبة إلى قلوبكم سبيلاً • من كل ما تقذفه سمكة من البيض في الماء قد لا تثمر عير واحدة من مائة ، أما التسع والتسعون فلا تذهب مع ذلك هدراً ، هكذا تبدو الطبيعة سخية إلى حد العسف والتبذير ، ولكن في عسفها وتبذيرها روية ، كونوا كالطبيعة سخاءً وبذروا قلوبكم وأفكاركم ، ولكن بروية ، في قلوب الناس وأفكارهم • لا تطلبوا ثواباً عن أي عمل من أعمالكم ، فالعمل في ذاته ثواب للعامل الذي يحب عمله • اذكروا الكلمة المبدعة والتوازن الكامل ، فأنتم عندما تبلغون ذلك التوازن بواسطة الفهم المقدس ، تصبحون متغلبين ، وإذ ذاك فأيديكم شريكة في العمل ليد الله • ليس من المجد في شيء أن يتغلب إنسان على تيس ، بل من الخزي كل الخزي أن يفتدي إنسان دمه بدم تيس مسكين