على بعد مسافة ليست ببعيدة وقفت تراقب ابنتها التى لم تتجاوز العشرين من عمرها وهى تقوم بفتح جهاز الكمبيوتر الذى اشترته لها حديثا .فعلى الرغم من الثقة التى بداخلها تجاه ابنتها الا انها لا تعرف كيف ستتعامل مع ذلك الجهاز الذى سوف يكون خير عون لها فى دراستها . كلمات ابنتها الليلة الماضية لا تزال عالقة فى اذنيها وهى تراقبها " يتحدثن صديقاتى عبر الأنترنت وأود الأنضمام اليهن فى وقت الفراغ " رفضت بشدة تلك الرغبة واكدت عليها ان الدخول على النت للحاجة فقط وليس للترفيه والتسلية . لم يكن القلق الذى انتابها منذ مجىء ذلك الجهاز آت من فراغ بل تمكن منها عندما علمت ان النت لا يقل ضره عن نفعه ولانها ربت فيها الدين والقيم والمبادىء سمحت لها باستخدامه فى حدود ما امرتها به . حتى تلك اللحظة لم تلاحظ اى فعل غريب طرأ عليها ، لكنها انتبهت حينما وجدت ابنتها وقد بدأت فى الدخول على النت . فى البداية وجدت ان الموقع الذى أتت اليه كان خاص بالبحث الذى تعده وعندها شعرت بارتياح وهمت بالخروج من الحجرة لكن سرعان ما عاد القلق اليها ثانية عندما لاحظت اتجاه ابنتها الى الموقع المحذور منه ولم تدرك ذلك الا بعد ان سمعت صوت ابنتها وهى تتمتم باسماء صديقاتها وكأنها تبحث عنهم داخل الموقع .اقتربت منها بحركة خفيفة تبعتها خطوات بطيئة .بقلبا كاد ان يتوقف من سرعة دقاته حتى وقفت خلف ابنتها تماما فأصبحت الرؤية كاملة الوضوح .وما ان وقفت خلفها حتى وجدت اسم لشخص غريب ظهر على شاشة الكمبيوتر شعرت الأم بالأرتباك الذى تملك ابنتها لحظة ظهور ذلك الأسم والقاءه التحية عليها مقدما نفسه لها ، تمالكت الأم اعصابها وهى تحاول ان تتحكم فى الموقف لترى نهاية هذا الوضع المريب . القت ببصرها على ابنتها بعين حذرة يملؤها القلق والترقب فوجدت ابنتها وقد لمست لوحة المفاتيح برعشة تملكت اصابعها وبدأت فى تقديم نفسها لذلك الشخص أحست الأم بنبضات قلب ابنتها المتلاحقة وكأنها فى صراع رهيب سوف يتحدد من خلاله كل شىء . لكن سرعان ما شعرت بارتياح تسلل اليها وابتسامة باتت واضحة على ملامح وجهها عندما وجدت ابنتها وقد ارتسمت على وجهها معالم الأرتباك والتوتر حين طلب منها ذلك الشخص ان يقابلها ليتمكن من معرفتها جيدا وما ان عرض عليها ذلك الطلب حتى وجدتها وقد مدت يدها لتغلق الجهاز ثم راحت فى بكاء شديد .