كشف استطلاع للرأي في بريطانيا أن معظم النساء يتجسسن على أزواجهن باستخدام أجهزة متطورة ومبتكرة للتنصت والتصوير والتسجيل، وكل ما يتطلبه عالم التجسس من أعمال خفية، مما شجع البعض على إنشاء مراكز لتجسس الزوجات على الأزواج هدفه مساعدة الزوجة على معرفة خط سير الزوج اليومي.
أثبت الاستطلاع الذي شمل 200 زوجة أن 100% من الزوجات يبحثن في تليفونات أزواجهن حتى وإن كن لا يشككن فيهم، وأقرت 5% من العينة أنهن بحثن عن أشخاص مأجورين لمراقبة الزوج، وأوضحت 75% منهن أنهن لا يراقبن أبناءهن المراهقين مثلما يراقبن الزوج، واعتقدت 5% منهن أن الأسلوب الأمثل للوصول لسر الرجل هو الحوار والاستدراج بالحديث، بينما أكدت 15% أنهن يجدن الطريقة المثالية لكشف غموض الزوج بمتابعة تليفونه المحمول والكمبيوتر.
جاءت هذه النتائج خلال استطلاع للرأي نشرته جريدة الاندبندنت البريطانية مطلع مارس الحالي تبين منه أن ثلاثا من كل أربع نساء على استعداد للتجسس على الزوج في حالة الشك في سلوكه.
مسألة مبدأ
يوضح "ديفيد آلن" صاحب مركز للتجسس الزوجي بلندن أن هناك اهتماما متزايدا بالتجسس بين الأزواج من الجنسين، وهذا النشاط يزداد بين النساء على الخصوص، حيث تمثل خدمة النساء الراغبات في التجسس على أزواجهن 40% من الخدمات بالمركز، وقد تطور حب ملكية ومراقبة الزوج إلى درجة أن بعض الزوجات تستأجر مراقبا بسيارته وبراتب شهري ليتبع زوجها أينما ذهب مهما كلفها ذلك من أموال.
ويضيف "ديفيد": هذا الاهتمام النسائي متمثلا في زيادة الإقبال على المركز استدعى أن نعلن عن حاجتنا لمخبرين متخصصين في التجسس لتلبية الطلبات المتزايدة، كذلك تم إنشاء مراكز مضادة متخصصة في تجسس الزوج على زوجته.
حدث هذا في بريطانيا.. فماذا عن مصر؟ وهل يقبل الأزواج والزوجات فيها مثل هذه الممارسات التي تفرضها خصوصية العلاقة الزوجية ورغبة كل طرف في الاستئثار بشريكه له وحده دون سواه وإن اختلفت المجتمعات والظروف، أم أن طبيعة المجتمع الشرقي بسمته المحافظ الذي يبنى فيه الزواج على الثقة المطلقة في سلوك كل من الزوج والزوجة على وجه الخصوص تجعل مثل هذه المراكز تجارة كاسدة؟
المراقبة لا تمنع خيانة
ترفض "سمر سالم" (28 سنة) هذه الفكرة مؤكدة أن المراقبة لا تمنع الخيانة إذا كانت نية مبيتة للزوج، وأن المرأة بإمكانها أن تضمن ولاء زوجها واستقطابه بالحب والود حتى تضمن ألا ينظر إلى غيرها، سواء في وجودها أو غيابها، وتشير إلى أن طبيعة الرجل العنيدة من الممكن أن تجعله يلجأ للخيانة نتيجة تصرفات زوجته الهوجاء ليثبت أنه انتصر عليها.
أما "نيرمين كامل" (30 سنة) فلها رأي مختلف تعبر عنه قائلة: من الممكن أن أتصرف بعض التصرفات البسيطة دون علم زوجي، وذلك على سبيل الاطمئنان فقط، وليس شكا في سلوكه، كالبحث في قائمة مكالماته الخاصة مثلا.. أما المراقبة والتجسس على الطريقة البريطانية فهي مرفوضة تماما، وهي أقصر الطرق للإصابة بالجنون، لأنه في حالة إذا ما انتوى زوج الخيانة فسيفعلها سواء بمراقبة أو بدون، وهي تنم عن عدم ثقة، وفي الغالب تقودهما إلى طريق مسدود.
وتؤيدها في الرأي "أميرة عبد الحميد" (44 سنة) التي تصف هذه التصرفات "بالطرق الفاشلة"، وترجعها إلى عدم ثقة الزوجة بنفسها، وترى أن البديل يكمن في يقظة الزوجة الدائمة واستخدامها الحاسة السادسة، ولكن بشكل يجعل زوجها يحترمها ويخاف على مشاعرها دون أن يشعر أنه مراقبا.
للتجسس حدود
"هادى عمر" (37 سنة) مهندس يقول: بعد 8 سنوات من الزواج اكتشفت أن زوجتي تتلصص على أوراقي ومستنداتي، المشكلة أنني بعدها فقدت الشعور بالثقة و(السكن) الذي كان يميز علاقتنا من قبل، لكنني كتمت الأمر ولم يخرج للآخرين حتى لا تزيد المشكلة.
"نبيل عبد الرحمن" تاجر (54 سنة) يقول: لو اكتشفت أن زوجتي تبحث خلفي فسأطلقها بدون تردد، لأن هذا يعنى أنها مريضة، ولا يمكنني العيش معها وهى فاقدة الثقة بي، فالدنيا مليئة بالنساء وبحكم عملي أتعامل مع الكثيرات منهن، فهل إذا تحدثت عبر الهاتف أو تواجدت مع إحداهن في مكان عام تعتبر ذلك خيانة لها؟!
أما "علي سليم" (43 سنة) محاسب، فعلى عكس سابقيه لا يلق أهمية لقيام زوجته بمثل هذه الأعمال، كأن تبحث في الموبايل خاصته؛ لأنه على حد قوله ليس هناك ما يخاف منه، بل لقد اعتبر تلك الممارسات حرصا منها على استقرار حياتهما الزوجية، زاعما أنها ستثق به وتترك هذه العادة السيئة عندما تقتنع أن لا شيء يخفيه عنها.
بينما يؤكد "محمد مراد" (40 عاما) مدرس أن هناك بعض الرجال من ذوي الأعين الزائغة لا يجدي معهم نفعا سوى أنظمة المراقبة التي تمارسها بعض الزوجات، ويشير إلى أن الحياة الزوجية هذه الأيام تحولت لحلقة صراع، مما يبيح استخدام كل الأساليب في الزواج لكن دون إفراط حتى تسود علاقة جميلة في مؤسسة الأسرة.
مرض نفسي
وتتعجب الدكتورة "منال عمر" استشارية الطب النفسي من تجسس الزوجة على زوجها قائلة: أتعجب من قيام بعض النساء بمراقبة أزواجهن والتنصت عليهم، والسؤال هو ماذا يفيدها إذا اكتشفت خيانته لها أو تلاعبه بمشاعرها؟ أنا أعرف نساء يداومن على مراقبة هواتف أزواجهن المحمولة لمعرفة من يتصل بهم، ومن يرسل لهم رسائل إلكترونية وغيرها من الأمور، وكلها ممارسات تدل على وجود خلل لدى الزوجة أو إصابتها بداء الفضول الشديد الذي من الممكن أن يدمر حياتها نهائيا.
وتكمل: من المعروف في الطب النفسي أن هناك مرضا يسمى الغيرة المرضية يصيب الرجال والنساء على حد سواء، ولكنه أكثر انتشارا بين النساء بحكم سيطرة العواطف عليهن، ومن أعراضه تشديد الرقابة على الطرف الآخر، وتخيل أمور وعلاقات قد لا يكون لها أي أساس من الصحة، وبخاصة أن الكثير من الرجال يكون لهم نزوات سرعان ما تنتهي.
ويشير الدكتور "أحمد خليل" أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة إلى أنه عندما يصبح أحد طرفي العلاقة الزوجية جاسوسا على الآخر فإن العلاقة بينهما تعتبر غير سوية، والزوج الجاسوس تحديدا لا يمكن أن يعيش حياة سعيدة لأنه يشعر دائما بأن زوجته لا تخبره سوى بأنصاف الحقائق، وأن عليه هو بوسائله الخاصة أن يكتشف الأنصاف الأخرى.
ويلقي " د. خليل " اللوم على الزوجة في حالة الزوج الجاسوس باعتبارها المسئولة عن اختيار زوج شكاك من البداية، وكان عليها أن تكتشف هذا العيب في فترة الخطوبة، ولذلك يجب ألا تلوم إلا نفسها، ولكنه يعود ويقرر أنه لا يمكن أن تستقيم حياة زوجية بهذا الشكل أبدا، والحل في رأيه هو إقامة حوار دائم بين الطرفين والاهتمام بالسلوكيات التي تدعم الثقة بينهما.
وترى "عبير فوزي" الأخصائية الاجتماعية أن الاهتمام الكافي وإعطاء الثقة المتبادلة ومنح جزء من الخصوصية المحظورة لكلا الزوجين تساعد في القضاء على الشك والريبة من قلوب الأزواج تجاه بعضهم البعض، وأن الثقة التي توليها الزوجة لزوجها لا تجعلها تفكر بالتجسس عليه ولو بدافع الفضول، وفي الوقت نفسه لم تنف وجود نوع آخر من الأزواج يجبر زوجته على التجسس عليه لتحمي نفسها وبيتها من الانهيار، لكنها ترى أنه حتى إذا تأكدت الزوجة من الخيانة فعليها أن تكون هادئة كي تكسب ود زوجها، وأن تعي أن المعاملة الطيبة بالضرورة ستؤدي إلى نتائج إيجابية، أما إذا كانت مضطرة إلى سؤاله فيجب أن تكون موضوعية وبعيدة عن التشنج والعصبية، وفي الوقت نفسه على الزوج أن يتفهم الأسباب التي أدت إلى غضب زوجته منه وأن يحل المشكلة بطريقة سلمية.
منقول