أكد الدكتور خضر عبد المعطي على أهمية الدور الذي يلعبه مبدأ التعاون داخل الأسرة المسلمة في ضمان حمايتها واستقرارها، وذلك في الندوة الشهرية الخامسة للمركز الثقافي الاجتماعي بهولندا والتي نظمها تحت عنوان "ضوابط حماية الأسرة المسلمة في أوروبا". وجاءت الندوة تجاوبا مع حملة الأسرة التي أطلقها اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا لهذه السنة، واقتناعا بدور الأسرة المحوري وأهميتها في المجتمع باعتبار أن تماسكها ونجاحها في تربية الأبناء تربية إسلامية صحيحة هو من أهم عوامل استقرار الإسلام والمسلمين في أوروبا. مخاطر الذوبان واستهل الدكتور عبد المعطي الندوة بالتأكيد على أن الاهتمام بموضوع الأسرة المسلمة من الأمور الملحة والمفروضة في الوقت الراهن، ومن هنا فإن الحملة التي أطلقها اتحاد المنظمات الإسلامية تعد دعوة صريحة للإصلاح الشامل لما نحن عليه من واقع أليم ومخز لا يليق بالإسلام والمسلمين من منطلق قوله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وقال: هذه الدعوة موجهة بالدرجة الأولى لرواد الإصلاح ولكل من يحمل هم الدعوة لهذا الدين، وإن كنا لا ننسى دور الجيل الأول المبارك الذي قدم الكثير.. وما هذه المراكز والمؤسسات الإسلامية إلا ثمرة طيبة لجهود الصالحين والخيرين منهم، وإن الهدف من الإصلاح لا يعود نفعه على الأسر المسلمة فحسب وإنما يعم النفع للمجتمع الأوروبي عامة". وتطرق خضر للمشكلات الحقيقية التي تعاني منها الأسر المسلمة، والتي دفعها الفقر والظلم الاجتماعي والسياسي للتوافد على البلدان الغربية ليجدوا أنفسهم أمام واقع مختلف للواقع الذي ألفوه في بلدانهم من حيث القيم والدين والأخلاق وأشياء كثيرة لا نقبلها من منظورنا كمسلمين، فانزلق الكثير في الملذات والشهوات، وانسلخ عن كل القيم التي كان يحملها، وتنكر لما هو مطلوب منه كمسلم، وهناك القليل من ثبت ليستفيد من مناخ الحرية السائد ليوظفه لخدمة دينه وعقيدته. كما أن هناك نوعا آخر من الوافدين على البلدان الأوروبية وهم الطلاب الذين تزوجوا وتناسلوا بأوروبا، ومنهم الذين أقاموا صرح الدعوة إلى الله من جديد، وأقاموا المؤسسات الإسلامية التي تعبر عن الصحوة الإسلامية. ولتحديد ضوابط حماية الأسرة المسلمة أكد خضر على ضرورة معرفة أسس الأسرة والتي عرفها كما يلي: أولاً: النية، والمقصود هنا هو الغاية والمراد من الزواج الذي هو على كتاب الله، وهو ميثاق غليظ يحتم على الطرفين صفاء السريرة والإخلاص في هذا الأمر. ثانياً: حسن الاختيار سواء كان بالنسبة للرجل أو المرأة، فإن كان معيار التدين بالنسبة للرجل أو المرأة بأوروبا هو نسبي، فلابد من الرضا على الأقل بنسبة من الصفات والخصال التي يمكن تنميتها. ثالثاً: الرضا بقسمة الله وبقدره فيما اختاره لك، وهنا يؤكد الدكتور على ضرورة انتباه كل طرف إلى الجوانب الإيجابية في الطرف الآخر وعدم تضخيم السلبيات. أما قوام الأسرة المسلمة فيرى الدكتور أنه يتمثل في: أولاً: في الحب الذي يجمع الزوجين، فنحن المسلمين الذين علمنا الدنيا بأسرها معنى الحب, فنحن أهل الرومانسية الحقيقية, ولنا في رسول الله أسوة حسنة. ثانياً: الشرع، والمقصود هنا أن يقف كل طرف عند حدود الله في تعامله مع الطرف الآخر ضمن الحقوق والواجبات المقررة شرعا. ثالثاً: ضرورة التعاون بين جميع أفراد الأسرة بالشكل الذي يثمر النجاح والفلاح ويشعر الجميع بالمسئولية. أما أهداف الأسرة المسلمة بأوروبا فهي بالأساس إنتاج أجيال صالحة تحمل راية الدعوة لهذا الدين وتوفر عوامل استقراره في واقع هذه البلدان الأوروبية بما يحقق السعادة والفلاح للجميع، وهو نفس السبب الذي اعتبره الدكتور عبد المعطي السر وراء اهتمام اتحاد المنظمات الإسلامية بموضوع الأسرة، قائلاً أن هذه الحملة تنم عن رغبة في بناء أجيال صالحة لهذا الدين ولأوروبا أيضا.