لفت انتباهي هذا المقال الرائع في موقع التربية النبوية، وأردت أن اعلق عليه من حيث : دقة عناية المسلمين بتحضير الطلاب ، بل ودقة وصفهم للحاضر الذي اعتراه نوم أو سهوة أو انشغل بقلمه ،، أو نحو ذلك. وفي هذا سبق تربوي تعليمي لا أعرف قبله لأحد فيه نصيب. كما أن هذا يدل على ما بلغوه من الدقة والأمانة في وصف حال الطلبة أثناء الدرس، على قلة مالديهم من ورق وأقلام ومداد. كما يفيد هذا المقال الدقيق واللفته التربوية من كاتبه الكريم على الحس التربوي الذي بلغه أسلافنا. وهناك فوائد أخرى لعلي أذكرها إن شاء الله تعالى وإليكم شطرا منه، ومن أراد المقال بتمامه يرجع إليه في موقع التربية النبوية. تحضير الطلبة عند المحدثين (للأستاذ فريد عمر عزوق) 1_ إثبات من حضر جميع مجالس السماع , كما في ص 346:" سمع جميع هذا الكتاب وهو المجلد الثامن من السنن الكبير للبيهقي ....." . 2_ إثبات من حضر جميع المجالس لكن فاته بعضها , كما في ص 350 :" و الفقير عبد الله بن يوسف بن أبي الفوارس المعدني الحنبلي فاته المجلس السابع والستون بعد خمس المائة، والمجلس الموفى السبعين بعد خمس المائة " 3_ إثبات من حضر السماع لكن اعترتهم حالات أضرت بانتباههم وتركيزهم , ومن الحالات : ـــ النوم : كما في ص 350 :" سمع هذا المجلد ثلاثة كان النوم يعتريهم أحيانا حالة السماع , وكانوا يتحدثون أحيانا ولهم فوات , وهم ......" . ـــ الانشغال عن السماع بالكلام والتحادث : كما في ص 348 :" وسمع هذا المجلد طائفة كانوا يتحدثون في بعض المجالس حالة السماع، منهم ...." . ـــ الانشغال عن السماع بالكتابة والنسخ : كما في ص 349 :" وثبت وحضر مجلس السماع طائفة كانوا ينسخون في بعض مجالس السماع وينامون ويتحدثون ولهم فوات أيضا، منهم ......" . ومن الأمانة والورع الشديد عند المحدثين رحمهم الله أن كاتب الختم أو الطباق إذا فاتته بعض المجالس ذكر ذلك عنه , كما في ص 350 :" وسمع مثبت الأسماء سماعا صحيحا ....... فوات في هذا التسميع مرقوما في حواشي هذا المجلد ...... فليعلم ذلك " وهذه الخاصية – أعني الأمانة العلمية – تنسحب على الطالب كما تنسحب على الشيخ كذلك , فقد كان العلم يذكر سماعاته لطلبته عن مشايخه، وإن حصل في هذا السماع فوت ذكر ذلك عنه تورعا , بل ربما اثبتوا الحالة التي يكون عليها الشيخ أثناء السماع , فقد ذكروا عن الحافظ المزي رحمه الله أنه كانت تأخذه سنة أثناء السماع , لكن إذا اخطأ القارئ تنبه الحافظ لذلك وأصلح الخطأ . والمتحصل مما سبق أن العلماء – وبخاصة المحدثين منهم – كانوا يعظمون العلم فلا يمنحونه إلا لمن يستحقه , ولا يجيزون إلا من تأهل له , ولما كان الطلبة متفاوتين فقد سلكوا معهم طرقا شتى تدل على شدة انتباههم وفطنتهم على الحس التربوي لديهم، إذ النفس بطبعها مائلة إلى الخمول والدعة , وتحفيزها وإيقاظها يحتاج إلى دربة وحزم دائمين , وهو ما يستدعي النظر بعمق في ظاهرة التغيب في واقعنا التعليمي وطرق معالجتها. وأحسب أننا نلتمس بعضا من الإجابة على ذلك عند المحدثين والله أعلم .