لا شك أن التربية الإسلامية هي أساس التغيير بل هي الحل الوحيد للإنسان المسلم من أجل سعادته دنيا وأخرى . وما تحققه هذه التربية لا يحققه التعليم حتى وإن كان دينياً لأن هذا الأخير ما هو إلا تلقين وتبليغ معلومات ، أما التربية الإسلامية فتعتمد في تحقيق أهدافها على القدوة والسلوك والمثل الحي ، ونجد القرآن الكريم يعتمد هذا الجانب ويركز عليه فيقول تعالى : ((..كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ وبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)) [ آل عمران : 79] فهي تربية القرآن وحدها التي تضمن التغير الجذري الشامل من أعماق النفس الإنسانية . قال تعالى : ((إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)) [ الرعد:11] ________________________________________ وأول منطلق تنطلق منه التربية الإسلامية هو أنها ترسخ في الأذهان العلاقة بين العباد وربهم فهي علاقة غاية ورعاية وحب يشترك فيه ويتمتع به كل المخلوقات ، يغدقه عليهم رب العزة -جل جلاله-.. وهي علاقة عبادة وخشوع وخضوع وطاعة مطلقة وحب أيضاً يلتزم به العباد نحو ربهم الكريم.. وهي أيضاً ترسخ في أذهانهم أن العلاقة بين الخلق عموماً هي تبادل المنافع في حدود ما يرضي الله - فالخلق كلهم عيال الله تعالى »وأحبهم إليه أنفعهم لعياله« كما جاء في الحديث الشريف ،وهكذا يتبين لنا أن النظرية الإسلامية في التربية تتصف بالتكامل والثبات ، وهو ما يعوز جميع النظريات التربوية في الغرب - فهي تستمد منطلقها من الله رب العالمين .. ولا يخفى علينا ما تشع به كلمة "رب" من معاني التربية والرعاية والعناية والحب.. وتنصب في تطبيقها على النفع العام الشامل لكل الخلائق - وبذلك تتحقق الخلافة علي الأرض لهذا الإنسان الذي كرمه ربه تكريماً ،ولنا من تراث أجدادنا "والحمد لله" ذخيرة طيبة وثروة غنية من التجارب الملتزمة بالإسلام ، وليس لنا إلا أن نعود إليها فنقتبس منها ما يتلائم وعصرنا الحاضر وتطلعاتنا لمستقبلنا الزاهر - مع الحذر مما تسرب إلى ذلك التراث من تشويه مقصود أو غير مقصود.