إن قمّة الخير في الإنسان، ووسيلته إلى إنمائه هي خضوعه بالعبودية لله وحده؛ لأنه إذا لم يخضع بالعبودية لله كان جبارًا عاتيًا في الأرض، يستخدم كل نعمة وهبها إياه الله في الاستعلاء والتجبر والإفساد في الأرض، أو يكون عبدًا لغير الله، وهذه صورة من صور الإذلال الإنساني الذي يتنافي مع تكريم الله لبني آدم؛ ومَن أجدر بتوحيد الله تعالى من حامل كتابه؟! ومن سمات التوحيد الخالص لله الخالق عز وجل أن يؤمن الإنسان بأنه لا سلطان في هذا الوجود لغير الله، ومن ثم فالعبودية لغيره تعالى هي إهدار لكرامة الإنسان، وإذلال لإنسانيته، وهي صورة من صور الشرك الذي حرّمه الله تعالى وجعله المصطفى صلى الله عليه وسلم من الكبائر، ومن السبع الموبقات المهلكات. فمن الخير الفطري في الإنسان بصفة عامة وفي حامل القرآن بصفة خاصة تلك القيم الكبرى التي فطر الله عز وجل الإنسان عليها، ومنها حب الحق، وحب الخير، وتذوق الجمال الحسي والمعنوي، وهذه في المخلوقات انعكاس لعظمة القدرة المبدعة، ودلالة على الخالق العظيم الذي هو الحق والخير، وهو مسبغ كل صور الجمال على الإطلاق. فالله تعالى هو مصدر كل القيم العليا، وهو سبحانه غايتها. وواجب التربية الإسلامية أن تحافظ على الفطرة الإنسانية السليمة، وأن تعمل على تنميتها وتزكيتها باستمرار خاصة مع حامل القرآن الكريم؛ فالتعليم بدون تربيةٍ وتزكيةٍ تعليمٌ ناقص، فهذا هو سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء وولده إسماعيل عليهما السلام يدعوان الله لذريتهما من بعدهما فيقولان: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾(البقرة:129).. اترككم في رعاية الرحمن ..