لا أجد حتي الآن تفسيرا منطقيا لإصدار البطاقة الذكية في التموين, ذلك لأن سلبياتها تفوق ايجابياتها, بل وتساعد علي مزيد من انحراف بعض موزعي التموين,
علاوة علي إهدار المال العام, في صورة اجتماعات ولجان, وإصدار البطاقة, والجهد الخرافي الذي يبذله الموظفون, والمواطن أيضا للحصول عليها, والذي غالبا مايضطر لدفع رشاوي علنية لبعض مسئولي التموين أو الموزعين لتولي اجراءات البطاقة, والحصول علي الرقم السري من مكتب التموين التابعة له وكلها لعبة ليست في صالح المواطن خاصة بعد رفع سعر السكر من60 قرشا إلي125 قرشا, والزيت من جنيه واحد إلي3 جنيهات. فنجد موزع التموين أو البقال يطالبهم بالبطاقة الذكية ويسجلها علي جهاز الحاسب الخاص به علي أساس أن جميع الأفراد بالبطاقة حصلوا علي حصتهم التموينية في الشهر بالكامل, ثم يسألك: ماذا تريد من تموينك؟ وبالطبع ولأن التموين ليس جيدا غالبا مايتنازل المواطن عن جزء من كيلوات السكر والزيت غير مقبول الرائحة إلا للقلي فقط وهذا يتيح للتاجر فرصة مقننة للاستيلاء علي مخصصات التموين, ليعود نظام الفوضي إلي الأسوأ قبل نظام البطاقة الذكية دون ضابط خاصة أن البائع لايعطيك ايصالا بما حصلت عليه, بل انه يلجأ كثيرا للاحتفاظ بالبطاقة والرقم السري لديه ويعطيك رقما علي ورقة بيضاء مستعينا بالممغنطة لديه, وليس أمام المواطن سوي الرضوخ والتسليم خاصة أن هناك علاقات خاصة بين معظم موزعي التموين ومسئولين بالوزارة والذين يعرفون جيدا أن هناك تحصيلا لمبالغ من المواطنين, بدليل أن بعض الموزعين يحصلون علي البطاقات الذكية بالكامل ثم أرقامها السرية من مكاتب البريد دون اثبات اسم المستلم فالكل يتناولها باليد ودون سند أو توقيع, وعادة مايتم ذلك بارغام المواطن الغلبان علي دفع20 جنيها عن بطاقته ورقمها السري ودون رقيب. فإذا سألت موزع التموين: ما أهمية البطاقة الذكية؟! مع أن التوزيع يتم بالطريقة البدائية قال لك: إن المسئولين ابتدعوها لتحصيل مصاريف اجتماعات وانتقالات وتوقيعات وكله بحسابه. يبقي أن نقول إن أزمة الغذاء الحالية تستوجب رفع قيمة التموين بتوفير أغذية مدعمة مثل الفول والعدس والمكرونة اضافة لزيادة حصة الأرز حتي لو خفضت نسبة السكر وألغيت حصة الشاي الذي نستورده بالعملة الصعبة, وضرره أكثر من نفعه, فليس معقولا أن تعتمد الدولة9,5 مليار جنيه لايصل منها للمواطن شيئا من دعم التموين إلا قليلا وهذا يسوقنا لاعادة طرح فكرة الدعم المادي بدلا من دعم يذهب لغير المستحقين.