بسم الله الرحمن الرحيم • " لماذا تؤدي بعض الحالات إلي الانفصال، الطلاق العاطفي، الطلاق ، أحيانا .. القتل ". يكاد يجتمع العامة و الخاصة علي أن ثمة مشكلة حقا كبيرة تكمن في البيت العربي، تنال من العلاقات الإنسانية وعلي رأسها الزواج، فمن بيت مثقف مقتدر ينهش زوجته وحش التوتر الداخلي و الإحساس القاسي بعدم الأمان، يؤثر علي نفسيتها ويظهر في حركة عينيها، يكاد يقفز مع إشارتها وإيماءاتها. يتساءل هو عن سر الفتور العاطفي النفسي الجنسي الذي اعترى زوجته فجأة، ويعلم أن أهم الأسباب قاطبة هو ذاك الإحساس المعذب بالخوف من المستقبل، من اختفائه من حياته، وتحديدا الخوف من ارتباطه، أو زواجه بأخرى وهي تجد المبرر والدليل المعنوي قائلة في بساطة" نعم ، أدرك أنه لابد لغيري أن تحظى بما حظيت به أنا كل تلك السنوات السابقة، إنه زوجي والد أولادي ، حبيبي ونور عيني" ـ يصمت الزوج يتأمل الفراغ والحوائط الممتدة، وعندما تختفي الزوجة من الجلسة يخبرني الزوج بصراحة أن مثل هذا الأمر قائم طالما أنها تهمل في نفسها وتهملني، وطالما أنها تدع الخوف يتملكها إلي هذا الحد، طالما أنها " نكدية " . نعم هكذا رآها .
البعض يقول أن الخلافات الزوجية شائعة لدرجة أنها تكاد تكون أمرا عاديا، والبعض الآخر يقول لابد من الخلاف الزوجي لأنه مثل ملح الطعام، والبعض الآخر مختلف تماما يقول أن تراكم مثل تلك المشاحنات يؤدي في النهاية إلي بئس المصير، وأنه يحفر في القلب وفي الذاكرة ما لا تحمد عقباه. وتمتلئ صفحات الصحف والمجلات برؤى معالجي القلوب وحلالي المشاكل، نقرأ عن قتل الأزواج ، وعن قتل الزوجات،وعن قتل رجل لزوجته وأطفاله الأربعة بما يفوق أفظع مشاهد الرعب في السينما، وعن العنف الأسرى الشرس والقبيح. يصل الأمر إلي الشرطة بسبب محاولة الزوجة الاستمتاع بمشاعر كاظم الساهر (غنائيا) لأنها لا تجد رومانسية أو عاطفة في عش الزوجية، غير أن الرجل الشرقي يغار وينتهي الأمر إلي الشرطة، ويتهم البعض الزوجات بأنهن ( فالصو) أو أنهن مصابات بـ ( لوثة عقلية)، دون التمعن في الظروف والأسباب التي أدت وتؤدى إلى ما آل إليه الأمر؟ إن الحياة اليومية مليئة بالمنفرات والمزعجات
، والرجل أحيانا يكون مضغوطا عليه في عمله، فيسقط أحزانه وربما اضطهاده على البيت،إن أمور العائلة، الصداقات، المال، الجنس، تشكل بذور الخلاف الزوجي، الذي يصل بزوجة إلى الإصابة بما قد يصطلح عليه ( الكحة العصبية) التي لا تشفى بأى دواء، لكن بالانتقال من سرير الزوجية. وهناك الزوج الذي لا يدرى من أمر زوجته سوى جسدها، يغير عليها غيرة حمقاء، وهناك الزوجة المتسلطة التي تقهر زوجها ليل نهار، وهناك من تمنع الحب والجنس لتكسر أنفه وتذله فيهوى إلى دنيا أخرى من الليالي الحمراء أو الزواج المؤقت. يتضح مما لا شك فيه أن الخلافات الزوجية قد ازدادت بشكل يصعب التعامل معه، وأن نسبة الطلاق عالميا محليا في ازدياد. إذن ما هو السر وما هي الأسباب؟ إذن فلنر ولنبدأ بحكاية الصياد والسمك وشباك الصيد.
انتهى أحد العلماء المتخصصين في شؤون الزواج إلى أن (الزواج) مثل (شباك الصياد) ، فالصيادون يرمون بشباكهم إلى البحر كل يوم، يصيدون السمك ويتوجهون إلى الأسواق لبيعه. هناك صياد يأخذ السمك من الشباك كل يوم، لكنه يترك خلفه النفايات والطحالب وكل ما يجلبه البحر مع السمك، تتراكم كل تلك البقايا في الشبك لدرجة يصبح معها الصياد عاجزا عن إنزال الشباك من القارب إلى البر، فجأة، وفى نوبة غضب، يمزق الشباك، يمضى إلي بيته خالي الوفاض، ومن ثم يعجز عن صيد أسماك أخرى، ينتظر فرج الله حتى يشترى شباكا جديدة ؟ وهناك ـ أيضا ـ صيادا آخر، ينظف شباكه كل يوم، يأخذ منها السمك لبيعه، في كل مرة يحرص على أن تبقى شباكه نظيفة وفى حالة جيدة، ومن ثم فهو قادر في كل مرة يطرح فيها تلك الشباك على اصطياد أسماك جديدة وعلى بيعها، ومن ثم يضمن الرزق للعيش هو وأسرته.
إذا ما جازت المقارنة هنا فإن تلك الاحتياجات العاطفية (الوجدانية) الزوجية التي تشبه تلك الأسماك، بينما تبقى النفايات والطحالب مكاره الزواج ومعوقاته، هي تلك العادات غير الطيبة والتي تتسبب في عدم السعادة ـ إن لم نقل ( التعاسة). مثلا، نوبات الغضب، الحكم على الطرف الآخر بشكل مهين، السلوك المزعج، الطلبات الأنانية وعدم الصدق والأمانة، إذا تجمع كل ذلك مع مرور الوقت فإن عبء حمله وتحمله سيفوق قدرة أي طرف، وسيدمر أي رغبة في تحقيق التصالح والتعاطف، وهنا قد يحدث الصمت المفزع، ثم الطلاق العاطفي، أو الهروب إلى العمل ساعات طويلة أو إدمان أي شئ، ثم الانفصال أو الطلاق الفعلي.
وهذا تحديدا هو موقف الصياد الأول الذي خسر شباكه ومزقها، خسر رزقه وانتظام حياته، أما الصياد الثاني الذي يخلص شباكه كل يوم من شوائبها، ويبقيها نظيفة فإنه كالزوج أو الزوجة التي تحرص على إزالة العقبات من وجه أي فرصة لتحقيق التناغم طالما كان بالإمكان ذلك. أهم الاحتياجات العاطفية: الاحتياج العاطفي هو نوع من الشوق، والاحتياج إذا ما أُشبع خلف وراءه سعادة جمة، سلاما وطمأنينة، وإذا لم يشبع فسيترك شعورا بالتعاسة والإحباط، إذا أحصينا الاحتياجات العاطفية فلسوف نجدها ـ ربما ـ بالآلاف، تتراوح ما بين حفل ندعو فيه الأصدقاء إلى سندوتش طعمية من يدي الزوج أو الزوجة الحلوة، ربما كوب ماء يروى الظمأ، أو كوب شاي يعدل المزاج، وقد يكون مشاركة لمشاهدة برنامج تليفزيوني مفضل (سويا)، بالطبع تختلف هذه الاحتياجات وتلك طبقا لمفهوم كل من الزوجين، ثقافتهما، وعيهما،
وانتمائهما الطبقي، تحديدا تطلعاتهما، إمكاناتهما وتوجهاتهما، بشكل محدد هناك احتياجات عاطفية معينة، إذا ما أشبعت تحقق الحب وعمت السعادة النفس وتوهجت بها الروح، وانتشى بها القلب. أهم تلك الاحتياجات العاطفية تشكل تلك اللبنة الأساسية اللازمة لبعث الدفء في أوصال عش الزوجية لنتخيل سويا أن زوجا وزوجة يقرآن الآن هذه الدراسة، وأنهما يحتاجان إلى مشورة أو مساعدة تخص علاقتهما ببعض. إذن فلنحاول سويا أن نحدد ما هي أهم الاحتياجات العاطفية (الوجدانية) لكل منهما. بمعنى ماذا يمكن أن يفعل كل منهما للآخر لكي يجعله سعيدا وفرحا؟ إذا عرفنا ذلك، ربما، نستطيع أن ندرك كيف يمكن تحقيق ذلك، سؤال هام ومحرج؟ ترى كيف يحب كل منهما الآخر؟ هل برومانسية عبد الحليم حافظ (على الرغم من أنها قد تكون مطلوبة أحيانا)، وهل بغرام الخطوبة ووهجها ـ هل هذا ممكن ـ هل هو حب عملي فعلى متماسك. إذا سألنا القارئ والقارئة، الزوج والزوجة، الآن عن أهم عشر احتياجات عاطفية
، فربما قال كل منهما (الإعجاب والتقدير، الحنان، الحوار مع الطرف الآخر، المساعدة في المنزل ( ليس بمعنى غسل الصحون فقط، وإنما المشاركة في هموم البيت والأولاد مثلا )، التعهد العائلي بـ (المسئولية الكاملة للأسرة)، الدعم المادي، النزاهة والصراحة، الجاذبية الجسدية، المشاركة في النشاطات الترفيهية، الإشباع الجنسي).
بدون إدعاء بأننا سنقرأ أفكار القراء المتزوجين، لكن على ما يبدو أن ثمة سر يقبع خلف خلافات الأزواج، بمعنى أننا على وشك أن نفهم لماذا من الصعب على الأزواج والزوجات إشباع حاجات الطرف الآخر، أو تلبية متطلبات وحاجيات كل منهما؟ غالبا أن كل من الزوج والزوجة يذكران نفس الاحتياجات العاطفية (الوجدانية) لكن بترتيب مختلف تماما، أو معكوس تماما أي أن أهم خمس احتياجات للرجل هم أقل خمس احتياجات للمرأة، والعكس ـ بالطبع ـ صحيح. وهنا ـ هنا فقط ـ نكتشف أن الرجل والمرأة لم يختلفا، ولكنهما يفقدان تلك القدرة السحرية على الإحساس بالآخر، على التعاطف. إن كل منهما، ربما حاول قدر جهده القيام بواجباته، لكن تلك الجهود غالبا ما كانت (غير موجهة) ، أو (في الاتجاه العكسي) فالذي توده الزوجة أكثر لا يوليه الزوج أي اهتمام وهكذا.
وبالطبع فإن كل إنسان مختلف ومتفرد وله خصوصياته، بمعنى أنه ربما نجد أن معظم الرجال يشتركون في أولوياتهم وهكذا النساء، لكن هذا لا يعنى وجود أناس مختلفين تماما، ومن هنا أود أن دعوة كل من الزوجين إلى نسيان (الدور النمطي) لكل منهما في المجتمع، ويحاولان ـ قدر الإمكان ـ تحديد أولوياتهما كما يودان فعلا ـ كناس عاديين ـ ، لا كرجل وامرأة. وهنا ـ قد نصل إلى ما يريده الرجل من زوجته فعلا، وما تريده المرأة من زوجها حقا، وهناك كشف أسئلة أو ( استبيان ) يساعد على تحقيق ذلك، ومن ثم قد نتمكن من تحديد (احتياجاته) و (احتياجاتها). .
وصايا … لزواج سعيد علاقات الحب مهمة جداً للناس جميعاً، ولكنه بالرغم من ذلك، فقليلاً مانفكر في كيفية تنمية هذه العلاقات. ولذلك نحرص هنا على تقديم بعض الافكار التي ثبت انها تقوي علاقات الحب عموماً والعلاقات الزوجية بصفة خاصة. 1- التواصل: رغم ان التواصل هو أهم المهارات التي تحافظ على علاقات الحب إلا انه نادراً ما يتواصل الناس، 2- العاطفة: يبدو أننا نخاف من التعبير الجسدي عن الحب أو تلقي هذا التعبير من الآخرين... وقد يرجع هذا إلى أن اللمس مرتبط بمحرمات قديمة، غالباً محرمات الجنس اللاشعورية. 3- التسامح: هناك دفء وقوة في كلمة "تسامح"، فهي توحي بقوة اللطف والشفاء ولم الشمل والتجدد.4- الصدق: الأمان الشخصي ينبع دائماً من افتراض أن كلاً من الزوجين سيكون صادقاً مع شريكه، وعندما يهتز هذا الشعور بالأمان عن طريق الخداع - تدمر الحياة الزوجية.
الثقة شئ مستحيل بدون صدق تقوية العلاقة الزوجية: 5- عدم الغيرة: . الغيرة يمكنها أن تصبح وحشاً قادراً على تحطيم حياة أي شخص، وتحطيم حياة من يحبهم أيضاً... أو تكون تحدياً للشخص في احترامه لنفسه ومعرفته لذاته. والغيرة لايمكن أن تتضاءل إلا إذا قبل الشخص أخيراً حقيقة أنه لايمكن أن يمتلك انساناً آخر، وأن يتعلم أن حب شريكه يعني أنه يريده أن يكون نفسه... مهما كان هذا مؤلماً..... 6- القبول: ضروري أن يقبل كلا الزوجين الآخر كما هو باعتباره ليس كاملاً...... فإذا ماخاف الشخص التصريح عن نفسه غير الكاملة، فلا يمكنه أن يتوقع من شريكه أن يفعل هذا وبهذا يصبحان غريبين.... ولكن هناك أزواجاً يعترفون بانهم لا يملكون الكثير.... ولكن هذا هو كل ماعندهم.. ولذلك يجب الاكتفاء بما هو موجود.
7- الاحترام: غالباً ما لا تكون المشاكل الكبيرة سبباً في فشل العلاقات الزوجية..... ولكن الخطأ ينشأ من سلسلة من الأشياء الصغيرة عبر فترة طويلة من الزمن: تصرفات صغيرة مستهترة، أو تعليقات تقال بدون تفكير، أو كلمات لم يتحدث بها صاحبها، أو نيات طيبة لافعال حسنة تؤجل دائماً. نحن دائماً ما نعامل المعارف العارضين باعتبار أكثر مما نعامل الناس القريبين إلى قلوبنا. "أشكرك" و "من فضلك" و "إذا لم يكن لديك مانع"ـ هي طريق لإظهار الحب لشريك الحياة.
8- التقاليد: تعامل التقاليد غالباً هذه الأيام على أنها طرافات رومانسية.... 9- مشاركة الأحلام: ترفع الأحلام الانسان فوق العالم الدنيوي المادي وتثري مستقبله بالتوقعات، ولذلك فإن الحلم المشترك من شأنه أن يضيف عنصر الجدة والدهشة إلى العلاقة الزوجية.... والحلم هو مكان خاص، ولذلك فإن مشاركة من الزوج يسمح لكلا الزوجين أن يكون واضحاً للآخر. قال تعالى ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء )
10- الشجاعة: يمكن للخجل أن يمنع الطرفين من الالتقاء عند نقطة واحدة... فالعلاقة الزوجية تتطلب الجرأة، والمشاكل والخلافات والإحباطات حتمية. ولذلك فإن الزوجان يحتاجان إلى شجاعة لمواجهتها.....يجب أن تعطى العلاقات الفرصة، لأنه ليس هناك ماهو أعظم من أن يحب الانسان شخصاً آخر.... او أن يتلقى الحب في المقابل. ولآن برأيك من السبب في الخلاف الرجل أم المرأه