آن الأوان لأن يتوقف صراخ الثانوية العامة, فليس معقولا أن تتعالي صيحات أولياء الأمور أمام اللجان طوال أيام الامتحانات متأثرين ببكاء أبنائهم لأن سؤالا أو سؤالين جاءا في مستوي الطالب المتميز..
وليس معقولا أن يطالبوا بحذف مثل هذه الأسئلة التي يصفونها بـ الصعبة لكي يحصل أبناؤهم علي100%, فالمسألة في النهاية نسبة وتناسب, ولا علاقة لمجاميع الطلاب العالية بدخول الكليات التي يرغبونها, فهناك مكتب تنسيق يوزع الطلاب علي الكليات وفقا للأعداد المقرر التحاقها بكل كلية, وليس مطلوبا بالضرورة أن يحصل الكل علي مجاميع مرتفعة. ولعلنا نتذكر كيف كانت كليات الطب في الماضي تقبل الطلبة بـ60% فقط, وكبار الأساتذة لدينا الآن دخلوها بهذه النسبة وكانت امتحانات الثانوية دائما في مستوي الطالب فوق المتوسط وهناك سؤال علي الأقل للطالب الممتاز, إذ كيف نتبين الطالب المتفوق من الطالب المتوسط إذا كانت الأسئلة كلها تصب في خانة الأخير؟! ومن هذا المنطلق فإني مندهش من حالة الصراخ والبكاء الهستيري التي صاحبت امتحان اللغة الانجليزية لدرجة أن مجلس الشعب ناقش الموضوع وأحاله إلي لجنة التعليم لتحديد مدي صعوبة الأسئلة.. فإذا كان الحال كذلك في البرلمان, فما بالنا بأولياء الأمور؟! أيضا لابد أن يتوقف التفكير القاصر فيما يتعلق بكليات القمة وكليات القاع, فكل كلية تحتاج إلي قدرات معينة, والأهم أن يختار الطالب الكلية التي تتناسب مع ميوله وقدراته, وليس معقولا أن يتخرج الجميع أطباء ومهندسين, كما يجب أن تتغير فلسفة الامتحانات بحيث تتيح للطالب الفرصة لكي يحقق حلمه الجامعي وفقا لقدراته الفعلية, أما أن يحفظ المناهج الدراسية ثم ينساها بعد الامتحان, فهذا مالا نتيجة له سوي مزيد من تراجع مستوي الخريجين. والمسألة ليست أن تكون الثانوية العامة سنة أو سنتين, أو أن تضاف درجات أعمال السنة ونتيجة اختبار القدرات إلي المجموع أم لا. فالقضية أكبر من ذلك, إذ يجب تغيير فلسفة الامتحانات نفسها, وأن يدرك أولياء الأمور أن الصراخ لن يجدي شيئا في الوصول بأبنائهم إلي الكليات التي يريدونها, وإنما يتطلب الأمر ضرورة مواكبة المناهج لطرق التدريس العالمية, والبعد عن الحفظ والتلقين وإتاحة الفرصة كاملة أمام النابغين لتحقيق أهدافهم إنطلاقا من مبدأ تكافؤ الفرص.