لا أحد ينكر أهمية التخطيط في حياة الإنسان، فهو أولى الخطوات نحو النجاح، فلكي تحقق أهدافك في الحياة يجب عليك معرفة هذه الأهداف أولاً، ثم بعد ذلك تحدد السبيل لبلوغ تلك الأهداف.. وهذا ما يسمى التخطيط. لقد وُجد أن 3% فقط هم الذين يخططون لحياتهم وهم من يمتلك 90% من الثروة وهم من يحتلون المناصب القيادية.. وباقي 97% يعيشون بلا هدف واضح، واعلم ياصديقي أنك إن لم تخطط لحياتك فإنك قد خططت للفشل أو أنك ستغدو جزءاً من مخطط شخص آخر.. لذا عليك أن تعرف ما هي رسالتك في الحياة، وتحدد رؤيتك.. أي وسيلتك.. لتحقيق هذه الرسالة، وتحدد بناء على ذلك أهدافك وتضعها في خطط طويلة المدى وأخرى قصيرة حسب طبيعة تلك الأهداف وحسب أولوياتك. ما هي الرسالة؟الرسالة هي المهمة أو الدور الذي تلعبه في الحياة ويستمر معك طوال حياتك فلا ينتهي إلا بانتهاء العمر، فالرسالة اتجاه عام لحياتك, فمثلاً هناك من يجعل رسالته محو أمية من لم يكن له حظ في التعليم فإنه يمارس ذلك طوال حياته.. الرسالة ليست هدفاً يتحقق وينتهي فلا يجوز أن أجعل رسالتي شراء سيارة مثلاً فهذه ليست رسالة وإنما هدف يوضع ليساعدني على القيام برسالتي، والرسالة تأتي في عبارات مختصرة ومحددة وتأتي في صيغة المضارع كأن تقول رسالتي تعليم الناس. ولا توجد صورة معينة أو نوع معين للرسالة فهي تختلف من شخص لآخر, فقد تكون مادية أو أدبية ومعنوية أو علمية, فمثلاً أديسون كانت رسالته إضاءة الظلام فاخترع المصباح الكهربائي، وسعد زغلول كانت رسالته استقلال مصر فناضل من أجل ذلك وقاد ثورة 19، وهناك الرجل الفرنسي الذي فقد ابنه في الحرب العالمية الأولى فجعل رسالته إنشاء هيئة عالمية تعنى بشئون أسرى الحرب فكانت جمعية الصليب الأحمر الدولية، وقد تتخذ الرسالة صورة أبسط من ذلك كالمعاق الذي يريد أن يثبت قوة الإرادة وأن الإعاقة لا تحول دون القيام بالأعمال العظيمة, فيتفوق في رياضة قوية كعبور المانش التي يعجز عن عبورها الكثير من الأصحاء، أو كالرجل الذي ينادي على الناس عند صلاة الفجر فهو جعل رسالته إيقاظ الناس من غفلتهم لأداء الصلاة. الفارق بين الشخص الذي يعرف رسالته ويخطط لحياته والذي لايعرف كالفارق بين قبطان يقود سفينة وهو يعرف الميناء الذي سيذهب إليه ويحدد مساره في البحر ويستعلم عن أحوال الطقس والرياح واحتمال سقوط الأمطار.. فهو يعرف وجهته والتحديات التي ستقابله ويعلم كيف يتغلب عليها، أما القبطان الذي لا يعلم وجهته فبالتأكيد لا يعلم في أي مسار يبحر وما الصعوبات التي سيواجهها ولا يعلم كيف سيتغلب عليها فبالتأكيد لن يصل أبداً. إن تحديدك لرسالتك يساعدك في تحديد اتجهاتك وفي أي الطرق تسير وما هي الصعوبات التي من الممكن أن تواجهها في الحياة وكيف تتغلب عليها, ومثال ذلك الشركة اليابانية التي جعلت رسالتها أن يدخل المنتج الياباني كل بيت في أمريكا وجعلوا تلك الرسالة شعاراً لهم فإذا جاءهم شخص يطلب منهم مثلاً افتتاح فرع لهم في جنوب أفريقيا فهم ينظرون إلى رسالتهم وشعارهم ويقررون هل هذا يخدم رسالتهم, فإذا لم يجدوا ذلك يحقق رسالتهم رفضوه مهما كانت المغريات، فتحديدك لرسالتك يجعلك تعرف ماذا تريد ويسهل عليك اختيار طريقك في الحياة مهما كانت المغريات أو المعوقات، فأنت إذا أردت الذهاب إلى أسوان فإنك تسير في طريق أسوان ولن يغريك مثلاً أن طريق الأسكندرية أكثر متعة في القيادة والخدمات الموجودة عليه أكثر راحة لأنك ببساطة لن تصل أسوان أبداً وأنت تسير في طريق الأسكندرية. كيف تحدد رسالتك في الحياة؟هناك أكثر من طريقة لتحديد الرسالة, منها أن تتخيل نفسك في نهاية العمر وهناك مقال مكتوب عنك وعن إنجازاتك.. ماذا تريد أن يُكتب أو يُقال عنك في هذا المقال، وهناك طريقة أخرى وهي أن تحضر دفتراً أو أجندة خاصة بك وتكتب بها في الصفحة الأولى الرسالة، وانتقل للصفحة التالية وقسمها إلى أربعة أجزاء ثم اكتب في الجزء الأول كل الرغبات التي تريد أن تحققها في كافة نواحي الحياة.. مثال ذلك سنكتب في خانة الأهداف الاجتماعية: الزواج وإنجاب أطفال. انتقل بعد ذلك إلى الجزء الثاني واكتب فيه ما هدفك الذي تريده من تحقيق هذه الرغبة فسيكون في المثال السابق، الزواج وإنجاب أطفال والهدف هو: تربية أطفالك تربية علمية صحيحة ليكونوا علماء في المستقبل.. انتقل بعد ذلك إلى الجزء الثالث واكتب فيه غايتك من تحقيق هذا الهدف وهي: عندما يصبحون علماء فإنهم سيساعدون في إحداث تنمية الوطن, وهذا ما يطلق عليه الهدف الاستراتيجي أو الرؤية.انتقل بعد ذلك إلى الجزء الرابع واكتب فيه الحالة الجوهرية التي ستصل إليها بعد تحقيق غايتك وستكون في المثال السابق مثلاً هي: تصبح مصر دولة عظمى.إذاً فإن رسالتك هي: أن تساعد في جعل مصر دولة متقدمة لها مكانتها بين الدول العظمى, ورؤيتك.. أي الهدف الاستراتيجي الطويل الذي يساعدك على القيام برسالتك.. هي: أن يصبح أولادك علماء ينهضون بالأمة. الآن عليك ياصديقي أن تحضر أجندتك الخاصة وتكتب في صفحات جديدة أهدافك الاستراتيجية في كل جانب من جوانب حياتك.. على أن يكون كل جانب في صفحة مستقلة.. فاجعل صفحة للجانب الروحي، وأخرى للجانب المهني، الجانب الذاتي أو الشخصي، الجانب الاجتماعي، الجانب الثقافي والعلمي، الجانب المالي، ويمكنك بالطبع إضافة أي جانب غير مذكور هنا, فأنا ذكرت لك مثلاً ما قد كتبته في الأجندة الخاصة برسالتي ورؤيتي الشخصية، وعندما تقوم بذلك فأطلق لخيالك العنان واكتب كل ما تريد بالطريقة التي تعلمناها اليوم