هل أنتـِ خجولة الخجل أمر طبيعي بين سن الخامسة عشرة وحتى العشرين –على الأقل- وإن لم يتناقص تدريجيا حتى يختفي تماما، فيجب اعتباره في هذه الحالة مرضا! ورغم أن الخجل كلمة غامضة، لا يمكن تحديد معناها بالذات، وتختلف درجاته وأسبابه، إلا أنه قادر على أن يفقدك اتزانك أمام أشخاص ما. تحت هذا العنوان أعد الدكتور "يسرى عبد المحسن"، أستاذ الطب النفسي بقصر العيني دراسة مطولة بدأها بالقول: هناك نسبة كبيرة من المراهقين والمراهقات -أكثر من %75 بل ومن السيدات الناضجات، يتألمون من انفعالية مفرطة أمام بعض الأشخاص والمواقف، ومرات يشعرون بالخجل من التعبير عن المشاعر رغم إقدامهم وجرأتهم في مجالات أخرى. ويرى الدكتور يسري أن أول أسباب الخجل ترجع إلى إحساس الفتى أو الفتاة بالاضطراب عند التعامل مع شخص أو أكثر من الجنس الآخر، فيعوق نمو الثقة في النفس؛ ويضيف: كما أن الضعف الوراثي، أو اختلال الصحة، والإحساس بنقص جمالي، أو قبح جسماني، يتسبب في ظهور الخجل، وأحيانا تكون الفتاة شابة صحيحة العقل، سليمة الجسم، ولكنها عاطفية إلى أقصى درجة، تخضع لردود فعل داخلية عنيفة، وحادة ومتكررة، تخل باتزانها، وتبدد قوتها؛إن صاحبة الوجه الوسيم والجسم الرشيق لا تعرف الخجل تقريبا، ولكن هناك أناس يعانون من شذوذ خفيف في الملامح، أو من تغيير في البشرة، حساسية مفرطة : وهي رابع أسباب الخجل، والتي تنتاب الفتاة أو المرأة العاطفية، حيث يتأثر جهازها العصبي بالإثارات الخارجية المفرطة في حدتها، أو مدتها، فهي تحمر وتصفر لأتفه الأسباب، وتتسارع نبضات قلبها، أو تبطئ تحت تأثير أضعف المخاوف، اضطرابات وتقلصات خانقة، وعرق غزير يتصبب منها بكثرة، عند أقل تأثير مما يجعلها تترك نفسها فريسة لهذا النقص فتشعر بالخجل، ولا يرتبط هذا الخجل بالنساء فهناك "نابليون بونابرت" نفسه الذي تأكدت عبقريته في معاركه، كان يفضل التعرض للمعارك الحربية عن مواجهة نظرات الجنس اللطيف! الإقرارية بمعنى الاستعداد للاهتمام باستحسان الغير، والبحث عنه، وهو استعداد ممتاز إذا اقتصر على الحث على الإبداع أو التملك، أو دفع للإنجاز، ولكنه يصبح سببا للقلق عندما يخلق داخل الفتاة وسواس حب الظهور، وهذه الإقرارية تنتهي إلى خوف شديد من النقد، إذ تعتقد أنها محور الأنظار، وأن كل امرئ يهتم بها، يفحصها بدقة، ويسخر من عيوبها خلسة، فينتابها الخوف من أن تكون أضحوكة، أو تلقى استقبالا ساخرا؛ ولهذا تعيش القلق والخجل معاً لفترة طويلة. والسؤال: لماذا تعلقين أهمية كبرى على تقدير الغير، مُتناسية تقديرك أنت لنفسك ولشخصك؟ التقدم إلى الوراء ويختتم الدكتور "يسرى عبد المحسن" دراسته قائلاً: إن الخوف وذكرى المحاولات الفاشلة، والانطباعات السيئة، تظل أشد رسوخاً واستمرارا كلما ازداد الوهم، ويتابع موضحا أن الفتاة التي تسمع طوال سنوات أنها خجلة، ودون المتوسط، ولا تعرف كيف تنجح؟ تجعل لنفسها –أوتوماتيكيا- صوراً ترى نفسها فيها مسبقا، فتوقف أي محاولات تجديد أو نهوض، ومع الوهم والإيحاء تزداد ميولها للخجل. قصور الذات من زاوية جديدة أجمع الخبراء على أن تقوية الإرادة تدريجيا، بالصعاب والكفاح، تعمل على استبدال الخجل -هذه الأزمة الصبيانية- بالثقة في النفس، فالفتاة أو المرأة التي تتمتع بآراء قوية وعزيمة صارمة سرعان ما تتغلب على الصعاب والمضايقات، والترددات المتكررة من الطفولة حتى سن العشرين، وإن حدث هذا، وتمكنت من السيطرة على نفسها، بطريقة عميقة، كاملة وصلبة، من المؤكد أنها ستتحرر من خجلها بأسرع ما يمكن. كل فتاة تشعر بالخجل في كثير من المواقف، ومع بعض الشخصيات بأن تسيطر على انفعالاتها، وتوازنها الذهني والعصبي أمام المحيطين بها، وللوصول إلى هذه الاستقلالية النفسية والتحرر من هذه التبعية، عليها التزام الهدوء، والاحتفاظ بوجه هادئ، جامد التعبير، ونظرة ثابتة وكلمة معتدلة، وهو أمر سهل وتلقائي ببعض الجهد. الصمت الإيجابي ويقول: حاولي بالصمت مقاومة الإغراءات الخارجية، التي تدفعك للتحدث بعصبية واندفاع، فالصمت يولد القوة، ورباطة الجأش، وبذلك تنجزين خطوة حاسمة نحو الاستقلالية الداخلية، كما أن سيطرة الناس عليك ستنخفض بدرجة كبيرة، ويعني أيضا أنك لا تتأثرين بأي شيء مهما كان، وتعرفين متى تقولين: لا، وترفضين بقوة دون تقديم أي تفسيرات، وإن تكلمت كان كلامك مفيدا بلا تردد، أو خجل! مبادرة الأفكار كما يشير الدكتور "إسماعيل" إلى أن تقوية الاستقلال المعنوي يكون بالبعد والتحرر من سيطرة الغير، والبحث عن الإلهامات في نفسك، فتجربة المبادرة بأخطائها ستنير لك الطريق، وتزودك بمستندات قرارك. ولقد أثبتت الأرقام أن الخوف هو أساس %80 من آلام الخجل؛ لذا ينصح بعدم الاهتمام باستحسان أو قبول فكر وقرارات المحيطين؛ حتى لا ترتبط راحتك العصبية، وصفاء ذهنك بالغير، فالقيمة والموهبة الحقيقية لا تبالي برأي الغير، ولا تتأخر عن فرض نفسها. خطوات على الطريق وضعها الدكتور "يسري عبد المحسن" الطبيب النفسي لبث الثقة في النفس، والتأهيل لخلع ثوب الخجل وهي - أن تعرفي كيف تستمعين لصوت العقل. -تعلمي الاحتفاظ بكل معلومة بدقة وفي أسرع وقت. -تذكري بالتحديد كل مناسبة في حينها. - عززي اهتمامك بأي موضوع دون شرود، أو صعوبة، أو تعب مفرط. - قيمي بنيتك الطبيعية، ولا تخشيْ مواجهة عيوبك؛ لكي تغيريها. - افحصي: مواهبك، اهتماماتك، ذاكرتك، تصورك، ذكاءك، وإمكانياتك، وشجاعتك وإصرارك فحصا دقيقا؛ لتنشيط حياتك الداخلية. -ركزي أفكارك عن نفسك؛ مما يخفف أوتوماتيكيا وسواس الرأي الخارجي. - لا فائدة من تقييم الناس لك أكثر مما تساوين، أو أكثر مما تستطيعين، ولا ضرر، ولا قيمة إن ملكت قيمة ذهنية حقيقية، وأنكرها البعض. - تغلبي على انطباعاتك، وكوني سيدة انفعالاتك، وإحساساتك، وعواطفك. - امتلكي المبادرة، وأوجدي الوسيلة للحصول على النتيجة، ولتحقيق مشروع، وحل أي معضلة. -كوني محصنة ضد كل عادة ضارة، والتزمي الهدوء والثقة، واليقظة. -تابعي بالإرادة والتنفيذ، ما عزمت عليه، وتمثلي بقاعدة تتبنينها رغم كل العقبات. -عبري عن رأيك بكلمات واضحة، وبثبات، واتزان وثقة. - اكظمي غيظك، وتكيفي مع المواقف الجديدة، واشعري بثقة كاملة في النفس. -ابقي سيدة نفسك تماما في حضور الغير. أو قصر القامة، لدرجة أنهم يعتقدون أنهم يثيرون النظرات والسخرية، أو أنهم أضحوكة وغير جديرين بالإعجاب. وهنا يجب إقناع هذه الفتاة بالقول: مهما كان الجمال مطلوبا فإن الفتنة الجمالية تبقى مختلفة تماما عن الفتنة المُغرية، وهي تكتسب بالأناقة والوجاهة والذوق، ويجب تحرير الحالة النفسية من هذا الإحساس.