اولا : اعرف نفسك (الادراك او الوعى الذاتى )
تنطلق جهود التنمية الذاتية فى ايامنا الحالية من نقطة جوهرية هي التعرف على الذات والوعي بها، وهذه المهمة قد تبدو و لاول وهلة وكأنها من السهل الممتنع،إذ إن كل واحد منا يظل يردد: إنه أدرى بنفسه، وأعلم بعلله ونقاط ضعفه، وهذا صحيح إلى حد ما، لكن حين نعرف أن الواحد منا لا يعيش في جزيرة معزولة، وأن إنجازاته وعلاقاته تتعرض للتقييم والنقد المستمر من قبل الآخرين و ان البشر مختلفون و لذلك فانك لن تستطيع ارضاء البشر كلهم مهما حرصت و سيكون هذا على حساب تاكيدك لنفسك و ذاتك و فى نفس الوقت لن تستطيع ان تعيش معزولا منفصلا عن مجتمعك و لذلك لابد من وضع معايير لتقييم نفسك هذه المعايير التى تتناسب مع قناعاتك الدينية و افكارك الشخصية و مع اعراف المجتمع المقبولة و حين نعرف كل ذلك يبدأ اكتشافنا لتعقيدات الوعي الذاتي والتبصر الشخصي.
فما هو الوعى الذاتى :
هو القدرة على فهم النفس و رصد الذات
إنه القدرة على معرفة المشاعر والأحاسيس فور حصولها فهو حجر الأساسللتفكير العاطفي
- يقول ستيفن مؤلف كتاب العادات السبع لأكثر الناس فعالية
إدراك الذات هي قدرتنا على أن نخرج من ذواتنا لكي نرى ونفحص أسلوبنا فيالتفكير ودوافعنا , وخبراتنا ,
ومبادئنا وأفعالنا وميولنا وعاداتنا .
- اولا: بالوعى الذاتى انا انشئ علاقة وثيقة معنفسى قبل ان اطالبها بعلاقة جيدة مع الآخرين لابد اولا ان اتعارف عليها ...فكلماتعرفت عليها اكثر كنت اكثر فهما لها و لسلوكياتها و افكارها و دوافعها و مشاعرها وقيمها و ساكون اكثر معرفة بمواطن ضعفها لتقويتها و مواطن القوة لتنميتها واستثمارها بل انى سوف احبها و سوف ابذل جهدا اكبر فى سبيل تطويرها و تنميتها والاخذ بايديها نحو المعالى.
والقرآن الكريم يؤنب في غير موضع أولئك الذين فقدوا الإحساس والشعور بانفسهم
ويقول سبحانه:( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَايَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) }سورة البقرة:19{،
ويقول العلماء والنفسانيون ان الادراك الذاتى هو اول طريق الصحة النفسية فالنفس الإنسانية لا يَطلب لها العافية إلا من أدرك ما بها من أدواء، وما نزل بها من بلاء، فأول الشفاء هو الإحساس بالمرض، فالشعور بالنقص أول مراحل الكمال.
-ثالثا : عندما اتعرف على نفسى جيدا فساكون اكثرفهما للآخرين و اكثر قدرة على فهم مشاعرهم و افكارهم وقيمهم و دوافعهم بالمقارنةمع ذاتى و بالتالى اتبين مواطن الاتفاق و مواطن الاختلاف بينى و بينهم و اتقبلهمكما هم بناء على العوامل المؤثرة فيهم بل ساكون اكثر قدرة على معرفة مواطن الضعف ومواطن القوة فى الآخرين و بالتالى التاثير فيهم بتعزيز مواطن القوة و تطوير مواطنالضعف
ويتاثر تكون هذه الشخصية بعوامل عدة : منها العوامل الوراثية و الابوان و المدرسة و المعلمون و الاصدقاء و الاعلام ثم انت نفسك و نظرتك الى ذاتك
كل هذه المؤثرات تعمل فى شخصياتنا التى نشات اول ما نشات على الفطرة السوية ( فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم )
فالفطرة كالعجينة اللينة التى من الممكن ان تتشكل على شكل ملاك و من الممكن ان تتشكل على شكل شيطان و لكننا جميعا من بنى أدم يتم تشكيلنا على شكل بشر نحمل من صفات الملائكة و نحمل من صفات الشياطين و تختلف هذه النسبة من فرد الى أخر تبعا للمؤثرات التى تعرض لها
قال تعالى :( ونفس و ما سواها فالهمها فجورها و تقواها قد افلح من زكاهاو قد خاب من دساها )
و عندما يكبر الطفل و يذهب الى المدرسة و يختلط بالاصدقاء يتاثر ايضا برأى اصدقائه و معلميه فى شخصيته
و لذلك اقول انتبه كلماتك تبنى الوعىالذاتى لدى طفلك
و عندما نتعرف على الجزء الطيب فى ذواتنا و نعترف و نتقبل ان فينا جزءا خبيثا ...سنكون اقدر على تطوير الطيب و استئصال الخبيث ...فاول العلاج التشخيص
و عندما نتعرف اكثر على العوامل التى ادت الى ظهور هذا الخبيث سواء كان مغروسا فى جيناتنا الوراثية او من تربية خاطئة او من اصدقاء سوء او من معلمين جهلاء او من اعلام قبيح او من غيرها نكون قد وضعنا يدنا ليس على المرض فقط بل على سببه ايضا و بالتالى سنكون اكثر قدرة على العلاج المتجه نحو السبب و ليس الى مجرد العرض
و بالتالى عندما تريد ان تفهم نفسك ابدا بالتعرف على كل جزء من هذه الاجزاء
و يحتاج التعرف على النفس الى وضعها دوما تحتالمنظار و الى محاسبتها و التعرف على خباباها و الى عقد جلسة يومية معها و كانكتجلس مع طبيب نفسى على الكرسى المداد المشهور
ان اهم ما يفعله المستشار او الطبيب النفسى هو اتاحة الفرصة لمريد الاستشارة للحديث عن نفسه بحرية كاملة ...فلماذا لا نقوم بهذه المسالة مع انفسنا
إن الاهتمام والملاحظة واليقظة الذهنية والشعورية أدوات مهمة في فهم أنفسنا ، وعلينا أن ننمي هذه الأدوات، ونستخدمها من أجل الحصول على أعلى درجة من الاستبصار الذاتي،
عليك أن تأخذ قراراً جاداً بان تعود نفسك على أنتستقطع دقائق فى نهاية كل يوم .. أو نهاية كل أسبوع لمحاسبة النفس .. وعليك أن تجيبعلى عدة أسئلة هامة .. مثل : -كيف هى علاقتى القلبية بربى ؟ - كيف كانت سلوكياتى اليوم ...ماهى الاعمال الجيدة التى قمت بها و ماهى الاعمال التى لا ترضينى او لم ترض الاخرين ؟ - ماهى الافكار التى سيطرت على عقلى اليوم و هل هذه الافكار افكار ايجابية تساعدنى على الانجاز ام انها افكار سلبية تكرس الاحباط و القعود ؟ - كيف كانت مشاعرى اليوم ؟ هل هى مشاعر ايجابية ام سلبية ؟ - كيف كانت عنايتى بجسدى اليوم ؟ و كيف كان مظهرى العام ؟ فحساب النفس – دون إسراف أو تأنيب للنفس – وكذلك فهم وملاحظة الذات .. أمور بالغة الأهمية .
ولكن احذر من الانشغال بملاحظة الذات أكثر مما ينبغي .. حتى لا تتوتر وحتى لا تنشغل عن أن تعيش حياة تلقائية بسيطة .