الفاينانشال تايمز - جوناثان سبول :
ما الذي يربط بين التواريخ التالية: 7 أيار (مايو) 1999، 3تشرين الثاني (نوفمبر) 2009، ويوم الإثنين 17 أيار (مايو) 2010؟ الجواب هو الذهب. التاريخ الأول هو الذي أعلن فيه بنك إنجلترا أنه سيبيع الذهب بالنيابة عن وزارة المالية. وجرت عمليات البيع عبر سلسلة من المزادات بدأت في تموز (يوليو) 1999 قبل أن تنتهي في آذار (مارس) 2001، تم خلالها بيع نحو 395 طناً من الذهب بمتوسط سعر بلغ أقل قليلا من 275 دولاراً للأونصة. وفي التاريخ الثاني، الثلاثاء الموافق الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي أنه باع إلى بنك الاحتياطي الهندي 200 طن من الذهب بمتوسط سعر بلغ 1045 دولاراً للأونصة. أما التاريخ الأخير في هذه السلسلة فيمثل اليوم الذي أعلن فيه جوردن براون استقالته رئيسا للوزراء، وبلغ الذهب حينها مستوى مرتفعاً قياسياً عند 1242 دولاراً للأونصة. وهذا يعني أنه بعد سبع سنوات ونصف من إنهاء المملكة المتحدة عمليات البيع، دفع البنك المركزي الهندي ضعفي الثمن لنصف الكمية. وبعد سبعة أشهر من ذلك زاد سعر الذهب خمسة أضعاف من أدنى سعر له في مزادات المملكة المتحدة. ولم تكن المملكة المتحدة وحدها الحريصة على بيع الذهب عندما كنا نقترب من الألفية. فقد باع بنك الاحتياطي الأسترالي ثلثي احتياطياته من الذهب عام 1997. وخلال الأشهر التي سبقت إعلان بنك إنجلترا، أعلن البنك الوطني السويسري أنه يعتزم بيع نصف احتياطياته من الذهب - 1300 طن. لكن بصراحة، في العصر الذي شهد طفرة الإنترنت، من يستطيع أن يلومهم على الاستغناء عن أحد الأصول الذي كان متداولا بوصفه مالاً منذ عهد الملك كرويسس قبل 2500 سنة. بالتأكيد ليس الفرنسيين ولا الألمان ولا البلجيكيين والسويديين والبرتغاليين ولا الإسبان، الذين كانوا منهمكين أيضا في بيع الذهب. وفي الواقع، كان تهميش هذا المعدن الثمين تصرفاً طبيعيا في الوقت الذي كان يزعم فيه أن فترات الازدهار والإفلاس قد انتهت وأننا نشهد نهاية مكانة "الذهب" في الأنظمة المالية. وعلى أية حال، لم يحقق الذهب عائدا للفرد وبدا أنه تم التغلب على التضخم، فلم إذاً تكبد عناء التحوط ضده؟ في حقيقة الأمر، خلال فترة الاستقرار يكون الأصل النهائي الذي لا يدين لأية حكومة، أو مؤسسة مالية أكثر من مجرد قطعة من المعدن. وهنا تأتي قصة انخفاض الذهب من ذروته آنذاك التي بلغت 850 دولاراً للأونصة عام 1980 وتراجعه على مدى العشرين عاما التالية إلى 250 دولاراً للأونصة. وخلال هذا الوقت، ساد شعور بأن الاقتصاد تم ترويضه، ما يعني أنه يمكن الحفاظ على تعديل بسيط في السياسة وعلى نمو سلس. ويظهر ارتفاعه بعد مطلع الألفية الجديدة، خصوصا التزايد المتسارع في سعره في الآونة الأخيرة، العكس تماماً: قلقاً مستمراً بشأن صحة النظام المالي العالمي والخوف من أن ضرورات السياسة الوحيدة هي تجنب الانكماش وتأجيل المشاكل إلى مرحلة ما في المستقبل بحيث يمكن أن يكون هناك حل. لماذا إذن تمكنت مختلف صناديق البورصة المتداولة للذهب من جمع 1850 طناً من الذهب؟ لأن المستثمرين يبحثون عن الطمأنينية في أصل لا يعتمد القرار فيه على أي شخص آخر ولا يمكن تخفيضه أو رفعه للتخلص منه. ويعني المعدن في هذه الصناديق أنها الآن سادس أكبر مالكة للذهب في العالم - بعد البنوك المركزية للولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، لكنها متقدمة على الصين واليابان، وبالطبع المملكة المتحدة. وهذا مثير للإعجاب. ومع ذلك، في حين أنه ليس الشكل الوحيد لملكية الذهب، إلا أنه يمثل 0.05 في المائة فقط من الثروة العالمية. فكم عدد أولئك الذين يعتزمون وضع 5 نقاط أساس فقط من ثروتهم في الذهب؟ ليس كثير ممن أعرافهم - يبدو أن هذا قرار ثنائي، إما أنهم يريدون الذهب للتنويع أو التخلي عنه. ليست هناك أرضية مشتركة كبيرة. إلا أن استمرار عدم اليقين العالمي يزيد جاذبية الذهب في نظر كثير من المؤسسات التي أعلنت نية الشراء، مثل البنك المركزي الصيني والبنك المركزي الروسي، وأيضاً في نظر المستثمرين الصغار. وبما أنه لا يتوافر كثير من هذا المعدن الثمين، يبدو التقدير طويل الأجل أمراً محتوما في الوقت الذي يلاحق فيه المال ما كان دائماً وسيظل مورداً نادراً.
الكاتب مدير قسم مبيعات المعادن الثمينة والسلع في بنك باركليز كابيتال.