بين السادات و أتاتورك

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : MatriX | المصدر : www.borsaat.com

بين السادات و أتاتورك..
بواسطة محمود عرفات (مصر)
من الموقع الرسمي للرئيس الراحل محمد أنور السادات أنقل هذه ألجمله:

[ورغم إعجاب السادات بغاندي إلا أنه لم يكن مثله الأعلى بل كان المحارب السياسي التركي مصطفى كمال أتاتورك ، حيث شعر السادات بأن القوة وحدها هي التي يمكن من خلالها إخراج البريطانيين من مصر وتغيير النظام الفاسد والتعامل مع الساسة الفاسدة ، كما فعل أتاتورك في اقتلاع الحكام السابقين لتركيا .]

كذلك من نفس الموقع أنقل تلك ألجمله الأخرى:

[ عشقت ألبدله ألعسكريه من مصطفى كمال أتاتورك ]

..

إن التجارب التي تمر بالأمم لا تنتهي حتماً عند نجاحها أو فشلها بل تستمر حتى تصل إلى غيرها من الأمم الأخرى و الشعوب و تستمر معهم و تنتقل إلى الآخرين و هكذا دواليك حتى اللانهاية..

و لعل تجربة مصطفى كمال أتاتورك هي واحده من تلك التجارب التي لاقت إعجاباً كبيراً من كثير من الطبقات ألحاكمه في الشرق العربي..لم يكن مرجع الإعجاب بتلك التجربة على أخطاء عده شابتها فقط إنشاء دوله حديثه على الغرار الأوروبي في سنوات عده بل كان كذلك الدور العسكري الخالد الذي أداه أتاتورك في تركيا محققاً ما يشبه ألمعجزه في تحرير بلاده من احتلال قوات الحلفاء الأوروبية عبر عامين من القتال المتواصل..

كانت البلاد الشرقية بالكامل خاضعة لمشكلتين؛التخلف عن العصر و الاحتلال الأوروبي و بالتالي مع ظهور النموذج التركي كانت الطبيعي تحول ألطبقه ألحاكمه و الجيل الذي شهد صعود نجم الجمهورية التركية إليه كمثال يحتذي بهِ..

و هنا أضرب نماذج:

*أفغانستان في عهد أمان الله حين حاولت تكرار النموذج التركي الكمالي ..

*إيران في عهد رضا بهلوى و ابنه محمد رضا حاولت صنع نظام مشابه للنظام التركي..

*تونس إلى اليوم تحاول صناعة نموذج مشابه لتركيا ألحديثه..

..

فماذا عن مصر؟

مبدئياً فإن مصر منذ يوليو 1952 كغيرها من الدول التي تتغير أنظمتها و يرحل الاحتلال العسكري عنها في تلك الفترة تنتهج نهجاً تحديثاً كمحاوله للنهوض..أنا أرى تأثراً طفيفاً بمصطفى كمال في العهد الناصري إذ لا أستطيع رؤية المنهج ذاته في العمل ، بمعنى آخر ملامح التجربة الكمالية لا أتبينها إلا من خلال ضوء بسيط هنا أو هناك..فعبد الناصر تحدث عن أتاتورك أكثر من مره كنموذج للتحرر الوطني مثله مثل غيره..و تشاركا في الرؤية الإشتراكيه لنظام البلاد الإقتصادى و لكن هذا كذلك لا يمكن نسبه لأتاتورك فالرؤية الاشتراكية كانت خياراً خاصاً بعبد الناصر و قناعه منه بالإضافة إلى أن الظروف الاقليميه و السياسية دفعته كذلك إلى هذا الحل الإشتراكى فلا يمكن نسب هذا الأمر إلى التأثر بأتاتورك..بخلاف هذا فقد كان هناك تباين كبير فى الموقف من الغرب و تنافر أكبر في النظر للشرق كانتماء و في الهوية بين الهوية الخاصة في تركيا و الانتساب للغرب و الهوية العامة العربية و الانتساب للشرق في مصر…

لكن يجئ هنا عهد جديد في الفترة من 1970/1981 بتولي الرئيس محمد أنور السادات الحكم..

في تلك الفترة و عقب انتصار أكتوبر 1974 بدأت ملامح النظام الجديد تظهر و تبين..كانت الرؤية التي حكمت متأثرة بالتجربة التركية ألحديثه في شقين:



*ألدوله ألمدنيه ألحديثه.

*ألمكانه المتميزة للبلاد مع الارتباط بالغرب كنموذج أفضل من الشرق .



كان المشروع التحديثى الذي طرحه الرئيس السادات محاوله جديدة للنهوض الإقتصادى و السياسي بمصر كمشروع عبد الناصر بغض النظر عن تقييمي لهما معاً كتجارب خاصة .

هنا لا بد من طرح تساؤل..



لماذا لم ينجح المشروع الساداتي على عكس المشروع التركي؟

هنا لا بد من توضيح نقاط الاختلاف بين الشخصين و التجربتين:



-1- كان مصطفى كمال أتاتورك صاحب تاريخ عظيم توجه بإنجاز رفعه لمصاف الآباء لدى الأتراك إبان حرب الاستقلال في حين كان السادات له تاريخ محدود بالمقارنة بأتاتورك و كذلك لم تعطه حرب أكتوبر الزخم الذي أحتاجه .



-2- صاحبت تجربة أتاتورك تحسن ملحوظ اقتصاديا بفعل ألقبضه الحديدية له على الاقتصاد و القسوه في التعامل مع الانحراف بينما ساءت الأحوال ألاقتصاديه منذ التحول من ألاشتراكيه .



-3- النظام السابق على ظهور أتاتورك كان شبه منحل و حاز كراهية الأتراك بفعل خيانة السلطان وحيد الدين ، بينما كانت التجربة ألناصريه تحظى بأثر عميق في نفوس المصريين مما جعل الحساسية بالغة في مواجهة أي تغيير على الخط الناصري سياسياً و اقتصاديا .



-4- كان الحكم الكمالي بتركيا بوليسياً استبداديا لم يسمح بمعارضه بأي شكل و سيطر الجيش و البوليس على الحياة السياسية مما ساهم في استقرار كبير للأوضاع و سهوله لأتاتورك في تنفيذ مخططاته ، بينما كان الحكم في مصر منذ منتصف السبعينات يشهد نوع من الديموقراطية تطور حتى 1981 و شكل في طياته معارضه كبيرة عرقلت كثيراً خطوات السادات .



-5- اختلاف الموقف من التيار الديني بين كلا الحاكمين إذ كان أتاتورك واضحاً في موقفه منهم بالاباده لأي تيار ديني سيأسى ، أما السادات فقد نظر إلى تلك التيارات كتيارات يمكن التعامل من خلالها سياسياً غير منتبه .



-6- اختلاف الأزمنة و الشعوب فبداية القرن ال 20 سياسياً و اقتصاديا و المتغيرات الدولية تختلف عن السبعينات من ذلك القرن إقليمياً و دولياً ، كذلك الفارق الكبير بين إستكانة الأتراك لنظام المؤسس الجديد و بين التمرد الذى صاحب تجربة السادات .