السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخوانى وأخواتى فى الله الكرام أهلاً وسهلاً ومرحباً من قلب يحبكم فى الله كثيراً ويتمنى لكم الفوز بجنة النعيم ورضى رب العالمين وصحبة سيد الخلق أجمعين فى الجنة عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم . تعالوا بنا نكمل بعضاً من لقطات فى حياة الطاهرة أمنا خديجة رضوان الله عليها . عرفنا فى الحلقة قم (9) ما كان من أمر حصار المشركين للمسلمين ومن والاهم من بنو هاشم وبنى عبد المطلب فى الشعب حتى أزال الله عنهم الكرب لما رأى منهم الثبات على الحق والعزائم القوية والهمم العالية النقية . و بعدها انطلق المسلمون من الشعب يستأنفون نشاطهم القديم بعد ما قطع الإسلام فى مكة قرابة عشرة أعوام مليئة بالأحداث الضخمة وما أن تنفس المسلمون من الشدة التى لاقوها حتى أصيب الرسول صلى الله علية وسلم بوفاة زوجته الطاهرة وبعدها وفاه عمه أبى طالب ان خديجة رضى الله عنها من نعم الله الجليلة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد آزرته فى أحرج الأوقات وأعانته على إبلاغ رسالته وشاركته مغارم الجهد المر وواسته بنفسهاومالها . ولكى يكون الأمر واضحاً جلياً تعالوا وقارنوا بأنفسكم أن هناك من زوجات الأنبياء من خانت الرسالة وكفرن برجالهن وكن مع المشركين وحاربوا الله عز وجل ودينه يقول الله فى كتابه وأحق القول قول ربي بسم الله الرحمن الرحيم (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) صدق الله العظيم الأية رقم 10 من سورة التحريم أما خديجة فهى الصديقة من النساء حنت على زوجها ساعة القلق وكانت نسمة سلام وبر رطبت جبينة المتصبب من آثار الوحى وبقيت ربع قرن معه صلى الله علية وسلم كانت تحترم قبل البعثة تأمله وعزلته وشمائله وبعد البعثة تحملت كيد الخصوم والأم الحصار ومتاعب الدعوة إلى الله عز وجل توفيت رضوان الله عليها والرسول صلى الله علية وسلم فى الخمسين من عمره المبارك وهى قد تجاوزت الخامسة والستين وقد أخلص لذكراها طوال حياته . إنه لمشهد رهيب وفاة الصديقة من النساء ماتت التى لم تبخل على الدعوة بنفس أو مال أو جهد , نعم ماتت ورغم مكانتها رضوان الله عليها المرموقة لم تتوقف الدعوة ولم تسكن لحظة نعم حزن النبي صلى الله علية وسلم لموتها حزناً شديداً فلقد كانت نعم الزوجة الصابرة الخلصة التى آزرته طوال حياته وبذلت من أجل هذا الدين كل غالى ونفيس وثمين ,لهذا لم ينساها النبي صلى الله علية وسلم بل كان يحمل لها وفاء تعجز الاقلام عن وصفه فها هو الحبيب صلى الله علية وسلم يثنى عليها ويقول : كمل من الرجال كثيراً ولم يكمل من النساء إلا آسية إمرأة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام [ البخارى 3411] وقد علق أحد العلماء الأفاضل على هذا الحديث تعليقاً لطيفاً فقال : من الموافقات اللطيفات التى جمعت الثلاث فى نسق واحد أن كل واحدة منهن كفلت نبياً مرسلاً وأحسنت صحبته وآمنت به فأسيا ربت موسى عليه السلام وأحسنت إليه وصدقت به حين بعثه الله ,ومريم كفلت عيسى عليه السلام وربته وصدقت به حين أرسله الله نبياً ورسولاً , وخديجة رغبت فى النبي صلى الله علية وسلم وواسته بنفسها ومالها وأحسنت صحبته وكانت أول من صدقه حين نزل عليه الوحى . ولم يتزوج النبي صلى الله علية وسلم أمرأة قبلها ابداً بل ولم يتزوج عليها حتى ماتت وقضى معها أجمل أيام العمر فى مودة ورحمة ومحبة وطاعة لله عز وجل ودعوة لدين الله جل وعلا ولم تزودة الأيام بعد وفاتها إلا حباً ووفاءاً لها فكان يثنى عليها دائماً ويحب من يحبها بل كان يحب أن يرى أو يسمع ما يذكره بها وبأيامها العطرة المباركة . وهكذا صعدت تلك النفس المطمئنة إلى ربها حين جاء أجلها المحتوم بعد أن ضربت مثلاً رائعًا فى الدعوة إلى الله والجهاد فى سبيله وقد عاشت مع الرسول الكريم خمساً وعشرين عاماً كانت فيها الزوجة الحكيمة العاقلة التى لم تبخل بشيء فيه مرضاه الله ورسوله وقد استحقت أن يبشرها ربها بالجنة . إن لأمنا خديجة رضى الله عنها فضلاً كبيراً على كل مسلم ومسلمة إلى قيام الساعة ها هى امنا خديجة رضى الله عنها القدوة التى لا تتكرر عبر الزمن إن سيرتها هى زاد المسير إلى طريق الطهر والعفاف والبذل والتضحية والعطاء انتهى النص المنقول يتصرف من كتاب صحابيات حول الرسول صلى الله علية وسلم للشيخ محمود المصرى حفظه الله ورعاه . وانتهت مع هذا النص بعض لقطات وصور من حياة الطاهرة العفيفة أمنا خديجة رضوان الله عليها . ولكن لست أنا الذى يعلق على امنا الغالية خديجة رضى الله عنها فحقوقها أرفع من أن يتحدث عن مناقبها مثلى رضوان الله عليها . ولكن الذى يلفت الإنتباه فعلاً فى هذة القصة هو شيء غاب عن بال الكثيرين منا رجالاً ونساءاً إن السيدة خديجة رضوان الله عليها تزوجت سيدنا محمد صلى الله علية وسلم وهى فى سن الأربعين وكان هو فى سن الخامسة والعشرين وقضت معه الطاهرة خمس وعشرين عاماً , وهى التى تزوجت قبله مرتين . لاحظوا ما يحدث الأن المرأة إن كانت مطلقة أو أرملة أو تعدى عمرها الخامسة والثلاثين الآن فإنها تعتبر أن الحياة قد انتهت والعمر قد ضاع . وكذلك المجتمع ينظرإلى المرأة المطلقة اوالأرملة او التى تعدى عمرها خمس وثلاثين عاماً على أنها إمرأة فاقدة الصلاحية [Expire] ولا يتقدم للزواج منها أحد وإن حدث وتقدم أحد فينصحه الناصحون بأنها لن تعطيك ما تريد و لن تصلح لك وباقى النصائح التى تدل على جهل عجيب رغم كوننا فى القرن الحادى والعشرين . أنتم يا من تدعون الحضارة والتمدن والرقى أين ذهبت عقولكم ؟؟؟ إن الإنسان قادراً على أن يحقق من الأهداف الكثير مهما طال العمر ومهما كانت ظروفه وليس هذا هو المهم بل االمهم هو إجابة السؤال الثانى فعلاً قل لى بالله عليك ما هى أهدافك فى الحياة ؟؟؟؟؟؟ سؤال هام فعلاً . إن الطاهرة خديجة لم تخطى عمرها الأربعين كان هدفها أن ترضى الخالق وتتقرب إلى الله عز وجل فبحث عن شريك لها فى الحياة ولكنها لم تبحث عن من يمتلك ارضاً وعقارات وسيارات فخمة وفيلات وشاليهات وجاه ومنصب بالعكس ,هى لما تقدم إليها وجهاء قريش يخطبونها رفضت لأنها لا تريد إلا مواصفات خاصة جداً . وهذا هو التخطيط طويل المدى Long Run الذى لم نعرفه إلا فى عصرنا هذا هى تريد حياة روحانية وحياة كلها تقرب إلى الله عز وجل وبالتالى هى لن تختار إلا من يساعدها على السير فى هذا الإتجاه هى لا تريد أن يكون زوجها عائقاً فى طريق الحياة الروحية المنشودة لهذا اختارت اليتيم الفقير ليس لأنه فقير بل لأنه الأمين الصادق الطاهر العفيف دمث الخلق الذى لم يغتصب حق أحد . لاحظوا كيف أخذت بالأسباب وتوكلت على الحى الذى لا يغفل ولا ينام وبعد أن أخذت بالأسباب للتقرب من رب العباد ماذا تكون النتيجة عاشت فى سعادة وهناء وفرح ونشوة التقرب من الله عز وجل ,بل أكرمها المولى عز وجل وبشرها على لسان الحبيب نقلاً عن الوحى الطاهر المبارك بان الله يقرأها السلام ....... الله .....الله نعم الجزاء والله . وكذلك بشرهاببيت فى الجنة ... الله ......الله سبحانك ربى كريم غفور ودود رحيم رحمان ولكنها كذلك لم تسلم من أذى الحاقدين فهى التى احتملت الجوع عندما حاصر الكفار أنصار محمد صلى الله علية وسلم فى الشعب وهى التى عاشت مع المسلمين كل أنواع الإبتلاء فى مكة . بل ربما استراح البعض من المسلمين من هذا البلاء لما هاجروا إلى الحبشة وهى لم تسترح بل ظلت صامدة بجوار زوجها ونبيها صلى الله علية وسلم لهذا استحقت أن يبشرها ربها بالجنة والغفران يا أيها الأنسان إذا كنت فى ضيق فأبشر واصبر واحتسب هذا الضيق عند الله عز وجل ولا تقنط من رحمة الله . يا من تبحثون عن السعادة تعالوا نخطط للسعادة المنشودة ونتوكل على الله عز وجل ولنبدأ بتحديد الأهداف وكيفية الوصول إليها وإتخاذ كافة السبل المؤدية إلى الطريق الصحيح المؤدى إلى الهدف وكذلك الاستعانة برفقاء الخير ثم بعدها نصبر ونتحمل ونحتسب ونكون رجال حقيقين ونتخذ قدوات لنا من الصالحين من أمثال الطاهرة الغالية أمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها