التنمية البشرية رائدها الحقيقي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أكد الكاتب الخبير والمحاضر العالمي الدكتور إبراهيم الفقي أن التنمية البشرية رائدها الحقيقي هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تجسدت فيه مقومتها الأساسية : الالتزام – الإصرار – الانضباط – - المرونة. وتحت عنوان ( الدين والتنمية البشرية ) إن الله عز وجل أعطانا قدرات بشرية على البحث والتحليل والاستدلال والقدرة على الاكتشاف؛ لكي نؤمن به أكثر، ونطيعه أكثر، ونرتبط به أكثر. وأشار إلى أن العقل البشري يحتوي على أكثر من 150 مليار خلية عقلية .. أي أننا لو بدأنا العد من الرقم واحد حتى نصل إلى 150 مليار فسوف نحتاج إلى 5000 سنة!! تخيل!! فالعقل البشري قدراته غير محدودة.
قدرات العقل البشري واستشهد بأقوال العلماء التي تؤكد أننا لا نستخدم أكثر من 0،1% فقط من قدرات العقل البشري. أي أن كل ما حققناه من تقدم في كل المجالات إنما هو بما استخدمناه من قدراتنا العقلية التي لا تتعدى 1% فما الذي يحدث لو استخدمنا 10% من قدراتنا العقلية، وما الذي نستطيع تحقيقه فعلا لو أننا اكتشفنا كافة أسرار ذلك العقل البشري واستطعنا أن نستخدم ال100% كاملة.
واستمر الدكتور إبراهيم الفقي قائلا : والآن دعني أسألك :
ألم يحن الوقت أن تعرف حقيقة من أنت ؟ ألم يحن الوقت أن تعرف قدراتك اللامحدودة ؟ ألم يحن الوقت أن تكف عن الشك في قدراتك ؟ ألم يحن الوقت أن تكف عن الشكوى واللوم والنقد والمقارنة ؟ ألم يحن الوقت أن تعرف كيف تتعامل مع لصوص الأحلام ؟ ألم يحن الوقت أن تنظر إلى الخوف في داخلك؛ كي تقول له : " لن تمنعني بعد الآن من تحقيق أهدافي المشروعة " ؟ ألم يحن الوقت أن تقول لله عز وجل : يا رب العالمين .. اغفر لي جهلي بنفسي، اغفر لي عدم معرفة عطاياك اللامحدودة، اغفر لي جهلي بقدرتك وقوتك .. ثم تعاهد الله عز وجل أن تكتشف قدراتك، وتتعرف على ذاتك الحقيقية، وأن تستخدم قدراتك على أفضل وجه.
نسوا الله فأنساهم أنفسهم وأكد الدكتور إبراهيم الفقي أن الإنسان لو أخذ فقط بالأسباب واعتمد عليها وتخلى عن المسبب فتن وهلك قال تعالى ( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ) العلق : 6-7. ولذلك ثبت أن أكثر من 62% من أغنياء العالم ينتحرون بسبب بعدهم عن الله وتعلقهم بالاسباب قال تعالى ( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم الله أنفسهم أولئك هم الفاسقون ) الحشر : 19.
ولفت إلى أن الإنسان مطلوب منه الاتزان والالتزام بأركان سبعة وتقييم النفس بها يوميا وهي :
الركن الروحاني ( ارتباط بالله تعالى – تسامح متكامل – عطاء غير مشروط – تفاؤل متكامل ).
الركن الصحي ( تغذية صحية – رياضة – بعد عن التدخين والخمور والمخدرات - إدارة نشاطات الحياة ).
الركن الشخصي ( أن تعرف شخصيتك وتنميها بالقراءة والعلم والتعلم وحضور الندوات والمحاضرات واكتساب الخبرات بالسفر والتعلم من أخطاء الآخرين ).
الركن العائلي ( أن تعرف أفراد عائلتك وتصل رحمهم ).
الركن الاجتماعي ( لا تؤذي جارك في السكن أو العمل – تعود المرضى – تكون صداقات ومعارف – تعطف على المحتاج والضعيف – تدعو إلى مكارم الأخلاق – تشارك في العمل العام ).
الركن المهني ( تنمو مهنيا ووظيفيا وتواكب الجديد باستمرار ).
الركن المادي ( أن يكون لك مورد رزق وكسب مادي وتلاحظ معي أنه آخر الأركان ).
حســــــــــــرة الغــــــــــرب وقال الشيخ شوقي عبد اللطيف رئيس قطاع الشئون الدينية بوزارة الأوقاف المصرية إن من مساوىء الغرب في سعيه للتنمية أنه اعتمد على الأمور المادية المحسوسة وإشباع الجسد وهدف إلى رفاهية الأفراد وترك التنمية الروحية الإيمانية فلم تغن تنميته المادية شىء فحدث الأزمات وآخرها الأزمة المالية العالمية. وأشار إلى أن آيات القرآن تحذرنا من ارتكاب حماقات الأمم الطاغية، فقال تعالى : ( ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب ) الفجر : 6 – 13. ، وقال : ( لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور ) سبأ : 15 – 17. الإنسان هدف التنمية وأوضح أن مفهوم التنمية في
الإسلام
يتسع ليشمل جميع مجالات التنمية بكل أبعادها وفي المقام الأول التنمية الإيمانية بدليل قوله تعالى : ( وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب ) هود : 61. أي أن الإنسان الذي هو "موضوع" و " هدف " التنمية لابد أن يكون موصولا بربه حتى يستطيع تعمير هذا الكون .
هذا الإنسان لابد أن ينمى روحيا قال تعالى : ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) البقرة : 197. ، وقال : ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) الفتح : 4. وعندما نقارن بين التنمية في الغرب والتنمية في
الإسلام نجد أن تنمية الإسلام فريضة شرعية أمر بها القرآن فقال تعالى : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) التوبة : 105. ، وقال : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ) النور : 55. ، فهي تشمل العمل للآخرة كما تشمل العمل للدنيا ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ) القصص : 77. وهنا نؤكد على التوازن ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) الأعراف : 31. ( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا ) الإسراء : 29. من كل ذلك يتأكد لنا أن التنمية في الإسلام هي الوقاية الحقيقية من كل ما يهدد البشرية. ولئن شكرتم لأزيدنكم وقال الشيخ شوقي عبد اللطيف إن هذه التنمية بجميع مناحيها تستوجب شكر المنعم عز وجل ( وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ) الأنبياء : 80. ، ( يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور ) سبأ : 13. وقال الدكتور محمد البري رئيس جبهة علماء الأزهرسابقا لقد تمثلت التنمية في الإسلام في حضارته التي حررت الإنسان من أسر المادة وعبادة المتع والشهوات، فجاء الإسلام ليكرم بني الإنسان دون نظر إلى دينه أو عرقه أو لونه أو جنسه.
إطعام الأسير وانظر وتأمل ما كان يفعله المؤمنون مع الأسير الذي هو من الأعداء المحاربين المشركين بالله إنهم كانوا يطعمونه من أحب ما تشتهيه أنفسهم دليل ذلك في سورة الإنسان وتأمل جيدا مغزى تسمية السورة بهذا الإسم، قال تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) الإنسان : 8 – 9.
وفي تصريحات خاصة لموقع " المستشار " قال الدكتور إبراهيم الفقي على المسلمين أن يواصلوا التحرك للأمام وأن يتخلوا عن التحسر والتشاؤم والتبرير. دعني أؤكد لك أن النجاح ليس مرهونا بتحسن وضع ما ، والفشل لم تكتبه عليك إرادة عليا ، فأنت صانع قدرك ، وبالغ ما تستحقه. يقول شاعر
الإسلام محمد إقبال : " المؤمن الضعيف هو الذي يحتج بقضاء الله وقدره، أما المؤمن القوي فيعتقد أنه قضاء الله الذي لا يرد وقدره الذي لا يدفع ". وعندما سأل القائد الفارسي أحد المسلمين يوما في سخرية : " من أنتم ؟ " قال له واثقا : " نحن قدر الله، ابتلاكم بنا، فلو كنتم في سحابة لهبطتم إلينا، أو لصعدنا إليكم "، فلم لا تكون الأمة العربية كما كانت من قبل قدر الله الذي لا يرد وأمره الذي لابد أن ينفذ؟