في مفاجأة مدوية.. مصر لا تملك سند قانوني يحفظ أمنها المائي

الناقل : elmasry | المصدر : www.moheet.com

القاهرة: في الوقت الذي وصلت فيه الأزمة بين دول منابع النيل السبع ودولتي المصب "مصر والسودان" إلى طريق مسدود خاصة بعد قيام خمس من هذه الدول بالتوقيع بشكل منفرد على "اتفاقية عنتيبي" لتقاسم مياه النيل،
كشفت مصادر مسئولة بوزارة الخارجية، عن عدم امتلاك مصر نسخة من اتفاقيتي 1929 و1953، وأن الأجهزة السيادية نفسها لا تمتلك نسخة من هذه الاتفاقية، وتكتفي هذه الجهات بالمعلومات المتناثرة عن هاتين الاتفاقيتين في المراجع التاريخية.
وأشارت المصادر في تصريحات لصحيفة "الدستور" المستقلة، إلي أن الاتفاقيتين مهمتان بالنسبة لمصر حيث تنص اتفاقية عام 1929 والتي بدأت بخطابين متبادلين بين رئيس الوزراء المصري آنذاك محمد محمود باشا والمندوب السامي البريطاني في مصر بتاريخ 7مايو 1929 ومرفق بها تقرير لجنة المياه الذي تم إعداده عام 1925،
ووقعت بريطانيا هذه الاتفاقية مع مصر نيابة عن كل من السودان وأوغندا وتنزانيا باعتبارها مستعمرات بريطانية، لمنع إقامة أي مشروعات للري أو لتوليد الكهرباء أو القيام بأي أعمال علي النيل وفروعه وعلي البحيرات التي ينبع منها في البلدان الواقعة تحت الأراضي البريطانية بغير الحصول علي إذن من الحكومة المصرية.
أما الاتفاقية الثانية فهي اتفاقية عام 1953والتي تم توقيعها بين مصر وبريطانيا وتعهدت فيها بريطانيا بأن تشغيل سد أوين في أوغندا التي تحتلها بريطانيا لن يخفض كمية المياه التي تصل إلي مصر.
ولفتت المصادر إلي أن عدم وجود نسخ من الاتفاقيتين لدي مصر يضعف من موقفنا القانوني في حالة اللجوء للتحكيم الدولي لحل الخلافات مع دول المنابع، داعية إلي مخاطبة بريطانيا للحصول علي نسخ من هذه الاتفاقيات.
يذكر أن الاتفاقية الاطارية الجديدة التي وقعتها دول المنبع يوم 14 مايو الجاري، تحل محل اتفاقية عام 1929 التى وقعتها مصر وبريطانيا بالنيابة عن مستعمراتها دون مشاركة معظم دول حوض النيل واتفاقية 1959 بين مصر و السودان، التى تعطي لمصر حق استغلال 55 مليار متر مكعب من مياه النيل من أصل 83 مليار متر مكعب تصل إلى السودان ليتبقى للخرطوم 18 مليار متر مكعب من مياه النيل.
وتشهد مصر أزمة في مياه الشرب منذ نهاية تسعينيات القرن الماضى، وكانت قد طالبت بزيادة حصتها من النهر، بعد أن أصبحت الحصة الأساسية التي تقدر بـ 55 مليار متر مكعب، لا تكفى احتياجات المواطنين ومشروعات التنمية المختلفة، واشترطت للتوقيع على الاتفاقية الجديدة أن تتضمن في البند الخاص بالأمن المائي، نصاً صريحاً يتضمن عدم المساس بحصتها وحقوقها التاريخية فى مياه النيل، قبل أن تواجه برفض جماعي لدول المنبع، بدا وكأنه مرتب ومتفق عليه قبل الاجتماع.
ويقع حوض النيل بنسبة (64.6%) من مساحته في السودان، و(10%) في مصر و(11.7%) في اثيوبيا وبقية الدول تقل عن مصر كثيراً فيما جميع دول حوض النيل عدا مصر والسودان تملك حاجتها من المياه وزيادة لكثرة البحيرات العذبة والانهار، ونسبة لهطول الامطار المتواصلة، بينما يعتمد السودان على (77%) ومصر (97%) على مياه النيل،
لذا كان التركيز في اتفاقية حوض النيل 1959م على بند الأمن المائي الذي ينص بعدم السماح باقامة أي مشروعات في دول حوض النيل إلاّ بعد الرجوع الى دولتي المصب (مصر والسودان)، وقد قضت المحكمة الدولية التي يتحاكم إليها الجميع على ان اتفاقية المياه شأنها شأن الحدود ولا يجوز تعديلها إطلاقاً.
 
واعطت اتفاقية 1959م مصر (55) مليار متر مكعب من اصل (83) مليار متر مكعب، وتبقى للخرطوم (18) مليار متر مكعب، واتفاقية 1929م بين حكومة مصر وبريطانيا انابة عن (أوغندا وتنزانيا وكينيا) منحت مصر حق "الفيتو" في الاعتراض على قيام المشروعات، وجميع الاتفاقات المبرمة بخصوص مياه النيل نصت على عدم المساس بحق مصر التاريخي في مياه النيل.
"التحكيم الدولي"
كانت تقارير صحفية ذكرت في وقت سابق أن الحكومة المصرية تدرس حاليا اللجوء للتحكيم الدولي لحل الخلافات مع الدول الخمس الموقعة على "اتفاقية عنتيبي"، خوفا من وصولها إلى نقطة "اللاعودة".
وقالت مصادر رفيعة المستوي بمجلس الوزراء: إن الدكتور أحمد نظيف، رئيس المجلس، قرر الاستعانة بـ 11 أستاذًا للقانون الدولي، يجري الآن اختيارهم لبحث إمكانية اللجوء للتحكيم الدولي من عدمه، بعد ان تلقي تعليمات بدراسة هذا الموضوع.
من جانبه، قال السفير عادل الصفطي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هناك من يدعو مصر إلي خوض حرب ضد دول المنابع للحفاظ علي حصتها من مياه النيل، قائلاً: إن هذه الدعوات غير منطقية؛ لأن مصر إذا دخلت حرباً ستحارب 7 دول مرة واحدة، وهي دول تبعد عنا بما لا يقل عن 3000 كيلو متر، فضلاً عن أننا سبق وأن خضنا حرباً في اليمن خارج حدودنا في الستينيات، ولم نحقق أي نجاحات في هذه الحرب، فضلاً عن أنها خَّربت الاقتصاد المصري.
وأشار إلي أن التحكيم الدولي مضمونة نتائجه لصالح مصر إذا دخلنا فيه، مضيفاً أن مصر سبق أن لجأت إلي التحكيم الدولي مرتين، الأولي في عهد الخديو إسماعيل في نزاع بين الحكومة المصرية والشركة الفرنسية التي كانت تدير قناة السويس، وأخفقنا في التحكيم هذه المرة لأننا اخترنا خصمنا ليكون الحكم وكان الحكم هو ملك فرنسا فانحاز للشركة الفرنسية، أما المرة الثانية فكان في قضية طابا وحكمت محكمة العدل الدولية لصالحنا.
في المقابل، قال الدكتور أحمد فوزي، خبير المياه في الأمم المتحدة: إن دول منابع النيل تتبع في تعاملها مع مصر بخصوص ملف المياه سياسة حافة الهاوية، مضيفاً أن ردود الفعل المصرية في التعامل مع تحركات دول المنابع بطيئة، وأنه يجب أن تكون ردود الفعل المصرية سريعة. لافتاً إلي أن دول المنابع تسعي حالياً للوصول بملف مياه النيل إلي مرحلة التدويل بهدف جعل المياه سلعة تباع وتشتري مثل البترول.
ياتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه تقارير إعلامية نقلا عن مصدر حكومي رفيع المستوى، أن القيادة السياسية المصرية تبحث جديا الانسحاب من مبادرة حوض النيل، وعدم استكمال أي دراسات أو مشروعات مشتركة مع دول الحوض الأعضاء في المبادرة، التي يمولها البنك الدولي بصفته الشريك الأساسي للتنمية في مبادرة حوض النيل.
 
جاء ذلك بعد أن أعلن مكتب مبادرة حوض النيل بمدينة عنتيبي الأوغندية، منذ أيام عن إعادة هيكلتها، وتحويلها إلى لجنة عليا لإدارة شؤون نهر النيل، يشارك فيها ممثلون عن دول الحوض، وهو ما تنص عليه الاتفاقية الإطارية الجديدة التي وقعتها خمس من دول منابع النيل من دون موافقة مصر والسودان.